Skip to main content

تونس تسجن النساء العائدات المشتبه بارتباطهن بداعش

ينبغي ضمان المعاملة الإنسانية، والإجراءات القانونية الواجبة، والرعاية الطبية

قصر العدالة في تونس العاصمة، تونس، 29 كانون الثاني/ يناير 2019. © 2019 أسوشيتد برس/حسان الدريدي

(تونس) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن عائلات النساء والأطفال الذين تربطهم صلة بأشخاص مشتبه بانتمائهم لـ "تنظيم الدولة الإسلامية" والذين أعيدوا مؤخرا إلى تونس، تقول إن جميع النساء محتجزات. تعرض بعضهن لسوء المعاملة، والتقطن فيروس "كورونا"، وحُرمن من حقوقهن.

ينبغي للسلطات التونسية أن تضمن فورا معاملة جميع النساء العائدات معاملة إنسانية، وتلقيهن العلاج الطبي اللازم، ومنحهن كامل حقوقهن في الإجراءات القانونية الواجبة أثناء الاحتجاز.

قالت حنان صلاح، باحثة أولى في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "ينبغي للسلطات تقييم وضع هؤلاء النساء بشكل فردي ومحاكمة من ارتكبت منهن جرائم خطيرة، ما من عذر لحرمانهن من حقوقهن. على سلطات السجون إنهاء جميع الانتهاكات المزعومة بحقهنّ، وضمان تواصلهن مع محامين، والتأكد من وجود تدابير وقائية ورعاية صحية ملائمة لمنع انتشار فيروس ’كورونا‘".

وفقا لـ "المرصد التونسي لحقوق الإنسان"، أعادت السلطات التونسية بين 11 و18 مارس/آذار 2021 عشر  نساء و14 طفلا كانوا محتجزين في السجون الليبية، بعضهم منذ أكثر من خمس سنوات، بسبب صلات تربطهن بأشخاص مشتبه بانتمائهم للجماعة المسلحة المتطرفة "تنظيم الدولة الإسلامية" (المعروف أيضا بـ "بداعش") . قال شقيق إحدى النساء، والتي لديها طفلان، إن شقيقته كانت طفلة عندما ذهبت إلى ليبيا. أُعيد الأطفال العائدين إلى عهدة أقاربهم أو تحت رعاية الحكومة في مرافق الخدمة الاجتماعية.

قال أقارب ومحامو أربعة من النساء إنهن محتجزات في سجن منوبة. لم يُسمح لأي منهن بالتواصل مع محام أثناء الاستجواب، وقال أحد الأقارب إن الأسرة لا يمكنها تحمل تكاليف توكيل محام. أخبرت امرأة أقاربها أنها تعرّضت للضرب على أيدي المحققين أثناء الاستجواب وأُجبرت على التوقيع على محضر استجواب. قال الأقارب والمحامون إنه لم توجّه إلى اللحظة تُهم رسمية ضد النساء.

قال اثنان من الأقارب إن ظروف الاحتجاز كانت مُزرية وإن ثلاث نساء عائدات على الأقل قلن إنهن التقطن فيروس كورونا ويعتقدن أن بعض النساء الأخريات العائدات التقطن الفيروس أيضا.

غالبا ما يكون المحتجزون في خطر متزايد لالتقاط فيروس كورونا بسبب التقارب الشديد، وعدم القدرة على ممارسة "التباعد الاجتماعي"، والافتقار إلى مرافق ملائمة للصرف الصحي والنظافة، وارتفاع نسبة الحالات الطبية الكامنة، ونقص الرعاية الطبية المناسبة.

قالت هيومن رايتس ووتش إن احتواء فيروس كورونا وتقديم العلاج الطبي المناسب للمتضررين ينبغي أن يكون من أولويات السلطات. لكن ينبغي ألا تستخدم السلطات فيروس كورونا كذريعة للاحتجاز إلى أجل غير مسمى دون تهمة.

قال والد إحدى النساء لـ هيومن رايتس ووتش إن ابنته، التي أُعيدت في 18 مارس/آذار، أخبرته بأنها التقطت فيروس كورونا. قال إن حاجزا زجاجيا كان يفصل بينهما أثناء زيارته لها التي استغرقت خمس دقائق: "كانت مريضة عندما رأيتها وأخبرتني أن نساء أخريات التقطن الفيروس أيضا. أخبرتني أن النساء لا يتلقين أي علاج طبي داخل السجن".

أخبرته ابنته أيضا أنها تعرضت لسوء المعاملة أثناء احتجازها في تونس: "أخبرتني ابنتي أن أعوان من ’فرقة مكافحة الإرهاب بالقرجان‘ ضربوها أثناء الاستجواب وأجبروها على توقيع محاضر الاستجواب. أخبرتني أن لديها علامات ضرب على جسدها. قالت إن السلطات صادرت كل متعلقاتها وتركت لها فقط الفستان الذي كانت ترتديه. أخبرتني أن ليس لديها ملابس داخلية، وأن النساء ليس لديهن شيء داخل السجن".

يستند استمرار احتجاز هؤلاء النساء دون توجيه تهم إليهن إلى قانون تونس لمكافحة الإرهاب لعام 2015، الذي يُمدّد الحبس الانفرادي من ستة أيام إلى 15 يوما للمشتبهين بالإرهاب، ويسمح للمحاكم بإغلاق الجلسات أمام الجمهور، ويسمح ببقاء الشهود مجهولين بالنسبة إلى المتهمين. يسمح القانون للشرطة باستجواب المشتبه بهم دون محام لمدة 15 يوما. قالت هيومن رايتس ووتش إن القانون يُهدّد حقوق الإنسان، ويفتقر إلى ضمانات ضد الانتهاكات، وينبغي تعديله.

بصفتها دولة طرف في "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" و"الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب"، ينبغي لتونس ضمان معاملة أي شخص محروم من حريته معاملة إنسانية وبكرامة وتمكينه من كامل حقوقه في الإجراءات القانونية الواجبة. تضع "قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء" ("قواعد نيلسون مانديلا") معايير ينبغي لجميع الدول الأعضاء في "الأمم المتحدة" الالتزام بها.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات التونسية، كخطوة فورية، منح حق التواصل غير المقيد مع محامين والسماح لأفراد أسَر النساء المحتجزات بزيارتهن.

قالت هيومن رايتس ووتش إنه تماشيا مع قرارات الأمم المتحدة، ينبغي للسلطات التونسية إعطاء الأولوية لخدمات إعادة التأهيل وإعادة الإدماج للنساء والأطفال العائدين. ينبغي معاملة الأطفال الذين عاشوا تحت سيطرة داعش والنساء اللواتي تعرضن للاتجار على يد داعش كضحايا أولا وقبل كل شيء، وينبغي ألا يواجه الأطفال المحاكمة والاحتجاز إلا في ظروف استثنائية.  الافتقار المستمر إلى دعم إعادة الإدماج يتعارض مع المبادئ التوجيهية الدولية بشأن الأطفال المرتبطين بالجماعات المسلحة. ينبغي أن يبقى الأطفال مع والديهم في حالة غياب دليل مقنع من خبراء مستقلين على أن الانفصال يخدم مصلحتهم.

تواصلت هيومن رايتس ووتش مع مسؤولين في وزارة الداخلية التونسية للحصول على تعليقاتهم لكنها لم تتمكن من مخاطبة أي مسؤول.

قالت صلاح: "أمضت هؤلاء النساء والأطفال التونسيون بالفعل ما يصل إلى خمس سنوات قيد الاحتجاز التعسفي في ليبيا لأن البلدين لم يتوصّلا إلى اتفاق بشأن الإعادة قبل ذلك. الأشخاص الذين لا يُشتبه بارتكابهم جرائم خطيرة يحتاجون بشدة إلى المساعدة، وإعادة التأهيل، وإعادة الإدماج، وبخاصة الأطفال الذين وُلد بعضهم في سجون ليبيا ولا يعرفون حياة أخرى خارجها".

 

 

الخلفية

توجّه آلاف المقاتلين الأجانب وأفراد عائلاتهم، بما يشمل مئات المواطنين التونسيين، إلى ليبيا في 2016 بعد سيطرة داعش على بعض المناطق هناك.

القوات الليبية التي تقاتل داعش في صبراتة في فبراير/شباط 2016 وسرت في ديسمبر/كانون الأول 2016، اعتقلت مئات النساء والأطفال المشتبه في صلتهم بمقاتلي داعش واحتجزتهم، ومنهم ليبيون وتونسيون وأجانب آخرون. أعادت تونس تسعة أيتام من ليبيا بين 2019 و 2020، لكنها وصلت إلى طريق مسدود مع السلطات الليبية بشأن إعادة الباقين أو المساعدة في إعادتهم. بحسب المرصد التونسي لحقوق الإنسان، أعادت السلطات التونسية في 2020 أيضا امرأة من ليبيا يشتبه في صلتها بداعش وهي لا تزال قيد التحقيق.

لا تزال عشر نساء تونسيات أخريات و21 طفلا، معظمهم من اليافعين، ينتظرون إعادتهم من ليبيا بحسب المرصد التونسي لحقوق الإنسان الذي يتعقب قضايا مواطنين تونسيين يشتبه في صلتهم بأعضاء من داعش في الخارج.

في شمال شرق سوريا، يُحتجز عشرات التونسيين الآخرين تعسفيا كمشتبه في انتمائهم إلى داعش كأفراد أسر أعضاء في داعش. على السلطات التونسية أن تتخذ جميع الخطوات الممكنة لإعادة مواطنيها أو المساعدة في إعادتهم إلى الوطن لإعادة تأهيلهم وإعادة دمجهم، أو مراقبتهم أو محاكمتهم بما يتماشى مع المعايير القانونية الدولية إذا لزم الأمر.

الشهادة رقم 1

قال محامي اثنتين من النساء اللواتي أعِدن إلى تونس في 18 مارس / آذار إن كلاهما التقطتا فيروس كورونا مما دفع القضاة الذين ينظرون في قضيتاهما إلى تأجيل الإجراءات. قال المحامي إن أعوان فرقة مكافحة الإرهاب بالقرجاني التابعة لوزارة الداخلية التونسية استجوبوا المرأتين الموجودتين في سجن منوبة للنساء، دون حضور المحامي:

حاولت زيارة موكلتَيّ في منوبة لكن السلطات أخبرتني أنه وبعد فحصهما تبيّن أنهم التقطتا فيروس كورونا. يتوّلى التحقيق قضاة مختلفين لكن لم تمثُل أي من المرأتان   أمام قاض حتى الآن. كان من المفترض أن تمثُل إحداهن أمام قاضٍ لكن التقاطها فيروس كورونا حال دون ذلك فأجّل القاضي الجلسة، ولا علم لي بموعد آخر للجلسة حتى الآن. أبلغنا القاضي الآخر المسؤول عن قضية موكلتي الثانية أنه لن ينظر في القضية إلّا بعد شهر رمضان.

قال المحامي إنه لم يتم توجيه اتهامات رسمية لموكلتَيْه وأن أولويته حاليا هي مقابلتهما.

الشهادة رقم 2

قال والد إحدى النساء التي أعيدت مع طفلتها في 18 مارس/آذار، إن السلطات سلمته الطفلة التي لم تتجاوز السادسة من العمر، لرعايتها وإنه تمكن من زيارة ابنته في سجن النساء في منوبة مرة واحدة فقط. أخبرته ابنته أنها التقطت فيروس كورونا.

قابلتها لخمس دقائق فقط وكانت تبكي طوال الوقت. سألت عن ابنتها وطلبت أيضا ملابس جديدة. كانت ترتدي فستانا خفيفا فقط ولم تبدو بخير. قالت إن النساء الأخريات اللواتي أُعِدنَ ليس معهن شيء. قالت إنها ونساء أخريات التقطن فيروس كورونا، لكنها لا تعرف أين حصل ذلك. أخبرتني أيضا أن السلطات تحتجز النساء اللواتي لديهن كورونا معا في غرفة واحدة.

أضاف إن ابنته استُجوِبت من قبل فرقة مكافحة الإرهاب بالقرجاني، لكن ليس لديها محام لأن الأسرة لا تستطيع دفع الأتعاب. لم يعرف تحديدا ما هي الجرائم التي تتهمها السلطات بأنها ارتكبتها.

الشهادة رقم 3

قال شقيق امرأة أعيدت إلى تونس في 11 مارس / آذار مع طفليها الصغيرين وكلاهما لم يتجاوز عمره ست سنوات، إن شقيقته كانت لا تزال طفلة عندما سافرت إلى ليبيا في 2016 مع زوجها، الذي توفي لاحقا. قال إن شقيقته مثلت أمام المحكمة جلسة واحدة على الأقل، حيث رآها لفترة وجيزة، وإنها حاليا في سجن منوبة.

لم يتمكن من زيارتها هناك ولا يعلم ما هي ظروف احتجازها. قال أيضا إنه لم يعرف ما كانت التهم الرسمية الموجهة إلى شقيقته، لكن السلطات اتهمتها "بالسفر دون جواز سفر"، وهو أمر غير قانوني في تونس.

تحدثت هيومن رايتس ووتش مع محامي هذه المرأة، الذي أكّد أن أعوان في فرقة مكافحة الإرهاب بالقرجاني استجوبوها في غيابه، رغم أنه سُمِح له بالتحدث معها لفترة وجيزة هناك. قال المحامي إنها مثُلت أمام قاضي التحقيق في "القطب القضائي لمكافحة الإرهاب" الذي لديه 14 شهرا بموجب القانون التونسي لإنهاء استجوابه. قال المحامي إن السلطات تحتجز موكلته على ما يبدو بموجب قانون مكافحة الإرهاب لعام 2015 وتم إعادة الطفلان إلى جديهما.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة