يحمل العام 2017 عدة مناسبات سنوية كبرى في إسرائيل وفلسطين: الذكرى المئة لـ "وعد بلفور"، الذي أعلن دعم بريطانيا إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين التاريخية، والذكرى السبعين لتقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية وعربية، والخمسين لحرب 1967 واحتلال إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة.
شهد هذا العام أيضا إدارة جديدة في الولايات المتحدة تعهدت باعتماد مقاربة مختلفة، وبعقد "الاتفاق النهائي" للسلام في الشرق الأوسط الذي استعصى على سابقاتها. اجتماع اليوم بين الرئيس دونالد ترامب ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وجلسة مجلس الشيوخ غدا لترشيح ديفيد فريدمان سفيرا للولايات المتحدة إلى إسرائيل، قد يُصيغان معالم السياسة الأمريكية في السنوات القادمة.
صنّاع السياسة الأمريكية، بمن فيهم أعضاء في إدارة ترامب، حذّروا في السنوات الأخيرة من الوضع على الأرض. العام 2013، قال الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس، الذي أصبح الآن وزيرا للدفاع، إن "الوضع الراهن غير قابل للاستمرار" وإن مستوطنات الضفة الغربية تهدد بتحويل إسرائيل إلى دولة "فصل عنصري". استنتجت وزارة الخارجية مؤخرا أن التوسع الاستيطاني الاسرائيلي يُقرّب إسرائيل من "ترسيخ واقع الدولة الواحدة والاحتلال الدائم". وصف وزير الخارجية السابق جون كيري الوضع الإنساني في غزة بـ "الأليم"، حيث يعتمد حوالي 70 بالمئة من سكان غزة البالغ تعدادهم 1.9 مليون على المساعدات الإنسانية، بينما يدخل حصار إسرائيل لغزة عامه العاشر.
أصدر مجلس الأمن الدولي، مدفوعا بـ "بالغ القلـق" إزاء "استمرار أنشطة الاستيطان الإسرائيلية"، القرار رقم 2334 في ديسمبر/كانون الأول بالإجماع مع امتناع الولايات المتحدة عن التصويت. أعاد القرار التأكيد على عدم شرعية المستوطنات بموجب القانون الدولي.
بدل تنفيذ القرار 2334، أذنت الحكومة الإسرائيلية ببناء أكثر من 6000 وحدة استيطانية ومرّرت قانونا يشرّع بشكل فعال مصادرة الأراضي من أصحابها الفلسطينيين لبناء المستوطنات في الضفة الغربية.
وجّهت الإدارة الأمريكية في أسابيعها الأولى رسائل مختلفة بشأن المستوطنات. قال الناطق الصحفي باسم "البيت الأبيض" في بيان في 2 فبراير/شباط: "لا نعتقد أن وجود المستوطنات يشكل عائقا أمام السلام". في حين قال الرئيس ترامب، خلال مقابلة في 10 فبراير/شباط، إنه "ليس ممن يعتقدون أن تعزيز المستوطنات يفيد السلام". على ترامب التعبير خلال لقائه مع نتنياهو عن معارضة التوسع الاستيطاني بعبارات لا لبس فيها، والتأكيد على موقف الولايات المتحدة منذ أمد بعيد بأنها غير شرعية بموجب اتفاقيات جنيف لعام 1949. عليه أيضا القول علنا إن على الحكومة الإسرائيلية السماح لمزيد من الناس والبضائع بالوصول من غزة وإليها.
في الوقت نفسه، على أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي الضغط على فريدمان، الذي كان يدير مؤسسة تموّل النشاطات الاستيطانية، كي يوضح ما إذا كان يتفق مع ترامب على أن استمرار المستوطنات لا يفيد السلام. عليهم سؤال المرشح عن توصيفه للوضع الحالي الذي يعيش فيه نصف مليون مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، ويخضعون لنظام قوانين وقواعد وخدمات مستقل عن الفلسطينيين الذين يعيشون في نفس الإقليم، ولا يحقق المساواة. إذا أيّد فريدمان توسيع المستوطنات، ووجودها جريمة حرب، على مجلس الشيوخ معارضة ترشيحه.
غموض الموقف بشأن المستوطنات الآن سيقوض وعود إدارة ترامب في تحقيق مصداقية جديدة للولايات المتحدة باعتبارها قادرة على صنع اتفاق في الشرق الأوسط.