Skip to main content

في لبنان، مساعدات "كورونا" يجب أن تشمل الأكثر ضعفا، بمن فيهم "مجتمع الميم"

نُشر في: The New Arab
عبارة "حقوق مجتمع الميم" بالإنغليزية مكتوبة على الحائط في موقع احتجاجات في وسط بيروت، 22 ديسمبر/كانون الأول 2019. © 2019 مروان طحطح لـ هيومن رايتس ووتش
 

اعتاد المثليون/ات ومزدوجو/ات التوجه الجنسي ومتغيرو/ات النوع الاجتماعي )مجتمع الميم( في لبنان على إيجاد استراتيجيات مبتكرة للتعامل مع الأزمات ومكافحة القمع الذي ترعاه الدولة، كتجاوز التمييز في التوظيف، وتطوير شبكات آمنة للقدرة على البقاء.

ثم ظهر فيروس "كورونا".

كان لبنان يعاني من أسوأ أزماته الاقتصادية منذ نهاية الحرب الأهلية عام 1990، وتراجع قيمة الليرة بنحو 50%، ومعدلات التضخم التي تحلّق. تفشي فيروس "كورونا" يضاعف أثر التدهور الاقتصادي على المجموعات المهمّشة، بما فيها مجتمع الميم. حوّل الإغلاق الوضع الاقتصادي، الوخيم أصلا، ليكون له نتائج مدمرة على الكثيرين. بالنسبة لمجتمع الميم، لم تعد استراتيجيات المواجهة المعتادة قابلة للتطبيق، وعلى الحكومة اللبنانية التصرف بسرعة لحمايتهم وحماية الآخرين الأكثر ضعفا.

يواجه عديد من أفراد مجتمع الميم في لبنان تمييزا في التوظيف على أساس تعبيرهم الجندري أو توجههم الجنسي، دون حماية قانونية ضد التمييز. مع تبني إجراءات "التباعد الاجتماعي" وارتفاع معدلات البطالة، لا يستطيع بعض أفراد مجتم الميم الذين يشغلون وظائف منخفضة الدخل في القطاع غير الرسمي، والمبيعات، والخدمات، والعمل الحر أداء وظائفهم/ن عن بعد، وأصبحوا/ن عاطلين/ات عن العمل. قد يفقد آخرون مصادر رزقهم بينما تكافح الشركات للبقاء.

معظم الشركات في لبنان تديرها عائلات. بسبب الرفض العائلي، غالبا ما يفتقر أفراد مجتمع الميم إلى الروابط العائلية أو "الواسطة"، المهمة في سوق العمل. بالنسبة لعابري/ات النوع الاجتماعي، الافتقار إلى وثائق الهوية التي تتطابق مع تعبيرهم/ن الجندري يمنعهم/ن أصلا من خوض سوق العمل. بسبب الوصمة الاجتماعية والعنف من قبل قوات الأمن، يفضّل عديد من عابري/ات النوع الاجتماعي الخروج ليلا والاعتماد بشكل أساسي على خدمات التوصيل، التي تضاءلت بسبب الإغلاق، لتأمين احتياجاتهم/ن.

نظام الحماية الاجتماعية في لبنان غير كاف على الإطلاق، مع انعدام الخدمات الأساسية. يؤدي ذلك إلى انعدام صارخ للمساواة اجتماعية، معزز بشبكات الزبائنية والمحسوبية، مع سيطرة الأحزاب السياسية على الخدمات وتقديمها لمؤيديها. غالبا ما يُستبعد أفراد مجتمع الميم من المجتمعات التي توفر علاقات سياسية والحصول على هذه الخدمات.

تاريخيا، في أوقات الأزمات، تصبح العلاقات الأسرية والاجتماعية في لبنان ذات أهمية قصوى من أجل البقاء. لكن عديدا من العائلات ترفض أفراد مجتمع الميم الذين غالبا ما يتعرضون للعنف الأسري أو يضطرون إلى مغادرة المنزل. العيش في مجتمع مترابط يعني أن رفض الأسرة يمكن أن يؤدي إلى النبذ من قبل العائلة الأوسع أو الأحياء أو حتى بلدات بأكملها. يضطر أفراد مجتمع الميم الذين لا يستفيدون من شبكات الأمان العائلي أو المجتمعي إلى البحث في مكان آخر.

قبل أزمة فيروس كورونا، كانت المنظمات والمراكز المجتمعية التي تعنى بمجتمع الميم في لبنان شريان الحياة لبعضهم/ن، الذين كانوا يعتمدون على خدماتها، بما فيها المساعدات النقدية الصغيرة، والدعم النفسي-الاجتماعي، وخدمات الصحة العقلية. الأزمة الاقتصادية كانت أصلا ترهق هذه المنظمات، ومع إجراءات الإغلاق تضاءلت هذه الخدمات بشكل كبير. لم يعد بإمكان أفراد مجتمع الميم الذين قدّموا في السابق الدعم للآخرين المحتاجين، بما في ذلك السكن المؤقت، تقديم نفس المستويات من المساعدة بسبب الأزمة الاقتصادية العنيفة وضرورة التباعد الاجتماعي. لذا، على السلطات اللبنانية دعم المجموعات التي تساعد مجتمعات الميم.

كان أفراد مجتمع الميم في لبنان يواجهون أصلا تهميشا هيكليا قبل الأزمة الاقتصادية وأزمة كورونا، وما لم تعالج الحكومة نقاط ضعفهم وتحميهم من التمييز، فقد تكون النتيجة كارثية. قدّرت وزارة المالية أن التضخم سيصل إلى 27 % العام 2020، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أسعار الأساسيات مثل الغذاء والدواء. حذّرت هيومن رايتس ووتش من أن أكثر من مليون من سكان لبنان مهددون بالجوع بسبب إجراءات الإغلاق لمواجهة الوباء العالمي.

في 1 أبريل/نيسان، أعلن مجلس الوزراء أنه سيوزع 400 ألف ليرة لبنانية (حوالي 150 دولار بحسب الأسعار الحالية في السوق) على العائلات الأكثر فقرا. مع ذلك، المساعدة غير كافية ولا توجد معايير شفافة لتقييم الحاجة. من المرجح أن تعطي الإغاثة الأولوية للعائلات، ما قد يستبعد فعليا العديد من أفراد مجتمع الميم.

 في 8 أبريل/نيسان، أعلن وزير الشؤون الاجتماعية تفاصيل خطة الإغاثة الاقتصادية، وقال للعائلات التي تريد مساعدات أن تتقدم بطلب عبر البلديات والمخاتير. تخضع هذه القنوات لتوزيع المساعدات لخطر التلاعب من قبل الأحزاب السياسية، ما يعزز شبكات المحسوبية التي تستبعد مجتمع الميم في كثير من الأحيان، ولا تصل إلى من هم في أمسّ الحاجة إليها. يجب أن توضح السلطات اللبنانية المعايير التي ينبغي أن يتقدم الناس من خلالها للحصول على المساعدة المالية في إطار هذا البرنامج.

يتأثر أفراد مجتمع الميم بالأزمات بصمت في جميع أنحاء العالم. في لبنان، التجريم وفجوة البيانات يعنيان عدم معالجة نقاط الضعف لدى مجتمع الميم. على لبنان الالتزام بسد هذه الفجوات واستخدام أي مساعدة طارئة دولية لتوسيع برنامج الطوارئ الجديد ليشمل المحتاجين، بمن فيهم أفراد مجتمع الميم. مع عدم وضوح نهاية الأزمة، ووجود منظومات كاملة على حافة الانهيار، على الحكومة البدء في بناء مجتمع شامل واقتصاد قادر على الصمود يعالج احتياجات الأشخاص الأكثر تضررا.

جمعت انتفاضة لبنان في 17 أكتوبر/تشرين الأول ضد الفساد المتفشي والوضع الاقتصادي المتردي جميع فئات المجتمع في دعوة موحدة للكرامة والمساواة. كان أفراد مجتمع الميم وحقوقهم/ن في المقدمة والمركز، مع وجودهم/ن في الاحتجاجات، ما حذّر الحكومة أن الإصلاح الاجتماعي-الاقتصادي والقانوني يجب أن يشمل الفئات المهمشة، بما فيها مجتمع الميم.

استجابة الإغاثة لمواجهة فيروس كورونا في لبنان هي اختبار لمعرفة ما إذا كانت الحكومة استمعت لهذه المطالب.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.