(أربيل) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن قوّات عراقية هجّرت قسرا 125 عائلة على الأقل قالت إن لها صلات قرابة بمنتمين إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" ("داعش").
أجبرت مجموعات عشائرية سُنيّة (تُعرف بـ "الحشد العشائري") منضوية تحت "قوات الحشد الشعبي"، الخاضعة لرئيس الوزراء حيدر العبادي، وجنود عراقيون العائلات على مغادرة منازلها بعد تبني قرار صادر عن السلطات المحلية. تُحتجز العائلات – وجميعها من محافظة صلاح الدين – في مخيّم يُستخدم كسجن في الهواء الطلق قرب تكريت. دمّرت قوات الحشد الشعبي منازل بعض العائلات أيضا.
قالت لمى فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "بينما يناقش السياسيون في بغداد جهود المصالحة في العراق، تقوّض القوات التابعة للدولة هذه الجهود بتدمير المنازل وإجبار العائلات على الانتقال إلى معسكر اعتقال. هذه العائلات، المتهمة بارتكاب مخالفات بسبب علاقاتها، كانت في كثير من الأحيان ضحية لانتهاكات داعش، وعلى القوات الحكومية حمايتها وليس استهدافها بالانتقام".
في أغسطس/آب 2016، تبنّى مجلس محافظة صلاح الدين قرارا ينصّ على أنّ كلّ من يثبت تعاونه مع داعش أو انتماؤه إليه ليس له حق العودة إلى المحافظة. أمر القرار أيضا بالطرد الفوري لأقارب عناصر داعش من صلاح الدين لفترة تتراوح بين 10 سنوات ومدى الحياة، وذكر أنه لن يُسمح لهم بالعودة إلا إذا أصبح "موقفهم سليما". كما أنشأ القرار لجنة لمصادرة ممتلكات المنتمين إلى داعش، وتجميد بطاقاتهم وبطاقات عائلاتهم التموينية. تُعفى العائلات التي تقتل أقارب لها منتمين إلى داعش أو تُسلّمهم للسلطات العراقية.
قالت امرأة من قرية الشكرة، 3 كم جنوب الشرقاط، إن مقاتلي الحشد الشعبي أجبروها وأقاربها على مغادرة منزلهم في 7 يناير/كانون الثاني 2017 لأن شقيق زوجها التحق بداعش. قالت إن المقاتلين "أجبروا عائلتنا المؤلفة من 14 شخصا على المغادرة على متن شاحنة. لم يسمحوا لنا حتى بجلب لباس واحد".
قالت امرأتان من قرية العيثة إن قوات محلية تابعة للحشد الشعبي هدمت مئات المنازل بالمتفجرات بعد أن استرجعت المنطقة في 21 سبتمبر/أيلول. قالتا إن القوات لم تستهدف بعض العائلات التي كانت تعتقد أنها منتمية إلى داعش فحسب، بل أيضا عائلات كانت قد فرّت بسبب القتال. راجعت هيومن رايتس ووتش صورا بالقمر الصناعي أظهرت هدم 220 منزلا بين 23 سبتمبر/أيلول و23 أكتوبر/تشرين الأول في القرية بالمتفجرات والنيران.
بموجب قوانين الحرب، يحق لأطراف النزاع مهاجمة الأهداف العسكرية دون سواها. تدمير ممتلكات المدنيين عمدا أو باستهتار عمل غير قانوني ما لم تُستخدم لغايات عسكرية، وتدمير الممتلكات فقط لمعاقبة السكان أمر محظور بشكل مطلق.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات العراقية الاتحادية التحقيق في أي تدمير متعمد أو نهب طال الممتلكات الخاصة، ومعاقبة المتورطين إن حصلت انتهاكات، وتعويض الضحايا. يجب أن تطال المحاسبة من كانوا في مناصب قيادية أثناء حصول هذه الأعمال ولم يمنعوا وقوع جرائم.
زارت هيومن رايتس ووتش في 3 فبراير/شباط مخيم الشهامة للنازحين، 13 كم شمال تكريت، لمقابلة عائلات تأثرت بالقرار. قال حسين أحمد خلف، مدير المخيم، إن المخيم يأوي 362 عائلة، 237 منها فرّت من الحويجة، مدينة تقع 50 كم إلى الشمال الغربي من كركوك ومازالت تحت سيطرة داعش. جاءت هذه العائلات منذ أن فتح المخيم في مطلع يناير/كانون الثاني.
قال إنه على امتداد الشهر التالي، تم جلب 125 عائلة من الشرقاط للمخيم. قابلت هيومن رايتس ووتش 14 شخصا نزحوا قسرا مع عائلاتهم إلى المخيم. قالوا جميعا إن مقاتلي الحشد الشعبي أجبروهم على مغادرة ديارهم، بحضور قوات أمن عراقية وعربات للجيش. قالوا إنهم مُنعوا من مغادرة المخيم أو حمل هواتف خلوية.
في بث إخباري في صلاح الدين في يناير/كانون الثاني، قال الفريق الركن جمعة عناد سعدون، قائد عمليات قوات الأمن العراقية في محافظة صلاح الدين، إنه أمر بتهجير الأقارب المباشرين لعناصر داعش بعد صدور القرار عن المحافظة. قال إن "عوائل داعش" تم تحديدها عن طريق سكان آخرين أو عن طريق معلومات استخبارية جمعتها قوات الأمن. قال إنه أصدر الأمر لأنه يخشى وجود اتصالات بين أشخاص من هذه العائلات وأقاربهم في داعش في الموصل والجبهات الأخرى، ولوجود شكاوى من أقارب لضحايا انتهاكات داعش. أضاف أنه لن يكفّ عن تهجير هذه العائلات.
لكن أغلب العائلات التي تحدثت إلى هيومن رايتس ووتش إما أنكرت أن يكون لها أقارب في داعش، أو قالت إنهم أقارب من العائلة الموسعة، مثل أبناء العم أو الأصهار.
في 26 يناير/كانون الثاني، نُشر على صفحة "فيسبوك" تغطي أخبار صلاح الدين مقطعا فيديو تظهر فيهما قوات الحشد الشعبي في الشرقاط وهي ترحّل عائلات العناصر المشتبه بانتمائهم إلى داعش باستخدام عربات عسكرية.
تظهر في كلا المقطعين قائدة تعرف باسم ام هنادي ترأس قوّة محلية تابعة للحشد الشعبي في الشرقاط تُعرف بـ "تشكيل أم هنادي للمهمات الخاصة". تظهر في احدى المقطعين ومعها قوات مسلحة وهي تأمر العائلات التي وصفتها بـ "عوائل داعش" بالصعود إلى شاحنتين على الأقل تحملان لوحات عسكرية. كما يظهر في الفيديو قائدان في الجيش على الأقل، يُمكن تمييزهما بقبعتيهما الحمراوين. عرّف أحد المقاتلين والمصوّر نفسيهما كعناصر من الفرقة 17 - اللواء 60 في الجيش العراقي. في الفيديو الآخر، تقول أم هنادي للكاميرا: "إنه لشرف لي أن أنظف وأطهّر الشرقاط مع هكذا نخبة وهكذا أبطال".
نقل مقال حول المخيّم صدر في "نيويورك تايمز" في 29 يناير/كانون الثاني عن نائب محافظ صلاح الدين، عمار حكمت، قوله إن الهدف الأساسي من التهجير القسري هو "تحدّي الإرهابيين وإرسال رسالة صارمة إلى العائلات". كما نقل نفس المقال عن نائب المحافظ الأول، خزعل حماد، قوله إن تهجير العائلات كان يهدف إلى حمايتها من الهجمات الانتقامية من عائلات الجيران الذين فقدوا أقارب بسبب داعش. قال: "هناك مشاعر عدائية تجاه هؤلاء الأشخاص، وهذه المشاعر قد تؤثر على السلم الأهلي الذي نسعى إلى تحقيقه".
ذكر ردّ أصدرته دائرة حقوق الإنسان التابعة لوزارة الخارجية العراقية على نتائج بحث هيومن رايتس ووتش في 28 فبراير/شباط أن التهجير تم من قبل "قيادة عمليات صلاح الدين" بهدف حماية العائلات من الهجمات الانتقامية. أضافت الرسالة أن التهجير له أسباب أمنية تتعلق باستمرار العمليات العسكرية، ولأن بعض العائلات ربما تقدّم معلومات عن مواقع قوات الأمن العراقية إلى داعش. ذكر الردّ أيضا أن قيادة العمليات هي المسؤولة عن احتجاز العائلات وحمايتها في المخيم. لم يردّ ممثلو الحشد الشعبي على أسئلة وجهتها إليهم هيومن رايتس ووتش.
ذكر المقال أيضا أن رئيس الوزراء حيدر العبادي بعث برسالة في أواخر يناير/كانون الثاني إلى المحافظ ينتقد فيها عمليات التهجير، وأمر مسؤولي المحافظة والمسؤولين الاتحاديين بحلّ المشكلة. لا توجد أي إشارة إلى أنه دعا إلى معاقبة القوات المسلحة الخاضعة لقيادته التي شاركت في التهجير. قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات الاتحادية في العراق، بما فيها العبادي، الاستمرار في إدانة تهجير هذه العائلات قسرا، ومنع جميع القوات التابعة للدولة من المشاركة في هكذا أعمال.
قال شخصان ممن قابلتهم هيومن رايتس ووتش إن محافظ صلاح الدين أحمد عبد الله الجبوري جاء إلى المخيم في أواخر يناير/كانون الثاني وقال لهم إنه يعمل على إيجاد حلّ لضمان الافراج عنهم، ولكن لم يحصل أي شيء منذ ذلك الحين.
تنصّ المعايير الدولية الأساسية على أن معاقبة الجرائم تشمل فقط الأشخاص المتورطين في جرائم، بعد محاكمات عادلة تحدد الذنب الفردي لكل شخص. فرض عقوبات جماعية على عائلات أو قرى أو مجتمعات محلية بأكملها محظور بشكل مطلق، وقد يعتبر جريمة، وخاصة إذا تسبب في تهجير قسري.
بموجب قوانين الحرب، فإن تهجير المدنيين قسرا ممنوع منعا باتا باستثناء الحالات التي يكون فيها التهجير ضروريا لحماية المدنيين أو للضرورة العسكرية القاهرة، وحتى في هذه الحالات يكون فقط للفترة التي توجد فيها ضرورة. بموجب "نظام روما الأساسي" المنشئ لـ "المحكمة الجنائية الدولية"، فإن إسداء أوامر بتهجير المدنيين قسرا أثناء النزاع هو جريمة حرب. التهجير القسري الذي يتم على نطاق واسع أو بشكل منهجي وفي إطار سياسة تتبعها الدولة أو مجموعة مسلحة قد يرقى إلى جريمة ضدّ الإنسانية.
على مجالس المحافظات إلغاء أي قرارات تستهدف العائلات التي يُزعم انتماؤها إلى داعش لأنها تنتهك المعايير الدولية. على البرلمان العراقي إصدار قانون يدعو مجالس المحافظات إلى إلغاء هذه القرارات، وقوات الأمن إلى الكف عن عمليات التهجير القسري، وإعادة التأكيد على أن عمليات التهجير هذه غير قانونية وأن قوات الأمن التي تشارك فيها يجب معاقبتها.
قالت فقيه: "هناك مخاوف متصاعدة لدى أعضاء البرلمان والوزراء من التهجير القسري لما يسمى بعوائل داعش، ومن آثاره على جهود المصالحة في المناطق المسترجعة حديثا من التنظيم. يجب تحويل هذه المخاوف إلى خطوات عملية قبل أن تتكرر هذه السياسات المدمرة في جميع أنحاء البلاد".
مبررات محلية للتهجير
أخبر قادة محليون من صلاح الدين هيومن رايتس ووتش أن النزوح القسري للعائلات التي يُزعم انتماؤها إلى داعش يتماشى مع "الجلوة"، وهو مبدأ ينطوي على الترحيل القسري لعشيرة لتجنب الاحتكاك في حالة قيام أحد أعضائها بقتل شخص من عشيرة أخرى تعيش في نفس المنطقة.
يتخذ مسؤولون محليون آخرون اجراءات مماثلة لطرد ما يسمى "عوائل داعش". في يوليو/تموز، أصدر مجلس محافظة بابل قرارا يدعو السلطات إلى هدم منزل أي شخص ثبتت مشاركته في أنشطة إرهابية، وترحيل عائلته من المحافظة، والسماح باتخاذ اجراءات قانونية ضد العائلات التي يثبت "إخفاءها" أقارب منتمين إلى داعش. تواجه أسر من الأنبار صعوبات مماثلة. في يوليو/تموز، أصدر قادة محليون عهدا ينصّ على أن الأشخاص "المساندين" لداعش ممنوعون من العودة حتى مراجعة التهم الموجهة إليهم. قالوا إنه سيُسمح للأفراد الذين لم ينبذوا أقاربهم المنتمين إلى داعش بالعودة إلى ديارهم فقط "عندما يستقر الوضع".
مُصنّفون ضمن داعش
كان 4 من أصل 14 شخصا قابلتهم هيومن رايتس ووتش من قرية الشكرة، وقد نُقلوا إلى مخيم الشهامة يومي 7 و26 يناير/كانون الثاني. 3 كانوا من قرية العيثة، 11 كم شمال الشرقاط، ونُقلوا إلى المخيم أوائل يناير/كانون الثاني. أما البقية فكانوا من 3 أحياء من بلدة الشرقاط، ونُقلوا إلى المخيم أيام 26 و28 و29 يناير/كانون الثاني. جُلب البعض وحدهم في حين قال آخرون إنهم نُقلوا في 30 سيارة تقريبا مع نحو 11 عائلة أخرى. قال أغلبهم إن لهم صلات ضعيفة جدا، أو ليس لهم صلات أصلا، بمن انضم إلى داعش من عائلاتهم.
قال شخصان إن ابن عمهما، عنصر في تشكيل أم هنادي من قوات الحشد الشعبي، تنازعا معه على أرض لسنوات، هو من جلب القوات إلى منازلهما وأجبرهما على المغادرة. قالا إن لا صلة لهما بداعش. قالت امرأة أخرى إنها كانت ممرضة وواصلت عملها في المستشفى المحلي في ظل داعش لأنها كانت الممرضة الوحيدة هناك، وشعرت أن من واجبها توفير الرعاية الصحية للنساء. قالت إن المقاتلين جلبوها وعائلتها إلى المخيم، قائلين إنها تنتمي إلى داعش.
قالت امرأة أرملة إن مقاتلي داعش أجبروها على تزويج ابنتها، 14 عاما، لأحد مقاتليهم بعد سيطرتهم على قريتها في 2014. وفقا للأم، تزوجت الابنة المقاتل، الذي قُتل في وقت لاحق، وأنجبت طفلا قبل أسابيع من إجبارها هي وبقية عائلتها على النزوح. قالت المرأة إن قوات الحشد الشعبي والجنود العراقيين هجّروها هي وأسرتها، بما في ذلك ابنتها وحفيدها، إلى المخيم بسبب الزواج القسري.
قالت: "قالوا [الحشد الشعبي] لي إني وهبت ابنتي لداعش. لكنهم لا يفهمون وضعنا مع داعش والضغط الذي مارسوه علينا. لا يمكننا الاعتراض... لم يكن لدي خيار آخر. لم أستطع قول أي شيء... أصبحت داعش الحكومة التي تحكم الجميع. إنهم يحاربون كل الدول. ماذا يمكنني أن أفعل كامرأة لمعارضتهم؟"
قال رجل من حي الجامع: "عندما أخرجونا من الشرقاط، كانوا يحتفلون، وكأنهم حققوا انتصارا". أضاف أن قوات الحشد الشعبي وقوات الأمن العراقية جمعوا 28 شخصا من حيه ونقلوهم إلى مخيم في قافلة مؤلفة من عشرات السيارات بينما تصدح مكبرات الصوت بموسيقى صاخبة احتفالية.
رأينا كل هذه السيارات والشاحنات تتوقف فجأة في قريتنا، ورأيت العديد من مقاتلي الحشد يطرقون باب جيراني. كان ابنهم مع داعش. أجبروهم على الفور على الخروج والصعود إلى إحدى الشاحنات، ثم طرقوا باب منزلنا. فتحت حماتي الباب وأخبرت المقاتلين أن عائلة ابنها، شقيق زوجتي الذي كان قد انضم إلى داعش، تعيش في آخر الشارع. لكنهم قالوا لها: "أنتم أيضا على علاقة به".
أوضاع مخيم الشهامة
لاحظت هيومن رايتس ووتش أن العائلات من الحويجة والشرقاط في مخيم الشهامة تعيش في خيام في مناطق منفصلة. قال مدير المخيم إن هذا يعود إلى مخاوف من توترات محتملة بين من غادروا الحويجة طوعا وأولئك الذين هُجّروا قسرا من الشرقاط للاشتباه بصلة أفراد من أسرهم بداعش.
لا يُسمح لسكان مخيم الشهامة بالمغادرة، وتُمنع زيارتهم وامتلاكهم هواتف خلوية. قال سكان في المخيم من الموجة الأولى من العائلات من قضاء الحويجة لـ هيومن رايتس ووتش إنه كان يُسمح لهم سابقا بامتلاك هواتف ومغادرة المخيم بحرية حتى وصلت عائلات الشرقاط.
يتلقى المخيم دعما ومساعدات من 4 منظمات إغاثة دولية، لكن قال عاملا إغاثة إن معظم منظمات الإغاثة لن ترغب في دعم مخيم يُستخدم كموقع احتجاز للنازحين قسرا، بل مخيما يذهب إليه النازحون طواعية. لاحظت هيومن رايتس ووتش، بعد أن زارت نحو 10 مخيمات في العراق وإقليم كردستان، أن ظروف مخيم الشهامة أسوأ بشكل ملحوظ من باقي المخيمات التي زارتها. وفقا لعامل إغاثة ومدير المخيم، لا يوجد في المخيم عيادة أو مدرسة، ويفتقر إلى ما يكفي من خدمات الصرف الصحي والغذاء والماء والمحروقات للتدفئة.
التدمير والنهب
قال شيخ محلي من قرية العيثة قابلته هيومن رايتس ووتش في مخيم الشهامة إن قوات الحشد الشعبي وصلت بعد 3 أيام من استعادة الجيش العراقي القرية من داعش في 19 سبتمبر/أيلول. قالت امرأتان من القرية إن قوات الحشد دمرت مئات المنازل. قالت إحداهن إن منزلها كان من بين المنازل المدمرة وإنها شهدت عملية تدميره:
رأيتهم يدمرون المنازل. كانوا يدمرون نحو 15 منزلا في اليوم لمدة 15 يوما دون توقف. لم يُدمّر بيتي عندما جاء الجيش، ولكن... دمرت قوات الحشد الكثير من المنازل المجاورة. كانت قوات الحشد المحلية هي التي تدمر المنازل. رأيتهم وعرفتهم شخصيا، وعرفت أنهم من أعضاء الحشد الشعبي المحلي.
قالت إن قوات الحشد استهدفت منازل ليس فقط لعائلات ممن يُعتقد أن لهم صلات بداعش، بل أيضا بعض المنازل لأشخاص فروا بسبب الخوف فقط.
قال سكان محليون إنه على حد علمهم، لم تكن هناك غارات جوية على القرية بعد استعادتها، وبالتالي لا يمكن أن يُعزى الدمار إلى غارات جوية، ولم يكن هناك على ما يبدو أي ضرورة عسكرية للتدمير. هذا يعني أنه قد يشكل ذلك على الأرجح جريمة حرب. قالت إحدى النساء: "نريد من الحكومة العراقية إظهار الرحمة لهؤلاء النساء والأطفال، لا التصرف مثل داعش وتدمير البيوت وتشريد العائلات".
قال عدد من أفراد الأسر النازحة إن قوات الحشد نهبت أيضا ممتلكاتهم. قالت امرأة من حي تل الجميلة في الشرقاط إنه في صباح اليوم السابق لتهجيرها، صادرت قوات الحشد بقرتها دون إبداء أسباب. قال رجل من حي تل الجميلة وآخر من قرية الشكرة إن قوات الحشد استولت على سيارتيهما. قال بقية من قابلناهم إنهم لا يعرفون ما حدث لممتلكاتهم بعد مغادرتهم نظرا لعدم قدرتهم على استخدام هواتفهم.
الاحتجاز
قال 7 أشخاص ممن قابلناهم إن قوات الأمن العراقية ألقت القبض على واحد أو أكثر من أفراد أسرهم، أحدهم صبي عمره 15 عاما، للاشتباه في انتمائهم إلى داعش، في منازلهم أو في نقاط تفتيش في المنطقة، منذ مطلع أغسطس/آب. لم يسمع 6 منهم أي أخبار عن أقاربهم منذ ذلك الوقت، وجميعهم قالوا إنه بسبب الحظر المفروض على الهواتف، فإنهم غير قادرين على القيام بأي شيء لمعرفة ما إذا كانوا لا يزالون رهن الاحتجاز أو إن تمكنوا من الاتصال بمحام.
قال رجل من الشكرة إن قوات الأمن العراقية اعتقلته عند نقطة تفتيش قرب تكريت لأن شقيقه كان عضوا في داعش. قال إنه تعرض للضرب طيلة يوم بكابلات كهربائية والحراس يسألونه كيف استطاع العيش في نفس المسكن مع مقاتل من داعش. قال إنهم نقلوه تلك الليلة إلى غرفة عمليات صلاح الدين، ثم إلى سجن في تكريت. قال إنه عُرض بعد أسابيع على قاضٍ فأمر بالإفراج عنه ليعود بعدها إلى الشكرة. في 7 يناير/كانون الثاني، اضطر وأسرته إلى الانتقال إلى المخيم.
قال قرويّ آخر من الشكرة إنه في 24 سبتمبر/أيلول، طلب أكثر من 15 جنديا عراقيا وأعضاء في الحشد من كل رجال وفتيان القرية، ممن تزيد أعمارهم عن 15 عاما، التجمع في المدرسة المحلية لإجراء فحص أمني:
تجمعنا هناك أنا وابني، عمره 15 عاما، كما طُلب منا. نادى جندي 3 أسماء لرجال من القرية واعتقلهم. ثم أحضر حوالي 20 مقاتلا يرتدون شارات الحشد 10 رجال مقنعين أمامنا، وبدأوا بالإشارة إلى الناس عشوائيا، بينما وقفت قوات الأمن العراقية تشاهد من بعيد. أخذت قوات الحشد 14 رجلا وفتى واحدا، هو ابني، ممن أشاروا إليهم، ونقلوهم في شاحنات عسكرية. كان أحد مقاتلي الحشد يصور مجموعة المعتقلين على هاتفه بينما كانوا ينتظرون الصعود إلى الشاحنات، وأمرهم بالنباح كالكلاب.
أعادوا ابنه إليه بعد 28 يوما. تأكدت الأسرة من ضباط في الجيش العراقي أن ابنها لم يكن على لائحة المطلوبين. لكن بعد 5 أيام، جاءت قوات الحشد إلى المنزل مع رجل مقنع قال إن الصبي ينتمي إلى داعش واعتقلوه ثانية. قال الأب إنه لم يسمع عنه شيئا وأنه في 7 يناير/كانون الثاني، جاء أعضاء الحشد في القرية إلى منزلهم، وقالوا إنهم "عائلة دواعش"، وأخذوهم بشاحنات الحشد إلى المخيم.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات الاتحادية العراقية بذل جهود لإبلاغ أفراد الأسر عن أماكن وجود جميع المحتجزين. على السلطات الإعلان عن عدد من المقاتلين والمدنيين المحتجزين، بما في ذلك نقاط التفتيش ومواقع الفرز والمخيمات خلال النزاع مع داعش، والأساس القانوني لاحتجازهم، بما في ذلك التهم الموجهة إليهم. قالت هيومن رايتس ووتش إن عليها ضمان مراجعة قضائية مستقلة فورية للمحتجزين والسماح لهم بالاتصال بمحامين وتلقي الرعاية الطبية والتواصل مع أسرهم.