الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا البريطانية هذا الأسبوع، بأن مبيعات الأسلحة البريطانية للسعودية قانونية، مخيب للآمال بشدة.
هدفت القضية القانونية البارزة، التي رفعتها "حملة مناهضة تجارة الأسلحة"، إلى إثبات أن الحكومة البريطانية تخترق معايير ترخيص تصدير الأسلحة ببيعها الأسلحة إلى الرياض. استندت القضية إلى انتهاكات القانون الإنساني الدولي التي ارتكبها التحالف بقيادة السعودية خلال حملته العسكرية في اليمن.
لو حكمت المحكمة العليا لصالح حملة مناهضة تجارة الأسلحة، كان من المرجو أن تعلّق بريطانيا بيع الأسلحة للسعودية – على الأقل مؤقتا – وبالتالي المساعدة في الضغط على الرياض لإنهاء هجماتها غير القانونية في اليمن، التي أدت إلى مقتل أكثر من4900 مدني وجرح 8500 آخرين ودفعت بالملايين إلى حافة المجاعة.
بالتالي، إن حكم يوم الإثنين هو خبر مروع بالنسبة للمدنيين اليمنيين. لكن مقاربة المحكمة تضمنت نواقص كبيرة.
على سبيل المثال، للتوصل إلى حكم بشأن ما إذا كان هناك "خطر جدي" بأن الأسلحة والمعدات البريطانية المباعة إلى السعودية ستستخدم لارتكاب "انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي" – وهذا هو صلب الدعوى – من الضروري النظر بدقة في سجل السعودية خلال النزاع في اليمن، وفحص كل الأدلة المتناقضة التي طرحها مختلف الأطراف.
يثني حكم المحكمة على إجراءات الحكومة البريطانية للنظر في مزاعم انتهاك القانون الإنساني الدولي. هذا يشمل حقيقة أن الحالات توضع في قاعدة بيانات مركزية تابعة للحكومة، وهي معروفة باسم "المتعقب"، فضلا عن المناقشات المتكررة والرفيعة المستوى بشأن هذه القضايا في وايتهال. يشار إلى هذا النشاط كدليل على النوايا الحسنة الوزارية ويدعم ادعاء الحكومة، الذي دعمته المحكمة، بأن بريطانيا تمتثل لالتزاماتها القانونية.
لكن هل يكفي ذلك؟ حددت "هيومن رايتس ووتش" ما لا يقل عن 81 هجوما غير قانوني من قبل التحالف بقيادة السعودية، الذي ضرب المدارس والأسواق والمستشفيات والمنازل. كما حددت "منظمة العفو الدولية" والأمم المتحدة عشرات الضربات من التحالف بقيادة السعودية التي اعتبرتها المنظمتان غير قانونية. رغم أن ذلك لا يقال علنا، فإن موقف بريطانيا من هيومن رايتس ووتش، منظمة العفو الدولية، وهيئات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان – التي كثيرا ما تثني الحكومة البريطانية على عملها في سياقات أخرى لموضوعيتها ودقتها – هو أنها أخطأت، مرارا وتكرارا، في كل ما يتعلق بقضية اليمن.
يحق للحكومة تحدي أبحاث منظماتنا وتحليلاتها القانونية واستنتاجاتها، ولكنها فشلت في تقديم أي أدلة مضادة مقنعة تنقض أدلتنا وتثبت مزاعمها. الأهم من ذلك، تبدو المحكمة سعيدة بتأكيدات الحكومة السعودية بأنها لا تزال "ملتزمة حقا بالامتثال للقانون الإنساني الدولي".
تضخم المحكمة، على سبيل المثال، حقيقة أن الحكومة سرعان ما أثارت مخاوف عندما قصف التحالف بقيادة السعودية مجلس عزاء في صنعاء في أكتوبر/تشرين الأول 2016 – وهو هجوم مروع قتل وأصاب مئات المدنيين. لكن حتى في هذه الحالة – التي وصفها مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بـ "الشائنة" والتي دفعت الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في دعمها للتحالف بقيادة السعودية وإيقاف بعض مبيعات الأسلحة – لم تذكر المملكة المتحدة ما إذا كانت تعتقد أن الغارة الجوية كانت قانونية أم لا.
كذلك يشير الحكم إلى هجوم وقع في أكتوبر/تشرين الأول 2016 على مجمع الزيدية الأمني غربي اليمن، مُلاحظا أن الموقع "يزعم البعض أنه سجن". زار باحثونا الموقع، ووثقوا بقايا أسلحة الهجوم، وقابلوا المدنيين الذين أصيبوا بجروح خطيرة، وكثير منهم يعاني من حروق شديدة. أخبروا هيومن رايتس ووتش عن الرعب الذي شعروا به عندما ضربت القنبلة الأولى، عندما أدركوا أن الحراس لن يسمحوا لهم بالخروج، وعندما سقطت القنبلتان التاليتان. ترفض الحكومة هنا مرة أخرى إعلان ما إذا كانت تعتبر الضربة قانونية أم لا.
كما تقدم المحكمة بعض البيانات عن عمل المنظمات الحقوقية، بما في ذلك أنها غالبا "لم تزر اليمن أو تجري تحقيقات فيه وتعتمد حتما على معلومات من مصادر غير مباشرة". هذا غير صحيح. زارت هيومن رايتس ووتش اليمن مرارا منذ بداية الحرب في مارس/آذار 2015، وأجرت العديد من التحقيقيات الميدانية. كما أن هيومن رايتس ووتش لا تعتمد على معلومات من مصادر غير مباشرة. بدلا من ذلك، نجري تحقيقات شاملة تستند إلى مصادر متعددة للمعلومات، منها المقابلات وأشرطة الفيديو والصور الفوتوغرافية وصور الأقمار الصناعية.
تشير المحكمة أيضا باستحسان إلى وتيرة اتصال الحكومة البريطانية بالسلطات السعودية، وعدد من التصريحات العلنية التي أدلى بها السعوديون مؤخرا. لكن أين الدليل على أن هذا قد ترجم إلى تغييرات في سلوك السعودية؟
لم تهدأ الحرب في اليمن. يواصل التحالف بقيادة السعودية، مدعوما ومسلحا من المملكة المتحدة، تنفيذ الهجمات التي نعتبرها نحن وغيرنا غير قانونية. هناك ببساطة الكثير من الأسئلة التي لم يتم الرد عليها في هذا الحكم، ما لا يؤهله لتكون له الكلمة الفصل في مبيعات الأسلحة البريطانية إلى السعودية.