Skip to main content
تبرعوا الآن

ليبيا ـ متشددون يروعون سكان درنة

عمليات إعدام ميداني وجلد علني وغياب لسيادة القانون

(بيروت) ـ  الجماعات المسلحة المسيطرة على مدينة درنة في شرق ليبيا تروع السكان من خلال عمليات إعدام ميداني وجلد علني وغير ذلك من ضروب الانتهاكات العنيفة، وتتم الانتهاكات في غياب سلطات الدولة وسيادة القانون. وتضم تلك الجماعات بعض الذين انتسبوا إلى تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف (المعروف أيضاً باسم داعش).

وقد وثقت هيومن رايتس ووتش ثلاث عمليات إعدام ميداني وما لا يقل عن 10 عمليات جلد علني قام بها مجلس شورى شباب الإسلام، وهو تنظيم متطرف أعلن مبايعته لداعش في نوفمبر/تشرين الثاني. كما وثقت هيومن رايتس ووتش قطع رؤوس ثلاثة من سكان درنة في ما يبدو أنه من جرائم الحرب، وعشرات الاغتيالات لمسؤولين عموم وقضاة وأعضاء في قوات الأمن، وآخرين بمن فيهم بعض السيدات، وهي عمليات يبدو أن دوافعها كانت سياسية.

قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا : "لقد أطلقت المليشيات المتطرفة التي تسيطر على درنة في غياب أي من سلطات الدولة  عهدا من الارهاب بحق سكان المدينة. ويتعين على القادة أن يدركوا أنهم قد يواجهوا الملاحقة الوطنية أو الدولية على ما ترتكبه قواتهم من انتهاكات جسيمة للحقوق".

وكان نزاع مسلح بين القوات المتحالفة مع الحكومة الليبية المنتخبة التي اتخذت من طبرق مقراً لها، بقيادة اللواء خليفة حفتر، والمليشيات الإسلامية، قد اجتاح شرق ليبيا منذ مايو/أيار. وفي درنة وما حولها تشمل المليشيات أعضاء تنظيم أنصار الشريعة وكتيبة شهداء أبو سليم، إضافة إلى مليشيا مجلس شورى شباب الإسلام النافذة.

تحدثت هيومن رايتس ووتش مع بعض سكان درنة الذين فروا من المدينة هرباً من اضطهاد المليشيات الإسلامية وتحسباً من هجوم عسكري تم الإعلان عنه من جانب القوات المتحالفة مع الحكومة الليبية المنتخبة. وقد وصف ناشط من درنة، قال إنه غادر المدينة في نهاية أكتوبر/تشرين الأول بعد تلقي تهديدات بالقتل لجهره بمناهضة المليشيات، وصف درنة بأنها "خاضعة تماماً لسيطرة المتشددين" الذين فرضوا أيديولوجية متطرفة وتفسيراً صارماً لأحكام الشريعة، يؤيد عمليات الإعدام والجلد العلنية. وقال الناشط إن المليشيات تعتنق نفس الأيديولوجية والخلاف الوحيد بينها يتعلق بمبايعة مجلس شورى شباب الإسلام لداعش.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على الأمم المتحدة استعجال تشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق أو آلية مشابهة للتحقيق في جرائم الحرب المزعومة وغيرها من الانتهاكات الجسيمة من جانب كافة أطراف النزاع في ليبيا، بغية ضمان المحاسبة في المستقبل.

لم تحظ درنة بأية وجود ملموس لسلطات الدولة، بما فيها الشرطة والقضاء الفاعل، منذ نهاية ثورة 2011 التي أطاحت معمر القذافي في ليبيا.

ومنذ 2013 قام معتدون مجهولون في درنة باغتيال ما لا يقل عن 5 من القضاة وأفراد النيابة، وبرلمانية سابقة ومسؤولة أمنية. كما قامت مليشيات مسلحة غير محددة الهوية بمهاجمة وتدمير أضرحة في مساجد، وبينها مسجد الصحابة التاريخي في درنة الذي استهدفه المتشددون مراراً منذ 2011.

قام سلاح الجو الليبي المتحالف مع الحكومة المنتخبة بشن غارات جوية على أهداف تابعة للمليشيات في درنة وبنغازي ومواقع أخرى، فيما شنت المليشيات هجمات انتحارية وغير ذلك في طبرق والبيضاء وبنغازي. ونفذ الجانبان هجمات عشوائية عديمة التمييز ترقى إلى مصاف جرائم الحرب، مما تسبب في قتل وإصابة مدنيين و[تدمير] أعيان مدنية.

ويلتزم كافة أطراف النزاع في ليبيا بالتقيد بقوانين الحرب، كما أن بعض الانتهاكات الجسيمة لتلك القوانين، عند تنفيذها بنية إجرامية، تعد من جرائم الحرب. وتشمل جرائم الحرب "إصدار أحكام وتنفيذ إعدامات دون وجود حكم سابق صادر عن محكمة مشكلة تشكيلا نظاميا تكفل جميع الضمانات القضائية المعترف عموما بأنه لا غنى عنها". أما القتل على نطاق ممنهج أو واسع الانتشار عند استخدامه كسياسة لدولة من الدول أو لجماعة منظمة فإنه جريمة ضد الإنسانية. ويخضع من يرتكب جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية، أو يأمر بها أو يساعد فيها أو تكون له مسؤولية قيادية عنها، للملاحقة أمام المحاكم الوطنية أو المحكمة الجنائية الدولية.

وأظهرت السلطات الليبية العجز أو عدم الاستعداد للتحقيق مع المسؤولين عن عمليات القتل غير المشروع وغيرها من الانتهاكات الحقوقية الجسيمة في البلاد وملاحقتهم. كما تعطلت الجهود الدولية للمحاسبة على الجرائم الخطيرة، على الرغم من تفويض المحكمة الجنائية الدولية القائم في ليبيا، وقرار مجلس الأمن الأممي الذي يهدد بتوقيع عقوبات فردية. وقد أنهى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تفويض بعثته لتقصي الحقائق في انتهاكات ليبيا في 2012.

قالت سارة ليا ويتسن: "سوف تصبح تهديدات مجلس الأمن الأممي بفرض عقوبات مجرد تهديدات جوفاء إذا لم يتم تفعيلها. إن المزيد من الأشخاص يلقون حتفهم مع كل يوم يمضي، ويضيع المزيد من الفرص لوقف الانحدار الليبي المتسارع نحو الهاوية".

مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية
تختص المحكمة الجنائية الدولية بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة العرقية المرتكبة في ليبيا منذ 15 فبراير/شباط 2011، بموجب قرار مجلس الأمن الأممي رقم 1970. وقد قامت هيومن رايتس ووتش بدعوة رئيسة مكتب الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية إلى النظر في قضايا إضافية تتصدى للانتهاكات المستمرة من جانب كافة الأطراف في ليبيا. وفي بيان موجه لمجلس الأمن بتاريخ 11 نوفمبر/تشرين الثاني، قالت رئيسة مكتب الادعاء بالمحكمة إن تأثير اقتران عدم الاستقرار في ليبيا بغياب الموارد قد أدى إلى تقويض الجهود الإضافية للتحقيق في الانتهاكات المستمرة. وقالت هيومن رايتس ووتش إن أعضاء مجلس الأمن، الذين أجمعوا على منح المحكمة الجنائية الدولية صلاحية التحقيق في ليبيا، يتحملون مسؤولية خاصة لتقديم تأييدهم الكامل لتسهيل مواصلة أعمال مكتب الادعاء هناك.

في 20 نوفمبر/تشرين الثاني أضاف مجلس الأمن فرعي جماعة أنصار الشريعة المتطرفة في درنة وبنغازي إلى قائمة عقوبات تنظيم القاعدة، ويخضع أعضاء هذين الكيانين الآن للمنع من السفر الدولي وتجميد الأصول.

وفي 27 أغسطس/آب مرر مجلس الأمن القرار رقم 2174 (2014) الذي يوسع العقوبات الدولية القائمة على ليبيا بحيث تشمل الأشخاص المتورطين أو المؤيدين لأفعال "تهدد السلم أو الاستقرار أو الأمن في ليبيا، أو تعرقل أو تقوض استكمال انتقالها السياسي بنجاح". وتشمل تلك الأفعال "تخطيط أو توجيه أو ارتكاب أفعال تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الإنساني الدولي المنطبقة، أو الأفعال التي تشكل انتهاكات لحقوق الإنسان". إلا أن مجلس الأمن لم ينفذ حتى الآن هذا التهديد بالعقوبات، عن طريق تسمية أشخاص يخضعون للمنع من السفر وتجميد الأصول بموجب نظام العقوبات الموسع.

الاعتداءات والانتهاكات في درنة
تحدثت هيومن رايتس ووتش مع بعض سكان درنة ممن شهدوا أفراد المليشيات وهم ينفذون الإعدام الميداني والجلد. كما تحدثت هيومن رايتس ووتش مع بعض أقارب وأصدقاء الضحايا، ونشطاء المجتمع المحلي، وراجعت المحتوى المتوافر على الإنترنت، بما في ذلك مقاطع فيديو وصور فوتوغرافية وبيانات.

وقال ناشط فر من درنة مؤخراً لـ هيومن رايتس ووتش في 13 نوفمبر/تشرين الثاني إن مجلس شورى شباب الإسلام ظهر في أبريل/نيسان، واستولى تدريجياً على المدينة وأنشأ مؤسساته العامة لتولي الحكم فيها. فقامت الجماعة، التي تنبذ الديمقراطية ولا تقبل سوى الشريعة الإسلامية، بإنشاء "لجنة شرعية لفض المنازعات والصلح بين الناس"، وعينت قضاة في محكمة إسلامية شرعية جديدة فاستجوبوا الأشخاص الذين اعتبروهم مذنبين بموجب تفسيرهم الصارم للشريعة ولاحقوهم وأصدروا عليهم الأحكام. وتقول المعلومات التي نشرها مجلس شورى شباب الإسلام إنه أنشأ أيضاً هيئة تسمى بديوان الحسبة للإشراف على "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، علاوة على مكتب للتعليم وقوة "شرطة إسلامية" خاصة به. وقال سكان من درنة لـ هيومن رايتس ووتش إن عددا من القضاة في المحكمة الشرعية كانوا من جنسيات أجنبية.

عمليات إعدام ميداني
قال سكان درنة إنهم شهدوا متشددين من مجلس شورى شباب الإسلام ينفذون عمليات إعدام علنية لثلاثة رجال متهمين بالقتل في واقعتين منفصلتين. في 27 يوليو/تموز أطلق متشددو الجماعة النار على الليبي السنوسي نصري الهويدي، وعلى رجل مصري لم تتحدد هويته، لمزاعم بأنهما قتلا ميلود الحصادي في 25 يوليو/تموز. وبحسب أحد الشهود، قامت عائلة الضحية بتسليم القاتلين المزعومين إلى مجلس شورى شباب الإسلام، الذي استجوبهما وأعلن عن إدانتهما في اليوم نفسه.

قال أحد الشهود إن مسلحين ينتمون إلى الجماعة أخذوا المتهمين إلى ساحة الشهداء بميدان الصحابة في نحو الواحدة والنصف صباحاً، حيث أطلق أحد أعضاء الجماعة النار على كلا المتهمين في الرأس، فأطلق طلقة واحدة على أحدهما واثنتين على الآخر، بعد امتناع عائلة الضحية عن إطلاق النار عليهما. وقال الشاهد:

 

لم يكد مجلس الشورى، الذي أصبح الآن داعش، ينتظر قبل إعدام المشتبه بهما. حدث كل شيء بسرعة كبيرة في غضون يومين فقط. وجلسات المحكمة الشرعية التي يتم فيها استجواب الأشخاص والحكم عليهم من جانب هيئة من ثلاثة قضاة غير علنية. عادة ما تعلن المحكمة مسبقاً عن تنفيذ عقوبة الإعدام. وفي هذه القضية رفضت عائلة الضحية العفو عن المشتبه بهما، فنفذت المحكمة العقوبة.

 

وفي 19 أغسطس/آب أشرف مجلس شورى شباب الإسلام على الإعدام العلني لمحمد أحمد محمد، وهو مصري، في ملعب لكرة القدم بغرب درنة، بعد اتهامه بقتل الليبي خالد الدريسي. وفي مقطع فيديو مدته 6 دقائق ومنشور على الإنترنت، يقوم رجل ملثم لا يمكن تحديد هويته بتلاوة التهم الموجهة إلى المحكوم عليه، الذي يركع معصوب العينين مع تقييد يديه خلف ظهره، على محفة مغطاة بالبلاستيك. في البداية يسأل الملثم أفراد عائلة الضحية عما إذا كانوا يريدون العفو عن القاتل المزعوم، وعندما يرفضون، يناول أحد أفراد العائلة مسدساً، فيقوم هذا بإطلاق النار على المتهم في الرأس ويرديه قتيلاً.

عمليات الجلد العلني
في 18 نوفمبر/تشرين الثاني قال أحد سكان درنة لـ هيومن رايتس ووتش إنه شهد الجلد العلني لثمانية شباب في ميدان المسجد القديم بدرنة يوم 25 أو 26 أكتوبر/تشرين الأول. وقال إن اثنين من الرجال الملثمين تناوبا على جلد الشباب:

 

قام ملثمون من مجلس الشورى بصف ثمانية شباب في ميدان الصحابة ومعاقبة كل منهم بأربعين جلدة، بعد ضبطهم وهم يشربون الخمر في "حفلة لتوديع العزوبية" مع العريس. بدأ عضو المجلس بجلد الكتفين ثم استمر نزولاً حتى القدمين، 40 جلدة. إذا ضبط شخص متلبساً بشرب الخمر فإنهم [مجلس الشورى] ينفذون "حد الجلد" في التو واللحظة.

 

وتظهر صور وبيانات نشرها مجلس شورى شباب الإسلام على مواقع التواصل الاجتماعي عمليتين أخريين من الجلد العلني أمام المحكمة الشرعية. في كل مرة تم جلد ثلاثة رجال لمزاعم بشرب الخمر. وقد تمكنت هيومن رايتس ووتش من التأكد من حدوث عمليات الجلد، لكنها لم تتأكد من تاريخ وقوعها.

الاغتيالات
تعقبت هيومن رايتس ووتش 250 حالة من حالات القتل الذي يبدو أن دوافعه سياسية في درنة وبنغازي منذ بداية 2014، وضمت قائمة الضحايا أعضاء سابقين وحاليين في الجيش والأجهزة الأمنية، علاوة على 5 من القضاة وأفراد النيابة العامة. وفي جميع الحالات تم تنفيذ عمليات القتل بأيدي معتدين مجهولي الهوية. ولم تخضع أية حالة من حالات القتل غير المشروع هذه للتحقيق ولا تمت ملاحقة أي شخص أو أدين بارتكابها.

تم اغتيال محمد نجيب هويدي، رئيس محكمة الاستئناف بمنطقة الجبل الأخضر، في 16 يونيو/حزيران 2013، وقتل محمد خليفة النعاس مساعد النائب العام بمنطقة الجبل الأخضر في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، وتوفي القاضي المتقاعد يوسف الكريمي في تونس في 24 ديسمبر/كانون الأول 2013 إثر جراح لحقت به أثناء محاولة اغتيال في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 في درنة، واغتيل نائب ليبيا العام السابق عبد العزيز الحصادي في 8 فبراير/شباط 2014، وقتل القاضي السابق محمد بوعجيلة المنصوري في 28 أبريل/نيسان 2014.

كما استهدف معتدون مجهولون سيدتين وقتلوهما، وهما فريحة البرقاوي وسلوى يونس الهنيد، في 2014 في درنة، في ما يبدو أنه اغتيال لدوافع سياسية. قال اثنان من سكان درنة وأحدهما ناشط إن مقتل سيدة ثالثة بالرصاص في فبراير/شباط، بعد أسابيع فقط من مقتل زوجها ضابط الجيش السابق، لم يكن مرتبطاً بالسياسة وإنما بخلاف عائلي.

قام معتدون مجهولون بقتل البرقاوي، وهي نائبة سابقة في المؤتمر الوطني العام عن مدينة درنة وعضوة بحزب تحالف القوى الوطنية ذي الأجندة غير الإسلامية، في 17 يوليو/تموز. وقال أحد أقاربها في درنة، الذي تحدث مع هيومن رايتس ووتش في 19 نوفمبر/تشرين الثاني، إن مقتل البرقاوي وقع بعد 5 أشهر من استقالتها من المؤتمر الوطني العام، حيث كانت تجهر بالمطالبة بتواجد سلطات الدولة في درنة، وبانتقاد المتشددين الإسلاميين. وقال قريبها:

 

كانت في الطريق إلى السوق غربي منطقة شيحا لتسوق بعض مستلزمات شهر رمضان حين قتلتها 3 رصاصات بعد إمطار سيارتها بوابل من الرصاص من سيارة مارة بها معتدون مجهولون. ورغم أن بعض المارة حاولوا مساعدتها إلا أن الأوان كان قد فات. توفيت فريحة قبل بلوغ مستشفى الهريش، ولا يوجد بدرنة طبيب شرعي ولذا فقد نقلت إلى البيضاء على بعد 100 كيلومتر وأعيدت للدفن في اليوم التالي. وكانت مكاتب النيابة مغلقة والمحكمة محترقة منذ أوائل 2011، أثناء الثورة. لا يوجد من يمكنه التحقيق في جريمة القتل.

 

كما أطلق معتدون مجهولون النار على الهنيد، الموظفة السابقة بجهاز الأمن الداخلي في عهد القذافي، فقتلوها في 9 سبتمبر/أيلول 2014. وقال أحد أقاربها لـ هيومن رايتس ووتش في 19 نوفمبر/تشرين الثاني إن المسلحين قتلوا الهنيد في نحو الثامنة صباحاً، فيما كانت تغادر منزلها لشراء الخبز كما تعودت. أصابت الهنيد عدة طلقات وتوفيت في الحال. ولم يتبن أحد مسؤولية الجريمة.

عمليات الخطف وقطع الرؤوس
في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي تصريح بالفيديو لمجموعة مكونة من تسعة شباب ملثمين، وبعضهم مسلحون، يطلقون على أنفسهم اسم شباب درنة. وجاء في التصريح تعهد بالولاء لما يسمى بعملية الكرامة العسكرية التي يقودها اللواء حفتر، الذي أعيد إلى منصبه مع 16 ضابطاً آخرين في نوفمبر/تشرين الثاني بيد الحكومة المنتخبة، وإقرار بسلطة مجلس النواب المنتخب في طبرق.

دعت المجموعة الثوار إلى حمل السلاح ومحاربة "الجماعات المتشددة في درنة، بما فيها أنصار الشريعة وداعش" وهددت بالانتقام لعمليات القتل غير المشروع وغيرها من الانتهاكات الحقوقية طوال السنوات الثلاث السابقة، التي زعموا أن "الإخوان المسلمين والجماعات المتشددة" نفذوها، مقسمين على "ألا تأخذهم بهم رحمة".

وما زال أفراد المجموعة مجهولين الهوية حتى الآن، إلا أنه يبدو أن صفوفهم ضمت واحداً على الأقل من ثلاثة شباب ـ سراج قاطش ومحمد باطو ومحمد المسماري ـ تم اختطافهم لاحقاً في عمليات منفصلة وإن كانت تبدو منسقة في 5 نوفمبر/تشرين الثاني في درنة. وقد تم العثور على جثثهم بعد ذلك في حقول الهيشة بجنوب درنة، وكانت رؤوس الثلاثة مقطوعة.

وقد رجح سكان درنة أن يكون المسماري هو المتحدث في مقطع الفيديو، إلا أن هيومن رايتس ووتش لم تستطع التأكد من هوية أي من الشباب التسعة. وقال سكان درنة إن المسماري كان قد جهر بمناهضة المليشيات الإسلامية في مقابلة في يونيو/حزيران، أما قاطش وباطو فلم يكن يعرف عنهما أنهما من النشطاء.

وقال أحد سكان درنة لـ هيومن رايتس ووتش في 21 نوفمبر/تشرين الثاني إن مسلحين مجهولين وصلوا في 3 سيارات واختطفوا قاطش في 5 نوفمبر/تشرين الثاني فيما كان يقف أمام منزله مع ثلاثة من أصدقائه. وقال أحد سكان درنة من المطلعين على القضية لـ هيومن رايتس ووتش إن أحد رعاة الأغنام أبلغ فرع الهلال الأحمر بدرنة في 10 نوفمبر/تشرين الثاني بعد عثوره على رفات رجلين فُصل رأساهما عن جثمانيهما واختفى الرأسان. فيما بعد تعرفت العائلات على الجثمانين وأنهما لباطو وقاطش. ثم تم العثور على جثمان المسماري في حقل مجاور، وكان رأسه بدوره مفصولاً عن جسده، بحسب تقرير إخباري. لم تستطع هيومن رايتس ووتش التحقق من الظروف المحيطة بعملية خطف المسماري وقتله.

ولم يتبن أحد المسؤولية عن عمليات الخطف والقتل هذه، رغم أن بعض السكان المحليين قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إنهم يعتقدون أن مليشيات إسلامية هي المسؤولة. وقال أحد سكان درنة ممن كانوا يعرفون قاطش: "يسيطر المتشددون الذين بايعوا داعش فعلياً على المدينة بأكملها، وهم الآن أقوى الجماعات هناك ويسيطرون على كل شيء، وبالتالي فهم المسؤولون عن قطع الرؤوس دون شك".

في واقعة أخرى، قام مسلحون بقتل معتز بورواق الشلوي قرب منزله في 13 نوفمبر/تشرين الثاني، بحسب أحد سكان درنة الذي يقطن بالقرب منه. وبعد الواقعة بقليل انتشرت أنباء تفيد بأن متشددين من مجلس شورى شباب الإسلام قد احتجزوا 3 أشخاص يزعم أنهم قتلوا الشلوي. وأوحى نشطاء ومواقع إخبارية بأنهم كانوا يواجهون الإعدام الوشيك بالرصاص إذا طلبت عائلة الضحية هذا، ولم ترد أنباء عن الثلاثة منذ ذلك الحين.

كما أفاد تقرير إخباري من 28 مايو/أيار بالعثور على الرأس المقطوع لعبد المعز التركاوي، وهو طالب من درنة سبق له تحدي مليشيا تسيطر على نقطة تفتيش، في مجمع مسجد الصحابة بالمدينة.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة