تعهّد المانحون يوم أمس بالكويت بتوفير مبلغ 30 مليار دولار للمساعدة في إعادة إعمار العراق. لكن يبقى من غير الواضح ما إذا كان سيصل أي من هذه المساعدات إلى أكثر فئات الشعب تهميشا – عائلات المشتبه بانتمائهم إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" (المعروف أيضا بـ داعش)، والكثير منهم التحقوا بالتنظيم المتشدد بسبب اضطهاد الحكومة القائم منذ زمن طويل.
قد لا تلاقي هذه العائلات الكثير من التعاطف، إلا أن هناك حاجة ماسة إلى إعادة احتضانهم إذا ما رغبت الحكومة العراقية بتفادي الصراعات الطائفية مستقبلا. لكن توجد أدلة متزايدة على أن قوات الأمن وسكان محليين في الموصل يمنعون منظمات الإغاثة الدولية من توفير مساعدات إنسانية أساسية لهذه العائلات.
قال عامل إغاثة لـ "هيومن رايتس ووتش" إن أعضاء في المجلس المحلي قاموا أثناء عمليات توزيع طعام أواخر أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول في أحياء تل الرمان، الأمل، واليرموك، بمراجعة قائمة المنتفعين، وحذفوا منها العديد من العائلات التي قالوا إن لها أقارب في داعش، وأمروا المنظمة بعدم تقديم مساعدات لهم.
قال موظف في منظمة أخرى إن عناصر من الشرطة الاتحادية منعوا منظمته من تقديم أي مساعدات تتعلق بالمأوى لسكان حي زنجيلي وحي الشفاء، متذرعين بأنهم شاهدوا العديد من العائلات التي لها أقارب في داعش. كما عرقلت الشرطة مساعدات كانت ذاهبة إلى أحياء الإصلاح، الزراعي، والعروبة للأسباب نفسها.
شاهد عامل في منظمة أخرى عناصر أمنية وقيادات من المجتمع المحلي يُحددون المنازل التي مازالت دون كهرباء في غرب الموصل كي تحصل على الماء والكهرباء من شاحنات المياه والمولدات العامة. كانوا دائما يضعون العائلات التي لها أقارب يُشتبه في انتمائهم إلى داعش في آخر القائمة. قال العامل إنهم منعوا إيصال الوقود والماء إلى حيّ آخر للأسباب نفسها.
في يناير/كانون الثاني، أمرت أجهزة المخابرات منظمة إغاثة دولية بوقف تقديم مساعدات مالية لعائلات من حي القدس شرق الموصل، لأن السكان أفادوا بأنها كانت تقدم مساعدات لعائلات لها أقارب في داعش، بحسب عامل إغاثة.
تدعو المبادئ الإنسانية الدولية إلى إيصال المساعدات بشكل محايد إلى أكثر الناس حاجة لها، دون تفريق أو تمييز. كما ينص القانون الدولي لحقوق الإنسان على أن تحترم الحكومات الحقوق الأساسية، ومنها الحق في الغذاء، دون تمييز. معاقبة الأشخاص بسبب أعمال ارتكبها غيرهم ترقى إلى العقاب الجماعي غير القانوني.
بعد أن أمضيت وقتا في الموصل، بوسعي أن أشهد على وجود غضب لدى الناس الذين عانوا من حكم داعش المروّع، وعلى مشاعرهم تجاه من يعتقدون أن لهم صلات بالتنظيم. ولكن على الحكومة العراقية أن تتعلم من تاريخها الحديث، والعواقب الوخيمة للاستمرار في حلقة التهميش، وأن تتخذ جميع الخطوات الضرورية لوضع حدّ للعقاب الجماعي.