(أربيل) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن الجيش العراقي دخل مخيما للنازحين جنوب الموصل برفقة الشرطة وبدأ "التدقيق" في أكثر من 3,500 أسرة هناك. يبدو أن التدقيق يشمل استجواب سكان المخيم حول أفعال وأماكن وجود أقاربهم المشتبه في انتمائهم إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" (المعروف أيضا بـ "داعش").
يثير وصول الرجال المسلحين، الذين احتلوا مدرسة في المخيم، الذعر بين سكان المخيم، الذين قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إنهم يخشون الاعتقال بسبب أفعال أقاربهم، والاستغلال الجنسي في بعض الحالات. قالت السلطات العراقية إنها تخطط لإجراء تدقيق مماثل في مخيمات أخرى للنازحين في المحافظة.
قالت لما فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في هيومن رايتس ووتش: "بينما ينبغي لقوات الشرطة العراقية اتخاذ إجراءات معقولة لتحسين الأمن للجميع، ينبغي للجيش ألا يحتل المدارس أو حتى دخول مخيمات النازحين. يجب عدم الاشتباه بأحد كمجرم بسبب أقربائه".
قال 9 من سكان مخيم حمّام العليل 1، على مسافة 30 كيلومتر جنوب الموصل، لـ هيومن رايتس ووتش إنه في 6 يوليو/ تموز، وصل أفراد من "الاستخبارات العسكرية"، و"جهاز الأمن الوطني"، و"قوات الحشد الشعبي"، و"فرقة الأسلحة والتكتيكات الخاصة" (السوات) التابعة لـ "وزارة الداخلية"، والشرطة المحلية.
يأوي المخيم أكثر من 3,500 عائلة نزحت منذ سنوات، منذ اندلاع القتال بين داعش والقوات العراقية في المنطقة. خضعت العائلات في المخيم للتدقيق عند وصولها.
بعد مناقشات، قال السكان إن أفراد الأمن قرروا إجراء التدقيق في مدرسة داخل المخيم مغلقة بسبب العطلة الصيفية. نظرا لمشاركة القوات العسكرية، ينتهك ذلك المبادئ الإنسانية الدولية ويتعارض مع "إعلان المدارس الآمنة"، وهو التزام أقره العراق لحماية التعليم خلال النزاع بامتناع القوات العسكرية عن استخدام المدارس. وجدت هيومن رايتس ووتش أن تواجد قوات مسلحة في المدارس يُعرض الطلاب والمدرسين للخطر، وقد يؤدي إلى الإضرار بالبنية التحتية للتعليم وتدميرها، ويمكن أن يتعارض مع حق الطلاب في التعليم.
قال شاهدان لـ هيومن رايتس ووتش إنه يوجد بالفعل موقع تدقيق بجوار المخيم. قال عمال إغاثة في المخيم إنهم احتجوا على استخدام المدرسة، لكن قوات الأمن تجاهلت مخاوفهم وبدأت باستخدام المدرسة لإخضاع السكان للتدقيق الأمني في 9 يوليو/تموز، وأمرت الأسر بالحضور في مجموعات من 25 شخصا.
قال 3 عمال إغاثة إنه بعد اليوم الأول من التدقيق، أوقفت قوات الأمن العملية، بسبب اعتراضات مجموعات الإغاثة. حتى 17 يوليو/تموز، علمت هيومن رايتس ووتش أن السلطات في بغداد قررت نقل إجراءات الفحص الأمني إلى الموقع القريب المخصص لذلك.
كما قال 3 شهود إن قوات الأمن كانت تحمل السلاح عند وصولها وخلال التدقيق، بما في ذلك عند مدخل المقطورة المستخدمة كمدرسة. قال عقيد في الجيش يشرف على الأمن في موقع التدقيق المجاور للمخيم لـ هيومن رايتس ووتش إنهم احتاجوا إلى التسلح لأن قواته غير متواجدة داخل المخيم، وبسبب المخاوف من احتمال أن يكون سكان المخيم مسلحين، ويهربون المخدرات والمشروبات الروحية إلى المخيم، ومشاركين في نشاط إجرامي كالدعارة.
أصدر رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي مرسوما في 2017 يؤكد الأوامر بعدم السماح لقوات الأمن بدخول المخيمات بالأسلحة.
قال 3 عمال إغاثة إن السلطات أبلغت إدارة المخيم أنها تنوي إجراء تدقيق لجمع التفاصيل حول العائلات داخل المخيم بما في ذلك محافظاتهم الأصلية ولتحديد أي العائلات كانت تنتمي إلى داعش. قال عمال الإغاثة إن المديرين أشاروا إلى أن العائلات ربما تخبئ أقارب دواعش، قائلين إنهم أُبلغوا بأن بعض النساء في المخيم المفترض فقدانهن لأزواجهن أصبحن حوامل في الأشهر الأخيرة، وقالوا إنهم أرادوا إصدار وثائق مدنية لمن لا يملكونها.
