جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود
خادم الحرمين الشريفين
الرياض
المملكة العربية السعودية
بخصوص: النزاع المسلح في اليمن
،جلالة الملك
نكتب إلى جلالتكم اليوم لتذكير حكومتكم بالتزاماتها القانونية الدولية فيما يتعلق بالحملة العسكرية في اليمن. وقد لقي عدة مئات من المدنيين حتفهم بالفعل، بحسب تقارير، منذ بداية الضربات الجوية من قبل التحالف الذي تقوده السعودية في 26 مارس/آذار 2015، وكانت بعض الوفيات مخالفة على ما يبدو للقانون الإنساني الدولي، أو قوانين الحرب. كما أبلغت منظمات إنسانية دولية عن صعوبات عديدة تكتنف توصيل المساعدات الطبية وغيرها من المساعدات الإنسانية إلى التجمعات السكانية المعرّضة للخطر.
ونحن ندعو حكومة جلالتكم إلى اتخاذ خطوات فورية لتقليل الضرر الواقع على المدنيين أثناء الضربات الجوية وغيرها من العمليات العسكرية، ولتيسير التوصيل الآمن للمساعدات الإنسانية المحايدة.
إن قوانين الحرب تنطبق على أعضاء التحالف وسائر أطراف النزاع، بمن فيهم الجماعات المسلحة غير الحكومية. وتفرض قوانين الحرب حظراً على الهجوم العمدي على المدنيين، وعلى الهجمات التي لا يمكنها التمييز بين المدنيين والمحاربين، وعلى الهجمات التي ينتظر منها إحداث خسائر غير متناسبة في أرواح المدنيين مقارنة بالمكاسب العسكرية. وينبغي اتخاذ كافة الاحتياطات المعقولة لتقليل الضرر الواقع على المدنيين، كما يجب معاملة الأسرى معاملة إنسانية في جميع الأوقات.
وخلال الأيام الأولى من بداية هجمات التحالف على قوات الحوثيين في صنعاء، أدت الضربات الجوية إلى مقتل عدد من المدنيين يصل إلى 34، وبينهم أطفال. ولم يبد أن قوات التحالف أو الحوثيين اتخذت كافة التدابير اللازمة لتقليل الخسائرالمدنية ـ فقد قصف التحالف مناطق كثيفة السكان، بينما نشر الحوثيون مدافع مضادة للطائرات وسط المدنيين.[i]
وفي 30 مارس/آذار أصابت ضربات التحالف الجوية مخيماً معروفاً من مخيمات النازحين في المزرق بشمال اليمن، فقتلت ما لا يقل عن 29 مدنياً وجرحت 41، وبينهم 14 طفلاً. كما أصيبت منشأة طبية وسوق داخل المخيم. ولم تجد هيومن رايتس ووتش أية أهداف عسكرية من شأنها تبرير هذه الحصيلة المدنية المرتفعة.[ii]
ويبدو الوضع الإنساني في اليمن آخذاً في التدهور. ونحن نشعر بقلق عميق حيال تقارير تفيد بأن المنظمات الإنسانية الدولية، مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وأطباء بلا حدود، عجزت في البداية عن إدخال المستلزمات الطبية الضرورية والأفراد المدربين إلى اليمن، بسبب جزئي من انقطاع المواصلات الجوية والبحرية. إننا نرحب بوصول شحنات اللجنة الدولية للصليب الأحمر وأطباء بلا حدود إلى صنعاء وعدن في 7 أبريل/نيسان، لكننا نلاحظ أن المنظمات الإنسانية ستحتاج إلى موافقات مستمرة وسريعة لإدخال المزيد من المستلزمات الطبية والإنسانية الأخرى عن طريق الجو والبحر.
ونحن ندعو حكومتكم إلى ضمان قيام التحالف بتسهيل مرور الإغاثة الإنسانية السريع والخالي من المعوقات إلى المدنيين المحتاجين كما يشترط القانون الإنساني الدولي، فالمدنيون، بمن فيهم الرعايا الأجانب، يحتاجون إلى حرية الحركة للبحث عن مناطق أكثر أمناً.
وفي 8 أبريل/نيسان قام مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحقوق الإنسانية للنازحين، تشالوكا بياني، بدعوة المجتمع الدولي "إلى الاستعداد لأزمة نزوح إنسانية كبرى" في اليمن. وبحسب منظمة الصحة العالمية، قُتل ما لا يقل عن 311 مدنياً وجرح 513 جراء القتال في الأسبوعين الأخيرين، ونزح ما يزيد على مئة ألف منهم. وأفاد مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بأنه "علاوة على مخيم النازحين، أشارت تقارير إلى أن العديد من المستشفيات والمدارس وغيرها من الأبنية المدنية تعرضت لتلفيات جراء الضربات الجوية وانقطاعات الكهرباء والمياه".
ويقع على عاتق أطراف النزاع التزام قانوني دولي بالتحقيق المحايد في مزاعم قيام قواتهم بانتهاكات، وضمان المحاسبة وتقديم التعويض المناسب للضحايا. كما أن ضم التحالف للسودان، الذي ارتكبت قواته العديد من جرائم الحرب في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، والذي يخضع رئيسه لأمر اعتقال لجريمة الإبادة الجماعية من المحكمة الجنائية الدولية، يشدد بواعث القلق المتعلقة بالتقيد بقوانين الحرب.
وقد سبقت لنا إثارة بواعث قلق من استخدام حكومة جلالتكم للقنابل العنقودية في اليمن في 2009.[iii] وقد رحبنا بتعليقات العميد أحمد العسيري في مؤتمر صحفي في الرياض في 29 مارس/آذار، حين قال: "نحن لا نستخدم القنابل العنقودية على الأطلاق". ونحن نشجع جلالتكم على توضيح أن السعودية لن تستخدم الذخائر العنقودية ولا غيرها من الأسلحة غير المشروعة، مثل الألغام الأرضية المضادة للأفراد، تحت أي ظرف من الظروف، وعلى تشجيع بقية أعضاء التحالف على حذو حذوكم.
كما أننا ندرك أن قوات الحوثيين، التي سيطرت على قسم كبير من شمال اليمن منذ سبتمبر/أيلول 2014، لها سجل حقوقي رديء، فقد جندوا الأطفال وأطلقوا النيران على متظاهرين سلميين وعلى صحفيين، وهو ما وثقته هيومن رايتس ووتش وأدانته.[iv] إلا أن انتهاك قوانين الحرب من جانب أحد الأطراف في نزاع لا يبرر انتهاكات أي طرف آخر.
ولا تتخذ هيومن رايتس ووتش موقفاً من شرعية اللجوء إلى القوة المسلحة، لكننا نقوم بدلاً من هذا برصد سلوك الأطراف المتحاربة. ونحن ندعو السعودية وغيرها من أعضاء التحالف، وسائر أطراف النزاع، إلى ضمان الامتثال لقوانين الحرب على النحو الذي يقلص الضرر الواقع على جميع المدنيين المتضررين.
مع الاحترام والتحية من،
كينيث روث
المدير التنفيذي
[i] هيومن رايتس ووتش، “Yemen: Saudi-Led Airstrikes Take Civilian Toll,” March 2015, https://www.hrw.org/news/2015/03/28/yemen-saudi-led-airstrikes-take-civilian-toll
[ii] هيومن رايتس وتش، "اليمن ـ غارات جوية على مخيم تثير بواعث قلق جسيمة"، أبريل/نيسان 2015، https://www.hrw.org/ar/news/2015/04/02-0
[iii] هيومن رايتس ووتش، " Yemen: Saudi-Led Airstrikes Take Civilian Toll,” March 2015, https://www.hrw.org/news/2015/03/28/yemen-saudi-led-airstrikes-take-civilian-toll
[iv] هيومن رايتس ووتش، "اليمن ـ قوات الحوثيين تستخدم القوة المميتة ضد متظاهرين"، أبريل/نيسان 2015، https://www.hrw.org/ar/news/2015/04/07-0