(نيويورك) قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على الحكومة السورية وقوات التحالف السماح فورا بوصول المساعدات إلى المناطق المحاصرة شرق حلب.
أخبر سكان شرق حلب وعمال إغاثة هيومن رايتس ووتش، عن طريق الهاتف، باشتداد حصار الحكومة السورية منذ 11 يوليو/تموز 2016. ارتفعت أسعار المواد الغذائية، وانخفضت الإمدادات الطبية إلى مستويات تنذر بالخطر.
قال نديم حوري، نائب مدير قسم الشرق الأوسط، "تكرر القوات الحكومة السورية استخدام تكتيك الحصار الخانق في شرق حلب المكتظة بالسكان، كما فعلت مع مدنيين في بلدات سورية أخرى. على السلطات السورية السماح بوصول المساعدات، والسماح للمدنيين بالخروج من المنطقة بأمان".
طالب "مجلس الأمن الدولي" جميع أطراف النزاع في سوريا بالسماح بوصول عمال الإغاثة إلى المحتاجين بشكل سريع وآمن، كما ينصّ على ذلك القانون الإنساني الدولي. قالت هيومن رايتس ووتش إن على "المجموعة الدولية لدعم سوريا"، التي تضم الولايات المتحدة وروسيا، استخدام نفوذها للضغط على الحكومة السورية وباقي الأطراف المتحاربة للسماح بوصول المساعدات دون عوائق إلى جميع المناطق التي يصعب الوصول إليها والمحاصَرة في البلاد.
وقع الجزء الشرقي من مدينة حلب، الذي تسيطر عليه جماعات المعارضة المسلحة، تحت الحصار فعليا منذ قطع القوات الحكومية لطريق الإمداد الرئيسي، والمعروف باسم طريق كاستيلو، عبر القصف والغارات الجوية المستمرة. قُطعت أيضا الطرق المؤدية من مدينة حلب إلى الغرب بغارات جوية حكومية على مدن مثل حريتان وعندان.
تُقدر الأمم المتحدة اعتماد ثلث سكان الجزء الشرقي من المدينة، بين 250 ألف و300 ألف شخص، على المساعدات المقدمة عبر طريق كاستيلو. أخبر عمال إغاثة دوليون هيومن رايتس ووتش أن بعض السكان سيواجهون مشاكل صحية وتغذية في غضون أسبوعين. مر 3 أسابيع على تلقي المنطقة آخر دفعة مساعدات.
زادت أسعار الإمدادات الغذائية والمستلزمات المنزلية الأساسية داخل المدينة بشكل حاد منذ 11 يوليو/تموز. انخفضت كميات تلك المواد بشكل ملحوظ. قال سكان إن كيلو الأرز بات بسعر 14 دولار، والسكر 20 دولار، وزيت الزيتون 44 دولار.
أشار السكان إلى قيام بعض التجار بإخفاء المواد الغذائية بسبب ارتفاع الأسعار. اختفت الفاكهة والخضروات الطازجة من الرفوف منذ أشهر. قال عمال إغاثة أيضا إن الوقود يكفي لعمل المولدات والمخابز والمستشفيات لشهر واحد فقط. في 13 يوليو/تموز، أصدر "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية" (أوتشا) بيانا قال فيه إن لدى الأمم المتحدة في شرق حلب إمدادات غذائية تكفي 145 ألف شخص لشهر واحد.
قال فراس بدوي، صحفي في شرق حلب، لـ هيومن رايتس ووتش إن الوضع الإنساني داخل المدينة يزداد سوءا يوما بعد يوم:
حوصرنا منذ 11 يوليو/تموز على الأقل. اختفت المواد من المحلات التجارية بسرعة كبيرة. سعر لتر المازوت 10 دولارات، ولتر البنزين 20 دولارا، إن وُجد. تأتينا الكهرباء 4 ساعات فقط كل 24 ساعة. الخضروات مفقودة منذ أسابيع والغارات الجوية لا تتوقف؛ منها ما سقط على السقف المجاور لمنزلي. الشوارع فارغة والناس لا يخرجون إلا عند الحاجة. ينام معظمهم في ملاجئ أو أقبية تحت منازلهم. هناك خوف كبير.
قال إبراهيم أبو ليث، متطوع مع الدفاع المدني السوري في حلب، منظمة بحث وإنقاذ تعمل في مناطق المعارضة في سوريا:
الوضع حرج في مدينتنا. لا توجد خضروات، وسعر حزمة الخبز 6 دولارات. لا يوجد وقود في المحطات. يقف الناس في طوابير طويلة أمام المحلات التجارية لشراء حاجياتهم. نتوقع مجاعة خلال أيام قليلة. كل الجرحى الذين يحتاجون للخروج للحصول على علاج متخصص هم عالقون في المدينة.
وفقا "للشبكة السورية لحقوق الإنسان"، تسببت القوات العسكرية السورية والروسية في وفاة 278 مدنيا، منهم 154 طفلا و78 امرأة، بين 1 يونيو/حزيران و13 يوليو/تموز. استمرت المعارضة المسلحة بإطلاق القذائف والصواريخ على مناطق سيطرة الحكومة غرب مدينة حلب. ذكرت "وكالة الأنباء السورية" مقتل 60 مدنيا بين 9 و16 يوليو/تموز على يد جماعات المعارضة المسلحة.
في 18 يوليو/تموز، قالت "الجمعية الطبية السورية الأمريكية"، التي تدير مشاف وعيادات داخل مناطق سيطرة المعارضة في سوريا، إن إغلاق طريق كاستيلو سيؤثر على قدرتها على نقل الإمدادات الطبية والغذائية إلى المدينة، وإخراج المرضى والمدنيين المصابين بجروح بالغة بسلام لتلقي العلاج. قالت إن 805 مدنيا، بينهم 179 طفلا، قُتلوا شرق حلب بين 22 أبريل/نيسان و11 يوليو/تموز. تبقّى فقط 40 طبيبا وطبيب أسنان في الجزء الشرقي من المدينة.
قال الدكتور عبد الباسط الشيوخي، طبيب في شرق حلب، لـ هيومن رايتس ووتش إن الوضع الطبي يمكن أن يتدهور بسرعة:
لدينا بعض الأدوية واللوازم في مستودعاتنا الطبية، لكن هناك نقص في علاج الأمراض المتخصصة مثل أمراض القلب والأمراض المزمنة والمعدات الجراحية. هناك أيضا نقص في كادر العمل. هناك بعض الأطباء والممرضات والمختصين، لكن عددهم لا يكفي لتلبية احتياجات المدينة. سيصبح الوضع كارثيا إذا استمر الحصار. ندعو لفتح قناة إنسانية لإخراج الجرحى والمصابين من المدينة، مدنيين وعسكريين".
قال بدوي، الصحفي، إن المدنيين في المدينة "يعتمدون على المستوصفات لعلاج أطفالنا لأن الكثير من المشافي صارت لا تعمل بسبب الغارات الجوية. تُدار معظم المستوصفات من قبل ممرضات، لا أطباء، ولا يوجد غير المسكنات لمعالجة الأمراض".
يحدد قرار مجلس الأمن رقم 2268، المعتمد في 26 فبراير/شباط، شروط وقف القتال في سوريا، ويدعو جميع أطراف النزاع إلى السماح للوكالات الإنسانية "بالوصول بسرعة وأمان ودون عراقيل إلى جميع أنحاء سوريا ومن خلال أقصر الطرق، وأن تسمح فورا بوصول جميع المساعدات الإنسانية إلى جميع من هم في حاجة إليها، لا سيما في جميع المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها، وأن تلتزم فورا بالتزاماتها بموجب القانون الدولي".
بموجب القانون الإنساني الدولي، على جميع أطراف النزاع السماح بوصول الإغاثة الإنسانية للمدنيين المحتاجين بشكل سهل ودون حواجز. كل الأطراف ملزمة بمنح موظفي الإغاثة الإنسانية حرية التنقل، وحمايتهم من الهجمات والمضايقات والترهيب والاعتقال التعسفي. يُعتبر استخدام تجويع المدنيين كسلاح جريمة حرب.
قال حوري "على روسيا والولايات المتحدة عدم انتظار صور جديدة لمدنيين جائعين للضغط على سوريا والفصائل المتحاربة الأخرى للسماح بوصول المساعدات إلى المدنيين المحاصرين".