للأسف، من الشائع أن كثيرا من الدول الأقل احتراما لحقوق الإنسان، لديها دساتير هي الأكثر احتراما لها. مثلا، ضمن الدستور العراقي في عهد صدام حسين حرية التعبير، والتجمع، والدين، والخصوصية، وغيرها.
الأقل شيوعا هو عندما تقرر حكومةٌ التخلي عن كل الادعاءات باحترام حق ما من خلال شطبه من دستورها.
يبدو أن ذلك ما قامت به السلطات الجزائرية بالضبط من خلال شطب الحق في حرية المعتقد من الدستور الذي تبنته في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حق كان أساسي في كل دستور منذ أن حصلت الجزائر على استقلالها عام 1962.
يبقي الدستور الجديد على حق "ممارسة العبادات". بحسب المقاربة الجزائرية لهذه المسألة، يتمتع الجزائريون بحرية اعتناق الديانات غير الإسلامية - رغم أن الأقلية البروتستانتية الصغيرة في البلاد تواجه التمييز منذ فترة طويلة في القانون والممارسة.
يشمل الحق في كل من حرية الدين والمعتقد بموجب القانون الدولي أكثر من ذلك بكثير. يؤكد الحق على حرية الناس في اعتناق المذاهب غير التقليدية، وينطبق ذلك أيضا على ممارسة الإسلام، دين الدولة الجزائرية. أما حرية المعتقد، فتحمي حق الناس في أن يعلنوا أنهم علمانيون مسلمون، أو ملحدون، أو لاأدْريون، وصوْم رمضان من عدمه دون محاكمة.
يجب أن تحمي هذه الحقوق الأحمديين الجزائريين، البالغ عددهم ألفين. إذ يعرّف الأحمديون أنفسهم بأنهم مسلمون، لكن طالما وصفتهم السلطات بأنهم فئة ضالّة وحاكمت عشرات بتهمة "الاستهزاء بالمعلوم من الدين بالضرورة أو شعائر الإسلام"، من بين تهم أخرى.
يجب أن تحمي حرية المعتقد أشخاصا مثل ياسين مباركي، وهو "مناضل من أجل الإسلام العلماني"، كما يصف نفسه. يقضي مباركي حاليا عقوبة بالسجن لمدة عام بعد أن أيّدت محكمة الاستئناف، في 25 نوفمبر/تشرين الثاني، تهمة "الاستهزاء بالمعلوم من الدين" بحقه، من تهم بين أخرى.
حذفُ هذا الحق من الدستور لا يلغي واجب الجزائر الدولي في احترامه. لكن يمكن أن يزيد ذلك من صعوبة ضمان حمايته داخل البلاد.
في 25 فبراير/شباط، سيمثل الباحث سعيد جاب الخير أمام محكمة ابتدائية في الجزائر العاصمة بموجب شكوى قدمها مواطنون عاديون بسبب كتاباته النقدية للإسلام.
بينما قال جاب الخير لـ هيومن رايتس ووتش إنه يعتقد أن إسقاط حرية العقيدة من الدستور هو تنازل للإسلاميين، فهو يعتبر أن قضيته لا تتعلق بهذا الحق بقدر ما تتعلق بحريته في التعبير عن نفسه من خلال كتاباته الأكاديمية.
التعبير والمعتقد حقان أساسيان غالبا ما يتداخلان. الواضح أن كليهما مهددان في الجزائر، واختفاء أحدهما من دستورالبلاد يثير القلق.