Skip to main content
تبرعوا الآن

ليبيا: المحتجزون عرضة لخطر انتشار فيروس "كورونا"

ينبغي ضمان الرعاية الطبية وخفض عدد المحتجزين

شرطيان يقفان وسط الطريق خلال حظر تجوّل فُرِض ضمن التدابير الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا المستجد، في مصراتة، ليبيا في 22 مارس/آذار 2020.  © 2020 رويترز/أيمن الساحلي
 

(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إنه مع تأكيد السلطات الليبية ثلاث إصابات بفيروس "كورونا" الجديد في البلاد حتى 28 مارس/آذار 2020، ينبغي لها الاستعداد للحد من انتشار الفيروس في مراكز الاعتقال وملاجئ النازحين المكتظة.

تضرّر نظام الرعاية الصحية الليبي، إلى جانب الخدمات العامة الأخرى، بسبب النزاعات المسلحة المتقطعة والانقسامات السياسية منذ 2011.

قالت حنان صلاح، باحثة أولى في شؤون ليبيا في هيومن رايتس ووتش: "إذا انتشرت جائحة كورونا في ليبيا، لن يتمكن نظام الرعاية الصحية في البلاد من التعامل مع أعداد كبيرة من المرضى. ينبغي أن تتضمن الاستعدادات الليبية خططا لحماية ورعاية الجميع، بمن فيهم الفئات المضيفة، بما يشمل المحتجزين أو النازحين في الملاجئ".

من بين الإجراءات التي ينبغي للسلطات تنفيذها خفض عدد المحتجزين من خلال الإفراج عن الأشخاص المحتجزين ظلما أو تعسفا. ينبغي الإفراج عن المحتجزين تعسفا لفترات طويلة دون تهم أو محاكمات، وكذلك عن المهاجرين وطالبي اللجوء المحتجزين فقط بسبب وضعهم كمهاجرين. على السلطات أيضا النظر في إطلاق سراح الأطفال، ومرتكبي الجرائم البسيطة وغير العنيفة، والأشخاص الذين قضوا معظم عقوباتهم.

قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي تقديم بدائل عن الاحتجاز للمحتجزين الأكثر عرضة للخطر، مثل كبار السن وذوي الإعاقة الذين تُعرضهم إعاقاتهم لخطر العدوى، والأشخاص الذين لديهم حالات مرضية مسبقة.

ينبغ للسلطات الإفراج عن أطفال وزوجات المقاتلين المشتبه بانتمائهم إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" (المعروف أيضا بـ داعش)، المحتجزين في سجن الكلية الجوية بمصراتة وسجن معيتيقة في طرابلس ولم يُتهموا بارتكاب جرائم. بالنسبة إلى غير الليبيين، على الحكومات الأجنبية إعادة مواطنيها الذين ما زالوا عالقين في ليبيا في ظروف قاسية.

في 28 مارس/آذار، أصدرت وزارة العدل التابعة لـ "حكومة الوفاق الوطني"، إحدى السلطتين المتنافستين في ليبيا، قرارا بالإفراج عن 466 سجينا من سجون طرابلس التي تسيطر عليها وزارة العدل لتقليص الاكتظاظ. ستشمل القائمة المحبوسين احتياطيا والمحتجزين الذين يستوفون قواعد الإفراج المشروط.

قالت هيومن رايتس ووتش إنه على الرغم من أن الإفراج عن بعض المحتجزين في طرابلس سيكون خطوة أولى إيجابية، ينبغي للسلطات بذل المزيد من الجهود للتخفيف من مخاطر تفشي فيروس كورونا الجديد.

دعت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت في 25 مارس/آذار جميع الحكومات إلى "العمل بسرعة لتخفف من عدد المحتجزين" لتقليص خطر فيروس كورونا "الذي يهدد بالانتشار بين سكان هذه المؤسسات الأكثر عرضة للخطر".

دعت "بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا" إلى "هدنة إنسانية" في النزاع المسلح للسماح للسلطات بالتصدي للجائحة، وفي 24 مارس/آذار حثّت البعثة السلطات في جميع أنحاء ليبيا على "إطلاق سراح  جميع السجناء المحتجزين احتجازا تعسفيا، والنظر في الإفراج عن السجناء في الحبس الاحتياطي، ولا سيما النساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة والمهاجرين واللاجئين".

وفقا لـ "مؤشر الأمن الصحي العالمي" لعام 2019، كانت ليبيا من بين الدول الأقل استعدادا لمنع الأزمات الصحية أو الكشف عنها أو الاستجابة لها. في تقرير مارس/آذار 2020، وضع المؤشر ليبيا بين 27 دولة من أصل 195 كانت "الأكثر تعرضا لتفشي الأمراض الناشئة".

لا يزال الحكم في ليبيا مقسما بين كيانين منخرطين في نزاع مسلح منذ أبريل/نيسان 2019: "حكومة الوفاق الوطني" المعترف بها دوليا ومقرها طرابلس، و"الحكومة المؤقتة" المنافسة المتمركزة في شرق ليبيا والمرتبطة بالجماعة المسلحة المتمركزة في الشرق، "القوات المسلحة العربية الليبية"، المعروفة سابقا بـ "الجيش الوطني الليبي".

تقدّر "الأمم المتحدة" أن النزاع الحالي في طرابلس قتل مئات المدنيين وشرّد أكثر من 150 ألفا، يعيش بعضهم في ملاجئ مزدحمة وغير صحية، وغير قادرين على العودة إلى منازلهم. قدرت "المنظمة الدولية للهجرة" أنه حتى ديسمبر/كانون الأول 2019، ظلّ ما مجموعه 355,672  شخصا مشردين داخليا في ليبيا.

على السلطات الاستعداد لمنع انتشار الفيروس أو احتوائه في مثل هذه الأماكن، وعزل الأشخاص الذين لديهم أعراض الفيروس، أو كانت نتيجة اختباره إيجابية، وكذلك جميع الذين تواصلوا معهم عن كثب. ينبغي أن يحصل أي شخص يمرض أثناء وجوده في الحجز على رعاية طبية.  على مراكز الاحتجاز تنفيذ تباعد اجتماعي صارم لمنع انتقال العدوى، والسماح بمسافة بستة أقدام في صفوف المحتجزين والموظفين، بما فيه أثناء الوجبات وفي الزنازين والمساحات المشتركة. ينبغي أن يحصل الموظفون والسجناء على التدريبات واللوازم الصحية المناسبة واختبارات الفيروس، بالإضافة إلى خدمات الصحة العقلية. ينبغي أن تستند تدابير منع انتشار الأمراض المعدية في أماكن الحبس إلى أحدث الإرشادات الدولية وألا تكون عقابية.

على السلطات التأكد من أن الأفراد الذين أفرِج عنهم أو مُنحوا الإفراج تحت الرقابة لديهم إمكانية الوصول إلى أماكن الإقامة والرعاية الصحية المناسبة. ينبغي ألا تقوّض شروط الإفراج أهداف الصحة العامة، مثل مطالبة الأشخاص المفرج عنهم بالسفر لتسجيل حضورهم.

آلاف الليبيين محتجزون تعسفيا ولمدد طويلة بلا تهم في جميع أنحاء البلاد من قبل وزارات الداخلية والدفاع والعدل التابعة للسلطتين المتناحرتين، ويواجهون الضرب والظروف المكتظة وسوء الصرف الصحي والنظافة.

على السلطات إيجاد بدائل عن الاحتجاز لعدة آلاف من المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين - بمن فيهم الأطفال غير المصحوبين بذويهم - المحتجزين تعسفا لدى وزارتي الداخلية في السلطتين المتنافستين. يعاني المحتجزون غالبا ظروفا مروعة، بما فيه عدم كفاية الطعام والمياه ولوازم الصرف الصحي والرعاية الصحية.

قالت هيومن رايتس ووتش إنه بينما أعلنت السلطات الليبية في الشرق والغرب عن بعض الإجراءات لمكافحة التفشي المحتمل في الأراضي الخاضعة لسيطرتها، لا تعالج هذه الإجراءات المخاطر التي تواجه الليبيين الذين نزحوا داخليا بسبب النزاع الدائر، والذين يعيشون في ملاجئ مزدحمة.

في طرابلس والمنطقة المحيطة بها، يعيش بعض النازحين داخليا في مبان غير مكتملة لا تزال قيد الإنشاء ومراكز جماعية ومدارس تنظمها المجتمعات المحلية. غالبا ما تفتقر هذه الملاجئ إلى خدمات الصرف الصحي الكافية والمياه الآمنة وإدارة النفايات الصلبة.

في طرابلس، فرضت حكومة الوفاق الوطني في 22 مارس/آذار حظر التجول لأجل غير مسمى من الساعة 6 مساء حتى الساعة 6 صباحا، مع استثناءات للموظفين الطبيين. مطار معيتيقة، المطار الوحيد المستخدم حاليا لحركة النقل الجوي التجاري في طرابلس، علّق جميع الرحلات الداخلية والخارجية في 16 مارس/آذار.

في بيان في 15 مارس/آذار، أعلن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فايز السراج، عن إجراءات طارئة نافذة المفعول في اليوم التالي، للحيلولة دون تفشي الجائحة في البلاد. شملت إغلاق جميع نقاط الدخول إلى ليبيا لثلاثة أسابيع، وتعطيل جميع المدارس ومؤسسات التعليم العالي، وتعليق جميع الفعاليات بما فيها الفعاليات الرياضية، وإغلاق المطاعم والمقاهي ابتداء من الساعة الرابعة من بعد ظهر كل يوم، ودعوة السلطات الدينية لأمر الناس بالصلاة في المنزل، وتشكيل فريق استجابة للأزمات للمساعدة في التواصل بين الناس والمرافق الصحية.

في الشرق، أعلنت السلطات في 23 مارس/آذار حظر التجول يوميا من الساعة 3 بعد الظهر حتى الساعة 7 صباحا في جميع المناطق الخاضعة لسيطرة القوات المسلحة العربية الليبية، ومن بينها المدن الشرقية، ومدينة سبها في الجنوب وصبراتة على الساحل الغربي. في 22 مارس/آذار، علّق مطار بنينا، وهو المطار الرئيسي في الشرق، جميع الرحلات الداخلية والخارجية لثلاثة أسابيع.

يكفل "القانون الدولي لحقوق الإنسان" لكل شخص الحق في أعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه، ويُلزم الحكومات باتخاذ خطوات لمنع التهديدات للصحة العامة وتوفير الرعاية الطبية لمن يحتاجها. يقر أيضا بأنه خلال التهديدات الخطيرة للصحة العامة، يمكن تبرير القيود على بعض الحقوق عندما يكون لها أساس قانوني. وتكون ضرورية للغاية، بناء على أدلة علمية، ولا يكون تطبيقها تعسفيا ولا تمييزيا، ومحدودة المدة، وتحترم كرامة الإنسان، وتخضع للمراجعة، ومتناسبة. الدول ملزمة أيضا بضمان الرعاية الطبية للمحتجزين لديها، على أن تكون مساوية على الأقل للرعاية المتاحة لعامة للناس، وينبغي ألا تحرم المحتجزين، بمن فيهم طالبي اللجوء أو المهاجرين الذين لا يحملون وثائق، من الحصول على الرعاية الصحية على قدم المساواة.

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة