(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات القطرية أعادت قسرا إلى السعودية في 25 مايو/أيار 2017 ناشطا سعوديا. فرّ محمد العتيبي إلى قطر في مارس/آذار. يخضع العتيبي حاليا للمحاكمة في السعودية على ذمة اتهامات متصلة حصرا بعمله بمجال حقوق الإنسان، وقد تسفر المحاكمة عن عقوبة بالسجن المطول.
يبدو أن إعادة قطر العتيبي تنتهك مبدأ عدم الإعادة القسرية، بما ينتهك الحظر الذي يفرضه القانون الدولي العرفي على إعادة شخص إلى خطر حقيقي للاضطهاد، حيث تتعرض حياته أو حريته للتهديد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو عضويته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو بسبب رأيه السياسي، أو عندما يكون هناك خطر حقيقي بالتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو المهينة أو غيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. دعت هيومن رايتس ووتش قطر في 25 أبريل/نيسان إلى عدم ترحيل العتيبي.
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "تجاهل حُكام قطر سلامة العتيبي بإعادته إلى محاكمة غير عادلة وربما إلى حيث سيتعرض لسوء المعاملة. المخالفة الظاهرة لحق أساسي من حقوق اللاجئين – بعدم الإعادة القسرية – هو عمل يوجه رسالة مُهددة لنشطاء حقوق الإنسان في شتى أنحاء الخليج، مفادها أنهم لا يمكنهم الإحساس بالأمان".
قال قريب للعتيبي لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات القطرية احتجزت العتيبي في "مطار حمد الدولي" في قطر مساء 24 مايو/أيار، فيما كان يحاول مغادرة قطر إلى دولة أخرى. تأكد القريب المذكور من السلطات القطرية أن الأخيرة سلمت العتيبي للسلطات السعودية في الصباح التالي. لم يتمكن من الطعن بعملية ترحيله.
أثناء وجوده في قطر، قال العتيبي لـ هيومن رايتس ووتش إن مسؤولي المباحث السعودية (المخابرات الداخلية) اتصلوا به يومي 19 و20 أبريل/نيسان وطلبوا معرفة مكانه، وإنه أخبرهم بوجوده في قطر. كان قد فاته موعد جلستيّ محاكمة في الرياض بتاريخ 25 أبريل/نيسان وفي 17 مايو/أيار.
يواجه العتيبي – ومعه عبد الله العطاوي وهو ناشط سعودي آخر – جملة من الاتهامات الفضفاضة المتصلة بمنظمة حقوقية أنشآها في 2013 ولم يدم نشاطها طويلا.
تشمل الاتهامات المنسوبة إلى العتيبي: "[الاشتراك] في تأسيس جمعية والإعلان عنها قبل الحصول على التراخيص اللازمة" و"[الاشتراك] في إعداد وصياغة وإصدار عدة بيانات... على الشبكة العنكبوتية تتضمن إساءة لسمعة المملكة..." و"استعداء لمنظمات حقوقية دولية ضد المملكة وذلك بنشره عبر حسابه على موقع للتواصل الاجتماعي تقارير مكذوبة عن المملكة...".
وقع جميع المؤسسين في أواسط 2013 تعهدا – بعد إصرار السلطات على توقيعهم عليه – بالكف عن أي نشاط حقوقي. تنص لائحة الاتهام على أنه بعد مراقبة التزامه بالتعهد "تبين أن الأول [محمد العتيبي] ما زال على نهجه السابق ورُصد عليه عدة مخالفات...". لكن "المخالفات" المذكورة في لائحة الاتهام تعود إلى أعمال من المفترض أنها حصلت قبل التعهد، بما في ذلك "حضوره لاجتماعات المنتمين والمتعاطفين مع جمعية حسم ["الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية"] المحلولة... وكان آخرها بتاريخ [14 سبتمبر/أيلول 2013]".
إحدى الاتهامات الموجهة للرجلين ترتبط بمخالفة المادة 6 من "نظام مكافحة جرائم المعلوماتية" السعودي، التي تحظر "إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، والقيم الدينية، والآداب العامة، وحرمة الحياة الخاصة، أو إعداده أو إرساله أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية". تفرض هذه المادة عقوبات بالسجن تصل إلى 5 سنوات، وغرامة تصل إلى 3 ملايين ريال سعودي (800 ألف دولار أمريكي). وثقت هيومن رايتس ووتش استخدام السعودية لقانون جرائم المعلوماتية المسيء هذا في معاقبة المعارضين والنشطاء في تقرير أصدرته في عام 2016 بعنوان "140 رمزا".
أدت قضايا مماثلة في الماضي ضد نشطاء حقوقيين إلى السجن لفترات تراوحت بين 5 و15 عاما.
وثقت هيومن رايتس ووتش مزاعم بلجوء الأمن العام السعودي والمديرية العامة للمباحث في بعض الأحيان إلى تعذيب المحتجزين وإساءة معاملتهم.