(بيروت) – قال كل من "هيومن رايتس ووتش" و"معهد البحرين للحقوق والديمقراطية" (معهد البحرين) اليوم إنه ينبغي للسلطات البحرينية إلغاء أحكام الإعدام عقب محاكمات جائرة بحق رجلين قالا إنهما تعرضا للتعذيب. ستُصدر "محكمة التمييز"، محكمة الملاذ الأخير في البحرين، الحكم النهائي في الأسابيع المقبلة.
للمرة الثانية ستنظر محكمة التمييز في قضية حسين علي موسى ومحمد رمضان. حكمت عليهما محكمة جنائية في 29 ديسمبر/كانون الأول 2014 بالإعدام لقتلهما شرطي، بالرغم من مزاعم تعذيبهما. أكدت محكمة التمييز أحكام الإعدام في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، لكنها ألغتها في أكتوبر/تشرين الأول 2018 بعد ظهور تقرير طبي لم يُكشف عنه مسبقا ليؤيد مزاعم موسى بالتعذيب. رغم الأدلة الجديدة، أعادت "المحكمة الجنائية الاستئنافية العليا" أحكام الإدانة والإعدام في 8 يناير/كانون الثاني 2020.
قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "حُكم على موسى ورمضان مرتين بالإعدام رغم الأدلة القاطعة على أن إداناتهما بُنيت على اعترافات حُصّلت تحت التعذيب. هذه إدانة لنظام القضاء الجنائي في البحرين، وينبغي لمحكمة التمييز ألا تفوت الفرصة لتصحيح هذا الخطأ الجسيم في القضاء بإلغاء أحكام إعدامهما".
اعتقلت قوات الأمن موسى (33 عاما) في 21 فبراير/شباط 2014، ورمضان (37 عاما) في 18 فبراير/شباط 2014، بتهمة قتل شرطي وغيرها من تهم الإرهاب. زعم كلا الرجلين أن عناصر "الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية" (المباحث) عذبوهما واعتدوا عليهما جنسيا. رفض رمضان التوقيع على اعتراف، لكن موسى أخبر معهد البحرين أنه عُذب للاعتراف بالتهم الموجهة إليه وتجريم رمضان.
قال موسى لمعهد البحرين في رسالة صوتية مسجلة في 11 ديسمبر/كانون الأول 2019: "كانوا يركلونني على أعضائي التناسلية باستمرار حتى فقدت القدرة على الكلام بسبب الألم. كان شخص ما في موقع التعذيب يقول لي: 'الحكم مكتوب لدينا بالفعل، فقط قل إن محمد رمضان هو من أعطاك القنبلة، وسوف نخفف الحكم عليك إلى السجن مدى الحياة'. قررت إخبارهم بما يريدون".
كما وصف رمضان لمعهد البحرين الضرب والاعتداء الجنسي في المباحث. "أثناء استجوابي، لم يتوقف التعذيب، والضرب، والشتائم، حتى عندما كنت أجيب على أسئلتهم ... وعندما أخبرتهم عن ألم ظهري، جعلوني أستلقي على بطني وضربوني على ظهري ... كانوا يسحبون سروالي للأسفل لإظهار أعضائي التناسلية. كنت أظل في هذه الوضعية المخزية طوال فترة الاستجواب".
رغم شكاوى التعذيب من زوجة رمضان ومن المنظمة الأمريكية "أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين" (منظمة أمريكيون)، لم يحقق "مكتب الأمانة العامة التظلمات" (مكتب التظلمات) التابع لـ "وزارة الداخلية" في هذه المزاعم لمدة عامين. في أبريل/نيسان 2016، ردا على سؤال من "وزارة الخارجية" البريطانية، ادّعى كل من مكتب التظلمات و"السفارة البحرينية" في لندن أن السلطات لم تتلق أي مزاعم عن سوء المعاملة أو التعذيب بخصوص بقضية رمضان.
بعدما قدمت منظمة أمريكيون إيصالا باستلام مكتب التظلمات للشكوى الأصلية، وبعد الضغط من وزارة الخارجية البريطانية، قال مكتب التظلمات إنه سيجري "تحقيقا كاملا ومستقلا في طريقة معاملة كل من محمد رمضان وحسين موسى".
