(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن قرار محكمة بالقاهرة في 23 مارس/آذار 2017 بتأجيل إصدار حُكمها في قضية آية حجازي و"مؤسسة بلادي لأطفال الشوارع" يثير المزيد من الشكوك حول قدرة النظام القضائي المصري على إحقاق العدالة في هذه القضية العجيبة. حجازي وبقية المدعى عليهم في القضية – ومنهم زوجها – محتجزون منذ توقيفهم في مايو/أيار 2014، بما يتجاوز بكثير حدّ الحبس الاحتياطي على ذمة المحاكمة المُحدد بعامين في القانون المصري، مع التأجيل المتكرر للقضية التي شابتها انتهاكات خطيرة لمبادئ المحاكمة العادلة. لم تقدم المحكمة أسبابا لتأجيلها إصدار الحُكم.
حجازي المصرية-الأمريكية وزوجها محمد حسانين، وهو مواطن مصري، شاركا في تأسيس مؤسسة بلادي التي كانت تقدم خدمات لأطفال الشوارع في القاهرة. داهمت الشرطة المؤسسة في 1 مايو/أيار 2014 دون أمر قضائي، وصادرت حواسيب محمولة ومعدات أخرى، ثم احتجزت حجازي وحسانين وآخرين، بينهم امرأة كانت تعد الطعام في المؤسسة وفنانا يشاركهم في المقر، وأطفالا كانوا حاضرين وقت المداهمة. اتهمت السلطات البالغين بالإتجار بالبشر واستغلال الأطفال جنسيا واستخدامهم في مظاهرات معارضة للحكومة، وتشغيل منظمة بدون ترخيص.
قال جو ستورك، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "قضية آية حجازي ومن معها لا توصف بأقل من أنها مهزلة قضائية. لم يتمكن المتهمون من مقابلة المحامين على انفراد، وتكرر إرجاء الجلسات لفترات طويلة، فيما رفضت المحكمة بشكل متكرر ودون أسباب طلبات عديدة للإفراج عن المتهمين بكفالة، حتى صار احتجازهم يرقى على ما يبدو إلى الاحتجاز التعسفي".
قالت هيومن رايتس ووتش إن الإجراءات القضائية بحق حجازي والآخرين شابتها انتهاكات لحقوق المدعى عليهم في تحضير الدفاع وفحص الأدلة وشهود الإثبات، وفي المحاكمة دون تأخير لا مبرر له.
حدثت الاعتقالات إبان مزاعم لا أساس لها من رجل مصري بأن ابنه محتجز رغما عنه بمقر المؤسسة. قال شخص مطلع على القضية إن الصبي لم يزر المنظمة قط وعُثر عليه فيما بعد في محافظة أخرى، وهو الأمر الذي أكده أحد الصحفيين بعض استعراض سجلات القضية.
قالت هيومن رايتس ووتش إن السلطات مطالبة على الأقل بالإفراج فورا عن حجازي والآخرين بكفالة أو توضيح سبب استمرار احتجازهم بموجب القانون. تطالب المعايير الدولية بألا يُستخدم الحبس الاحتياطي على ذمة قضية إلا "كحل أخير" لمنع هروب المتهم أو لتفادي الخطر الذي قد يلحق بالضحايا أو بالسلامة العامة.
أفادت منظمات حقوقية مصرية تابعت القضية أن المدعى عليهم احتجزوا في موقع مجهول ليومين بعد القبض عليهم. في الجلسة الأولى للقضية، بعد 10 أشهر تقريبا، في أواسط مارس/آذار 2015، تم تأجيل القضية فور بدء الجلسة، وتلتها تأجيلات أخرى، دون إبداء أسباب.
قال شخص مطلع على إجراءات القضية إن المدعى عليهم لم يُسمح لهم بمقابلة محاميهم على انفراد منذ القبض عليهم، أو أثناء الجلسات. اقتصرت المشاورات مع المحامين على الحديث في زيارات السجناء الجماعية في حضور حراس وآخرين، ومن وراء القفص المُحتجز به جميع المدعى عليهم في قاعة المحكمة. تمت أغلب المشاورات القانونية عن طريق أهالي المتهمين.
انعقدت المحاكمة بالكامل في جلسات مغلقة في حجرات القضاة وليس في القاعات العامة، وقال القاضي إن السبب هو ادعاءات الاعتداء الجنسي في القضية. في واقعة واحدة على الأقل، حسبما أفاد مراقبو القضية، يبدو أن القاضي قابل وكيل النيابة في حجرته دون السماح للمحامين بفرصة الحديث معه أو تقديم طلبات الكفالة أو أي طلبات أخرى.
لم يمثل أمام المحكمة سوى شاهد واحد من بين 11 شاهدا مذكورين في القائمة التي قدمتها النيابة، بالإضافة إلى رجل شرطة قاد المداهمة، ومسؤول بالطب الشرعي. يبدو أن المحكمة رفضت طلبات الدفاع باستجواب الشهود الآخرين الذين قدمتهم النيابة. لكن الشخص المطلع على أطوار القضية قال إن شهاداتهم كانت جزءا من بيان النيابة الختامي. لم تعرض النيابة أي من الأطفال كشهود، وقد تراجع عدة أطفال عن أقوالهم التي سجلتها الشرطة إبان المداهمة مباشرة. هناك طفل استُدعي في المحكمة كشاهد قال إن الشرطة ضربته لإكراهه على القول بأنه عانى من انتهاكات في منظمة بلادي، وادّعى محام في المحكمة أن الشرطة أساءت لأطفال آخرين.
اعتمد تقرير الطب الشرعي الذي اعتمدته النيابة أساسا لادعائها بوقوع انتهاكات جنسية على فحوص شرجية لعدد من الأطفال، بصفة هذا الفحص دليل على وقوع نشاط جنسي، علما بأن الفحص الشرجي ممارسة نُزعت عنها المصداقية وهي تنتهك الحظر الدولي ضد التعذيب. قالت منظمات حقوقية مصرية تابعت القضية إن فحوصات الطب الشرعي لم تصل لأدلة على نشاط جنسي بالإكراه. قالوا إن في الحالات التي زعم الخبير فيها العثور على أدلة على نشاط جنسي، لم تكن هناك شواهد على وقوع نشاط جنسي بالإكراه أو أنه وقع في مقر المؤسسة. هناك صبي استُدعي كشاهد، يبدو أنه أخبر المحكمة بأن في حالته تم الجنس برضاه وأن المؤسسة لم تشجعه عليه بأي شكل أو هي قبلت به.
ادعت النيابة أن "اللجنة الفنية" توصلت لوجود فيلمين جنسيين على جهاز حاسوب تمت مصادرته من بلادي. أشارت النيابة في بيانها الختامي لوجود "أفلام أجنبية فيها مشاهد جنسية". قال الدفاع إن الحواسيب لم تُحفظ كأدلة مختومة، وأنها كانت عرضة للتلاعب. لم يحصل محامو الدفاع على نسخ من تقرير نتائج اللجنة الفنية.
قال ستورك: "أدت ملاحقة ومحاكمة آية حجازي والمتهمين الآخرين – فضلا عن جميع انتهاكات سلامة الإجراءات القانونية – إلى تعريض أطفال لفحوصات شرجية وكشف هوياتهم ونشر مقاطع فيديو لاستجوابهم، مع حرمانهم من فرصة حقيقية للدفاع عن أنفسهم. المُحاكمة التي يُفترض أنها بدأت لحماية أطفال، شابتها انتهاكات ضد جميع الأطراف لسنوات، وبرعاية الدولة".