(نيويورك) ـ إن عملية الذبح المزعومة لـ علي السيد، الرقيب في الجيش اللبناني المحتجز لدى الدولة الإسلامية، تُعتبر جريمة حرب إذا تأكدت. في 28 أغسطس/آب، نُشرت صور ومقاطع فيديو على شبكة الانترنت يظهر فيها ما بدا أنه أحد مقاتلي الدولة الإسلامية وهو بصدد ذبح رجل معصوب العينين تم تعريفه على أنه الرقيب علي السيد. يُذكر أن السلطات اللبنانية لم تؤكد بشكل رسمي عملية الذبح.
واستنادًا إلى تقارير إخبارية، تمكن تنظيما الدولة الإسلامية، المعروف سابقا بالدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وجبهة النصرة المتطرفان من اختطاف ما لا يقل عن 35 جنديًا وعناصر أمن لبنانيين، بمن فيهم الرقيب علي السيّد، أثناء المواجهات التي اندلعت في 2 أغسطس/آب في عرسال اللبنانية. وتم إلى الآن الإفراج عن 13 جنديًا وعنصر أمن. وطالبت التنظيمان المتطرفان بإطلاق سراح محتجزين إسلاميين في سجن رومية مقابل الإفراج عن بقية الرهائن. وقالت هيومن رايتس ووتش إن على الدولة الإسلامية وجبهة النصرة الإفراج عن جميع الرهائن بشكل فوري، وضمان معاملة الجنود وعناصر الأمن المختطفين وفق قوانين الحرب.
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "إذا صحت عملية الذبح المزعومة للرقيب علي السيد، فإن ذلك يُعتبر عملا مريعًا، ويرقى إلى جريمة حرب. ولا يسعنا إلا أن نعبر عن قلقنا بشأن بقية الرهائن".
وفي 28 أغسطس/آب نشر أبو مصعب حفيد البغدادي، الذي يعرف نفسه على أنه أحد عناصر الدولة الإسلامية، صورًا على حسابه على موقع تويتر يظهر فيها ما بدا أنه أحد مقاتلي الدولة الإسلامية وهو بصدد ذبح رجل معصوب العينين تم تعريفه على أنه الرقيب علي السيد.
قالت هيئة علماء المسلمين، وهي جمعية لرجال دين سنة مقرها لبنان، وكانت قد شاركت في المفاوضات المتعلقة بالجنود المحتجزين لدى الدولة الإسلامية، قالت في بيان لها في 29 أغسطس/آب إنها لا تستطيع تأكيد أو نفي قتل الجندي. وفي 29 أغسطس/آب أيضا، قال وزير الداخلية نُهاد المشنوق لوسائل إعلام لبنانية إن الجيش اللبناني أنشأ لجنة خبراء للتحقيق في عملية الذبح المزعومة. ولكن مسؤولين أمنيين لبنانيين وعناصر من الدولة الإسلامية أكدوا لوسائل إعلام وقوع عملية الذبح. كما نُشر في 28 أغسطس/آب تسجيل لمكالمة هاتفية أكد فيها أحدد ممثلي هيئة العلماء المسلمين وقوع العملية. وفي 1 سبتمبر/أيلول، قالت هيئة الإذاعة اللبنانية إنه سيتم نقل جثة علي السيد إلى إحدى المستشفيات العسكرية، دون أن تحدد مصدر المعلومة.
قالت هيومن رايتس ووتش إن إعدام أي شخص محتجز دون محاكمة، بما في ذلك الرهائن مثل علي السيد، يُعتبر جريمة حرب.
أكد ممثل لقوى الأمن الداخلي لـ هيومن رايتس ووتش إنه مازال يوجد إلى حدّ الآن 14 شرطيًا رهن الاختطاف، ولكن الجيش لم يُصدر قائمة بالجنود المختطفين. واستنادا إلى وسائل إعلام، مازال 12 جنديًا رهن الاحتجاز لدى المجموعات المسلحة. يُذكر أيضا أنه تم إطلاق سراح 13 جنديًا ورجل أمن.
في 29 أغسطس/آب، تم نشر مقطع فيديو على موقع يوتيوب أعلن فيه تسعة جنود لبنانيين مختطفين لدى الدولة الإسلامية أنهم سيعدمون إذا لم تفرج الحكومة عن محتجزين إسلاميين في سجن رومية خلال ثلاثة أيام. وأفادت وسائل إعلام محلية أن جبهة النصرة هددت في 31 أغسطس/آب بإعدام عناصر أمن لبنانيين من الشيعة إذا استمر حزب الله في حملته العسكرية في منطقة القلمون المحاذية لـ عرسال. يُذكر أن مقاتلي حزب الله والقوات الحكومية السورية يخوضون مواجهات متقطعة ضد المجموعات المسلحة في القلمون.
وكان مسؤولون حكوميون لبنانيون قد استلموا في 19 أغسطس/آب مطالب المجموعات المسلحة مقابل الإفراج عن الرهائن. ورغم أنه لم يتم نشر القائمة، إلا أن تقارير إخبارية قالت إنها تضمنت الإفراج عن بعض الإسلاميين المحتجزين في سجن روميه في لبنان.
يُعتبر اختطاف الأشخاص جريمة حرب.
عرفت المحكمة الجنائية الدولية اختطاف الرهائن على أنه محاصرة مقاتلين أو مدنيين أو احتجازهم، مع التهديد بقتلهم أو إصابتهم بجروح أو مواصلة احتجازهم بنية حمل حكومة أو منظمة دولية على القيام بعمل ما أو الامتناع عن القيام به كشرط للمحافظة على سلامتهم أو إطلاق سراحهم.
قال موظفون دوليون في مجال الإغاثة الإنسانية في لبنان لـ هيومن رايتس ووتش إنهم شاهدوا تصاعدًا في الهجمات التي تستهدف لاجئين سوريين من قبل مدنيين لبنانيين منذ اندلاع المواجهات في عرسال. كما قال بعض ساكني بلدة الرحبة شمال لبنان لـ هيومن رايتس ووتش إن عديد اللاجئين السوريين تعرضوا إلى اعتداءات جسدية في الشوارع على يد مدنيين لبنانيين عقب اندلاع أعمال العنف في عرسال. ويتعين على قوات الأمن أن تكون يقظة تجاه أي اعتداء على اللاجئين السورين، وأن تضمن محاسبة كل من يتورط في ذلك.
قالت سارة ليا ويتسن: "يجب أن لا يتم التعامل مع اللاجئين السوريين ككبش فداء جراء الأعمال الإجرامية التي ترتكبها مجموعات متطرفة مثل الدولة الإسلامية".
خلفية
في 2 أغسطس/آب، اعتقلت قوات الأمن اللبنانية عماد أحمد جمعة في نقطة تفتيش تقع على مشارف عرسال. وبينما عرّفته وكالة الأنباء اللبنانية على أنه من عناصر تنظيم جبهة النصرة، يبدو أن جبهة النصرة نفت انتمائه لها. وعرفته وسائل إعلام أخرى على أنه قائد لواء فجر الإسلام، وهي مجموعة أعلنت مبايعتها للدولة الإسلامية في يوليو/تموز 2014. وعقب اعتقال جمعة، قام مقاتلون مجهولو الهوية، يبدو أن بعضهم ينتمي إلى فجر الإسلام، بمحاصرة نقاط تفتيش للجيش اللبناني داخل عرسال وخارجها، مطالبين بإطلاق سراحه. واقتحم أيضا بعض المقاتلين مركز قوات الأمن الداخلي في عرسال، وسيطروا على بعض عناصر الأمن هناك، وأفرجو عن عديد المحتجزين السوريين، وقاموا على ما يبدو بقتل مدنيين اثنين حاولا اعتراضهم.
تواصلت المواجهات بين المقاتلين والجيش اللبناني في الفترة الممتدة بين 2 و5 أغسطس/آب لما أعلن الجيش اللبناني أنه دفع المسلحين إلى التراجع إلى ضواحي عرسال في وادي حميّد قرب الحدود مع سوريا. وفي 6 أغسطس/آب، تم تطبيق وقف لإطلاق النار بوساطة هيئة علماء المسلمين. وفي 9 أغسطس/آب، دخل الجيش اللبناني عرسال واستعاد السيطرة على المدينة. ولكن مسلحين اشتبكوا مع الجيش اللبناني مجددًا في 28 أغسطس/آب في ضواحي عرسال، وهو ما يعني أن الوضع الأمني لا يزال هشًا.
إضافة إلى الرهائن، قال الجيش اللبناني إن 19 جنديًا قتلوا أثناء المواجهات، وتعرض 86 آخرون إلى الإصابة بجروح. كما قالت تقارير إن عدد القتلى من المسلحين بلغ 67 شخصًا. كما ذكر مستشفى ميداني في عرسال أن 489 شخصًا تعرضوا إلى الإصابة بجروح، وقتل ما لا يقل عن 59 مدنيًا، 44 منهم سوريون و15 من سكان عرسال، أثناء المواجهات.