Skip to main content
تبرعوا الآن

إسرائيل ـ قتل الطفلين قد يشكل جريمة حرب

استناداً إلى شهود ومقاطع فيديو، لم يكن الصبية يمثلون تهديداً للجنود

(القدس) ـ مقاطع فيديو وصوراً فوتوغرافية وأقوال شهود وسجلات طبية تشير إلى أن الصبيين البالغين من العمر 17 عاماً، اللذين أردتهما قوات إسرائيلية بالرصاص في 15 مايو/أيار 2014، لم يكونا يمثلان تهديداً داهماً للجنود في ذلك الوقت. ويبدو أن الصبيين، اللذين كانا يشاركان في مظاهرة بالضفة الغربية، قتلا بالذخيرة الحية، بحسب هيومن رايتس ووتش.

تبين مقاطع الفيديو بوضوح بعض الجنود الإسرائيليين وهم يطلقون النار في اتجاه الصبيين، نديم نوارة ومحمد سلامة، وكذلك سقوط الصبيين على الأرض. وتشير سجلات طبية إلى تعرض الصبيين، ومعهما محمد عزة البالغ من العمر 15 عاماً، الذي أطلق عليه الجنود الإسرائيليون النار بدوره فأصابوه بجراح بليغة، تعرضهم لجراح في الصدر ناجمة عن ذخيرة حية. أصيب نوارة وسلامة بطلقات اخترقت الصدر، وقال شهود لـ هيومن رايتس ووتش إنهم سمعوا صوت إطلاق الذخيرة الحية المختلف عن صوت الطلقات المطاطية، في توقيت إصابة الصبية الثلاثة.

قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "يعد القتل العمد لمدنيين على أيدي قوات أمنية إسرائيلية تشكل جزءاً من الاحتلال جريمة حرب. وتقع على عاتق إسرائيل مسؤولية ملاحقة الجنود الذين استهدفوا هؤلاء الشبان، وكذلك المسؤولين عن إتاحة استخدام الذخيرة الحية لحفظ الأمن في مظاهرة".

وقد صرح الجيش الإسرائيلي بأنه يحقق في وقائع القتل لكن جنوده "لم يستخدموا الذخيرة الحية" بل الطلقات المطاطية والغاز المسيل للدموع فقط. إلا أن الطلقات المطاطية مصممة خصيصاً بحيث لا تخترق الأجساد. ومن المستبعد أن تؤدي الطلقات المطاطية، من مسافة تقدر بما لا يقل عن 60 متراً، إلى الإصابات التي قتلت نوارة وسلامة وجرحت عزة. تمكنت أسرة سلامة من استخراج الرصاصة الحية التي ربما تكون قد قتلته.

ومن شأن الجرائم التي ترتكبها قوات الأمن الإسرائيلية كجزء من الاحتلال، من قبيل الاعتداء العمدي على مدنيين، أن تخضع للملاحقة بموجب القانون الإنساني الدولي كجرائم حرب. وقد تكرر قيام القوات الإسرائيلية بإطلاق النار على فلسطينيين، لم يكونوا يشكلون تهديداً داهماً، بالذخيرة الحية أثناء مظاهرات مشابهة، بما في ذلك مظاهرة في 4 أبريل/نيسان في الموقع نفسه، كما يتمتع الجيش الإسرائيلي بسجل رديء في تقديم جنوده للعدالة على مثل هذه الأفعال، بحسب هيومن رايتس ووتش.

أصيب الصبية في ثلاث وقائع منفصلة، لكنها في نفس الموقع تقريبا من بلدة بيتونيا، حيث كان فلسطينيون قد تظاهروا في وقت سابق إحياءً لذكرى "يوم النكبة" الموافق لطرد الفلسطينيين من إسرائيل بين 1947 و1949. بعد المظاهرة وقعت مواجهة عنيفة قام فيها جنود إسرائيليون بإطلاق الطلقات المطاطية والذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع على الفلسطينيين الذين رشقوا الجنود بالحجارة.

قال مصور صحفي كان يلتقط الصور في ذلك الوقت، هو سامر نزال، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات إسرائيلية أطلقت طلقات مطاطية على فلسطينيين تجمعوا لحمل نوارة والابتعاد به. وقد راجعت هيومن رايتس ووتش سلسلة من صور نزال الفوتوغرافية الملتقطة بكاميرا عالية السرعة عقب إصابة نوارة مباشرة، وتبين مقذوفاً، يبدو أنه طلقة مطاطية، يأتي من اتجاه القوات الإسرائيلية. أصاب المقذوف رأس مسعف فلسطيني، كان يرتدي سترة برتقالية زاهية ويشكل جزءاً من مجموعة تحمل نوارة.

وأفادت المنظمة الحقوقية الإسرائيلية "بتسيلم" بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي أطلقت النار على رجل في الثالثة والعشرين فجرحته في ذراعه بالذخيرة الحية في ذلك اليوم أيضاً.

وقد أوحت وزارتا الدفاع والخارجية الإسرائيليتان، وزعم مسؤول كبير في وزارة الدفاع لم يذكر اسمه، بأن الفلسطينيين زوروا أدلة الفيديو الملتقطة لواقعة إطلاق النار المميتة، وهذا بحسب تقارير إعلامية إسرائيلية. إلا أن المسؤولين لم يقدموا رواية بديلة للأحداث. وتشير أقوال الشهود، والتقارير الإعلامية، ومقاطع الفيديو المأخوذة من كاميرات المراقبة الأمنية، والمأخوذة من وسائل إعلام إخبارية، والصور التي التقطها صحفيون، والتي راجعتها هيومن رايتس ووتش، إلى قيام القوات الإسرائيلية بإطلاق ذخيرة حية.

صرح الجيش الإسرائيلي بأنه يجري "جلسات اطلاع عملياتية" لوقائع إطلاق النار، إضافة إلى تحقيق شرطي. و"جلسات الاطلاع العملياتية" هي إجراء عسكري لتعلم الدروس المستفادة، يقوم فيها ضباط قد يكونون ضمن سلسلة القيادة بإجراء مقابلات مع جنود فقط، مع استبعاد أي شهود آخرين.

كما تشارك الشرطة العسكرية والمدنية الإسرائيلية في تحقيق مع عناصر الجيش الإسرائيلي وشرطة الحدود المتورطة في الوقائع، وقد ينطوي النوع الأخير من التحقيقات على استجواب شهود. قال بعض سكان بيتونيا إن محققين إسرائيليين زاروا منطقة وقائع القتل وتحدثوا مع سكان فلسطينيين عدة مرات منذ الواقعة، إلا أنهم لم يحاولوا تأمينها للحفاظ على الأدلة. وثمة تقارير عن اشتراك الحكومتين الإسرائيلية والفلسطينية في إنشاء لجنة مشتركة لتقصي الحقائق، لكن لم تنشر معلومات عن اختصاصها، ويبدو أن اللجنة لم تجتمع حتى الآن.

راجعت هيومن رايتس ووتش مقاطع فيديو التقطها صحفيون فلسطينيون يوم 15 مايو/أيار وتبين جنوداً إسرائيليين في مسرح الواقعة ومعهم كاميرات، كما أن الفرع الفلسطيني للمنظمة الحقوقية الدولية "الدفاع من أجل الأطفال" صرح بمشاهدة جنود إسرائيليين يصورون الاشتباكات. قالت هيومن رايتس ووتش إن على إسرائيل، بغية ضمان تحقيق سريع وشفاف، أن تنشر مقاطع الفيديو والصور الفوتوغرافية التي التقطها جنودها كاملة دون حذف.

قالت سارة ليا ويتسن: "إن مزاعم الجيش الإسرائيلي بأن جنوده لم يطلقوا ذخيرة حية يوم 15 مايو/أيار لا تصمد أمام التمحيص. ويتعين على حلفاء إسرائيل، لإنهاء الإفلات من العقاب الذي تدلل عليه هذه الواقعة الأخيرة، أن يمارسوا ضغطاً جاداً ومستمراً على إسرائيل، كما يجب على فلسطين أن تلتمس اختصاص المحكمة الجنائية الدولية".

تفاصيل وقائع إطلاق النار
أطلق جنود إسرائيليون النار على عزة فجرحوه في صدره في نحو الساعة 12:20 ظهراً، على بعد نحو 15 متراً من موضع الإصابات المميتة لنوارة وسلامة فيما بعد، وهذا بحسب قول والد عزة وأحد الشهود لـ هيومن رايتس ووتش. كما أطلق جنود إسرائيليون النار على نوارة في الصدر في نحو الساعة 1:45 ظهراً، وخرجت الرصاصة من ظهر نوارة. وأطلق جنود إسرائيليون النار على سلامة من ظهره الساعة 2:58، وخرجت الرصاصة من صدر سلامة.

ويظهر نوارة في مقاطع الفيديو وهو يلقي الحجارة عند نقطة معينة من المظاهرة، لكن الفيديو يظهر أيضاً أن لا نوارة ولا سلامة كانا يلقيان الحجارة في توقيت إطلاق النار عليهما. لم تر هيومن رايتس ووتش أي مقطع فيديو يظهر عزة في توقيت إطلاق النار عليه. وقد صرح عزة بأنه لم يكن يلقي بالحجارة في ذلك الوقت. وحتى لو كان الصبية يلقون بالحجارة في توقيت إطلاق النار عليهم فإنه يبدو مستحيلاً عملياً أن يشكلوا أي تهديد حقيقي للأرواح بالنظر لبعدهم عن أقرب جندي إسرائيلي، حيث كان الجنود يتمتعون بالحماية الجزئية لجدار خرساني حاجز على تلة تبعد عن الصبية نحو 60 متراً.

قال شهود لـ هيومن رايتس ووتش إن مجموعتين من الجنود الإسرائيليين كانتا في مسرح الواقعة، فكانت مجموعة من الجنود والمركبات العسكرية تقف على بعد 230 متراً تقريباً، والأخرى، من شرطة الحدود ـ وهي قوة شرطة إسرائيلية ـ على بعد 60 متراً تقريباً من موضع مقتل الصبيين. وكانت المجموعة الأخيرة تطلق الطلقات المطاطية والغاز المسيل للدموع على شباب فلسطينيين في توقيت أسبق من نفس اليوم، بحسب شهود. وتشير مشاهدات هيومن رايتس ووتش في مسرح الواقعة إلى أن الجنود في الموقعين كان من شأنهم التمتع بخطوط رؤية واضحة وممتدة إلى موضع مقتل الصبيين.

مقاطع الفيديو والتقارير الطبية والإخبارية
في 19 مايو/أيار نشر الفرع الفلسطيني لمنظمة "الدفاع من أجل الأطفال" الدولية مقاطع فيديو منقحة مأخوذة من كاميرات مراقبة أمنية منصوبة على واجهة مبنى قريب، وتصور نوارة وسلامة وهما يصابان بالرصاص على ما يبدو، ويسقطان فجأة على الأرض، ويحملهما متظاهرون آخرون بعيداً. وقد رد الجيش بتصريحات تقول إن "مقطع الفيديو المعني خضع للتنقيح على نحو منحاز" وإنه "لا يعكس حقيقة اليوم المقصود والعنف [الذي مارسه متظاهرون فلسطينيون]". كما قال مسؤول كبير بوزارة الدفاع لم يذكر اسمه لوسائل الإعلام الإسرائيلية إنه "خضع للتلاعب على الأرجح".

وقد حصلت هيومن رايتس ووتش من المنظمة الحقوقية على مقاطع الفيديو الأصلية المأخوذة من ثلاث كاميرات مراقبة أمنية، وتحدثت مع فخر زايد، 47 سنة، صاحب الكاميرات. كانت اثنتان من الكاميرات مسلطتين على المنطقة المواجهة لبناية زايد، وتظهر مقاطع الفيديو المأخوذة منهما الصبيين وهما يتعرضان للنيران، بينما كانت الثالثة مسلطة على المنطقة الواقعة بين البناية وأقرب مجموعة من الجنود الإسرائيليين. ويمتلك زايد ورشة نجارة بالطابق الأرضي للبناية، ويسكن شقة بالطابق الأول. وقد قال إنه شهد إطلاق النيران من شرفته. ولا تظهر بمقاطع الفيديو الأصلية أدلة على تشكيل الصبيين لأي تهديد للجنود في أي مرحلة من ظهورهم فيها، بما في ذلك لحظات إصابتهم بالرصاص. وقد راجعت منظمة "بتسيليم" مقاطع الفيديو الكاملة بدورها ونشرت مقتطفات مأخوذة من اثنتين من كاميرات المراقبة على الإنترنت.

وقد عرضت عائلة نوارة على هيومن رايتس ووتش رصاصة قالت إن ابن عمه عثر عليها في حقيبة الظهر التي يظهر نوارة وهو يحملها في مقطع الفيديو المصور لإصابته. وقال والده إن نوارة ذهب إلى المظاهرة بعد ذهابه إلى المدرسة في توقيت أسبق من اليوم. شاهدت هيومن رايتس ووتش ما يبدو كثقب رصاصة في حقيبة الظهر، وكذلك كتباً مدرسية وأوراقاً مدماة، والرصاصة. وهي رصاصة تامة التغليف عالية السرعة، يبلغ قطرها 5-6 ملليمترات.

في 22 مايو/أيار نشرت قناة "سي إن إن" مقطع الفيديو الخاص بها والذي يبين أحد عناصر شرطة الحدود الإسرائيلية متمركزاً على بعد نحو 60 متراً من المتظاهرين الفلسطينيين، ويطلق النيران باتجاه الموقع الذي قتل فيه نوارة. بعد ثوان يظهر في مقطع الفيديو مجموعة من الفلسطينيين تحمل نوارة بعيداً نحو سيارة إسعاف.

وقد صرح بعض المعلقين والتقارير الإخبارية على خلاف الحقيقة بأن مقطع "السي إن إن" لا يمكنه إظهار الجنود الإسرائيليين وهم يطلقون ذخيرة حية لأن البنادق الهجومية الظاهرة في المقطع لها تركيبات تستخدم في إطلاق الطلقات المطاطية. إلا أن الجيش الإسرائيلي قد سبق له استخدام نوع واحد على الأقل من تركيبات البنادق الهجومية، المصنعة بواسطة شركة "الصناعات العسكرية الإسرائيلية"، والتي تتيح للجنود إطلاق طلقات مطاطية وكذلك ذخيرة حية دون نزع التركيبات الخاصة بالمطاطي. ويقرر أحد الكتيبات أن "تركيبة الإطلاق" التي يبلغ طولها 22 سم تصلح "للتركيب على أي بندقية مزودة بكاتم الوميض الخاص بالناتو" وتتيح "إطلاق طلقات فورية مميتة عيار 5,56 ملم دون نزع التركيبة".

لم يتسن لـ هيومن رايتس ووتش التحقق مما إذا كان الطلق الناري في المقطع قد أطلق ذخيرة حية أم طلقة مطاطية، ولا استبعاد احتمال مقتل نوارة جراء طلق ناري آخر لم يسجله مقطع الفيديو.

في 28 مايو/أيار أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن تحقيقاً أجرته الشرطة العسكرية الإسرائيلية قد توصل، بعد مراجعة مقطع "السي إن إن" الخاص بمظاهرة 15 مايو/أيار، إلى قيام جندي من مكتب المتحدث باسم الجيش بإطلاق طلقتين مطاطيتين على جدار قريب من المتظاهرين الإسرائيليين في محاولة لتفريقهم. وكان الجندي قد طلب من قائد شرطة الحدود استخدام بندقيته الهجومية، وأطلق الطلقتين ثم أعاد السلاح إلى صاحبه كما اكتشف التحقيق. وقد قام الجيش بإيقاف الجندي عن العمل لأنه لم يكن مكلفاً بأداء دور نشط في عملية تفريق الحشود أو بإطلاق الطلقات المطاطية. ومع ذلك فثمة تقارير تفيد بأن التحقيق أبرأ ساحة الجندي من شبهة إطلاق ذخيرة حية.

وقد حصلت هيومن رايتس ووتش على تقارير طبية بتاريخ 15 مايو/أيار من المجمع الطبي الفلسطيني في رام الله. وبحسب التقارير، تعرض عزة لطلق ناري في جدار الصدر الأمامي الأيسر وفي الرئة اليسرى. وأصيب نوارة بطلق ناري في الصدر والكبد، ونزيف هائل، وتمزق في الوريد الكهفي السفلي. أما سلامة، الذي تعرف عائلته أيضاً باسم أبو ظاهر، فقد أعلن عن وفاته بمجرد وصوله جراء طلق ناري دخل من الجانب الأيمن من ظهره ونفذ من يسار عظمة القص، مصيباً القلب.

أفادت صحيفة "هاآرتس" اليومية الإسرائيلية بأن "محققين عسكريين إسرائيليين" لم تذكر أسماؤهم "قالوا إن [...] الطلقات ربما تكون قد أتت من الجانب الفلسطيني وليس من القوات الإسرائيلية". قال زايد، صاحب الورشة الذي شهد إطلاق النيران، إنه سمع في 23 مايو/أيار مسؤولين عسكريين حضروا إلى منزله يتبادلون الحديث بالعبرية ويتكهنون بصدور الطلقات عن شخص فلسطيني.

ومع ذلك فإن جراح دخول الرصاص اللاحقة بالضحيتين، ومقاطع الفيديو، وأقوال الشهود تشير كلها بقوة إلى انطلاق النيران من الاتجاه الذي كانت تتمركز فيه القوات الإسرائيلية. ويبدو من المستبعد أن يغفل الجنود الإسرائيليون، والمتظاهرون، والصحفيون الذين استمر تواجدهم في مسرح الواقعة لعدة ساعات قبل إطلاق النيران وبعده، عن فلسطيني يطلق بندقية هجومية بشكل متكرر في تلك المنطقة.

منذ سبتمبر/أيلول 2000 قام الجيش الإسرائيلي بإدانة 6 جنود لقتل فلسطينيين دون وجه حق، وكانت أقسى عقوبة توقع عليهم هي الحبس لمدة 7 شهور ونصف، بحسب المنظمة الحقوقية الإسرائيلية ييش دين. وفي أثناء تلك الفترة قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 3100 مدني فلسطيني لم يكونوا مشاركين في الأعمال العدائية، علاوة على فلسطينيين آخرين قتلهم جنود إسرائيليون أثناء أنشطة لإنفاذ القانون في الضفة الغربية، وهذا بحسب تقارير لـ "بتسيلم"، وهي منظمة حقوقية إسرائيلية أخرى.

روايات الشهود عن وقائع القتل في 15 مايو/أيار
قال نزال، 28 سنة، وهو مصور وصحفي يعمل لدى وكالة "راية نيوز"، قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه وصل إلى مسرح الواقعة في نحو الواحدة والنصف ظهراً، بعد بدء الاشتباكات. وقد سمع فيما بعد جنوداً إسرائيليين يطلقون طلقات مطاطية وذخيرة حية على السواء. كما تكرر تأكيد شهود في مظاهرات، وكذلك مراقبين حقوقيين إسرائيليين وفلسطينيين ودوليين، لسهولة تمييز صوت الطلقات الحية من صوت الطلقات المطاطية التي تستخدمها قوات الدفاع الإسرائيلية. وقال نزال:

كان هناك 7 أو 8 جنود راجلين في منطقة مرتفعة، خلف جدار خرساني وسياج، على بعد نحو 60 متراً. كما كان هناك العديد من [المركبات العسكرية] على بعد 200 متر منا. وكان هناك عشرات المتظاهرين، ومعظمهم لا يفعل شيئاً سوى التفرج، و20 آخرون يلقون بالحجارة. كان 2 أو 3 منهم يهرعون للأمام ويلقون الحجارة في المرة الواحدة، لكن نظراً لوجود الجنود بمكان مرتفع ومحمي، فإن الحجارة لم تبد وكأنها تصيبهم فعلياً. كانوا يطلقون الغاز المسيل للدموع والطلقات المطاطية باستمرار، وبين الحين والآخر كنا نسمع طلقات حية.

بدأت ألتقط صوراً للاشتباكات فور وصولي. وقرر نديم [نوارة] عبور الشارع. في ذلك الوقت لم يكن يلقي بالحجارة، بل كان يعبر الشارع فقط. وفور بلوغه منتصف الشارع أصيب في صدره مباشرة. لقد رأيته. كنت على بعد نحو 15 متراً منه. سمعت الطلقة، وسقط على الأرض ولم يتحرك.

وقد أيد زايد، صاحب الورشة، وعباس مأموني، وهو صحفي آخر، رواية نزال.

التقط نزال سلسلة سريعة من الصور تظهر مقذوفاً يطير نحو مجموعة تقوم بإخلاء نوارة، ويبدو أنه يصيب رأس رجل يرتدي سترة المسعفين الفوسفورية، فيتعثر الرجل ويمسك برأسه في الصور اللاحقة. قال نزال:

سارعت مجموعة من الصبية لمساعدة [نوارة] وأخذه بعيداً، وبينما كانوا يأخذونه إلى عربة إسعاف تقف على بعد نحو 50 متراً، لم تتوقف الطلقات المطاطية والغاز المسيل للدموع قط. سارع أحد رجال الإسعاف لمقابلة الصبية في منتصف الطريق، وبينما كان يحمل نديم إلى العربة، أصيب بطلقة مطاطية في مؤخرة رأسه، فأمسك برأسه وسقط على الأرض.

قال محمد دربية، وهو طالب عمره 22 عاماً، لـ هيومن رايتس ووتش إنه وصل إلى المظاهرة في نحو توقيت إصابة نوارة وشهد إطلاق النار على سلامة:

كانوا يستخدمون الغاز المسيل للدموع والطلقات المطاطية. كنت مع محمد، على بعد متر واحد منه. سمعت طلقة حية، صوتها يختلف عن الطلقات المطاطية. أصيب محمد على الفور. كان يسير مبتعداً عن الاشتباكات حين أطلقوا النار عليه. لم يكن في مقدمة المجموعة الأقرب إلى الجنود، بل كان يتراجع مبتعداً عنهم. حملناه وأخذناه إلى عربة الإسعاف.

وقال محمد عزة، 15 سنة، لـ هيومن رايتس ووتش إن الجنود الإسرائيليين أطلقوا النار على ظهره في توقيت أسبق أثناء المظاهرة. وأكد شاهد طلب عدم ذكر اسمه وجود عزة على بعد عشرات الأمتار من أقرب جندي إسرائيلي، مما يدل على أنه لم يكن يمثل أي تهديد لهم في ذلك الوقت.

وقد عمدت القوات الإسرائيلية مراراً إلى استخدام الذخيرة الحية ضد فلسطينيين أثناء مظاهرات، بما في ذلك مؤخراً في بيتونيا، وأطلقت النار على فلسطينيين لم يكونوا يشكلون خطراً عليها. في 4 أبريل/نيسان أطلقت قوات إسرائيلية النار على محمد ياسين، المصور المتطوع مع "بتسيلم"، بطلقات حية بينما كان يصور مظاهرة في بيتونيا. ويظهر في مقطع فيديو التقطه مصور آخر، وراجعته هيومن رايتس ووتش، أن ياسين كان يصور المظاهرة من جانب الشارع ولم يكن يشارك فيها ولا كان يشكل تهديداً للقوات الإسرائيلية. أصيب ياسين، الذي كان يرتدي سترة صفراء فوسفورية، أمام نفس المبنى وعلى بعد 10 أمتار من موضع قتل نوارة وسلامة. وأفادت "بتسيلم" بأن جنوداً إسرائيليين أطلقوا النار على 5 أشخاص آخرين برصاص عيار 0,22 في بيتونيا يوم 4 أبريل/نيسان، وبأن الضحايا نقلوا إلى المستشفى برام الله.

وقد سبق لـ هيومن رايتس ووتش توثيق عمليات إطلاق نيران مميتة من جانب القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية على اثنين من الصبية الفلسطينيين لم يكونا يشكلان تهديداً لهم، في يناير/كانون الثاني وديسمبر/كانون الأول من 2013 على الترتيب. لم يلاحق الجيش أي شخص في الحالتين. وقد تكفل التشريح باستخراج الرصاصة التي قتلت وجيه الرماحي، 15 سنة، والذي أطلق جنود إسرائيليون النار على ظهره من مسافة 200 متر قرب مخيم جلزون للاجئين في ديسمبر/كانون الأول 2013. وقالت منظمة الحق الحقوقية الفلسطينية إن السلطات الفلسطينية لم تتمكن من نقل الرصاصات إلى الأردن لإجراء تحليل المقذوفات لأن الجيش الإسرائيلي لم يمنح الموافقة اللازمة لنقلها عبر المعبر الحدودي الخاضع للسيطرة الإسرائيلية.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة