ذكرت المنظمة الدولية للهجرة في الأسبوع الماضي أن المملكة العربية السعودية احتجزت 12 ألف صومالي وقامت بترحيلهم إلى وطنهم الذي مزقته الحرب وينعدم فيه القانون، دون منحهم أي فرصة لطلب اللجوء. وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن السعوديين سوف يقومون بترحيل 30 ألف صومالي آخرين خلال الأسابيع القليلة المُقبلة.
وبينما أنا جالس في مكتبي في واشنطن، استوقفتني الأعداد الهائلة لأناس تتم إعادتهم قسراً إلى مكان ستتعرض فيه حياتهم أوحريتهم إلى خطر شبه مؤكد. إن القيام بمثل هذا العمل يعد بمثابة طرد أو رد، وهو انتهاك للقانون الدولي. لقد علمنا أن الأرقام بعشرات الآلاف، وهي معرفة ضرورية لفهم حجم الانتهاك، ولكننا لا نعرف سوى القليل عن أولئك الذين تمثلهم تلك الأرقام.
طلبت من زملائي في هيومن رايتس ووتش في مقديشو، لاتيتيا بدر وسامر مسقطي، البحث عن بعض من تم ترحيلهم.
وبينما كنت أقرأ مسودة المُقابلة، توارت الأرقام فجأة، وحل محلها فرد واحد واضح: ساديو، التي عملت كعاملة في أحد المنازل السعودية قبل أن يتم اعتقالها مع طفليها الصغيرين. خلال مدة احتجازها التي استمرت 15 يوماً، وخلال عملية ترحيلها لم تحظ بمساندة زوجها، الذي لم يكن قد تم القبض عليه حينها. وهو الآن يواجه خطر الترحيل كذلك.
لقد كانت المحنة شديدة الصعوبة على ساديو لأنها كانت في الشهر التاسع من الحمل.
وأثناء وقوف ساديو في طابور الترحيل بمطار جدة، بدأ ابنها البالغ من العمر 3 سنوات يتقافز قربها. فغضبت إحدى الشرطيات وضربت ساديو على ظهرها بهراوة الشرطة. وبمجرد أن صعدت إلى الطائرة المُتجهة إلى مقديشيو، بدأت ساديو تشعر بألم حاد. وبينما كانت الطائرة تُقلع، تصاعد الألم وبدأ مخاض الولادة، فوضعت ساديو طفلها على أرضية مقصورة الطائرة.
قالت لـ لاتيتيا في مقديشيو، "مازلت أشعر بالألم بسبب الضربة التي تلقيتها على ظهري، ولم أتلق أي علاج طبي، وذهبت بطفلي منذ يومين إلى أحد المستشفيات لكي ينظفوا حبله السُري".
ليس مسموحا لأي دولة في العالم، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، أن تعتقل عشرات الآلاف من الناس وتقوم بترحيلهم بشكل جماعي إلى دولة دمرها العنف، دون منحهم أي فرصة لطلب الحماية.
ولكن بعيداً عن المبادئ، وبعيداً عن الإحصاءات، هناك ببساطة مُعاناة شخص واحد، وإخفاق إحدى الحكومات في التعامل مع ذلك الشخص بالحد الأدنى من اللياقة.