Skip to main content

الاتحاد الأوروبي/إيطاليا/ليبيا: نزاعات حول الإنقاذ البحري تهدد الحياة

ينبغي السماح لعمليات الإنقاذ الأوروبية، والاتفاق على الإنزال الآمن

طاقم "سوس ميدترانيان" ينقذ أشخاصا من على قارب مطاطي مكتظ في البحر المتوسط، 9 يونيو/حزيران 2018.  ©2018 كيني كربوف/سوس ميدترانيان

(ميلانو) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن عرقلة الاتحاد الأوروبي لعمليات الإنقاذ غير الحكومية وتسليم المسؤولية إلى قوات حرس السواحل الليبي هي وصفة لخسائر أكبر في الأرواح في البحر الأبيض المتوسط ، ودورة مستمرة من الانتهاكات للأشخاص العالقين في ليبيا.

قالت جوديث سندرلاند، مديرة مشاركة لقسم أوروبا وآسيا الوسطى في هيومن رايتس ووتش: "جهود الاتحاد الأوروبي لمنع عمليات الإنقاذ والتردد بشأن أماكن إنزال الأشخاص الذين تم إنقاذهم، مدفوعة بنهج إيطاليا المتشدد ومقاربتها القاسية، تؤدي إلى مزيد من الوفيات في البحر ومعاناة أكبر في ليبيا. بدلا من إحباط عمليات الإنقاذ التي تقوم بها منظمات غير حكومية، وسفن تجارية، وحتى سفن عسكرية، على الدول الأعضاء ومؤسسات الاتحاد الأوروبي أن يضمنوا نقل الأشخاص الذين تم إنقاذهم إلى موانئ آمنة حيث يمكن حمايتهم".

خلال زيارة إلى ليبيا في أوائل يوليو/تموز، أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع قوات حرس السواحل الليبي وعشرات اللاجئين والمهاجرين المحتجزين في 4 مراكز احتجاز رسمية في طرابلس، وزوارة، ومصراتة، ومسؤولين في منظمات دولية. وقد قدم طالبو اللجوء والمهاجرون المحتجزون الذين تمت مقابلتهم ادعاءات خطيرة حول إساءة المعاملة من قبل الحراس والمهربين، وأفاد بعضهم بأن قوات حرس السواحل تصرفت بعدوانية خلال عمليات الإنقاذ في البحر. أكدت هيومن رايتس ووتش أن قوات حرس السواحل الليبي تفتقر إلى القدرة على ضمان عمليات بحث وإنقاد آمنة وفعالة.

منذ وصول حكومته إلى السلطة في أوائل يونيو/حزيران، قام نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الإيطالي، ماتيو سالفيني، بحملة ضد منظمات الإنقاذ غير الحكومية العاملة في المتوسط​​، ورفض أن تنزل السفن مئات الأشخاص المستضعفين الذين تم إنقاذهم في البحر في إيطاليا، أو أّخّر ذلك. شمل ذلك سفنا عسكرية وتجارية. في 23 يوليو/تموز، أعلنت الحكومة الإيطالية أنها ستسمح للسفن العسكرية المشاركة في "يوناف فور ميد"، القوة البحرية للاتحاد الأوروبي في المتوسط، وهي عملية لمكافحة التهريب تابعة للاتحاد الأوروبي، بالإنزال في إيطاليا لمدة 5 أسابيع بينما يتفاوضون على الخطة التشغيلية للبعثة.

في الأسابيع الأخيرة، وحدها المجموعة الإسبانية "برواكتيفا" قامت بدوريات في المياه الدولية قبالة الساحل الليبي. جميع منظمات الإنقاذ الأخرى في الموانئ الإيطالية والمالطية إما محظورة عن طريق إجراءات قانونية، أو تُخطط لإجراءات تشغيل جديدة نظرا لعدم اليقين بشأن تنسيق الإنقاذ والإنزال. خطر تعرض السفن للاحتجاز أو المقاضاة الجنائية أو الخسارة مالية بسبب تأخر الإنزال يهدد بردع السفن التجارية عن إنقاذ الناس في البحر، رغم زيادة الطلب.

  قاربان مطاطيان قابلان للنفخ تستخدمهما قوات "حرس السواحل الليبي" لعمليات الإنقاذ والاعتراض في صبراتة على بُعد 65 كلم غرب العاصمة طرابلس، يوليو/تموز 2018.  ©2018 "هيومن رايتس ووتش"

ارتفع عدد القتلى في وسط المتوسط - بين ليبيا/تونس وإيطاليا/مالطا - حتى مع انخفاض المغادرة من ليبيا بشكل كبير. في يونيو/حزيران وحده، لقي ما يقدر بـ 600 شخص مصرعهم أو فقدوا، مما يرفع عدد القتلى منذ الأول من يناير/كانون الثاني إلى أكثر من 1,100. وفقا لـ "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" (مفوضية اللاجئين)، كانت نسبة الوفيات في يونيو/حزيران هو 1 من كل 7 أشخاص حاولوا السفر، مقارنة مع 1 في 19 في الأشهر السابقة من عام 2018، و 1 من 38 في الأشهر الستة الأولى من عام 2017. في 21 يوليو/تموز، رست برواكتيفا في بالما دي مايوركا، إسبانيا، مع جثتين - امرأة وطفل صغير – وناج واحد وجدوهم على قارب مطاطي مُدمر على بعد 80 ميلا بحريا من الساحل الليبي. واتهمت المنظمة قوات حرس السواحل الليبي بتركهم يموتون بعد إركاب آخرين وإعادتهم إلى ليبيا. نفت السلطات الليبية هذا الاتهام.

قالت هيومن رايتس ووتش إن عدم ضمان الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي القدرة الكافية على البحث والإنقاذ في وسط المتوسط ​​يتناقض مع روح القانون البحري الدولي، وقد يؤدي في بعض الظروف إلى إثارة المسؤولية عن الخسائر في الأرواح التي يمكن تجنبها، وعن الانتهاكات المباشرة لحظر الإعادة القسرية - العودة إلى خطر الاضطهاد أو التعذيب أو سوء المعاملة.

 جوزيفا، امرأة كاميرونية، بعد وقت قصير من إنقاذها من قبل المجموعة الإسبانية "برواكتيفا" من زورق مطاطي مدمر في المتوسط، 17 يوليو/تموز 2018. انتشلت المنظمة أيضا جثتيّ امرأة وطفل صغير.  © 2018 برواكتيفا

تمكين وحدات حرس السواحل الليبي من اعتراض الناس في المياه الدولية، عندما يُعرف أن حرس السواحل سيعيدون الناس إلى المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة تحت الاعتقال التعسفي في ليبيا – وهي ظروف كانت أيضا موثقة بشكل جيد - قد يشكل عونا أو مساعدة خطيرة على انتهاكات حقوقية جسيمة. وبالمثل، فإن تسهيل عملية الاعتراض والترحيل القسري إلى ليبيا للمهاجرين الذين يسعون إلى الحماية يخرق القانون الدولي للاجئين، لأن ليبيا ليست طرفا في اتفاقية اللاجئين لعام 1951 وليس لديها قانون أو إجراء للاجئين. وهذا يعني أن المهاجرين العائدين لا يتوفرون على مُعالجة فعالة لمتطلبات حمايتهم.

في خطوة مؤسفة، اعترفت رسميا الوكالة الأممية "المنظمة البحرية الدولية" في يونيو/حزيران بإعلان ليبيا عن منطقة واسعة للبحث والإنقاذ. رغم قدرة قوات حرس السواحل الليبي المحدودة والمصير المعروف للذين عادوا إلى ليبيا، فقد حصلت إيطاليا على دعم صريح من رؤساء دول الاتحاد الأوروبي لممارستها القاضية بنقل المسؤولية إلى تلك القوات حتى في المياه الدولية. نتائج هذه الإجراءات معروفة منذ مايو/أيار 2017 على الأقل.

ارتفع عدد الأشخاص المحتجزين في ليبيا نتيجة زيادة عمليات قوات حرس السواحل الليبي. قال العميد محمد بشر، رئيس "جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية" في ليبيا، لـ هيومن رايتس ووتش في 12 يوليو/تموز إن 8,672 شخصاً كانوا في مراكز احتجاز رسمية، مقابل 5,200 في مايو/أيار. تقدر "المنظمة الدولية للهجرة" أن 9,300 شخص يوجدون في مراكز احتجاز رسمية في ليبيا. لا توجد أرقام متاحة عن المحتجزين في المراكز غير الرسمية التي تديرها جماعات مسلحة، أو المهربين، أو تجار البشر.

امرأة تستلقي على فراش على الأرض في مركز الاعتقال في مدينة تاجوراء، طرابلس، 8 يوليو/تموز 2018.  ©2018 "هيومن رايتس ووتش"

قالت هيومن رايتس ووتش إن على قادة ومؤسسات الاتحاد الأوروبي أن يرفضوا بشكل قاطع دعوة سالفيني إلى "تغيير القواعد" لتسمية ليبيا مكانا آمنا لنقل اللاجئين والمهاجرين. ونظرا لمعاملة ليبيا الحالية للمهاجرين، فإن مثل هذا التصنيف سيكون بمثابة إنكار للحقيقة. على مفوضية اللاجئين تحديث دعوتها في عام 2015 لجميع البلدان إلى "السماح للمدنيين (مواطنين ليبيين، والمقيمين بصفة اعتيادية في ليبيا، ومواطني بلدان ثالثة) الفارين من ليبيا بالوصول إلى أراضيها".

قالت هيومن رايتس ووتش إن على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التحرك على وجه السرعة لحماية الحياة في البحر واتخاذ خطوات سريعة لضمان إنزال متوقع في أماكن آمنة. عليهم أن يدعموا عمليات الانقاذ التابعة للمجموعات غير الحكومية عوض إعاقتها، وأن يضمنوا وجودا كافيا لسفن مجهزة ومستعدة للاستجابة للقوارب المهددة.

وإلى أن تنهي السلطات الليبية الاعتقال التعسفي، وأن تظهر تحسينات مستمرة وكبيرة في الظروف والمعاملة في مراكز الاحتجاز، وأن لها القدرة الذاتية الكافية لتحمل مسؤولية البحث والإنقاذ، على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي استئناف هذه الواجبات في المياه الدولية قبالة السواحل الليبية، بما في ذلك المنطقة التي أعلنتها ليبيا منطقة للبحث والإنقاذ تابعة لها.

على دول الاتحاد الأوروبي أن تضع بشكل عاجل ترتيبات إقليمية للإنزال، بما في ذلك ضمانات ضد الاحتجاز التلقائي للأشخاص الذين تم إنقاذهم، لضمان نقل الأشخاص إلى موانئ آمنة ونقلهم بسرعة إلى بلد آخر في الاتحاد الأوروبي يتحمل مسؤولية المعالجة القانونية. مثل هذا الاتفاق ضروري للحفاظ على الجهود المنقذة للحياة في البحر، بما في ذلك جهود السفن غير الحكومية والتجارية، وتجنب النزاعات المتكررة حول الإنزال. على دول الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية الضغط على إيطاليا ومالطا، الأقرب إلى منطقة البحث والإنقاذ، للسماح بالإنزال الفوري.

قالت هيومن رايتس ووتش إنه إلى جانب الحالات الطارئة، لا ينبغي النظر في أخذ الأشخاص الذين تم إنقاذهم إلى بلد خارج الاتحاد الأوروبي إلا في حالة استيفاء بعض الشروط الأساسية. وتشمل هذه، على الأقل، ضمانات إجرائية ضد الاحتجاز التعسفي والإعادة القسرية، والحصول على إجراءات اللجوء العادلة والفعالة، وإجراءات ترحيل عادلة لمن ليس لديهم طلب صالح يخولهم البقاء. لم تشر أي دول خارج الاتحاد الأوروبي إلى استعدادها للدخول في أي اتفاقيات رسمية للإنزال.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات الليبية اعتماد إجراءات تشغيلية واضحة ومتسقة لتنسيق عمليات الإنقاذ من جانب السفن التجارية، وغير الحكومية، وأي سفن أخرى في مياهها الإقليمية، أو في ما تعتبره منطقتها للبحث والإنقاذ في المياه الدولية. يمكن لقوات حرس السواحل الليبي أن تلعب دورا حيويا في ضمان استجابة سريعة للقوارب المهددة، وفي ترتيب إنزال آمن خارج ليبيا.

قالت سندرلاند: "وزير الداخلية الإيطالي محق في الإشارة إلى النفاق الكامن في تدريب وإمداد قوات حرس السواحل الليبي، حين يقول إن ليبيا ليست ميناء آمنا. لكن مجرد التمني لن يجعل ليبيا في أي وقت قريب آمنة لاستقبال اللاجئين والمهاجرين الذين تم إنقاذهم".

دعم إيطاليا والاتحاد الأوروبي لحرس السواحل الليبي

 مهاجرون على متن قارب "حرس السواحل الليبي" في البحر المتوسط على الساحل الليبي، 15 كانون الثاني/يناير 2018. ©2018 هاني عمارة/"رويترز

أخذت إيطاليا زمام المبادرة في جهود الاتحاد الأوروبي لبناء قدرات السلطات الليبية، لتأمين حدود ليبيا والقيام بدوريات في المتوسط. في فبراير/شباط 2017. وقّعت إيطاليا مذكرة تفاهم مع "حكومة الوفاق الوطني" بشأن مراقبة الهجرة. منذ ذلك الحين، سلّمت إيطاليا 4 زوارق دوريات بموجب اتفاق 2008، ووعدت بتقديم قاربين كبيرين بالإضافة إلى 30 زورق مطاطي من طراز "زودياك" بحلول أكتوبر/تشرين الأول. تنفّذ إيطاليا مشروعا بتمويل من الاتحاد الأوروبي لمساعدة ليبيا في إنشاء مركز للتنسيق بحري، والذي من المتوقع أن يبدأ العمل عام 2020.

حاليا، تم إنشاء غرفة عمليات ليبية على متن سفينة تابعة للبحرية الإيطالية ترسو في طرابلس. في اجتماع مع هيومن رايتس ووتش، قال العقيد أبو عجيلة عمار، رئيس عمليات البحث والإنقاذ في حرس السواحل الليبية: "نحن ننسق مع مراكز التنسيق البحري في روما ومالطا، وهناك غرفة عمليات لتعزيز التعاون".

في يونيو/حزيران، أقرت "المنظمة البحرية الدولية" رسميا بإعلان ليبيا عن منطقة واسعة للبحث والإنقاذ. تبنى رؤساء دول الاتحاد الأوروبي بيانا مشتركا أواخر يونيو/حزيران، مفاده أن جميع السفن في المتوسط ​​"يجب ألا تعرقل عمليات حرس السواحل الليبي". قالت هيومن رايتس ووتش إن من المؤسف اعتراف المنظمة البحرية الدولية، التابعة للأمم المتحدة، بسلطة القوات الليبية في تولي مسؤولية العمليات رغم المخاوف بشأن قدرتها على ذلك، ومصير هؤلاء الذين يُعادون إلى ليبيا.

طبّع مركز تنسيق الإنقاذ البحري الإيطالي ممارسة تم اختبارها منذ مايو/أيار 2017 على الأقل، لنقل المسؤولية إلى قوات حرس السواحل الليبية في المياه الدولية حتى عندما تكون سفن أخرى مجهزة بشكل أفضل الأقرب إلى مكان الحادث. يشمل ذلك زوارق الدورية الخاصة بالمركز أو سفن البحرية الإيطالية.

تشمل عملية يونافور ميد لمكافحة التهريب التابعة للاتحاد الأوروبي، المعروفة أيضا باسم "عملية صوفيا"، برنامج تدريب بدأ في أكتوبر/تشرين الأول 2016، للضباط وضباط الصف والبحارين في البحرية وحرس السواحل الليبيين، تحت إشراف وزارة الدفاع الليبية التابعة لحكومة الوفاق الوطني. منذ يونيو/حزيران، شارك 213 من أفراد حرس السواحل الليبيين والبحرية في دورات تدريبية، وفقا لتقرير يونافور ميد، حضرته هيومن رايتس ووتش. على يونافور ميد تكثيف ﻣراﻗﺑﺗﮭﺎ ﻟﻌﻣﻟﯾﺎت حرس السواحل اﻟﻟﯾﺑﻲ، ﺑﻣﺎ فيها اﻟوﺣدات ﻏﯾر اﻟﻣدرﺑﺔ ﻣن قبل اﻻﺗﺣﺎد اﻷوروﺑﻲ، وﻧﺷر ﻧﺗﺎﺋﺟﮭﺎ ﺑﺷﮐل ﻣﻧﺗظم.

وفقا لتقارير إخبارية، توفقت يونافور ميد عن العمل بسبب عدم اليقين بشأن القدرة على نقل الأشخاص الذين تم إنقاذهم إلى إيطاليا على النحو المنصوص عليه في خطتها التشغيلية. منذ أن بدأت السفن المشاركة في العملية عام 2015 بعمليات الإنقاذ، تم تسجيل إنقاذ أكثر من 49 ألف شخص.

لا يوجد لدى حرس السواحل الليبي التابع لحكومة الوفاق الوطني مركز للتنسيق البحري يعمل بشكل كامل، ولا تضمن غرفة العمليات الحالية التغطية المستمرة أو الاستجابة السريعة في كل حالات الخطر. في تقرير مُسرّب في فبراير/شباط، أشارت يونافور ميد إلى "الوضع الحرج للبنية التحتية" في غرفة العمليات، ومهارات محدودة في اللغة والبرمجيات بين الموظفين، ونقص في الوقود والمعدات. خلص التقرير إلى أن "نقص أنظمة اتصالات فعالة وموثوق بها يحد من قدرة ليبيا على المستوى الأدنى لتنفيذ القيادة والتحكم، بما فيه ما يلزم لتنسيق الأحداث في مناطق البحث والإنقاذ بموجب الاتفاقية الدولية لسلامة الحياة في البحر".