أحال مكتب التظلمات في 7 أغسطس/آب 2016 القضية إلى "وحدة التحقيق الخاصة" (وحدة التحقيق) في "النيابة العامة"، التي تحقق وتحاكم الادعاءات الجنائية المقدمة ضد الأمن أو غيره من الجهات الرسمية بسبب تعذيب المحتجزين أو إساءة معاملتهم. في 18 مارس/آذار 2018، أصدرت وحدة التحقيق تقريرها، الذي راجعته هيومن رايتس ووتش، موصية المحاكم بإعادة النظر في الأحكام الصادرة بحق موسى ورمضان في ضوء تقرير طبي كشف عنه حديثا طبيب بوزارة الداخلية لم يكن متاحا خلال المحاكمة الأولية.
أورد التقرير الطبي "إصابات" على معصمي موسى والتي "أثارت الشكوك بتعرضه لاعتداء وسوء معاملة تزامنا مع إجراءات اعتقاله، واحتجازه، واستجوابه". خلصت وحدة التحقيق إلى وجود "اشتباه في جريمة التعذيب ... والتي نُفذت بهدف إجبارهم على الاعتراف بارتكاب الجريمة المتهمين بها".
لم يؤكد التحقيق ما إذا كانت قوات الأمن عذبت موسى ورمضان، ولم يذكر منعهما من مقابلة محامياهما أثناء استجوابهما الرسمي أو قبل محاكمتهما. ذكر المحققون في التقرير أن مزاعم التعذيب "ما زالت قيد التحقيق"، لكنهم أخبروا العائلات شخصيا في 23 يناير/كانون الثاني 2020 أنهم أغلقوا التحقيق وأن الأمر في أيدي المحكمة.
بناء على طلب قدمته منظمة "ريبريف" الحقوقية في لندن، أجرى "المجلس الدولي لتأهيل ضحايا التعذيب" (مجلس التأهيل) في كوبنهاغن مراجعة خبراء مستقلة للتقارير الطبية الجنائية لكل من الرجلين. وجدوا أن فحوصات الطب الشرعي لم تلبي الحد الأدنى من معايير ومبادئ التحقيق المناسب في مزاعم التعذيب وسوء المعاملة بموجب "القانون الدولي". كما وصف مجلس التأهيل تحقيق وحدة التحقيق بأنه "سريع" و"سطحي".
تكرر عدم تحقيق كل من مكتب التظلمات البحريني ووحدة التحقيق البحرينية في مزاعم موثوقة بشأن إساءة معاملة المحتجزين أو محاسبة المسؤولين الذين شاركوا وأمروا بالتعذيب أثناء الاستجواب. أثارت "لجنة مناهضة التعذيب" التابعة لـ "لأمم المتحدة" مخاوف من أن هذه الهيئات لم تكن مستقلة ولا فعالة.
بناء على طلبات حرية المعلومات، قدمت بريطانيا مساعدة تقنية بقيمة 6.5 مليون جنيه إسترليني إلى البحرين منذ 2012، دعم بعضها وحدة التحقيق ومكتب التظلمات. ينبغي لبريطانيا التحقيق في هيئات الرقابة هذه والإعلان علنا عما يجب عليها فعله لإظهار فعاليتها في مكافحة التعذيب واستقلالها عن السلطة التنفيذية.
وفقا لمعهد البحرين، يواجه ثمانية من المحكوم عليهم بالإعدام في البحرين خطر الإعدام الوشيك، بعدما استنفذوا جميع سبل الانتصاف القانونية. في 27 يوليو/تموز، أعدمت البحرين ثلاثة رجال، من بينهم علي العرب وأحمد المالالي، المدانَين بارتكاب جرائم إرهابية في محاكمة جماعية شابتها مزاعم بالتعذيب ومخاوف جادة بشأن الإجراءات القانونية الواجبة.
تُعارض هيومن رايتس ووتش عقوبة الإعدام في جميع الظروف بسبب طبيعتها القاسية. ينبغي لحلفاء البحرين، بمن فيهم بريطانيا، الضغط على البحرين لإلغاء عقوبة الإعدام، أو إعادة تجميد تنفيذ أحكام الإعدام، وإتاحة الفرصة لخبراء الأمم المتحدة للتحقيق المستقل في مزاعم تعذيب موسى ورمضان.
قال سيد أحمد الوداعي، مدير المناصرة في معهد البحرين: "التحقيق الشامل والمستقل حول التعذيب الذي زعمه كل من موسى ورمضان أمر أساسي، لم تؤدي ملايين الجنيهات من الدعم المقدم من الحكومة البريطانية إلى إجبار البحرين على محاسبة المعتدين، لذا حان وقت دخول خبراء الأمم المتحدة إلى البحرين للتحقيق في الأمر".