Skip to main content
تبرعوا الآن

لبنان: نمط من الملاحقات بسبب حرية التعبير

يجب إلغاء قوانين تجريم التعبير السلمي وإسقاط التهم

نواب لبنانيون يحضرون جلسة برلمانية في بيروت، لبنان، 17 أكتوبر/تشرين الأول 2017.  © 2017 رويترز

 

)بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن نمط الملاحقات القضائية بحق منتقدي المسؤولين يهدد حرية التعبير والرأي في لبنان. الأسبوع الماضي، في 24 يناير/كانون الثاني 2018، في آخر قضية من نوعها، وجهت النيابة العامة تهمة التشهير إلى هشام حداد، مقدم برنامج كوميدي، بعد حلقة أطلق فيها نكات عن رئيس الوزراء سعد الحريري وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

على السلطات إسقاط التهم الجنائية ضد الخطاب السلمي، وعلى البرلمان أن يلغي فورا القوانين التي تجرّم مجرد انتقاد السلطات أو الرموز الوطنية. لا يجوز للسلطات في أي حال من الأحوال احتجاز الأشخاص بسبب الانتقادات السلمية.

قالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "مساحة حرية التعبير في لبنان تتقلص بسرعة، إذ تواصل السلطات توجيه اتهامات جنائية ردا على انتقادات ضد المسؤولين. هذا النوع من الرد الثقيل لا يؤدي سوى إلى تقييد حرية التعبير والرأي، وتشويه صورة لبنان".

ازدادت حدة هذه الحالات في الأشهر الأخيرة. في 10 يناير/كانون الثاني، حكمت محكمة لبنانية عسكرية على الصحفية والباحثة اللبنانية حنين غدار غيابيا بالسجن 6 أشهر، بتهمة التشهير بالجيش اللبناني خلال مؤتمر عام 2014 في الولايات المتحدة، وفقا لما ذكرته غدار لـ هيومن رايتس ووتش. في 20 يناير/كانون الثاني، استدعت مخابرات الجيش الناشط عبادة يوسف، لاستجوابه بشأن منشورات في "فيسبوك" عن كبار السياسيين اللبنانيين. قال يوسف لهيومن رايتس ووتش إنه احتجز من قبل الجيش وقوى الأمن 4 أيام.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، أفادت وسائل إعلام محلية أن مارسيل غانم، مقدم البرامج التلفزيونية البارز، اتُهم بعرقلة سير العدالة بعد أن احتج على التهم الموجهة ضد اثنين من ضيوفه لانتقاد الرئيس. في نوفمبر/تشرين الثاني أيضا، اعتُقل الشاعر اللبناني مصطفى سبيتي، بتهمة "الإساءة" إلى مريم العذراء على فيسبوك، واحتجز 16 يوما. قال محاميه لهيومن رايتس ووتش إنه اتُهم بموجب المادتين 474 و317 من قانون العقوبات اللبناني، فيما يتعلق بإهانة الشعائر الدينية والتحريض على الطائفية. في الشهر نفسه، اعتُقل الصحفي وأمين عام "التحالف المدني الإسلامي" أحمد أيوبي بتهمة تحقير الرئيس، واحتجز 13 يوما، وفقا لما قاله محاميه لهيومن رايتس ووتش.

بالإضافة إلى الملاحقات القضائية المتعلقة بالتعبير الذي لا ينبغي تجريمه، استخدمت الأجهزة الأمنية، بما فيها قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني، القوة ردا على احتجاجات أخيرة، ما زاد من تآكل مساحة حرية التعبير. أدى ما يبدو أنه انعدام المساءلة عن هذه الانتهاكات إلى تأزيم الوضع.

رغم أن المحاكم اللبنانية لا تصدر في كثير من الأحيان أحكاما بالسجن لمدة طويلة على الخطاب السلمي، إلا أن الملاحقات القضائية واستخدام الحبس الاحتياطي والمحاكمات المطولة تشد الخناق على حرية التعبير والرأي.

يضمن الدستور اللبناني حرية التعبير "ضمن دائرة القانون". ولكن قانون العقوبات اللبناني يجرم القدح والذم ضد الموظفين العموميين، ويجيز السجن حتى سنة في مثل هذه الحالات. تسمح المادة 384 من قانون العقوبات بالسجن بين 6 أشهر وسنتين لـ "تحقير" الرئيس أو العلم أو الشعار الوطني. تجرم المادة 157 من "قانون القضاء العسكري" إهانة العلم أو الجيش، وتنص على السجن بين 3 أشهر و3 سنوات.

القوانين التي تسمح بالسجن ردا على انتقاد الأفراد أو المسؤولين الحكوميين لا تتفق مع التزامات لبنان الدولية بحماية حرية التعبير. هذه القوانين هي استجابة غير متناسبة وغير ضرورية لضرورة حماية السمعة، وتشلّ التعبير الحر. بالإضافة إلى ذلك، لا يعرّف القانون اللبناني جيدا مصطلحات "القدح" و"الذم" و"التحقير"، ويمكن استخدام أحكام القانون الغامضة وواسعة النطاق  لقمع انتقاد أعمال أو سياسات المسؤولين الحكوميين.

رأت "لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة"، التي تفسر "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" الذي صادق عليه لبنان عام 1972، أن "مضايقة شخص بسبب الآراء التي يعتنقها أو تخويفه أو وصمه، بما في ذلك توقيفه أو احتجازه أو محاكمته أو سجنه"، تنتهك العهد. أعلنت اللجنة معارضتها للقوانين التي تجرم إهانة رئيس الدولة أو الرموز الوطنية. كما أوضحت أن "في حالات النقاش العام الذي يتعلق بشخصيات عامة في المجال السياسي والمؤسسات العامة، فإن العهد يولي أهمية بالغة بشكل استثنائي لكفالة التعبير غير المقيد".

وثّقت منظمات حقوقية محلية ودولية منذ فترة طويلة استخدام لبنان قوانين التشهير لمعاقبة المحامين والصحفيين والناشطين على الآراء والبيانات التي يحميها القانون الدولي لحقوق الإنسان. وجد "مركز الدفاع عن الحريات الاعلامية والثقافية-سكايز"، في تقرير صدر عام 2016، أن قوانين التشهير اللبنانية تُستخدم "لاستهداف الناشطين والمعارضين ... وتخويف الصحفيين عبر الإنترنت والمدونين ومستخدمي الإنترنت من التحدث عن مواضيع معينة، ما يمهد الطريق أمام الرقابة الذاتية وخنق التعبير".

في أكتوبر/تشرين الأول 2015، أنشأت منظمة "مارش" غير الحكومية اللبنانية، التي تعمل على حرية التعبير، خطا ساخنا، وهو ما يعد بتقديم استشارات قانونية لأي شخص يستدعيه "مكتب جرائم المعلوماتية" في لبنان بسبب التعبير على الإنترنت.

قالت هيومن رايتس ووتش إن انتشار مثل هذه الملاحقات القضائية والتهديد بالاعتقال يعكسان الحاجة الملحة إلى أن يزيل البرلمان اللبناني العقوبات الجنائية عن القدح، الذم، وانتقاد المسؤولين والرموز العامة.

قالت فقيه: "العدد المرتفع وحده لهذه التوقيفات والملاحقات يثير القلق؛ كما أن هذا التعبير لم يكن ينبغي أن يُجرَّم في الأصل. على البرلمان اللبناني إلغاء القوانين التي تجرم حرية التعبير والتشهير، ووقف هذه الملاحقات القضائية".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع

الأكثر مشاهدة