Skip to main content

العراق: خلافات عائلية على ما يبدو تتسبب بإخلاءات غير قانونية

حقوق النازحين العراقيين تُداس مرة أخرى

حافلات حكومية تنتظر لنقل عائلات من مخيم في محافظة الأنبار إلى مخيم آخر خلال موجة سابقة من إغلاق مخيمات في ديسمبر/كانون الأول 2018.  © 2018 بلقيس والي/هيومن رايتس ووتش

(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش'' اليوم إن الجيش العراقي أخلى أجلى بشكل غير قانوني عشرات العائلات من قرية شمالي بغداد منذ يوليو/تموز 2021، في ما يبدو نزاعا عائليا يضم يشمل وزيرا في الحكومة. أُرسلت العائلات الـ 91 من قرية العيثة بمحافظة صلاح الدين إلى مخيم للنازحين دون أي من ممتلكاهم.

أُجبرت عائلات العيثة على مغادرة قريتها قبل سنوات أثناء القتال بين الحكومة وتنظيم "الدولة الإسلامية" (المعروف أيضا بـ "داعش") وقد أجلت السلطات المحلية والأمنية العديد منها قسرا في السابق من مخيمات النازحين وأجبرتها على العودة إلى قريتها. يقول النازحون مؤخرا إنهم أُجلوا نتيجة نزاع عائلي بين وزير في الحكومة، وهو من القرية، وشقيقه، الذي كان تزوج امرأة من القرية لها صلات سابقة مزعومة بعضو في داعش. على السلطات أن توقف الإخلاء الإجلاءات فورا وأن تعاقب جميع المسؤولين الذين أساؤوا استخدام سلطتهم.

قالت بلقيس والي، باحثة أولى في قسم الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش: "لسنوات، زعمت السلطات العراقية أنها تنقل المجتمعات الأهالي إلى المخيمات أو خارجها لحمايتهم أو لمصلحتهم. ""لكن حالة هؤلاء القرويين الذين يتم تقاذفهم بين قريتهم ومخيمات النزوح دليل آخر على أن الإخلاءات هذه غالبا ما تتعلق باعتبارات شخصية أو سياسية للسلطات بدلا من حماية المتضررين".

توثق هيومن رايتس ووتش منذ سنوات الإجلاءات القسرية للعائلات، بما فيها تلك  بما في ذلك الذين يُعتقد أنها تنتمي إلى داعش. من 1 إلى 5 أغسطس/آب قابلت هيومن رايتس ووتش سبعة من سكان العيثة في صلاح الدين. قالوا إنه ابتداء من 14 يوليو/تموز، جاءت وحدات الجيش العراقي إلى قريتهم وطردت الناس بالقوة دون إشعار مسبق ودون تقديم أي مبرر أو أمر قانوني. في 10 أغسطس/آب، تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى ممثل عن وزارة الهجرة والمهجرين لم يقدم أي تبرير لعمليات الإخلاء.  

قال السكان إن القرية كانت موطنا لـ 370 عائلة - حوالي 14 ألف شخص - قبل سيطرة داعش عليها في 2014. في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، فرت جميع العائلات المتبقية مع تصاعد القتال في المنطقة، واستقر الكثير منها في مخيمات النزوح. قالوا إنه في 2019، عادت 330 عائلة من مخيمات النزوح. في يناير/كانون الثاني 2021، عادت العائلات الـ 40 المتبقية بعد أن أمرتها سلطات مخيمات النازحين بالعودة إلى ديارها، بحسب عائلات تمت مقابلتها.

قال قرويون إنه في 14 يوليو/تموز، وصلت نحو 20 آلية للجيش العراقي إلى القرية ومعها قائمة بالأسماء، وأجبرت حوالي 19 أسرة على مغادرة منازلها على متن شاحنات مسطحة، بينهم أربعة أشخاص تمت مقابلتهم. قال الجنود لسكان القرية إنهم سينقلونهم إلى مخيم نزوح ما يزال مفتوحا - في نينوى، 15 كيلومتر شمالا – دون ذكر الأسباب. بين 31 يوليو/تموز و4 أغسطس/آب، عاد الجيش وأخذ 72 عائلة أخرى إلى المخيم، بينهم شخصان من الذين تمت مقابلتهم.

قالت امرأة إنه عندما طرد الجيش عائلتها في 14 يوليو/تموز، حاولت امرأة الفرار من القرية لتجنب الإجلاء لكن الجنود أوقفوها: "سمعت جنديا يقول لها إنه إن لم تأتِ عائلتها، فسيعتقلون زوجها".

قال جميع القرويين إن الجيش لم يسمح لهم بأخذ أي من ممتلكاتهم. قالت أم لستة أطفال إنه ليس لديها فُرُش أو بطانيات أو مراوح في المخيم. قالت إحدى الأمهات إنها تركت أطفالها الثلاثة في القرية مع عمهم لأنها لم تستطع إحضار أي ممتلكات ولن يكون لديها ما يريحهم.

قال الأشخاص الذين قوبلوا إن الإخلاءات الجديدة هذه قد عطلت حياتهم بشدة. قالت أم لستة أطفال إن أحد أبنائها رفض المغادرة وهرب إلى منزل جدته: "أخبرتني أمي أنه مصاب بصدمة نفسية ويرفض تناول الطعام ويبكي طوال اليوم. لقد فوّت ولداي الآخران امتحاناتهما الثانوية النهائية، وهما عالقان هنا في المخيم".

رغم بقاء حوالي 270 عائلة في القرية، في 12 يوليو/تموز، قال نجل الوزير على "فيسبوك" إن جميع العائلات من القرية سيتم إجلاؤها في النهاية. إحدى النساء اللواتي قُوبلن وما تزال في القرية إنها تخشى أن يأتوا وراءها  قريبا.

قال ثلاثة قرويين إنهم يعتقدون أن عمليات الإخلاء حدثت بسبب نزاع عائلي. قالوا إن شقيق الوزير تزوج في يوليو/تموز من امرأة من القرية كانت متزوجة في السابق من أحد أعضاء داعش. قالوا إن شيوخ القرية قالوا لهم إن الوزير قرر الانتقام من شقيقه بطرد السكان. قال أحد القرويين إنه عندما سأل أحد الجنود عن سبب طردهم، قال الجندي: "هذا بسبب مشكلة بينكم يا أهل القرية وبين الوزير". قال القروي: "نُلام على شيء لا دور لنا فيه. نحن ضحايا لا حول لنا ولا قوة."

نشرت امرأة، تعرف عن نفسها على أنها صحفية، على فيسبوك في 14 يوليو/تموز إنها تعرب عن تقديرها للوزير وقوات الأمن على الاستجابة السريعة بعد أن نشرت في 9 يوليو/تموز عن الزواج. زعمت أن الوزير منع شقيقه من التحدث إلى وسائل الإعلام و"التدخل في شؤون التهجير"، وصادر جميع الأسلحة والمركبات الحكومية التي بحوزته. كما اتهمت القرويين بأنهم "خلايا نائمة وقنابل موقوتة" لكنها لم تقدم أي دليل.

بينما أُجبر بعض القرويين على العودة إلى القرية، قال القليل منهم إن وضعهم تحسن بعد عودتهم. قالت امرأة إنها لم ترغب في مغادرة المخيم حينها لأنها شعرت بالأمان هناك. ولكن بعد عدة أشهر في القرية، تحسنت حالتها، ووجدت عملا، وتمكّنت من إلحاق أطفالها بالمدرسة. قالت: "كان ابني سعيدا جدا لعودتنا إلى المنزل، حتى إنه طلب مني حذف جميع الصور التي التقطناها داخل المخيم من هاتفي".

لم تقدم الحكومة أي تبرير رسمي للإخلاءات. قال سكان القرية إن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أرسل في 5 أغسطس/آب مستشاره للأمن القومي للتحقيق. أجرى المستشار مقابلات مع بعض العائلات التي أُجليت. قال شخصان، أحدهما حضر الاجتماع، إن شخصا لم يعرّف عن نفسه بوضوح سوى بالقول إنه كان يتحدث نيابة عن الوزير، تحدث إليها في المخيم قبل الاجتماع وأخبرها ألا تذكر زفاف شقيق الوزير.

على السلطات الاتصال فورا بجميع العائلات المتضررة ومنحها الدعم الذي تحتاج إليه لتقرير ما إذا كانت تريد البقاء في المخيم، أو العودة إلى العيثة، أو إعادة التوطين في مكان آخر، وتقديم المساعدة لها في إعادة التوطين. على السلطات توفير الحماية من الإخلاءات غير القانونية في المستقبل.

على رئيس الوزراء ضمان أن أي شخص في السلطة لا يؤثر بشكل غير ملائم على التحقيق في الإخلاءات وأن يخضع جميع المسؤولين عن الإخلاءات غير القانونية للمساءلة. كما عليه فتح تحقيقات في إخلاءات غير مشروعة أخرى قامت بها السلطات منذ توليه منصبه في مايو/أيار 2020، والخروج بنتائج علنية بشأن أسبابها، والالتزام باتخاذ تدابير لمنع الإخلاءات غير القانونية.

قالت والي: "مجرد فكرة أن وزيرا يستطيع بمحض نزوة ودون مبرر طرد مئات الأشخاص من منازلهم يجب أن تهز الضمير. هذه العائلات تعاني منذ سنوات على يد حكومةٍ أيّدت وأحيانا شاركت في مجموعة من إجراءات العقاب الجماعي ضدها".

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة