(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات الجزائرية زادت من محاكمات أعضاء الأقلية الدينية الأحمدية بتهم متصلة بممارستهم لدينهم. تتراوح العقوبات من الغرامات إلى السجن لسنة.
تلقت هيومن رايتس ووتش معلومات تفيد بأنه في ديسمبر/كانون الأول 2017 وحده، كان هناك 8 محاكمات جديدة على الأقل في الجزائر تضم ما لا يقل عن 50 مُدعى عليهم من الأحمديين. منذ حزيران/يونيو 2016، واجه 266 أحمديا اتهامات، وتعرض بعضهم لأكثر من محاكمة. قال رئيس جماعة الأحمدية في الجزائر محمد فالي لـ هيومن رايتس ووتش إنه من المقرر إجراء 4 محاكمات جديدة في وقت لاحق من يناير/كانون الثاني 2018.
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "تواصل السلطات الجزائرية اضطهادها الشديد لهذه الأقلية، فقط لممارسة حريتها الدينية، على ما يبدو".
تقول الجماعة إن الأحمدية تأسست في الهند عام 1889 على يد ميرزا غلام أحمد وأنهم مسلمون. يُقدّر عدد أتباعها في الجزائر بحدود ألفي شخص.
شوه المسؤولون الجزائريون سمعة الأحمديين في أكثر من مناسبة. في أكتوبر/تشرين الأول 2016، وصف وزير الشؤون الدينية والأوقاف، محمد عيسى، الوجود الأحمدي في الجزائر كجزء من "الغزو الطائفي المتعمد"، وأعلن قيام الحكومة بتوجيه اتهامات جنائية ضد الأحمديين "لوقف تحريفهم لتعاليم الدين". في فبراير/شباط 2017، صرح بأن الأحمدية يضرون بأساس الإسلام نفسه.
في نيسان/أبريل، قال أحمد أويحي، مدير ديوان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، حينئذ، إنه "لا توجد حقوق إنسان أو حرية دين" في مسألة الأحمديين، لأن "الجزائر بلد مسلم منذ 14 قرنا". دعا الجزائريين إلى "حماية البلاد من الطائفتين الشيعية والأحمدية".
تقاضي السلطات 266 أحمديا بموجب تهمة أو أكثر مما يلي: الاستهزاء بالمعلوم من الدين بالضرورة أو شعائر الإسلام، ويُعاقب عليها بالسجن من 3 إلى 5 سنوات وغرامة بحد أقصى 100 ألف دينار جزائري (908$)، بموجب المادة 144 من قانون العقوبات؛ المشاركة في جمعية غير مرخصة بموجب المادة 46 من قانون الجمعيات، ويُعاقب عليها بالحبس من 3 إلى 6 أشهر وغرامة 100 ألف إلى 300 ألف دينار؛ جمع تبرعات دون رخصة، بموجب المادتين 1 و8 من الأمر رقم 03-77 لعام 1977 المتعلق بجمع التبرعات؛ إقامة شعائر في أماكن غير مرخصة، بموجب المواد 7 و12 و13 من الأمر 06-03 المحدد لشروط وقواعد ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين؛ وحيازة وتوزيع وثائق من مصادر أجنبية تضر بالمصلحة الوطنية، بموجب المادة 96 (معدلة) من قانون العقوبات، ويُعاقب عليها بالسجن بحد أقصى 3 سنوات.
في 11 ديسمبر/كانون الأول حكمت المحكمة الابتدائية في عين مليلة على كريم حجاز (37 عاما) اوهو طبيب غيابيا بالسجن سنة واحدة وغرامة قدرها 20 ألف دينار (175$) بتهم جمع التبرعات دون ترخيص والعبادة في أماكن غير مصرح بها. لا يزال حجاز طليقا ريثما تُعاد محاكمته. على حجاز أيضا حكمي سجن من محكمتي لارباع وسطيف الابتدائيتين، بتهم تتعلق بإيمانه الديني. في قضية عين مليلة، حُكم على 10 متهمين آخرين بالسجن مدد تتراوح بين 3 و6 أشهر.
قال فالي، الذي تم القبض عليه ومحاكمته في 6 قضايا منفصلة في عامي 2016 و2017، وقضى 3 أشهر في سجن الشلف في عام 2017، إنه كان يُحاكم أمام محكمة في القليعة منذ ديسمبر/كانون الأول. كما يُحاكم في قضية أخرى جلستها كانت في 28 ديسمبر/كانون الأول أمام محكمة بوفاريك الابتدائية بتهمة تشويه سمعة الإسلام، والانتماء لجمعية غير مرخصة، وامتلاك وثائق تضر بالمصلحة الوطنية.
قال و.م.، 34 عاما، مهندس تكنولوجيا المعلومات، لا يريد الكشف عن اسمه، إنه اعتقل لأول مرة في حاسي مسعود في 20 فبراير/شباط 2017. قال إن رجال الدرك فتشوا مكتبه وصادروا كتبا عن الأحمديين. أخذوه للاستجواب لدى الدرك وأفرجوا عنه في وقت متأخر من تلك الليلة. قال إن محكمة حاسي مسعود الأولى أدانته بتهمة تشويه سمعة الإسلام والانتماء لجمعية غير مرخصة وامتلاك وثائق تضر بالمصلحة الوطنية والعبادة في أماكن غير مرخصة. حكمت عليه في 28 أكتوبر/تشرين الأول بالسجن 6 أشهر وغرامة 300 ألف دينار (2,600$). وقام باستئناف إدانته.
في 2 أبريل/نيسان 2017، عندما كان و.م. في منزله، قام رجال الدرك بتفتيش منزله وأخبروه وزوجته، وهي أيضا أحمدية، بالحضور للاستجواب. في القضية الثانية، حكمت عليه المحكمة الابتدائية في بومرداس، في 17 ديسمبر/كانون الأول، بالسجن سنة مع وقف التنفيذ وبغرامة مالية قدرها 50 ألف دينار (437$) بتهم مماثلة لحالة حاسي مسعود. قال إنه تلقى استدعاءات للظهور في قضية ثالثة، مع فالي، في بوفاريك. لا يزالا في انتظار الحكم.
خلال استعراضها الدوري الشامل الثالث في "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة"، في 8 مايو/أيار، لم تقبل الجزائر العديد من التوصيات التي دعت سلطاتها إلى إيقاف اعتقال وتشويه سمعه الأحمديين. في ردها على ملاحظات وتوصيات البلدان الأخرى، نفت الجزائر أنها "لاحقت الأحمديين لإيمانهم، بل لخرقهم القانون، حيث أنه لا يوجد سجناء رأي في الجزائر أو أشخاص مضطهدين لمعتقداتهم".
لكن تفسير القاضي في قضية عين مليلة، على غرار بعض الأحكام السابقة ضد الأحمديين التي راجعتها هيومن رايتس ووتش في تقرير سبتمبر/أيلول 2017، يدل على أن المحكمة أدانتهم بتهم تتعلق بإيمانهم.
يقول الحكم، "يبدو أن جماعة تابعة للطائفة الأحمدية تشكلت في عين مليلة وتعمل على نشر عقائد دخيلة عن ديننا الحنيف... وهي حركة من الحركات الهدامة التي ظاهرها مبادئ وشعائر دينية وباطنها استراتيجيات وأجندات أجنبية ومخططات مستقبلية الغرض منها تفكيك البلاد وزعزعة استقرارها وأمنها". لم يحدد الحكم كيف كان المتهمون يعرضون أمن الجزائر للخطر.
بموجب "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" (العهد الدولي) الذي صادقت عليه الجزائر، على الدول ضمان حق كل إنسان على أراضيها في حرية المعتقد الديني والفكر والوجدان، لا سيما الأقليات الدينية. يشمل هذا الحق حرية إقامة الشعائر الدينية والتعبد إما فرادى أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة. يكفل دستور الجزائر حرية المعتقد لكنه ينص على أن "حرية ممارسة العبادة مضمونة في ظل احترام القانون".