يوجد في منزل فاطمة وسامي الكبسة – في مخيم قلنديا للاجئين قرب مدينة رام الله بالضفة الغربية – صورة حائطية لثلاثة وجوه شابة. الصور لأبناء فاطمة وسامي، وجميعهم قتلوا برصاص جنود إسرائيليين في أحداث امتدت على 14 عاما.
في 12 أغسطس/آب 2001، قتل ابنهما ياسر (11 عاما) – الذي يُزعم أنه ألقى حجارة على قوات أمن إسرائيلية – على يد جندي إسرائيلي مجهول الهوية. أجرى الجيش الإسرائيلي تحقيقا وخلص إلى أن "الجندي الذي أطلق النار تصرف وفقا للقوانين".
بعد 40 يوما، أصيب سامر (15 عاما) برصاصة أيضا، وهو بصدد إلقاء الحجارة على ما يبدو. قال والداه إنه لم تصدر أي عقوبات ضد أي جندي متورط في عملية القتل.
في 3 يوليو/تموز 2015، أطلق ضابط النار على محمد (17 عاما)، الابن الثالث لعائلة الكبسة. صورت كاميرات مراقبة جزءا من هذا الحادث، لكن ليس إطلاق النار. يظهر محمد وهو هارب بعد أن ألقى حجارة على سيارة كان على متنها الضابط، وكسر نافذتها. قال شهود عيان لـ منظمة "بتسليم" الحقوقية الإسرائيلية إن الضابط أطلق النار على محمد من مسافة 10 أمتار بينما كان يركض بعيدا، ولم يكن يشكل تهديدا مباشرا على ما يبدو.
في 10 أبريل/نيسان 2016، خلص تحقيق عسكري في وفاة محمد إلى أن إطلاق النار كان مشروعا، ولاحظ أن 3 رصاصات أصابت الطفل في الظهر وجانب من وجهه، ولكنه اعتبر التسديد السيئ للضابط "خطأ مهنيا".
في تقرير صدر عام 1993، انتقدت هيومن رايتس ووتش قوانين إطلاق النار الإسرائيلية، التي تسمح بإطلاق الرصاص الحي على أرجل المشتبه بهم الفارين، حتى لو لم يكونوا يشكلون تهديدا مباشرا. هذه القواعد، التي لا تزال سارية المفعول، لا تتوافق مع "مبادئ الأمم المتحدة حول استخدام القوة والأسلحة النارية". تنص هذه المبادئ على أنه " لا يجوز استخدام القوة والأسلحة النارية القاتلة عن قصد إلا عندما يتعذر تماما تجنبها من أجل حماية الأرواح". أثبتت بحوث هيومن رايتس ووتش، سواء في سياق إعداد تقرير 1993 أو بعده، أن العديد من "المشتبه فيهم الفارين" قتلوا على يد جنود لم ينالوا أي عقوبات بسبب "استهدافهم الخاطئ".
في حالات مثل حالة ياسر، وسامر، ومحمد الكبسة، هناك مشكلتان: أولا، القوانين الخاصة بإطلاق النار على المشتبه بهم متساهلة وصعبة التنفيذ، وثانيا، التحقيقات التي أجراها الجيش الإسرائيلي نادرا ما حاسبت الجنود على استخدام القوة القاتلة بشكل غير مبرر. تنص مبادئ الأمم المتحدة على حق الأشخاص المتضررين من استخدام القوة والأسلحة النارية في إجراء تحقيق مستقل.
هذا الشهر، أعلنت منظمة بتسليم الحقوقية الإسرائيلية أنها لن تقدم شكاوى للجيش ليحقق فيها مستقبلا، ووصفت هذه التحقيقات بـ "التبييض".
ردا على تبرئة الضابط الذي قتل محمد، قال سامي: "كنا نتوقع هذه النتيجة. لا شيء يمكن أن يعيد لنا أبناءنا. زوجتي منهارة، ولا تقوى على التحدث في الموضوع".