(بيروت)- قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن مجلس الشورى السعودي قام في خطوة جديرة بالترحيب من شأنها إحراز تقدم في حقوق السيدات والفتيات، قام بإصدار توجيهاته إلى وزارة التربية والتعليم بدراسة إمكانية إدخال التربية البدنية للفتيات في المدارس الحكومية السعودية. قام المجلس، وهو أعلى هيئة استشارية في المملكة، بالتصويت بأغلبية ساحقة -92 مقابل 18 صوتا- لصالح التوصية، إلا أن وزارة التعليم يجب أن تُعد مسودة باللوائح وتقدمها، ثم يُوافق عليها مجلس الشورى ومجلس الوزراء قبل أن تصبح رياضة الفتيات في المدارس الحكومية واقعاً ملموساً، بحسب هيومن رايتس ووتش.
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "يُظهر تصويت مجلس الشورى قدرة الحكومة السعودية على تجاوز المؤسسة المحافظة واتخاذ خطوات من شأنها إنهاء المُمارسات التمييزية ضد المرأة متى أرادت. وتقدم السلطات السعودية بادرة طيبية وهي تبدو مدركة أن السماح لكافة الفتيات في المملكة بممارسة الرياضة أمر ضروري لسلامتهن البدنية والنفسية".
سبق للسلطات السعودية أن قررت في مايو/ آيار 2013 أن الطالبات الملتحقات بالمدارس الخاصة للفتيات بمقدورهن ممارسة الرياضة طالما كن يرتدين "ثياباً مُلتزمة" وتحت إشراف معلمات سعوديات بموجب إجراءات وزارة التعليم المشددة. وفي 22 مايو/ آيار2013، أرسلت هيومن رايتس ووتش خطاباً إلى وزارة التربية والتعليم السعودية تُطالب فيه بجدول زمني لتنفيذ الاستراتيجية القومية المُقترحة من أجل تعزيز رياضة الفتيات في كافة مراحل التعليم، إلا أنها لم تتلق أي رد
وكما وثقت هيومن رايتس ووتش في تقريرها الصادر في فبراير/شباط 2012، بعنوان "خطوات الشيطان: حرمان النساء والفتيات من الحق في الرياضة في المملكة العربية السعودية"، فإن السعودية تعد الدولة الوحيدة في العالم التيتمنع الفتيات فعلياً من المشاركة في الأنشطة الرياضية بالمدارس الحكومية. ولا توجد بنية أساسية رياضية حكومية للسيدات، إذ أن وتقتصر جميع المباني الرياضية والأندية، والدورات، والمدربين الخبراء والحُكام على الرجال. وما زال التمييز ضد النساء والفتيات يحدث على عدة أصعدة في المملكة، بما في ذلك:
· حرمان الفتيات بشكل مستمر من التربية الرياضية في المدارس الحكومية.
· حرمان السيدات من التواجد على مستوى الهيئات الرياضية الوطنية، ما يعني غياب الرياضيات السعوديات عن الفعاليات الرياضية التنافسية في المملكة.
· غياب أي دعم مالي حكومي للرياضيات من النساء في المُنافسات الوطنية والإقليمية والدولية.
قالت هيومن رايتس ووتش إن هذه القيود تنتهك التزامات السعودية الدولية، كما أنها تمثل مُخالفة واضحة لبند عدم التمييز في الميثاق الأوليمبي.
طالبت هيومن رايتس ووتش الحكومة بوضع استراتيجية واضحة ومدى زمني عاجل لإدراج التربية البدنية للفتيات في المدارس الحكومية والخاصة، ورفع الحظر الذي فرضته على منح التراخيص بصالات رياضية للسيدات، وكذلك تكليف الرئاسة العامة لرعاية الشباب - الهيئة التنظيمة للرياضة في المملكة- واللجنة الأوليمبية الوطنية بفتح أقسام نسائية، ومطالبتها بقبول أعضاء من النساء في كافة الألعاب الرياضية التي تشرف عليها كلتا الهيئتين في المملكة.
وفي تطور إيجابي، بدأت السلطات في السماح بترخيص أندية رياضية خاصة للنساء في مارس/آذار 2013، وتمافتتاح أول نادي في مدينة الخبر بالمنطقة الشرقية في يونيو/حزيران 2013.
وبعد تأخير ومقاومة، وافقت السعودية أخيراً على السماح للاعبتين بتمثيل السعودية في أولمبياد لندن 2012 وهما: وجدان شهرخاني، في لعبة الجودو، وسارة عطار، في العدو. أشادت اللجنة الأوليمبية الدولية بالتغيير، إذ أعلن رئيس اللجنة جاك روج أنه "للمرة الأولى في تاريخ الأولمبياد، يكون مع جميع الفرق المشاركة لاعبات سيدات. هذا تحسن كبير بمجال المساواة بين الرجل والمرأة".
سبق أن قدمت وزارة التعليم مؤشرات على أنها قد توافق على البرامج الرياضية للفتيات في المدارس الخاصة. في ديسمبر/كانون الأول 2011 كتبت نائبة وزير التربية والتعليم لشؤون تعليم البنات، نورة الفايز، لـ هيومن رايتس ووتش، تقول:
يتم دراسة موضوع التربية الرياضية للبنات بشكل جاد كأحد أولويات القيادة في الوزارة، التي ترى أن التربية الرياضية في المدارس إحدى الضروريات التي تساعد الطلاب والطالبات في الحفاظ على صحتهم، وتعمل الوزارة حالياً على تأسيس منهج تربوي متكامل يبدأ بتأسيس البنية التحتية للمشروع وينتهي بالتوعية الصحية والغذائية، وذلك ضمن استراتيجية وطنية للتربية الرياضية للبنين والبنات.
وقد نفذت الحكومة مؤخرا إصلاحات مُشجعة، وإن كانت متواضعة، لصالح حقوق المرأة في العامين الماضيين، شملت إصدار قانون يُجرم العنف الأسري للمرة الأولى، بحسب هيومن رايتس ووتش.
ومع ذلك، لا يزال نظام وصاية ولي الأمر الرجل التمييزي كما هو. وفي ظل هذا النظام، تمنع السياسات والمُمارسات التسلطية النساء من الحصول على جواز سفر، أو الزواج، أوالسفر، أوالالتحاق بالتعليم العالي دون موافقة ولي أمر ذكر، وهو عادة ما يكون الزوج، أو الأب، أو الأخ، أو حتى أحد الأبناء. كما تخفق السلطات في منع بعض أصحاب العمل من طلب موافقة ولي الأمر الذكر قبل على تشغيل أقاربهم من النساء الراشدات، كما تخفق في منع بعض المُستشفيات من طلب موافقة ولي الأمر الذكر على بعض الإجراءات الطبية للنساء. وما يزال جميع النساء ممنوعات من قيادة السيارات في المملكة.
قالت سارة ليا ويتسن: "مازال أمام المملكة العربية السعودية طريق طويل يجب أن تقطعه من أجل إنهاء المُمارسات التمييزية ضد النساء، إلا أن السماح للفتيات بممارسة الرياضة في المدارس الحكومية من شأنه أن يُحرك الماء الراكد، بطريقة قد يكون لها تأثير كبير على المدى الطويل".