Skip to main content

العراق: خطط إغلاق المخيمات غير ملائمة

حرمان الأشخاص الضعفاء من الخدمات خلال تفشي فيروس "كورونا"

حافلات حكومية تنتظر لنقل عائلات من مخيم في محافظة الأنبار إلى مخيم آخر خلال موجة سابقة من إغلاق مخيمات في ديسمبر/كانون الأول 2018.  © 2018 بلقيس والي/هيومن رايتس ووتش

تحديث في 25 أغسطس/آب 2021: في رسالة مؤرّخة في 13 أغسطس/آب 2021، ردّت السفارة العراقية في بيروت على "هيومن رايتس ووتش" مُبيّنة التدابير التي تتّخذها الحكومة لضمان ألّا تكون عمليات العودة قسرية وقالت إن الحكومة تؤمن الغذاء والسكن وأشكال أخرى من المساعدة للناس في المناطق التي يعودون إليها. 

(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن عمليات إغلاق المخيمات التي جرت مؤخرا حرمت آلاف النازحين من الخدمات الأساسية خلال تفشي فيروس "كورونا" بسبب الخطط الحكومية غير الملائمة لإعادتهم إلى ديارهم.

لن تنجح خطة الحكومة العراقية لإنهاء التهجير المطوّل للعائلات التي اقتلعت من ديارها بسبب القتال بين "تنظيم الدولة الإسلامية" المعروف أيضا بـ"داعش" والقوات المناهضة لداعش، إلا إذا ضمنت الحكومة عودة العائلات التي أُجليت مؤخرا من مخيمات النازحين بأمان إلى منازلها السابقة، أو انتقالها إلى ملاجئ جديدة، مع إمكانية الوصول الكامل إلى الكهرباء والمياه وخدمات الرعاية الصحية.

قالت بلقيس والي، باحثة أولى في قسم الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش: "بعد سنوات من الإهمال، من الإيجابي أن تحاول الحكومة تأمين حلول دائمة للعائلات النازحة بسبب القتال. لكن هذه الاستراتيجية لن تنجح إلا إذا كانت تعتمد على الدروس المستفادة من عمليات إغلاق المخيمات السابقة والعودة القسرية التي قُطِعت فيها المساعدات الإنسانية وتُرك الناس ليتدبروا أمورهم بأنفسهم".

في مارس/آذار 2021، صادقت الحكومة العراقية على "الخطة الوطنية لإعادة النازحين إلى مناطقهم الأصلية المحررة" والتي وضعتها وزارتي التخطيط والهجرة والمهجرين. لكن الحكومة أغلقت 16 مخيما على مدى الأشهر السبعة الماضية، وتركت ما لا يقل عن 34,801 نازحا دون ضمان قدرتهم على العودة إلى ديارهم بأمان، أو تأمين مأوى آمن آخر، أو الحصول على خدمات ميسورة التكلفة. هناك مخيمان لا يزالان مفتوحين فقط في الأراضي الخاضعة لسيطرة حكومة بغداد، واحد في نينوى والآخر في الأنبار. من المقرر أيضا إغلاق هذين المخيمين.

في منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2020، أعلنت وزارة الهجرة والمهجرين عن عمليات الإغلاق، وبحلول يناير/كانون الثاني 2021 أغلقت 16 مخيما. العديد من سكان المخيمات كانوا من عائلات تعيلها نساء ونزحت بسبب القتال بين داعش والجيش العراقي من 2014 إلى 2017، والعديد من هذه الأسر كانت مصنفة على أنها تابعة لداعش. لم تُغلق حكومة إقليم كردستان العراق المخيمات في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

استمرت عمليات الإغلاق هذه رغم التفشي المستمر لفيروس كورونا، والذي فرضت الحكومة في خلاله العديد من عمليات الإغلاق وقيود أخرى على الحركة. في 2020، قتل كورونا أكثر من 12,526 شخصا في العراق واستمر الوباء في التفشي في البلاد في 2021، حيث وصل عدد المتوفين إلى 16,267.

رغم أن الهدف المعلن للحكومة كان إعادة النازحين إلى ديارهم، إلا أن العقبات الإدارية تمنع العائلات التي يُعتقد أنها تنتمي إلى داعش من الحصول على الوثائق، بما في ذلك بطاقات الهوية وشهادات الميلاد والبطاقات التموينية، مما يعيق عودتهم الآمنة إلى منازلهم وحصولهم على مزايا الرعاية الاجتماعية والخدمات الحكومية.