تعتمد قوات حرس السواحل الليبية بشدة على قدرات المراقبة والمساعدة الإيطالية (والمالطية). الوحدات الليبية لديها قوارب غير مناسبة وعددها غير كاف، ومشاكل صيانة مزمنة، ونقص في الوقود يحد من قدرتها على القيام بدوريات حتى في المياه الإقليمية الليبية والوصول بسرعة إلى القوارب المعرضة للخطر، وفقا للمعلومات التي تم الحصول عليها من خلال المقابلات مع قوات حرس السواحل الليبية في طرابلس وصبراتة في يوليو/تموز.

قال العقيد أبو عجيلة عمار لـ هيومن رايتس ووتش إن القوة قادرة على تنسيق وإنقاذ أعداد كبيرة من الناس رغم "الوسائل المحدودة". مع ذلك، قال إن "القوارب التي لدينا حاليا غير مناسبة لعمليات البحث والإنقاذ. ما نحتاج إليه هو مراكب بحث وإنقاذ مناسبة أكبر، ولديها سعة أكبر وتوفر الحماية في المنطقة الساخنة [المنطقة الواقعة بين مصراتة وزوارة]".

في حين قال العقيد عمار إن حرس السواحل يقوم بدوريات يومية في "المنطقة الساخنة"، قال النقيب أيمن الدباشي، قائد حرس السواحل الليبي في صبراتة لـ هيومن رايتس ووتش، إن وحدته تستطيع القيام بدوريات على بعد حوالي 5 أميال فقط من الشاطئ بسبب نقص الوقود. قال الدباشي: "لا يوجد تنسيق بين أي من نقاط حرس السواحل [على الساحل الغربي]. كل جهة مستقلة."

رغم هذه القيود، يبدو الآن أن مركز الإنقاذ البحري الإيطالي يعطي تعليمات للزوارق التي تواجه مأزقا وسفن الإنقاذ المحتملة للاتصال بحرس السواحل الليبي وتلقي تعليماته. أدى هذا إلى تأخير عمليات الإنقاذ، حيث طلبت السلطات الليبية مجموعات إنقاذ غير حكومية وسفن تجارية الانتظار في الموقع حتى وصول سفينة دورية ليبية. كما أدى ذلك إلى حالات خطيرة أصاب فيها الناس بالذعر وقفزوا في الماء لمحاولة السباحة إلى سفينة أوروبية.

في مقابلة مع هيومن رايتس ووتش، أكد العميد عبد الله التوميه، آمر حرس السواحل الليبي، أن "الأولوية ... هي إنقاذ الأرواح. إذا كان قارب منظمة غير حكومية أقرب إلى الحادثة، فيجب أن يقوم بعملية الإنقاذ، لكن [المنظمات غير الحكومية] تحتاج إلى التنسيق مع... حرس السواحل الليبي".

شهادات طالبي اللجوء والمهاجرين

تشير شهادات طالبي اللجوء والمهاجرين الذين تم اعتراضهم إلى أن وحدات حرس السواحل الليبية تتدخل حتى عندما تكون السفن الأخرى قريبة.

قالت "أودودو" (31 عاما)، من نيجيريا، إنها وأكثر من 100 شخص آخر قضوا 8 ساعات على متن قارب مطاطي في 24 يونيو/حزيران: "رأينا سفينة إنقاذ شديدة البياض، وكانت هناك طائرة في السماء تحمل علم إسبانيا. لكن جاء القارب الليبي بسرعة كبيرة. ألقوا بحبل لكننا قلنا إننا لا نريد العودة. أصروا. كان علينا أن نطيعهم لإنقاذ حياتنا".

تمت مقابلة "إفيدايو"، أيضا من نيجيريا، بشكل منفصل، وكان شهادتها مماثلة: "غادرنا قبل أسبوع واحد ويوم" أو في 2 يوليو/تموز. "شاهدنا سفينة الإنقاذ البيضاء الكبيرة، ثم جاءت السفينة الليبية بسرعة ومنعتنا، [قلنا] نحن قريبون جدا، دعونا نذهب. لكنهم قالوا لا".

قال "إيمانويل" (16 عاما)، من سيراليون، إنه غادر على متن قارب مطاطي مكتظ من غارابولي في 10 مايو/أيار. قضى الركاب 16 ساعة في البحر قبل أن يروا ما وصفه بـ "سفينة كبيرة بيضاء وسوداء اعتقد أنها أوروبية، "لكن الليبيين جاؤوا وضربوا قاربنا بقاربهم فبدأ بالغرق. ألقوا حبلا لنا لنستخدمه في الصعود إلى زورق الدورية. كانت هناك نساء حوامل، وكان عليهم استخدام الحبل أيضا. كان الجميع يتصارع للحصول على الحبل. على متن سفينتهم لم يعطونا أي شيء، لا ماء أو طعام أو سترات نجاة".

عبّر البعض مثل "نالا" (23 عاما)، من الصومال، عن مزيج من الفزع والامتنان فيما يتعلق بإنقاذها من قبل حرس السواحل الليبي. "قضينا حوالي 5 ساعات على متن القارب. بدأت بالغرق وبعض الأولاد طلبوا المساعدة. جاء الليبيون. فقدنا الأمل عندما رأينا الليبيين لأننا نعرف أنه يمكن أن نبقى في مكان مثل هذا [مركز الاحتجاز] لسنوات، لكننا كنا سعداء بأنهم أنقذونا".

قالت "جوانا" (34 عاما) من الكاميرون، وهي أم لثلاثة أبناء، إنه بمجرد عبور القارب الذي كان على متنه 170 شخصا "الخط الدولي" بعد 10 ساعات في البحر في أوائل يونيو/حزيران، شاهدوا طائرة بيضاء صغيرة تدور فوقهم، لكنهم لم يتصلوا بحرس السواحل الإيطالي لأنهم كانوا خائفين من أن يرسل الإيطاليون حرس السواحل الليبي ليعيدهم إلى ليبيا.

قالت: "جاء القارب الليبي الكبير بعد ساعة من رؤيتنا الطائرة. ألقوا إلينا حبلا، وفي البداية رفضنا ربطه بقاربنا. أطلق الليبيون النار في الهواء وهددونا قائلين: "إذا لم تربطوه بالقارب، فسوف نطلق النار عليكم. ربطناه بقاربنا وبدأوا في نقل الناس إلى قاربهم".

قال "أحمد" ( 26 عاما)، فلسطيني من غزة، إنه قام بمحاولة ثانية للوصول إلى أوروبا في مايو/أيار: "بعد 11 ساعة في البحر، رصدنا قاربا كبيرا برتقالي اللون. اتصلنا بالإيطاليين عبر هاتف فضائي، وبدأ القارب بتخفيف سرعته لتأتي القوارب السريعة وتنقذنا. لكن قبل أن يتمكنوا من الاقتراب، جاء الليبيون من ورائنا، وهكذا توقف القارب الأجنبي ولم يقترب منا عندما رأوا الليبيين. قفز بعض الناس من قاربنا وبدأوا في السباحة نحو القارب الأجنبي. أولئك الذين بقوا رفضوا ركوب السفينة الليبية".

أضاف أحمد: "في هذه المرحلة، أطلق 2 من الليبيين الثلاثة على متن سفينة الإنقاذ الكبيرة، أحدهما من حرس السواحل و2 كانا يرتديان الزي العسكري، النار في الماء بجوار المكان الذي كنا فيه. كما أنهم اقتربوا من قاربنا وبدأوا بعمل موجات لتخويفنا. خاف الناس وبدأوا في الصعود على متن سفينتهم. أخذونا إلى الخمس".

قد يكون هذا حادث أبلغت عنه منظمة "إس أو إس ميديتراني" للإنقاذ البحري التي لديها سفينة إنقاذ بيضاء وبرتقالية اسمها "أكواريوس"، في 7 مايو/أيار، حيث لاحظ الطاقم أن الناس يقفزون في الماء. قالت مجموعة الإنقاذ إن حرس السواحل الليبي رفض عروضهم المتكررة لتقديم المساعدة وأمر السفينة بمغادرة المنطقة.

 

عرقلة وتجريم لمجموعات الإنقاذ غير الحكومية

منذ 2014، تقوم منظمات غير حكومية بعمليات بحث وإنقاذ حيوية في المياه الدولية قبالة سواحل ليبيا، حيث يدخل عديد من القوارب المكتظة وغير الصالحة للإبحار. وفقا للإحصاءات الإيطالية الرسمية، قامت المجموعات غير الحكومية بما يقرب من 40 بالمئة من جميع عمليات الإنقاذ في وسط البحر المتوسط ​ عام 2017 والأشهر الخمسة الأولى من عام 2018، أي ما مجموعه 51،569 شخص.

أدت حملة منسقة من قبل سياسيين ومسؤولين إيطاليين عام 2017، والوضع الأمني ​​المتقلب في البحر المتوسط، ​​إلى قيام عدة مجموعات، بما فيها "منظمة أنقذوا الأطفال" و"مركز مساعدة المهاجرين" بتعليق العمليات. أجرى البرلمان الإيطالي تحقيقا منفصلا في عام 2017، دون العثور على أدلة على سوء السلوك من قبل منظمات الإنقاذ غير الحكومية. قال ممثلو حرس السواحل والبحرية الإيطالية في ذلك الوقت إن هذه الجماعات كانت حينها متعاونة.

مع ذلك، تواجه كل منظمة إنقاذ غير حكومية ذات قدرة على إجراء عمليات الإنقاذ معارك قانونية أو قيود من قبل السلطات الإيطالية أو المالطية. هناك 20 شخصا مرتبطين بالمجموعة الألمانية "يوغيند ريتيت" ومنظمة أنقذوا الأطفال، و"منظمة أطباء بلا حدود" عالقون في تحقيق قام به أحد المدعين العامين الصقليين ضد يوغيند ريتيت بتهمة التواطؤ المزعوم مع المهربين. تم حجز سفينة لها عام 2017.

يخضع 2 من طاقم منظمة بروأكتيفا للتحقيق الجنائي في جزيرة صقلية بعد أن رفضت سفينة "أوبن آرمز" التابعة لها تسليم الأشخاص الذين تم إنقاذهم إلى زورق دورية ليبية في المياه الدولية في مارس/آذار 2017. احتُجزت السفينة ولكن تم إطلاقها لاحقا.

في يونيو/حزيران، احتجزت السلطات القضائية في مالطا سفينة المجموعة الألمانية "شريان الحياة"، ووضعت قبطانها قيد التحقيق، بعد أن سُمح للمجموعة بالرسو مع 234 شخصا بعد انتظارها 5 أيام. في يوليو/تموز، منعت مالطا منظمتي إنقاذ ألمانيتين أخريين هما "سي ووتش" و"سيفخش" من مغادرة الميناء، وأسقطتا طائرة "مونبيرد"، وهي طائرة استطلاع مدنية ساعدت في اكتشاف قوارب المهاجرين وإنقاذها لاحقا.

رجال ينزلون من قارب في فالنسيا، إسبانيا، بعد إنقاذهم إثر قضائهم أكثر من أسبوع على سفينة "أكواريوس" التابعة لمنظمتي "سوس ميدترانيان" و"أطباء بلا حدود". رفضت إيطاليا ومالطا السماح لها بالرسو. 17 يوليو/تموز 2018. ©2018. كيني كربوف/سوس ميدترانيان

أجبرِت سفينة كواريوس التابعة لمنظمتي إس أو إس ميدتراني و أطباء بلا حدود على تحويل مسارها إلى فالنسيا بإسبانيا، في أوائل يونيو/حزيران مع أكثر من 600 شخص بعد أن رفضت إيطاليا ومالطا السماح لها بالرسو. رفضت مالطا في وقت لاحق دخول أكواريوس الميناء، وترسو السفينة في مرسيليا منذ منتصف يونيو/حزيران.

وضعت الأسس لهذه الجهود لعرقلة عمليات الإنقاذ من قبل المنظمات غير الحكومية عام 2017، عندما فرضت إيطاليا عليها "مدونة سلوك". في يونيو/حزيران 2018، أيد جميع رؤساء دول الاتحاد الأوروبي بيانا حذر هذه الجماعات فعليا من "عدم عرقلة... حرس السواحل الليبي". في يوليو/تموز، قام رئيس المفوضية الأوروبية بتوجيه ضربة أخرى إلى المجموعات غير الحكومية، قائلا: "ينبغي ألا يساهم أحد باستمرار نموذج الأنشطة التي يستخدمها مهرّبو وتجار البشر لاستغلال البؤس البشري".

دحضت الدراسات الإحصائية الزعم بأن عمليات الإنقاذ التي تقوم بها هذه الجماعات تشجع الناس على محاولة عبور البحر، مشيرة إلى أعداد مستقرة أو أكبر من الرحلات المغادرة في أوقات كانت فيها سفن الإنقاذ قليلة الانتشار أو غائبة تماما.

عبء على الشحن التجاري

قد تؤدي الديناميات الحالية في وسط البحر المتوسط ​​إلى زيادة العبء على السفن التجارية للاستجابة للقوارب التي تعاني من محنة، في وقت يشهد حالة عدم يقين كبيرة حول إنزال الركاب.

في حالتين أخريين على الأقل، طلب مركز الإنقاذ البحري الإيطالي من السفن التجارية الاتصال بقوات حرس السواحل الليبية للحصول على التعليمات. في 30 يونيو/حزيران، حوّل المركز مسار السفينة التجارية "سيديف" للرد على قارب في محنة داخل المياه الإقليمية الليبية، وقال في وقت لاحق إن السفينة يجب أن تتصل بحرس السواحل الليبي لترتيب النقل أو إمزال الركاب. قال ممثل لشركة "كاسيف دنيزجيليك" التركية، التي تملك "سيديف"، لـ هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف إن نقل 115 شخصا تم إنقاذهم إلى زورق دورية ليبي في البحر حدث دون وقوع حادث في 1 يوليو/تموز.

بعد أن أبلغ طاقم "فوس تالاسا"، وهي سفينة إمداد تخدم منصات التنقيب عن النفط، مركز الإنقاذ البحري الإيطالي أنهم أنقذوا 67 شخصا في المياه الدولية في 8 يوليو/تموز، أمرتهم السلطات الإيطالية بمقابلة قارب دورية ليبية، مزودة إياهم بموقع للالتقاء. تم إحباط الخطة عندما أبلغ الطاقم أنهم واجهوا احتجاجات وحتى تهديدات عندما أدرك الناس أنهم كانوا متجهين نحو الساحل الليبي. نُقلوا جميعا إلى إيطاليا، حيث يواجه 2 من الرجال الذين تم إنقاذهم اتهامات بالعنف والتهديدات والتآمر لتسهيل الهجرة غير النظامية.

لا يزال 40 شخصا أنقذهم طاقم سفينة "ساروست 5"، التي ترفع العلم التونسي، في 15 يوليو/تموز على متنها، مع رفض تونس وإيطاليا ومالطا السماح للسفينة بإنزال الركاب.

قال جون ستاوبرت من  "الغرفة الدولية للشحن" في مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش: "نحن بحاجة إلى ضمان استمرار [سفن] الشحن في الوفاء بالتزامات الإنقاذ دون صعوبات لا داع لها أو خطر على الطاقم".

قالت هيومن رايتس ووتش إن قطاع الشحن، بما فيها دول الأعلام - الدول التي تسجل فيها السفن - والنقابات التجارية البحرية يجب أن تفكر في استخدام نفوذها للضغط على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وليبيا للسماح بالتنسيق الأوروبي لعمليات الإنقاذ التي تشمل السفن التجارية في المياه الدولية.

قوانين البحار

يثير دعم إيطاليا أو مالطا أو أي دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي لتنسيق عمليات الاعتراض أو عمليات الإنقاذ التي تؤدي إلى إعادة اللاجئين والمهاجرين إلى ليبيا أسئلة قانونية معقدة. جميع السفن ملزمة بمساعدة سفينة في حالة حرجة وأخذ الأشخاص الذين يتم إنقاذهم إلى ما يعتبر مكانا آمنا بموجب "القانون البحري". يعد التنسيق الفعال بين الدول الساحلية وجميع السفن في البحر جوهر نظام البحث والإنقاذ العالمي، وهو أمر حيوي للحفاظ على الحياة في البحر.

في الوقت نفسه، تعني الظروف الحالية في ليبيا أنه لا يمكن اعتبارها مكانا آمنا. علاوة على ذلك، عندما يكون تيسير الاعتراض الليبي للاجئين والمهاجرين في البحر عاملا أساسيا في عودتهم إلى الاحتجاز التعسفي في ليبيا، يمكن أن يشكل ذلك مساعدة أو دعما في ارتكاب انتهاكات حقوقية جسيمة. يدرك الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه الانتهاكات المتوقعة التي تواجه المهاجرين عند عودتهم، وأن مثل هذه الانتهاكات تنتهك الالتزامات القانونية الدولية للاتحاد الأوروبي وليبيا.

خلصت "لجنة حقوق الإنسان" التابعة للأمم المتحدة، التي تشرف على تنفيذ "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، إلى أن "الدولة الطرف [في العهد] قد تكون مسؤولة عن انتهاكات للعهد تتجاوز الحدود الإقليمية إذا كان لها صلة بسلسلة الأسباب التي من شأنها أن تجعل الانتهاكات محتملة في ولاية قضائية أخرى". جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وليبيا أطراف في العهد. في ضوء هذا الاجتهاد، فإن أي دولة من دول الاتحاد الأوروبي تساعد ليبيا على إعادة الناس إلى ليبيا يمكن أن تكون خرقت العهد، لأن الأذى الذي يواجه المهاجرين المعادين في ليبيا هو "نتيجة متوقعة" على أساس "المعرفة التي كانت لدى الدولة الطرف في ذلك الوقت".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.