في الدول الناطقة باللغة العربية، غالبا ما تدفع رقابة الدولة والوصمة المجتمعية الملازمة للمثليين/ات، ومزدوجي/ات التوجه الجنسي ومتغيري/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم)، صناع الأفلام العرب الكويريين/ات الموهوبين/ات إلى عرض أفلامهم/هن في الخارج بدل أوطانهم/هن. علاوة على ذلك، حين يتم تصوير هويات مجتمع الميم في الإعلام، غالبا ما تقع هذه الصور في فخ النظرة الأحادية. نادرا ما يتمكن الأشخاص الكويريون والترانس من تصوير حياتهم/هن وتجاربهم/هن خارج الصور النمطية.
رغم ذلك، هناك مهرجان سينمائي كويري إقليمي واحد يتحدى هذه الرواية المبسطة.
خلال "شهر الفخر" العام الماضي، أطلقت "سينما الفؤاد"، المسماة على اسم أول فيلم كويري أُنتِج في لبنان، أول مهرجان للأفلام الكويرية على الإطلاق في بيروت. المهرجان الرائد الذي نال إقبالا جماهيريا كبيرا، قدم مجموعة أعمال لصناع أفلام كويريين/ات عرب، تتحدى الأفكار القِيَميّة السائدة حول الجنس والجنسانية (الجندر) وأضاء على الهويات الكويرية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
شاركت "هيومن رايتس ووتش" سينما الفؤاد في تنظيم المهرجان، وفي الوقت نفسه إطلاق حملتنا الخاصة "مواجهة الخرافات: أصوات مجتمع الميم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".
بسبب انتشار فيروس "كورونا"، وخلال شهر الفخر هذه السنة، نظّمت سينما الفؤاد بالتعاون مع "مهرجان موجودين للأفلام الكويرية" في تونس، ومنصة "جيم" للإنتاج حول الجنس والجنسانية، برنامجا مجانيا متاحا على الإنترنت فقط بعنوان "حب وهوية في السينما العربية". تُعرض الأفلام على منصة أفلامنا التي أنشأتها "بيروت دي سي" وتتضمن ستة أفلام لفنانين/ات كويريين/ات عرب تعالج مسائل الوصمة، والظلم، والمنفى، والتمثيل، والهجرة، والحسرة والحب. أهدى المنظمون/ات البرنامج إلى سارة حجازي، الناشطة الكويرية المصرية الشجاعة التي توفّيت هذا الشهر، بعد ما عانته من انتهاكات وتعذيب في السجون المصرية.
تقدم الأفلام نظرة دقيقة على الحياة اليومية لأشخاص يرفضون ويرفضن الامتثال ويعترضون على محاولات تكميم أفواههم وتعبيرهم الفني. في منطقة حيث يُلحِق تجريم العلاقات الجنسية بين أشخاص من نفس الجنس والتعبير الجندري غير المعياري ضررا كبيرا بالفن والنشاط [الحقوقي]، يُصبح عمل الفنانين/ات الكويريين/ات من لبنان، والمغرب، وتونس الذين/اللواتي يتحدون/يتحدَّين الوضع القائم، ردّا واضحا على الحكومات التي تدّعي أن هويات مجتمع الميم غير موجودة وأنها "مستوردة من الغرب".
بينما نواصل مواجهتنا للأنظمة القمعية التي تجعل من قضايا الجندر والجنس محرّمات، يقدم مهرجان أفلامنا إضاءة ضرورية جدا على حقائق نادرا ما نراها في الإعلام العربي، ويُذكّر مجتمع الميم أن قصص أفراده غير منسية، رغم كل الصعاب.