تُصنف السلطات والمجتمعات الأشخاص على أنهم منتمون إلى داعش بناء على شكوك في أن أحد أقاربهم انضم إلى داعش أو كان متعاطفا مع الجماعة. غالبا ما تُطبق هذه التصنيفات في غياب أي دليل على أن هؤلاء الأشخاص أبدوا أنفسهم تعاطفا مع التنظيم، أو انضموا إليه، أو ارتكبوا جريمة. لا توجد طريقة لهؤلاء الأشخاص له للطعن في هذا التصنيف.

تُطبق بعض السلطات المحلية أيضا "القانون رقم 20"، الخاص بتعويض المتضررين جراء العمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية في 2009، بطريقة تمييزية تستثني العائلات ذات الانتماء المتصوّر إلى داعش. يٌفترض بالقانون أن يعوّض أي شخص تعرض لتدمير ممتلكاته أو لإصابة وخسائر في الأرواح، في حال حصل الدمار بسبب القتال، بغض النظر عن السبب أو الطرف المتحارب الذي دمرها.

مع أن العديد من العائلات تقدمت بطلبات للحصول على التعويض ولم تتلقَه بعد، تمنع السلطات بعض العائلات ذات الانتماء المفترض لداعش من تقديم الطلبات. نتيجة لذلك، لن يكون لدى العديد من هذه العائلات الموارد اللازمة لإعادة بناء منازلها.

يسلط تقرير نُشر في ديسمبر/كانون الأول 2020، بناء على مقابلات أجرتها مجموعة من المنظمات الإنسانية الدولية مع 2,764 أسرة، الضوء على محنة العائلات. أجريت المقابلات في الفترة من سبتمبر/أيلول 2019 إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2020 في الأسبوعين التاليين لإخلاء هذه الأسر. قال ما يقرب من ثلث العائلات إنهم لم يرغبوا في مغادرة المخيم، وقال أكثر من ثلثهم بقليل إنهم لم يعودوا إلى مناطقهم الأصلية، وقال معظمهم إن هذا بسبب تدمير ممتلكاتهم.

من بين الذين عادوا، كان ثلثهم فقط يعيشون في منازلهم، بينما كان الباقون مستأجرين، أو يستضيفهم آخرون، أو يسكنون مبانٍ غير مكتملة ومهجورة. قال 20% إنهم كانوا يخشون طردهم من قبل القوى الأمنية أو مجتمعاتهم المحلية بسبب انتمائهم المفترض إلى داعش. قالت نصف العائلات التي أُجلِيَت إنها لا تحصل على ما يكفي من الطعام لتلبية احتياجاتها الأساسية، وقال أكثر من ثلثها إنهم لا يحصلون على مياه كافية للشرب.

بين نوفمبر/تشرين الثاني 2020 إلى مايو/أيار 2021، قابلت هيومن رايتس ووتش 14 شخصا من محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار كانوا يقيمون مع عائلاتهم في المخيمات منذ 2016، وكلهم على صلات متصورة بداعش وتم إخلاؤهم. أثارت العائلات بواعث قلق مماثلة. لم تتمكن أي من العائلات من العودة إلى منازلها القديمة، وقالت ثمانية منها إنها لم تتمكن من العودة إلى مناطقها الأصلية خوفا من التعرض للتهديد أو الاعتقال أو الأذى الجسدي واضطرت إلى استئجار منازل في مكان آخر. قالت العائلات إنها قلقة من عدم تمكنها من دفع الإيجار في الأشهر المقبلة.

قالت امرأة لديها خمسة أطفال تشترك في إيجار شقة بغرفتين مع ثلاث عائلات أخرى، وعددهم الكلي 15 شخصا: "لا يمكنني حتى دفع حصتي من الإيجار. أعتمد على ما يقدمه لي الناس والجمعيات الخيرية لدفع حصتي. أنا أرملة ولا يوجد ذكر بالغ في عائلتي، لذا يصعب عليّ العثور على عمل. أخشى دائما أن يتم طردنا".

كانت العائلات التي تمكنت من العودة إلى مناطقها الأصلية من قضاء الشرقاط وناحية يثرب في صلاح الدين، وهي محافظة تحظى بدعم أقل بكثير من المنظمات الدولية غير الحكومية للعائلات النازحة. قال رجل إن منزله تحتله عائلة أخرى في قريته، وبسبب صلاته المتصورة بداعش، لم يتمكن من إقناع السلطات بإخراج الأسرة من منزله.

قال العائلات الست الأخرى إن منازلها دمرت بالكامل وإنها لم تتمكن من تحمل تكلفة إعادة بنائها. كانوا يعيشون في خيام أو منازل أقارب، أو في حالة واحدة انتقلوا إلى مدينة أخرى لاستئجار منزل. كانوا جميعا يكافحون من أجل تزويد أسرهم بما يكفي من الطعام والماء والكهرباء والرعاية الصحية.

في خطوة إيجابية في المخيم الوحيد المتبقي في نينوى، جنوب الموصل، في مارس/آذار 2021، أنشأت "مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" و"المنظمة الدولية للهجرة" و"منظمة إنترسوس" غير الحكومية ووزارة الهجرة والمهجرين، لجنة لمناقشة العوائق التي تمنع العائلات النازحة من العودة إلى منازلها ومساعدة هذه العائلات في إيجاد حلول دائمة تسمح لها بمغادرة المخيم.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومة العراقية ألا تُغلق المخيمات المتبقية ما لم تكن السلطات قادرة على ضمان الوصول إلى حلول دائمة، بما في ذلك توافر تدابير التخفيف الأساسية من تفشي فيروس كورونا، مثل المأوى المناسب والمياه.

في غضون ذلك، وكجزء من الاستراتيجية الوطنية الجديدة، ينبغي للسلطات التواصل مع العائلات التي تعيش في حالة نزوح مطوّل في المخيمات وأماكن أخرى لمساعدتها في الحصول على أي وثائق لها لا تزال مفقودة، وفهم سبب عدم تمكنها من العودة إلى ديارهم وأين يريدون العيش، والتأكد من أنه وبغض النظر عن المكان الذي ستستقر فيه، ستتمتع بإمكانية الوصول إلى المأوى والخدمات الأساسية بأسعار معقولة. على الحكومة التحقيق في مزاعم التمييز من قبل السلطات العامة، بما في ذلك التطبيق التمييزي لقانون التعويض لسنة 2009.

قالت والي: "إذا كانت الحكومة تريد حقا ’إغلاق ملف النزوح‘، عليها أن تبدأ العمل على التأكد من أن العائلات النازحة لديها القدرة على أن تستقر من جديد بأمان، سواء بالعودة إلى منازلها أو في أي مكان آخر. هذا يعني ضمان حصولها على الأساسيات – الطعام والماء والمأوى".

التصاريح الأمنية والوثائق

في العديد من المناطق التي كان فيها تواجد داعش في السابق، وضعت السلطات نظاما لـ "التصاريح الأمنية" يفرض  على جميع السكان الحصول على ختم من قوات الأمن في منطقتهم قبل التمكن من تقديم طلب للحصول على وثائقهم المدنية المفقودة. ينطبق ذلك على معظم العائلات التي عاشت تحت حكم داعش لفترة طويلة.

تمتنع السلطات الأمنية بشكل روتيني عن إعطاء الختم للأشخاص إذا اشتبهت قوات الأمن أو المجتمع المحلي بانضمام أحد أفراد العائلة إلى داعش أو يتعاطف مع التنظيم، وتُدرَج أسماءهم في قائمة المطلوبين. في بعض المناطق، تطلب من العائلات تقديم شكوى قضائية ضد الفرد المُدرج للحصول على الختم. لا يبرر القانون العراقي منع هذه العائلات من الحصول على وثائقها، ويعذّ ذلك شكلا من أشكال العقاب الجماعي. لا توجد عملية للطعن في هذا الحرمان.

لن تتمكن العائلات التي لم تحصل على الختم من تجديد وثائقها وبالتالي لا يمكنها غالبا العودة إلى ديارها.  يُطلب عادة من الأشخاص إظهار وثائقهم عند العديد من نقاط التفتيش في جميع أنحاء العراق. اعترافا منها بأن ذلك يُعدّ عائقا، وبعد سنوات من التقاعس عن العمل، سرّعت السلطات من إجراءات حصول العائلات على وثائقها في اثنين على الأقل من المخيمات التي أُغلقت.

 مع ذلك، أوضح ثلاثة ممن قابلناهم إنهم ما زالوا يفتقرون على الأقل إلى بعض وثائقهم وذلك بعدما طردتهم السلطات من المخيمات. قال أب إنه وبسبب اتهام السلطات لقريبه بصلاته بداعش، كان قلقا من مغادرة قريته للبحث عن وظيفة في بلدة أكبر خوفا من أن تجد قوات الأمن اسمه في قائمة المطلوبين وتعتقله.

لم يتمكن الأفراد الثلاثة من الحصول على بطاقاتهم التموينية التي تسمح لهم بالوصول إلى برنامج حكومي يوفر المواد الغذائية لجميع العراقيين تقريبا. قال الأب إن السلطات رفضت تجديد بطاقات عائلته التموينية.  قال: " ليس ذنبي ولا ذنب أولادي أن قريبي انضم إلى داعش. لماذا نُمنع من الحصول على التموين كأي عراقي آخر؟".

قالت امرأة من قرية في صلاح الدين وتقيم في محافظة كركوك إن عائلتها لم تتمكن من العودة إلى صلاح الدين لتجديد بطاقاتهم التموينية لعدم امتلاكهم وثائق مدنية صالحة للمرور عبر نقاط التفتيش العديدة.  لم يتمكن زوجها من العثور على عمل في القرية التي يعيشون فيها وقالت: "لا أعرف كيف سأحصل على الطعام لأولادي عندما ينفد الطعام الذي نملكه الآن".

قالت امرأة أخرى إنها ومنذ عودتها وعائلتها إلى قريتهم الأصلية لم يتمكنوا من الانتقال إلى مكان تتاح فيه خدمات وفرص عمل أفضل إذ أنها لم تتمكن من الاستحصال على التصريح الأمني الضروري للحصول على وثائق لأطفالها الصغار الثلاثة.

تبدو القرية هنا كصحراء، لا كهرباء ولا فرص للوصول إلى الغذاء أو مرافق صحية.  لم نتلق أي مساعدة منذ وصولنا ولم نتمكن من الحصول على أي تموين من الحكومة. ترفض السلطات المحلية تجديد بطاقاتنا التموينية إذ يزعمون إن لنا صلات بداعش.

قالت امرأة إن عائلتها عادت إلى قريتها وأقامت خيمة بجوار أنقاض منزلها المدمر، لكن زعيم القرية هددها بطردها ما لم يبيعوه أرضهم.

تبلغ قيمة أرضنا 20 مليون دينار عراقي (13,590 دولار أمريكي)، لكنه يعرض نصف المبلغ فقط. تعرف القوات الأمنية في المنطقة أنه يهددنا لكنها لا تتدخل. نمتلك أيضا قطعة أرض زراعية ويقوم قرويون آخرون بزراعتها ويرفضون إعطائنا أي عائدات أو إعادتها إلينا.

الحصول على التعويضات والمأوى والمياه والكهرباء والرعاية الصحية

تقدمت العائلات التي دُمرت منازلها في جميع أنحاء العراق بدعاوى تعويض بموجب قانون التعويض لعام 2009، وهو قانون يعّوض عن تدمير الممتلكات أو الإصابة أو فقدان الأرواح، بغضّ النظر عن سبب تدمير الممتلكات وإن كان بسبب القتال، وبغضّ النظر عن الطرف المحارب المسبب للدمار. مع ذلك، سمعت هيومن رايتس ووتش على مر سنوات من عراقيين قولهم إن العائلات التي أُدرج أحد أفرادها على قائمة المطلوبين لانتمائه إلى داعش مُنعت من الحصول على مثل هذا التعويض.

في مؤتمر صحفي في 31 كانون الثاني / يناير 2021، انتقد قائد رفيع من قيادة عمليات في الأنبار، وهي قيادة عسكرية وأمنية متكاملة في الأنبار، القوات الأمنية وقادة المجتمع لسماحهم للعائلات ذات الانتماء المتصوّر لداعش بالعودة إلى مناطقها الأصلية والتقدّم بطلب للحصول على تعويضات. قال إن قيادته ستستمر في "تعقب" و "مطاردة" العائلات التي يُعتقد أنها تنتمي إلى داعش لضمان عدم حصولها على أي تعويض عن الأضرار التي لحقت بممتلكاتها. هدد باعتقال قوات الأمن وقادة المجتمع الذين أيّدوا مطالباتهم بالتعويض وقال: "من قتلنا ودمر منازلنا لن يُسمح له بالحصول على أي أموال من الدولة".

لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد أي أساس قانوني لحرمان الأشخاص الذين لهم أقارب مطلوبين في جريمة من الحصول على تعويض بموجب القانون.

قال 12 شخصا ممن قابلناهم إنهم لم يتمكنوا من التقدم للحصول على تعويض بسبب صلات عائلتهم المزعومة بداعش. قالت امرأة لديها ثلاثة أطفال إن رئيس البلدية وقوات الأمن في قريتها رفضوا منحها تصريحا أمنيا ولم يسمحوا لها بتقديم طلب للحصول على تعويض بسبب صلة أحد أقاربها المزعومة بداعش:

دُمر منزلي واضطررنا إلى نصب خيمتنا بالقرب من منزل أقاربنا حيث لا يُسمح لنا ببناء مرحاض أو حمام.  نمتلك قطعة أرض أخرى في وسط القرية لكن لا يمكننا نصب خيمتنا هناك إذ أن عائلة أخرى تحتلها وتزعم ملكيتها. بسبب وضعي، لن تقوم قوات الأمن بأي تصرف حيال ذلك.  لذلك، لا بد لي من إحضار دلاء من الماء من منزل قريبتي والاكتفاء بساعات قليلة من الكهرباء في اليوم.

قالت جميع العائلات إنها لم تكن لديها وصول منتظم إلى المياه الجارية، وهو مصدر قلق تزايد مع استمرار تفشي فيروس كورونا.

عندما وصلنا، شاهدنا بأنها لم تعد قرية، بل صحراء. دُمرت كل المنازل، لا ماء ولا كهرباء. دُمرت الشبكات بسبب العمليات العسكرية.  نصبت خيمة بجوار أنقاض منزلي القديم وذهبت للحصول على المياه من مشروع زراعي يبعد حوالي 300 متر رغم علمي بعدم صلاحية هذه المياه للشرب. أردت تنقية المياه، لكن لم أجد حبوب التنقية في أي مكان. 

بعد 10 أيام قررت مغادرة القرية، حيث لا فرص عمل أو مساعدة، والانتقال إلى مدينة فيها الخدمات. كان المخيم أفضل بالنسبة لنا، كان لدي عمل هناك وكنا نتلقى الطعام ومستلزمات النظافة ولم يكن يتعين علينا دفع الإيجار. بالنظر إلى ذلك، لم أستطع أن أفهم لماذا أجبرتنا السلطات على العودة إلى قرية بلا منازل قائمة ولا خدمات.

قالت امرأة أخرى من محافظة صلاح الدين إن أفراد أسرتها لم يعودوا قادرين على الاعتناء بنظافتهم بسبب نفاد أدوات النظافة والصابون التي أخذوها معهم من المخيم.

قال ستة ممن قابلناهم إنهم انتهى بهم الأمر في مناطق ليس فيها مرافق الرعاية الصحية الكافية. قالت امرأة لديها 4 أطفال إن عائلتها أُجبرت على العودة إلى قرية ليس فيها عيادة بينما كان بإمكانها الوصول إلى المركز الصحي في المخيم سيرا على الأقدام.

لم تعُد ثماني عائلات إلى مناطقها وانتقلت إلى أماكن أخرى في البلاد. قالت العائلات التي غادرت المخيمات واستقرت في الموصل إن السلطات في المدينة سمحت لهم بالسكن هناك رغم وصم المجتمعات لهم بسبب صلاتهم المزعومة بداعش. قالت العائلات الثماني جميعها إنهم يكافحون من أجل تزويد أسرهم بما يكفي من الطعام والمياه والكهرباء والرعاية الصحية. قالت امرأة:

أنا الآن أستأجر منزلا مع عائلتين أخريين. كنا نعيش في المخيم بسلام وكرامة. الآن لا أعرف حتى كيف سأدفع الإيجار، والكهرباء، والمياه والغذاء. كنا نحصل على كل هذه الأشياء مجانا في المخيم. إذا لم تتمكن الحكومة من جعل مناطقنا الأصلية آمنة للعودة، عليها السماح لنا بالبقاء والعيش في المخيمات.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع