Skip to main content

مصر – انحدار حاد في حقوق الإنسان

الإدارة الجديدة تتراجع على نحو مُمنهج عن مُكتسبات 2011

(نيويورك) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم في تقريرها العالمي 2015، إن القيادات الجديدة في مصر انقلبت، على نحو مُمنهج، على المُكتسبات الهشة لانتفاضة 2011 التي شهدتها البلاد، بسجن عشرات الآلاف وتضييق آخر المساحات المُتبقية لحرية الرأي والتعبير والتجمع. ومنذ وصوله إلى السلطة في يونيو /حزيران 2014، أشرف الرئيس عبد الفتاح السيسي على حالة من الإفلات من العقاب؛ سمحت لقوات الأمن بالإفلات من مسؤولية القتل الجماعي، بينما يسجن مئات المحتجين السلميين.

سجنت السُلطات المصرية أكثر من 41,000 شخص، بحسب باحثين مُستقلين ذوي مصداقية، منذ قاد السيسي –وزير الدفاع في ذلك الحين- عزل محمد مرسي، أول رئيس مصري مُنتخب في انتخابات نزيهة، في يوليو/تموز 2013. وينتمي نحو 29,000 من المسجونين إلى جماعة الإخوان المسلمين، أكبر جماعة مُعارضة في مصر، أو يؤيدونها،  بينما يشمل الآخرون منتقدي الحكومة من مُختلف الفصائل السياسية. وأدت حملة الاحتجازات الجماعية إلى اكتظاظ سجون البلاد فتزايدت الوفيات أثناء الاحتجاز، بحسب مصلحة الطب الشرعي التابعة لوزارة العدل.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "لقد بلغت مصر أدنى نقاط ما بعد الثورة، وفي الوقت الحاضر لا يلوح ضوء في نهاية النفق. وتزداد الأوضاع سوءاً بالنسبة لآلاف المصريين يومياً".

في النسخة الخامسة والعشرين من تقريرها العالمي والمكون من 656 صفحة تقوم هيومن رايتس ووتش بمراجعة الممارسات المتعلقة بحقوق الإنسان في أكثر من 90 بلداً. وفي مقاله الإفتتاحي، يتوجه المدير التنفيذي كينيث روث الى الحكومات بالدعوة إلى الاعتراف بأن حقوق الإنسان تمثل مرشداً أخلاقياً فعالاً في أزمنة الاضطرابات، وبأن انتهاكها قد يُشعل فتيل التحديات الأمنية أو يُفاقم منها. فالمكاسب العاجلة الناجمة عن تقويض القيم الأساسية للحرية وعدم التمييز نادراً ما تعادل ثمنها الآجل.

وقد قام بعض القضاة وأفراد النيابة طوعاً بأداء الدور المساعد في الحملة القمعية، ففي أبريل/نيسان ويونيو/حزيران 2014، أصدر قاضٍ في محافظة المنيا حُكماً بالإعدام بحق 220 مُتهماً، وحُكماً بالسجن مدى الحياة بحق 495 مُتهماً بعد مُحاكمتين شابتهما انتهاكات للإجراءات القانونية السليمة. وأصدر قاضٍ آخر في محافظة الجيزة حُكماً ابتدائياً بإعدام 188 شخصاً في ديسمبر/كانون الأول جراء اعتداء واحد على أحد أقسام الشرطة. كما قام قضاة ووكلاء نيابة بتجديد الحبس الاحتياطي استناداً إلى أدلة لا تذكر أو منعدمة. وفي يوليو/تموز، قالت وزارة الداخلية إن 7,389 شخصاً تم إلقاء القبض عليهم على خلفية القلاقل التي أحاطت بعزل مرسي منذ عام، ما زالوا رهن الحبس الاحتياطي. وفي أكتوبر/تشرين الأول، أصدر السيسي مرسوماً يوسع من سلطة المحاكم العسكرية على المدنيين، وأحالت السلطات، منذ ذلك الحين، 820 مدنياً إلى القضاء العسكري.

كما نشطت السلطات في إنفاذ قانون عام 2013 المناهض للتظاهر، مما أدى إلى مئات الإدانات، من بينهم نشطاء بارزون ومدافعون عن حقوق الإنسان مثل يارا سلام، وأحمد ماهر، وعلاء عبد الفتاح. ويمنح القانون وزارة الداخلية صلاحيات شبه مُطلقة لحظر أي تجمع يضم أكثر من 10 أشخاص دون ترخيص منها. ولقد استخدمت قوات الأمن القانون، مراراً وعلى نحو عنيف، لتفريق المُظاهرات غير المُرخصة، مما أسفر عن عدد من الوفيات.

انقضت السلطات كذلك على المُنظمات المُستقلة، واشترطت عليها التقدم للتسجيل الرسمي، بموجب قانون مثقل بالقيود من سنة 2002 ، يسمح للحكومة بتقليص نشاطاتها وتمويلها. كما أصدر السيسي تعديلات على قانون العقوبات، قد تؤدي إلى السجن المؤبد لكل من يتلقى تمويلاً أجنبياً دون إذن رسمي.

كما استهدفت السلطات ما تبقى من مصادر الانتقاد، فقام الرئيس المؤقت عدلي منصور بوضع المساجد  والخطباء تحت سيطرة الدولة. وقُتل 6 صحفيين في أعقاب انقلاب يوليو/تموز 2013، وظل 11 صحفياً قيد الاحتجاز، من بينهم 3 صحفيين تابعين لقناة الجزيرة باللغة الانجليزية؛ صدرت بحقهم أحكام بالسجن، تتراوح من 7 إلى 10 سنوات. كما أسفرت المُداهمات المُتكررة لقوات الأمن عن إلقاء القبض على مئات الطلبة، تمت إحالة 5 منهم إلى المحكمة العسكرية. وأصدر السيسي مرسوماً يخوله بتعيين أو فصل رؤوساء الجامعات.

ولم تقدم السلطات مسؤولاً واحداً للمُحاسبة عن مقتل أكثر من ألف متظاهر مؤيد لمرسي في منتصف 2013، في واحدة من أسوأ وقائع القتل الجماعي في التاريخ الحديث، التي قد ترقى إلى مصاف جريمة ضد الإنسانية.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.