قال الشهود إنهم رأوا قوات الأمن تعطي نماذج لمجموعة من الوجهاء غير الرسميين في المخيم وأمرتهم بأن يُعطوا نموذجا واحدا لكل أسرة، قائلة إنهم سيتعرضون لإجراء قانوني إذا أغفلوا أي أحد. حصلت هيومن رايتس ووتش على نسخ.
تطلب النماذج من كل عائلة إدراج جميع أفراد الأسرة، بالأسماء، وتواريخ الميلاد، والجنس، والحالة الاجتماعية، وعنوان منزل العائلة، ونوع السيارة، وتاريخ النزوح. تطلب النماذج من العائلات إدراج كل فرد من أفراد الأسرة انضم إلى داعش وتقديم تفاصيل عن زمن وفاته، أو اختفائه، أو اعتقاله. لا توضح النماذج المقدمة سبب جمع هذه المعلومات، أو استنادا إلى أي سلطة.
كما أخبر العقيد الذي يشرف على الأمن في موقع التدقيق خارج المخيم هيومن رايتس ووتش في 11 يوليو/تموز أن السلطات أرادت ضمان أن جميع عائلات المخيم التي تفتقر إلى الوثائق المدنية يمكنها الحصول عليها. رغم ذلك، قالت عائلتان خضعتا للتدقيق في 9 يوليو/تموز إنهما أخبرتا قوات الأمن أن لديهما أطفال بدون وثائق مدنية، ولم تفعل قوات الأمن شيئا لتسجيل الأطفال أو تسهيل حصولهم على الوثائق.
قالت إمرأة إنها أخبرت قوات الأمن أن زوجها، الذي انضم إلى داعش، توفي في سبتمبر/أيلول 2017. قالت: "سألوني إن كنت متأكدة من وفاته، فقلت نعم. ثم هددوا - سنتحقق من ذلك وإذا اتضح أنكِ كذبتِ، سنتخذ إجراءات قانونية ضدك".
قال شخص آخر من سكان المخيم: "أثار التدقيق الذعر في المخيم، حيث خافت الأسر من الاعتقال لمجرد أن لديها قريبا انضم إلى داعش". قال إنه علِم بفرار عائلات من المخيم فور سماعها عن التدقيق، على الرغم من أن منازلها دُمرت خلال العمليات العسكرية وليس لديها مكان تذهب إليه.
وثقت هيومن رايتس ووتش عشرات الاعتقالات التعسفية وحالات الاختفاء القسري في سياق التدقيق المرتبط بعمليات مكافحة الإرهاب على مدار السنوات الثلاث الماضية في العراق، شملت أقارب أشخاص يُنظر إليهم على أنهم عناصر داعش.
قال الشخص الثاني الساكن في المخيم: "أخبرتني النساء المجاورات لخيمتي بخوفهن مما قد يحدث لهن إذا دخلن إلى المدرسة بمفردهن للخضوع للتدقيق من قبل مجموعة من رجال الأمن".
قال 4 من سكان المخيم إنهم يعلمون شخصيا بحالات تورط قوات الأمن في الاستغلال الجنسي في المخيم في الماضي. تحدثت امرأتان عن دخول عناصر أمن إلى المخيم وإجبار نساء تعرفانهن على ممارسة الجنس، بما في ذلك مقابل أجر، خصوصا النساء اللواتي لم يعد معهن أقارب ذكور بالغين. قالت إحدى سكان المخيم إنها علمت بحمل امرأتين في المخيم خلال الأشهر الستة الماضية نتيجة الجنس القسري على أيدي قوات الأمن في حوادث غير مرتبطة بالتدقيق.
قال عاملا إغاثة كبار إن السلطات قالت إنها تخطط لإجراء هذه التدقيقات في جميع مخيمات النازحين في نينوى. قالا إنهما يخشيان أن تنتهك قوات الأمن مجددا المبادئ المتعلقة بالطبيعة المدنية للمخيم من خلال دخول المخيم بالأسلحة والاستيلاء على البنية التحتية المدنية واستخدامها.
ينبغي للقوات العراقية إنفاذ التزامات العراق بموجب إعلان المدارس الآمنة والامتناع عن استخدام المدارس لأغراض عسكرية. ينبغي ألا تدخل أي قوات عسكرية مخيمات النزوح بأسلحتها.
يجب احتجاز الأفراد فقط وفقا للقانون، عند وجود دليل على ارتكابهم جرائم جنائية بأنفسهم، وليس بسبب أفعال أقربائهم.
قالت فقيه: "ينبغي لقوات الأمن ضمان إجراء عملياتها بما يتماشى مع المبادئ العراقية والدولية، وبطريقة إنسانية تحفظ كرامة العائلات التي تشارك فيها".