(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات اللبنانية أوقفت المحامي والناشط الحقوقي نبيل الحلبي يوم 30 مايو/أيار 2016 بسبب منشورات له على فيسبوك ينتقد فيها مسؤولين حكوميين. على السلطات إخلاء سبيله فورا.
في منشوراته على فيسبوك، اتهم الحلبي مسؤولين بوزارة الداخلية بالفساد والتواطؤ المحتمل مع أشخاص أوقفتهم قوى الأمن الداخلي في 27 مارس/آذار على صلة بالإتجار الجنسي بنساء سوريات. في 12 أبريل/نيسان رفع وزير الداخلية نهاد المشنوق دعوى قدح وذم ضد الحلبي أمام النيابة العامة في بيروت، ذاكرا فيها كتاباته على فيسبوك. كما رفع مستشار رفيع المستوى للوزير دعوى قدح وذم منفصلة بسبب هذه الكتابات على فيسبوك. عادة، يشكل الحبس جراء القدح والذم خرقا لحرية التعبير كما يكفلها القانون الدولي، وقد يشكل حبس الحلبي خرقا للقانون اللبناني أيضا.
قال نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "توقيف الحلبي لانتقاده مسؤولين لبنانيين والطريقة المخيفة لتنفيذ التوقيف هما سابقة خطيرة. ربما لم يعجب وزارة الداخلية ما كتبه الحلبي، لكن هذا لا يعطيها حق اقتحام بيته وحبسه".
اقتحمت قوى الأمن الداخلي بيت الحلبي في الساعات الأولى من صباح 30 مايو/أيار بعد خلع باب البيت، ثم أوقفته. قال خالد كريدية، أحد محاميّ الحلبي، إن السلطات أخبرته بتوقيف موكله لأنه لم يمثل في مداولات قضية القدح والذم المرفوعة ضده من قبل ماهر أبو الخدود، وهو مستشار رفيع المستوى لوزير الداخلية.
قال كريدية إن أبو الخدود رفع قضية قدح وذم منفصلة ضد الحلبي على خلفية كتاباته على فيسبوك، وإن الأخير لم يُخطَر على النحو السليم بموعد الجلسات ومن ثم فهو لم يخالف أي أمر قضائي بالمثول أمام المحكمة في القضية.
بات الحلبي ليلته في الحبس.
يجرّم قانون العقوبات اللبناني القدح والذم بحق المسؤولين الحكوميين ويصرح بالحبس لمدة أقصاها عاما في مثل هذه القضايا. يسمح قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني لقاضي التحقيق بإصدار استدعاء مُلزم لضمان حضور المدعى عليه الذي لا يحضر جلسة دون مبرر مشروع. لكن القانون يتطلب استجواب المدعى عليه في ظرف 24 ساعة من تنفيذ الاستدعاء.
بعد فترة الاستجواب الأولية لمدة 24 ساعة، لا يسمح القانون اللبناني بالحبس الاحتياطي في الجرائم التي يُعاقب عليها بالحبس عاما أو أقل، وهي العقوبة القصوى في قضايا قدح وذم المسؤولين الحكوميين.
قال كريدية إن دعوى كل من المشنوق وأبو الخدود ذكرت كتابات الحلبي على فيسبوك كدليل، بما يشمل منشور كتبه على فيسبوك يوم 4 أبريل/نيسان يندد فيه بالفساد في مكتب وزير الداخلية مع الإشارة إلى تواطؤ بعض الموظفين في شبكة الإتجار الجنسي المزعومة. في 27 مارس/آذار اكتشفت قوى الأمن الداخلي وجود 75 امرأة في بنايتين، وأغلبهن سوريات، محتجزات رغما عنهن مع إجبارهن على الخضوع للاستعباد الجنسي.
في كتابات تالية على فيسبوك، طالب الحلبي وزارة الداخلية بـ "تنظيف" نفسها من المسؤولين الفاسدين.
قالت هيومن رايتس ووتش إن القوانين التي تسمح بالحبس ردا على انتقادات موجهة إلى أفراد أو مسؤولين بالدولة لا تستقيم مع التزامات لبنان الدولية إزاء حماية حرية التعبير. مثل هذه القوانين هي رد غير متناسب أو غير ضروري على الحاجة إلى حماية السمعة، وتؤثر سلبا على حرية التعبير إذ تكرس التخويف. كما أن "القدح" و"الذم" و"الإهانة" ليست اتهامات واضحة التعريف في القانون اللبناني، ومثل هذه المواد المبهمة والفضفاضة يمكن استخدامها في تكميم الأفواه المنتقدة لقرارات أو سياسات لمسؤولين حكوميين.
وثقت هيومن رايتس ووتش عدة وقائع في الآونة الأخيرة، من اعتقالات وملاحقات قضائية جراء انتقادات على فيسبوك موجهة إلى مسؤولين لبنانيين وهيئات حكومية. في يناير/كانون الثاني 2015، استدعت السلطات اللبنانية صحفي قناة "الجزيرة" فيصل القاسم على خلفية اتهامات بإهانة الجيش في تعليقات له على فيسبوك. لدى غيابه عن جلستين، أصدرت أمر استدعاء بحقه.
في أكتوبر/تشرين الأول احتجزت قوى الأمن الناشط السياسي ميشال الدويهي بعد رفع الأمن العام دعوى ضده بسبب كتابات له على فيسبوك، رأى المسؤولون أنها تحتوي على قدح وذم. أُفرج عنه بعد 9 أيام، وغرّمته محكمة بـ 200 دولار أمريكي. في أكتوبر/تشرين الأول أيضا حكمت محكمة لبنانية على الصحفي محمد نزال غيابيا بالحبس 6 أشهر وغرامة 666 دولارا بسبب منشور على فيسبوك ينتقد فيه القضاء اللبناني.
مع أن قلة من المدونين والنشطاء والصحفيين يتم سجنهم، فإن انتشار وتكرار هذه الملاحقات القضائية والتهديد بالتوقيف يعكسان الحاجة المُلحة إلى أن يعدّل لبنان قوانينه لإلغاء العقوبات الجزائية في قضايا القدح والذم.
قال حوري: "إنك لا تحمي سمعتك بتخويف من ينتقدوك. على القضاء اللبناني حماية حرية التعبير من المسؤولين الذين قد يغريهم عرض عضلاتهم على منتقديهم".