(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على السلطات العمانية إلغاء إدانة صحفي جريدة "الزمن" المعتقل منذ عام تقريبا، والإفراج عنه فورا، والسماح بإعادة فتح الصحيفة. كانت الاتهامات الموجهة ضد الصحفي والأسباب المُعلنة لإغلاق الصحيفة غامضة وتعسفية. وبما أن القضية تجرم انتقاد القضاء، فإنها تشكل أيضا انتهاكا لحرية التعبير.
أغلقت السلطات العمانية صحيفة الزمن في 9 أغسطس/آب 2016، بعد نشرها مقالا بعنوان "جهات عليا تغلّ يد العدالة" في 26 يوليو/تموز تدعى فيها وجود فساد داخل القضاء. ألقت السلطات القبض على 3 صحفيين – إبراهيم المعمري، رئيس التحرير، وزاهر العبري، المشرف على تغطية الأخبار المحلية، ويوسف الحاج، نائب رئيس التحرير، الذي لا يزال رهن الاعتقال. اتخذت السلطات العمانية إجراءات في الأشهر الأخيرة ضد العديد من الصحفيين والمؤلفين الآخرين ممن انتقدوا الحكومة.
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "تُظهر قضية صحيفة الزمن مدى التهديد الذي يتعرض له الناشطون الذين يسعون إلى كشف الفساد الحكومي في عُمان. على عمان السماح لصحيفة الزمن باستئناف النشر مجددا، وإطلاق سراح نائب رئيس تحريرها يوسف الحاج فورا، والتوقف عن محاولة إسكات منتقدي الحكومة".
بعد نشر المقال، اعتقلت السلطات العمانية المعمري في 28 يوليو/تموز والعبري في 3 أغسطس/آب. في 7 أغسطس/آب، نشرت الزمن مقابلة مع علي بن سالم النعماني، نائب رئيس المحكمة العليا العمانية والتي أيد فيها الادعاءات الواردة في المقالة بشأن تصرفات مسؤولين تسببت في تقويض استقلال القضاء. بعد ساعات، أعلنت وزارة الإعلام الإغلاق الفوري للزمن، واعتقل جهاز الأمن الداخلي في عمان الحاج في محل حلاقة في نفس اليوم.
في سبتمبر/أيلول، اتهمت المحكمة الابتدائية في مسقط المعمري والحاج بـ "الإخلال بالنظام العام" و "إساءة استخدام شبكة المعلومات" و "نشر وقائع دعوى أحوال مدنية" و"النيل من مكانة وهيبة الدولة"، والعبري بـ "تهمة "إساءة استخدام شبكة المعلومات [الإنترنت] في نشر ما من شأنه المساس بالنظام العام". حكمت المحكمة عليهما بالسجن 3 سنوات وغرامة قدرها 3000 ريال عماني (7,800 دولار أمريكي)، وحكمت على العبري بالسجن سنة وغرامة 1000 ريال عماني (2,600 دولار).
في 29 ديسمبر/كانون الأول، برأت محكمة الاستئناف العبري وخفضت حكم المعمري إلى 6 أشهر والحاج إلى سنة. تم الإفراج عن المعمري من السجن المركزي في مسقط في 10 أبريل/نيسان 2017، في حين لا يزال الحاج قيد الاعتقال.
كانت السلطات العمانية قد استهدفت الزمن والحاج من قبل بسبب انتقاداتهما. في 21 سبتمبر/أيلول 2011، أدانت محكمة مسقط الحاج بـ "التشهير" و"إهانة كرامة" وزير العدل ونائبه. حكمت على الحاج بالسجن 5 أشهر بتهم تتصل بكلا المسؤولين. أمر القاضي أيضا بإغلاق الصحيفة مدة شهر. نتجت هذه الاتهامات عن مقال كتبه الحاج في 14 مايو/أيار 2011 يزعم فيه أن وزير العدل ونائبه رفضا منح راتب لموظف مدني وترقيته بعد فترة طويلة من العمل.
كما أغلقت السلطات العمانية صحفا أخرى تنتقد الحكومة. أفاد "مركز الخليج لحقوق الإنسان" أنه في 3 مايو/أيار 2017، أمر جهاز الأمن الداخلي في عمان بحجب موقع مجلة "مواطن" المستقلة المحلية في كافة أنحاء البلاد. ذكرت هيومن رايتس ووتش في فبراير/شباط أن السلطات العمانية منعت أسرة رئيس تحرير مجلة مواطن ومؤسسها محمد الفزاري، المقيم حاليا في المملكة المتحدة، من السفر خارج البلاد.
في فبراير/شباط، أفاد "المركز العماني لحقوق الإنسان" بأن إدارة معرض الكتاب الدولي السنوي في مسقط سحبت كتابين ينتقدان الحكومة؛ أحدهما عبارة عن مجموعة من مقالات لمجلة مواطن والآخر ديوان شعري للشاعر أحمد العريمي بعنوان "لك لا ولاء".
في 23 مايو/أيار، حكمت المحكمة الابتدائية في مسقط على الكاتب والباحث منصور بن ناصر المحرزي بالسجن 3 سنوات بسبب كتابه "عمان في مربّع الفساد" الصادر عام 2016. أصدرت المحكمة الحكم رغم سحب الكاتب لكتابه من سوق الكتاب العماني، وفقا للمركز العماني لحقوق الإنسان. في اليوم نفسه، أمرت المحكمة بإطلاق سراح المحرزي بعد دفعه كفالة، وفقا لما ذكره المركز.
تقيد السلطات المحتوى الرقمي والانتقادات عبر الإنترنت بموجب المادة 61 من قانون الاتصالات لعام 2002 التي تعاقب "أي شخص يرسل، عن طريق نظام الاتصالات، رسالة تنتهك النظام العام أو الآداب العامة". وثقت هيومن رايتس ووتش انتشار هذه القيود القانونية على الحق في حرية التعبير، ولا سيما استهداف وسائل التواصل الاجتماعي، عبر دول "مجلس التعاون الخليجي" في تقرير "140 رمزا" الذي يضم الناشطين الذين تمت ملاحقتهم لوجهات نظر صرحوا بها على الإنترنت.
تتهتك هذه الاعتقالات وإغلاق وسائل الإعلام المستقلة المعايير الدولية لحرية التعبير، ولا سيما الحق في انتقاد المسؤولين الحكوميين. تضع "لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان" سقفا عاليا يمنع تقييد الانتقادات الموجهة ضد المسؤولين الحكوميين، وتؤكد على أن "مجرد اعتبار أن أشكال التعبير مهينة للشخصية العامة لا يكفي لتبرير فرض عقوبات".