Skip to main content
تبرعوا الآن

إيران تفوقت على نفسها بإسكات الناشطين

متظاهرون في طهران، إيران، 30 ديسمبر/كانون الأول 2017. © رويترز © 2017 رويترز

عندما اندلعت الاحتجاجات في مشهد يوم 28 ديسمبر/كانون الأول، وانتشرت بسرعة إلى عشرات المدن الأخرى في جميع أنحاء إيران، يبدو أنه قلّ من كان يعرف فعلا من هم المتظاهرون، أو المظالم المحددة التي خرجوا من أجلها إلى الشوارع. حتى في مجموعات "تلغرام" على الإنترنت، التي تضم مئات الناشطين السياسيين والاجتماعيين داخل البلد وخارجه، قلة هم من استطاعوا أن يقدموا سردا مباشرا لما يحدث.                                                                                             

لكن من خلال تجميع لقطات الفيديو وروايات الشهود لتوثيق الانتهاكات المحتملة للحكومة، أصبح من الواضح أنه بغضّ النظر عمّا أشعل الاحتجاجات، فإن المتظاهرين يثيرون مجموعة واسعة من المظالم السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي طال أمدها. جعلت هذه الأمور عشرات الآلاف من الإيرانيين الذين ليست لهم أي انتماءات سياسية أو نشاط سابق يعلنون أن الأمور قد بلغت حدها، وأنهم يريدون أن تُسمع أصواتهم - الآن.

قد يكون هناك سبب لعدم وجود قادة أو مجموعات محددة في هذه الاحتجاجات. فمنذ المظاهرات الطلابية عام 1999، سعت أجهزة الأمن الإيرانية إلى إسكات أي تعبئة ونشاط منظمَين، حيث أصبح الطلاب، المدافعون عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة، قادة النقابات ونشطاء حقوق الأقليات العرقية مستهدفين على الفور، ويجدون أنفسهم يسيرون في حقل ألغام من القيود القانونية وغير القانونية على حقوقهم في حرية التعبير والتجمع.

في عام 2009، ذهبت قوات الأمن إلى حد اعتقال أعضاء في الأحزاب السياسية القانونية. غادر مئات الناشطين البلاد، وقضى العشرات أحكاما قاسية بالسجن. استأنف الصحفيون والناشطون فيما بعد جهودهم لإعادة بناء المجتمع المدني، لكنهم واجهوا عوائق مماثلة. بقيت نرجس محمدي، نائبة رئيس "مركز المدافعين عن حقوق الإنسان" المحظور، في إيران لمواصلة نشاطها بعدما تركت عائلتها البلد، بما في ذلك ضد العدد الكبير جدا من عمليات الإعدام في إيران. تقضي نرجس الآن حكما بالسجن لمدة 10 سنوات. تم الزج برضا شهابي، الناشط البارز في مجال حقوق العمال، في السجن بسبب "جريمة" محاولة تنظيم نقابات عُمّالية مستقلة. حتى أولئك الذين يسلطون الضوء على الفساد المستشري يدفعون الثمن: يخضع ياشار سلطاني، الصحفي الذي فضح انتهاكات المسؤولين المالية في بلدية طهران، للمحاكمة على نشاطه.

في سياق الخناق الذي يمارسه النظام القمعي الإيراني ضد المجتمع المدني المنظم، من الطبيعي للسلطات إلغاء الاجتماعات وحرمان المجموعات المستقلة من التجمع السلمي لتظاهرات مثل يوم العمال أو اليوم الوطني للطالب. لا يتذكر الكثير من النشطاء السياسيين أبدا أنهم فكروا في الحصول على ترخيص للتجمع السلمي كخيار عملي.

تعتبر إيران النشاط السلمي "تهديدا للأمن القومي" إلى حد كبير، ويتم التعامل مع أولئك الذين يحذّرون من تعاظم المظالم الشعبية والفساد المستشري على أنهم محرّضون. في غياب صمّام الأمان الذي يوفره المجتمع المدني والنشاط السياسي، ليس من المستغرب أن يخرج الكثير من الناس إلى الشوارع في حالة إحباط وغضب خالصين.

هل ستتعلم السلطات من هذه الأحداث أن الحق في تكوين الجمعيات والتجمع السلمي هو جزء صحّي وضروري من أي مجتمع فعال؟ لقد كانت استجابة الحكومة حتى الآن مخيبة للآمال، إذ دأبت على اللعب على وتر المؤامرة الأجنبية المتآكل، بينما تحتجز فورا طلابا ناشطين معروفين، مع أن هؤلاء هم في أفضل وضع للتعبير عن المطالب من خلال قنوات سلمية منظمة.

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة