في 2013، اختُطف إسماعيل الحامض، وهو طبيب سوري كان يقود مقاومة شعبية، على أيدي مجموعة من المسلحين في مدينة الرقة في شمال شرق سوريا، والتي أصبحت فيما بعد مقر ما يسمى بخلافة تنظيم "الدولة الإسلامية"، المعروف أيضا بـ "داعش". كان اختطاف الحامض إحدى آلاف حالات الاختطاف التي نفذها التنظيم المسلح لسحق المقاومة خلال امتداد حكمه على مساحات شاسعة من العراق وسوريا.
عندما دحر التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وشريكه المحلي، "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، داعش من آخر معاقله في سوريا في مارس/آذار الماضي، كان لدى أسر ضحايا داعش أمل كبير في أن تساعدهم السلطات المحلية ودول التحالف في العثور على أحبائهم المفقودين. لكن التحالف وقسد، والسلطات الأخرى التي تسيطر الآن على المناطق التي كانت تحت حكم داعش سابقا، لم يفعلوا شيئا يذكر.
"قسد والتحالف يرفضان إيجاد آلية للعثور على أبنائنا. هناك غياب دولي تام. أنا أُمّ ولم أخف داعش أبدا. أنتم دول، لماذا تخافون؟" هذه كلمات فاتن عجان، والدة صحفي شاب اختطفه داعش في 2013.
أصبح الوضع في شمال شرق سوريا أكثر تعقيدا، وتوقفت جهود التعافي في مرحلة ما بعد داعش. يعود هذا جزئيا إلى الطابع المتقلب لسياسة الولايات المتحدة في سوريا وعجز دول التحالف الأخرى المناهضة لداعش عن تولي زمام المبادرة في جهود التعافي. إعلان الرئيس ترامب في أكتوبر/تشرين الأول سحب قواته من المنطقة والتوغلات اللاحقة التي قامت بها تركيا جعلت الوضع أكثر تعقيدا. ومن بين العواقب، صعوبات إضافية تواجهها الأسر السورية في البحث عن إجابات عن أحبائها.
في 2013، عندما تولى داعش السلطة، لم يستطع العالم أن يتخيل الفظائع التي سيوقعها مقاتلوه على المدنيين الذين يعيشون تحت حكمه.
لسنوات، زرع داعش الرعب ليس فقط من خلال القتل والاستيلاء على الأرض، ولكن أيضا من خلال حملات الخطف والاحتجاز. شكل العديد من هؤلاء المختطفين عصب الحياة في مجتمعاتهم، مثل الدكتور الحامض، وفي كثير من الحالات كان ينظر إليهم على أنهم يقاومون الخلافة. في المقابل، الشباب والصحفيون الذين كرسوا حياتهم لفضح انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا والسكان الذين حاولوا حماية مجتمعاتهم خسروا حياتهم. دفعت أسرهم مدخراتها وعرّضت سلامتها للخطر في محاولة للإجابة عن سؤال واحد: ماذا حدث لابني، أخي، أختي، زوجتي، ابن عمي؟
كما يوضح تحقيقنا الأخير، يبقى هذا السؤال دون إجابة. ربما انتهى المطاف بالعديد من المختطفين في واحدة من أكثر من 20 مقبرة جماعية اكتُشفت حتى الآن في مناطق كانت خاضعة لسيطرة داعش. قد يكون آخرون قد هربوا بصعوبة أو قتلوا عندما قصف التحالف بقيادة الولايات المتحدة أو التحالف العسكري الروسي-السوري منشآت اعتقال داعش. ربما يكون البعض قد احتُجز من قبل الحكومة السورية أو السلطات الكردية أو التحالف في الفوضى التي أعقبت هزيمة داعش، وظنوا خطأ أنهم أعضاء التنظيم بينما هم فعلا ضحاياه.
من الواضح أن إرث داعش لم ينته بخسارته الأرض. فما زال الرعب الذي يلحقه بالسكان المدنيين في سوريا مستمرا، لا سيما بالنسبة لأولئك الذين ما يزال أقاربهم مفقودين.
تدين الجماعات المحلية التي تسيطر على المنطقة والبلدان التي شاركت في الحرب ضد داعش لهذه الأسر بمساعدتها على معرفة ما حدث لأقاربها. ينبغي لهذه الأطراف تخصيص الموارد لإيجاد الآلاف الذين اختفوا تحت حكم داعش. وعليها أيضا تقديم الدعم إلى أسر المدنيين الذين قتلوا أو أصيبوا في الحرب ضد داعش، وإنهاء سوء المعاملة بحق المشتبه بكونهم من داعش وأفراد أسرهم، الذين كان الكثير منهم ضحايا للتنظيم.
أكثر ما تتمناه العائلات هو الحصول على معلومات. على السلطات المحلية في المناطق التي كان يسيطر عليها داعش في السابق – سواء كانت تحت قيادة كردية أو قيادة الحكومة السورية أو تركيا والفصائل المدعومة من تركيا – وعلى أعضاء التحالف تعيين هيئة ارتباط لإعطاء الأولوية للتواصل مع العائلات. عليهم إجراء تحقيقات رسمية لمعرفة ما حدث للمفقودين، وضمان أن تعرف الأسر ما يحدث، وإطلاعها على النتائج.
على المحققين طلب معلومات من المحتجزين المشتبه بكونهم من داعش بشأن ما حدث للأشخاص الذين احتجزوهم وقتلوهم. وينبغي لهم معرفة ما حدث للسجناء أو ضحايا الهجمات والغارات الجوية التي طالت المدنيين والكشف عن ذلك. كان من المفترض أن تكون هزيمة داعش وخسارته السيطرة على الأرض نعمة لضحاياه، لكن هؤلاء الضحايا ما زالوا يعانون. على سلطات الأمر الواقع في شمال شرق سوريا والائتلاف الدولي ضبط هذا الأمر ومساعدة الناس على معرفة ما حدث لأحبائهم حتى يتمكنوا من المضي قدما في حياتهم.