(بيروت) - إغلاق مكتب قناة الجزيرة في بغداد من قبل "هيئة الإعلام والاتصالات العراقية" (الهيئة) هو محاولة لكتم حرية التعبير. على اللجنة إلغاء قرارها فورا والسماح للمكتب بالعمل بحرية وفقا للمعايير الدولية لحرية الإعلام والتعبير.
اتهمت اللجنة قناة الجزيرة – في رسالة وجهتها لمكتبها – "بتأجيج الطائفية والعنف". قال مدير مكتب القناة في بغداد، وليد إبراهيم، إن مسؤولي اللجنة أخبروه في وقت لاحق أن القرار نابع من استيائهم من سياسات التحرير في المقر الرئيسي لقناة الجزيرة في قطر.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات العراقية السماح فورا لقناة الجزيرة باستئناف عملها، أو توضيح كيف ومتى حرضت المحطة على العنف.
قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، "من حق العراقيين الاطلاع على وجهات نظر متنوعة بشأن الأحداث الجارية. إغلاق شبكة دولية بارزة بمزاعم غامضة وغير مؤكدة يُبرز وجود دوافع سياسية لإسكات الانتقادات غير المريحة. يجب إلغاء هذه الإجراءات فورا."
أخبر إبراهيم هيومن رايتس ووتش أن المجلس التنفيذي للهيئة دعاه إلى اجتماع في 21 فبراير/شباط 2016، وأن أعضاء مجلس الإدارة اتهموا قناة الجزيرة في الدوحة بالطائفية والتشجيع على حصول "خروقات" في تغطيتها للعراق. كما قال إنه رفض التوقيع على رسالة تنص على صحة هذه الادعاءات. قال: "شرحت أنني أسيطر فقط على المحتوى الصادر من بغداد، لا الدوحة"، وأضاف أن مسؤولي الهيئة أكدوا في الاجتماع أن لا مشكلة لديهم مع تغطية مكتب بغداد، ولكنهم سيغلقونه ليبعثوا برسالة إلى مقر القناة في الدوحة.
قال زياد العجيلي، المدير التنفيذي لـ "مرصد الحريات الصحفية في العراق" لـ هيومن رايتس ووتش إنه حاول في وقت لاحق الاتصال بمسؤولين حكوميين آخرين لحثهم على عدم إغلاق المكتب، لكن دون جدوى.
في 25 نيسان/أبريل، قال إبراهيم إن مكتبه تلقى رسالة من لجنة الإعلام بتاريخ 14 أبريل/نيسان ذُكر فيها أنه تم سحب تصريح عمل قناة الجزيرة لعام 2016، وإغلاق المكتب لسنة واحدة. جاء في الرسالة، التي اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش، أن هذا القرار جاء "نظرا لاستمراركم بممارسة الخروقات والمخالفات والتمادي بالخطاب الإعلامي المحرض على العنف والطائفية، رغم مطالبتكم لأكثر من مرة وإعطائكم الفرصة لتحسين خطابكم الإعلامي بما ينسجم مع مدونات ممارسة المهنة".
ليست هذه المرة الأولى التي تُعلّق فيها الهيئة رخصة عمل قناة الجزيرة. في عام 2013، أوقفت الهيئة تراخيص قناة الجزيرة و9 قنوات أخرى بزعم أنها تقدم تقارير طائفية وتشجع منظمات إرهابية – لم تسمها – ضمن تغطيتها لمظاهرات السنية ضد الحكومة.
أنشأت سلطة التحالف المؤقتة التي تقودها الولايات المتحدة هيئة الإعلام في مارس 2004 بعد اسقاط حكومة صدام حسين. يسمح الأمر رقم 65 الصادر عن سلطة التحالف المؤقتة بالطعن في قرارات اللجنة خلال جلسة استماع أمام مجلس طعون مستقل.
أخبر إبراهيم هيومن رايتس ووتش أنه لا يعرف حتى الآن ما إذا كان سيستأنف الحكم، وشكك في أن يغير الاستئناف هذا القرار. أضاف، "حتى إذا جعلنا المحكمة تؤكد عدم قانونية القرار، أشك بنجاحنا نظرا لتجربتنا مع هيئة الإعلام والاتصالات. ليست هذه المرة الأولى التي يلاحقوننا، وأعتقد بشدة أن لهذا القرار دوافع سياسية."
في 16 مارس/آذار، أغلقت الهيئة قناة البغدادية الخاصة ومقرها القاهرة. في اليوم التالي، أصدرت وزارة الداخلية بيانا قالت فيه إن القناة تعمل بصورة غير قانونية وبدون ترخيص. أخبر نجم الربيعي، مدير المحطة، هيومن رايتس ووتش أن رجلا ادعى أنه ممثل عن الهيئة جاء إلى مكاتب القناة في بغداد في 16 مارٍ/آذار، من دون إشعار مسبق وبلا أوراق رسمية، وقال إنه يجب إغلاق المكتب بناء على قرار صدر في 2014 من قبل رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. كانت السلطات قد أغلقت المحطة عام 2014 لمدة سنة تقريبا، ثم سُمح لها بإعادة فتح مكتبها بعد أن أمر رئيس الوزراء العبادي بسحب جميع الدعاوى الحكومية ضد الصحفيين ووسائل الإعلام في ديسمبر 2014.
في 20 مارس/آذار، قال العبادي لـ هيومن رايتس ووتش إن إغلاق قناة البغدادية كان بسبب "التحريض"، في إشارة إلى تغطيتها لتهديدات مئات الآلاف من المتظاهرين باقتحام المؤسسات الحكومية في المنطقة الخاصة بالمنظمات الدولية والبعثات الأجنبية.
سبق لـ هيومن رايتس ووتش أن عبرت عن انشغالها من المبادئ التوجيهية "الإلزامية" لهيئة الإعلام التي صدرت في يونيو/حزيران 2014. تُقيّد المبادئ – دون مبرر – حرية وسائل الإعلام، كما تطالبها بتجنب تقديم أي معلومات عن القوات المتمردة للجمهور، وتقديم تقارير عن القوات الحكومية فقط، شريطة أن تكون التغطية إيجابية. تحظر المادة الأولى على وسائل الإعلام بث أو نشر المواد التي "قد تفسر بأنها ضد قوات الأمن"، وتطلب منهم بدلاً من ذلك "التركيز على الإنجازات الأمنية للقوات المسلحة، وتكرارها خلال ساعات البث اليومي"، بما يشمل "الإشادة بالأعمال البطولية التي يقوم بها منتسبو الأجهزة الأمنية".
صنّفت منظمة "مراسلون بلا حدود" العراق في المرتبة 153 من بين 180 دولة لعام 2016، من حيث سلامة طواقم وسائل الإعلام. أشارت إلى أن الاشتباكات المسلحة وأعمال العنف ذات الدوافع السياسية جعلت من العراق إحدى أخطر البلدان في العالم على الصحفيين. لاحظت المنظمة أيضا إغلاق الحكومة لوسائل إعلام على أساس أنها طائفية أو غير حيادية.
قال جو ستورك: "وسائل الإعلام في العراق بحاجة للحماية من التهديدات والتدخلات السياسية، لا تكميمها رسميا. على الهيئة أن تثبت أنها تدرك دورها في ضمان احترام حرية التعبير وإلغاء قراراتها فيما يتعلق بقناتي الجزيرة والبغدادية".