(واشنطن) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن الأمر التنفيذي الجديد للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يحجّم برنامج اللاجئين الأمريكي، سيُلحق أضرارا باللاجئين والأمريكيين كتلك التي يتسبب فيها الأمر السابق.
الأمر الصادر في 6 مارس/آذار 2017 يحظر لمدة 90 يوما دخول مواطني 6 دول بها أغلبية مسلمة إلى الولايات المتحدة، فضلا عن الأفراد على قائمة دول غير معروفة بعد، يُفترض أنها لا تقدم معلومات كافية للولايات المتحدة فيما يخص النظر في أمر التأشيرات والتصاريح الأخرى لدخول أراضيها. رغم أن القرار الجديد يفترض به معالجة ثغرات قانونية أعاقت تنفيذ الأمر السابق الصادر بتاريخ 27 يناير/كانون الثاني، فهو يقوض كثيرا من برنامج اللاجئين الأمريكي ويفرض حظرا عاما بناء على الجنسية دون إظهار وجود تهديدات أمنية فعلية من كافة مواطني هذه الدول.
قالت غريس مينغ، باحثة أولى في هيومن رايتس ووتش معنية بالولايات المتحدة: "الأمر التنفيذي الجديد لترامب الخاص باللاجئين ليس إلا القرار القديم في ثوب جديد. باسم مكافحة الإرهاب، يتخذ القرار الجديد اللاجئين أكباش فداء ويوجه رسالة إلى المسلمين بأنهم غير مرحب بهم في الولايات المتحدة. تنفيذه يعني التخلي عن عشرات آلاف اللاجئين الذين يحتاجون إلى الانتشال من ظروف خطرة، مع التنازل عن القيادة الأمريكية في قضية عالمية في غاية الأهمية".
لا يمكن رؤية الأمر التنفيذي الجديد بمعزل عن تصريحات ترامب إبان ترشحه وبعد توليه الرئاسة التي أشارت إلى القصد – من منطلق تحيّز – بمنع المسلمين كفئة دينية من دخول البلاد. مجرد تأكيد أن الأمر "لا تُحرّكه عداوة ضد أي دين" لن يُذهِب تلك التصريحات.
يعلّق الأمر التنفيذي الجديد دخول مواطني 6 من 7 دول بها أغلبية مسلمة وردت في الأمر السابق، وهي: ليبيا، إيران، الصومال، السودان، سوريا، واليمن، مع رفع العراق فحسب من القائمة. كما يطالب الحكومة الأمريكية بعمل قائمة بالدول التي لا تقدم معلومات كافية عن مواطنيها للولايات المتحدة على مسار اتخاذ قرارات منح التأشيرات، ما يحول دون حصول هؤلاء المواطنين على التأشيرات الأمريكية أو دخول الولايات المتحدة. يوضح القرار الجديد أن المقيمين الدائمين وحمَلة التأشيرات الحاليين ومن دخلوا الولايات المتحدة بالفعل كلاجئين أو مُنحوا اللجوء وحملة جنسيتين بإمكانهم دخول الأراضي الأمريكية.
الأمر الجديد – كسابقه – يعلّق استقبال اللاجئين من البرنامج الأمريكي لإعادة توطين اللاجئين، لمدة 120 يوما، ويستمر في تقليص عدد اللاجئين المقبولين للعام المالي 2017 من 110 آلاف إلى 50 ألفا. رغم أنه لا يُعلّق دخول اللاجئين السوريين تحديدا لأجل غير مسمى كسابقه، فإن وجود المواطنين السوريين على قائمة الحظر العامة يعني استبعاد أفراد كُثر في أشد الحاجة إلى الحماية.
أوضحت إدارة ترامب أن الأمر الجديد له نفس آثار أمر 27 يناير/كانون الثاني. إذ قال مستشار البيت الأبيض ستيفن ميلر في 21 فبراير/شباط إن الأمر الجديد "له نفس التبعات فيما يخص السياسات".
يستثني الأمر الجديد من يحملون بالفعل تأشيرات هجرة وتأشيرات أخرى. كما يسمح للقناصل بإصدار تأشيرات لمواطني الدول الست الذين يرون أن عدم منحهم التأشيرات سيؤدي إلى "ضرر غير مستحق" وإذا كانوا لا يمثلون أي خطر أمني. هذه الاستثناءات المحدودة ستعفي بعض الأفراد من أسوأ آثار الحظر، لكنها لا تبدّل من الحقيقة القبيحة التي يفرضها الأمر: حظر هجرة ضار وعشوائي على جنسيات برمتها.
في لحظة تشهد ارتفاع أعداد النازحين في شتى أنحاء العالم لدرجة غير مسبوقة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، فإن قرار إدارة ترامب بخنق برنامج اللاجئين الأمريكي يعني التخلي عن دور واشنطن القيادي في هذه القضية. قالت هيومن رايتس ووتش إن إجراءات التدقيق والمراجعة الأمريكية الخاصة باللاجئين صارمة للغاية بالفعل بما يؤدي – دون تفعيل الأمر الجديد – إلى استبعاد لاجئين مستحقين من سوريا والعراق ودول أخرى. يرفض الأمر أيضا دعم الحزبين الديمقراطي والجمهوري القائم منذ مدة طويلة لبرنامج إعادة توطين اللاجئين، ويقوّض الالتزامات تجاه حلفاء للولايات المتحدة – مثل الأردن وكينيا – يستضيفون مئات الآلاف من اللاجئين.
قالت مينغ: "يدخل الناس الولايات المتحدة لأسباب عدة، كلاجئين يفرون من وجه العنف الاضطهاد، أو كعمال مهرة يسهمون في الاقتصاد الأمريكي أو كطلاب في التعليم العالي أو كعائلات تسعى للم شملها. أما المتضررون، فالأمر التنفيذي يدمر فرصهم، سواء كانوا مواطنين أو غير مواطنين".
تؤكد الإدارة الأمريكية أن حظر الدخول مطلوب لمنع الإرهاب، لكن توصل تقرير استخباري لوزارة الأمن الداخلي إلى أنه "يُرجح ألا تكون دولة المواطنة مؤشرا دالا بمصداقية على احتمال ارتكاب أعمال إرهابية". مع أن الحظر مؤقت، فقد تؤدي متطلبات مشاركة المعلومات المفروضة على بعض الدول إلى حظر دائم لبعض الجنسيات، بما أن هذه الدول قد لا ترغب في الالتزام بهذه المتطلبات أو لا يمكنها الوفاء بها.
تحديدا، من غير المنطقي أو المعقول أن تطلب الحكومة الأمريكية من حكومة أجنبية تضطهد اللاجئين أن تمدها بمعلومات موثوقة عنهم.
قالت مينغ: "على ما يبدو ما زال الرئيس ترامب يعتقد أن من الممكن معرفة من هو الإرهابي بناء على الدولة التي جاء منها. تفعيل هذا الأمر التنفيذي سيعطي إحساسا مغلوطا بالأمن وأن خطوات حقيقية اتخذت لحماية الأمريكيين من الهجمات. في الواقع، يقوّض القرار مكانة الولايات المتحدة كملاذ آمن لمن يواجهون مخاطر داهمة".