(عمّان) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن الحكومة الأردنية أعلنت حالة الطوارئ في إطار سلسلة إجراءات للحد من انتشار "فيروس كورونا" (COVID-19). في 17 مارس/آذار 2020، أصدر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مرسوما ملكيا بتفعيل "قانون الدفاع لعام 1992" الذي يمنح رئيس الوزراء سلطات واسعة لتقييد الحقوق الأساسية. لكن رئيس الوزراء عمر الرزاز تعهد بتطبيقه "في أضيق الحدود" وذكر أنه لن يمسّ الحقوق السياسية أو حرية التعبير أو الملكيات الخاصة.
بحسب وزارة الصحة، سجل الأردن 69 إصابة بفيروس كورونا المستجد حتى 19 مارس/آذار، لكنّ الحكومة فرضت مسبقا سلسلة من القيود الاستباقية. أغلقت الحكومة الحدود البرية والجوية للبلاد، وحجزت 34 فندقا لتحويلها إلى مراكز للحجر الصحي، وحظرت التجمعات التي تضم عشرة أشخاص أو أكثر، وأغلقت المؤسسات والمكاتب العامة والخاصة، باستثناء قطاع الصحة والخدمات الأساسية. لم تفرض الحكومة حظر تجوّل لكنها حثّت المواطنين على عدم مغادرة منازلهم إلا للحالات الطارئة وتأمين الاحتياجات الأساسية.
قال مايكل بَيْج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "على السلطات الأردنية الوفاء بالتزامها بعدم الانتقاص من الحقوق الأساسية في ظل حالة الطوارئ وضمان أن تكون جميع الإجراءات المتخذة ضرورية ومتناسبة مع التهديد الذي تفرضه الجائحة. الاختبار الحقيقي لأي دولة يكمن في طريقة تعاملها مع مواطنيها في أوقات الأزمات".
بموجب قانون الدفاع لعام 1992، يجوز لرئيس الوزراء إعلان حالة الطوارئ استجابة لظروف استثنائية تهدد الأمن الوطني أو السلامة العامة، بما في ذلك انتشار آفة أو وباء. يمنح القانون رئيس الوزراء صلاحية وضع قيود على بعض الحقوق، مثل حرية التعبير والتنقل، ويبدو أنه لا يتضمن حدودا زمنية لذلك.
يجوز لرئيس الوزراء إصدار أوامر بتقييد التنقل، ومنع التجمعات العامة، واعتقال أي شخص يشكل خطرا على "الأمن الوطني أو النظام العام" بنظر الحكومة. يمكنه أيضا مصادرة أي أرض أو ممتلكات خاصة أو شخصية، بما فيه الأموال. يسمح القانون أيضا للحكومة بمراقبة محتوى الصحف والإعلانات ووسائط التواصل الأخرى قبل نشره، وبالرقابة على الوسائل الإعلامية وإغلاقها دونما تبرير. يُعاقَب من يُخالف قانون الدفاع، بالسجن حتى ثلاث سنوات، أو بغرامة قدرها 3 آلاف دينار أردني (4,200 دولار أمريكي) أو العقوبتين معا.
يسمح "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الذي صدق عليه الأردن عام 1975، للدول "في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تتهدد حياة الأمة" بتبني قيود استثنائية ومؤقتة على بعض الحقوق لا يمكن السماح بتبنيها في ظروف أخرى. إلا أن تلك الإجراءات يجب أن تُتخذ "في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع". قالت "لجنة حقوق الإنسان الأممية"، المعنية بتفسير العهد، إن الوضع يقتضي من الدول الأطراف "تقديم تبرير حريص لا لقرارها بإعلان حالة الطوارئ وحسب، بل أيضاً لأي إجراء محدد استند إلى هذا الإعلان". شددت اللجنة على أن هذه الإجراءات "ذات طبيعة استثنائية ومؤقتة ولا يجوز أن تدوم إلا بقدر دوام التهديد الموجه لحياة الأمة المعنية".
قالت هيومن رايتس ووتش إن بعض حقوق الإنسان الأساسية لا تقبل التقييد حتى في أوقات الطوارئ. من بينها الحق في الحياة، والحظر المفروض على التعذيب وإساءة المعاملة، وحظر التمييز، وحرية المعتقد، علاوة على الحق في المحاكمة العادلة وفي عدم التعرض للاحتجاز التعسفي، والحق في المراجعة القضائية للاحتجاز. ينبغي ألا ينطوي أي إجراء معمول به أثناء حالة الطوارئ على تمييز يكون مبرره الوحيد هو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي.
بالإضافة إلى القيود المفروضة لمنع انتشار الفيروس، ذكرت الحكومة أيضا أنها ستنظر في اتخاذ تدابير لمكافحة التلاعب بالأسعار خلال الأزمة. أعلنت أيضا إطلاق سراح 480 موقوفا إداريا، و1,200 موقوفا رهن المحاكمة، وأجّلت سجن 3,081 شخصا معسّرا في أداء ديونه، للحد من خطر الإصابة بالعدوى في السجون. ينبغي للحكومة إطلاق سراح جميع المحتجزين الموقوفين إداريا والنظر في الإفراج المؤقت عن المحتجزين بسبب ارتكاب جرائم غير عنيفة. قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات أيضا ضمان تمتع السجناء الباقين في السجن بظروف صحية مناسبة وبإمكانية الحصول على رعاية صحية ملائمة.
جاء الإفراج عن السجناء بعد أعمال شغب حصلت في سجن باب الهوى شمال الأردن في 15 مارس/آذار، أسفرت عن مقتل سجينَيْن. قالت السلطات إن أعمال الشغب اندلعت بعد إبلاغها السجناء بتعليق الزيارات العائلية كإجراء وقائي لمنع انتشار فيروس كورونا.
قال بَيْج: "الإجراءات الجاري بحثها، مثل الإفراج المؤقت عن السجناء، ومكافحة التلاعب بالأسعار، وتخفيف أعباء الديون، ستقطع شوطا طويلا في مساعدة الأردن على تجاوز الأزمة".