Skip to main content

على امتداد خطوط الصدع

2013 كان عام العنف المخيف في لبنان

نُشر في: Executive Magazine

 تعود لبنان ويلات العنف والحروب بالوكالة، والفتن الطائفية، والإصلاحات البطيئة، والمشكلات الاقتصادية وأزمات اللاجئين. في عام 2013، دفعت كل هذه المِحن البلد إلى واحدة من أسوأ الأزمات الأمنية والاجتماعية التي مر بها منذ سنوات.

تدفق العنف من سوريا المُجاورة إلى لبنان، واتخذ شكل عمليات خطف، وقصف عبر الحدود، وتفجير سيارات.

تسبب تفجير سيارة يوم 9 يوليو/ تموز في منطقة بئر العبد في بيروت في جرح العشرات. وفي 15 أغسطس/آب أعلنت كتائب عائشة، وهي مجموعة سورية مُعارضة لم تكن معروفة من قبل، مسؤوليتها عن انفجار سيارة ملغومة في منطقة الرويس في بيروت، تسبب في قتل العشرات وجرح المئات. وبعد 8 أيام، في 23 أغسطس/آب، استهدفت تفجير سياراتين ملغومتين مسجدين في طرابلس يخطب فيهما شيوخ يساندون المُعارضة السورية، وخلفت التفجيرات ما لا يقل عن 40 وجرح 400 شخص. لم يُعلن أحد مسؤوليته عن هذين التفجيرين، ولكن صدرت أوامر بالقبض على أعضاء بالحزب العربي الديمقراطي المُتحالف مع الحكومة السورية.

وفي 19 نوفمبر/ تشرين الثاني، تسبب انفجاران مُتزامنان أمام السفارة الإيرانية في بيروت في مصرع 23 شخصاً على الأقل، وجرح حوالي 150 شخصاً.أعلن الشيخ سراج الدين زريقات، الزعيم الديني لكتائب عبد الله عزام في لبنان التابعة لتنظيم القاعدة، أعلن عبر حسابه على تويتر عن مسؤولية الجماعة عن الهجوم. كما أشار في تبريره للهجوم، إلى قتال قوات حزب الله إلى جانب الحكومة السورية واحتجاز الإسلاميين في لبنان.

لقد أدت التوترات الطائفية في عام 2013، والتي تفاقمت بسبب الصراع في سوريا وحالة إفلات المُسلحين من العقاب، أدت إلى اشتباكات دامية في طرابلس وصيدا. في مايو/أيار، اشتبك مسلحون من منطقتي جبل محسن وباب التبانة في طرابلس، مما أسفر عن مقتل 28 على الاقل وإصابة أكثر من 200 شخص. وفي أكتوبر/تشرين الأول، أسفر أسبوع من القتال بين هاتين المنطقتين عن 13 قتيلا آخرين، وجرح 91 شخصاً على الاقل.

ورغم ان الحكومة قامت أخيراً بتنفيذ خطة أمنية لمدينة طرابلس، وقامت بنشر وحدات من الجيش وقوات الأمن الداخلي في المدينة في نوفمبر/تشرين الثاني، إلا أنها فشلت في اتخاذ الخطوات اللازمة لحماية السُكان، مثل مُصادرة الأسلحة واعتقال وملاحقة المقاتلين قضائياً، والحفاظ على تواجد أمني فعال.

سجل عدد اللاجئين السوريين المُسجلين في لبنان زيادة قياسية بلغت 816 ألفا في نوفمبر/تشرين الثاني، وبدعم دولي محدود كافحت الحكومة اللبنانية لتلبية احتياجات اللاجئين. وفقاً لمفوضية شؤون اللاجئين، ووكالة الأمم المتحدة للاجئين، فبحلول 31 أكتوبر/تشرين الأول، لم يتم الوصول سوى إلى 51% من 1,2 مليار دولار طلب توفيرها لمساعدة اللاجئين في لبنان. وفي 1 نوفمبر/تشرين الثاني، بدأت المفوضية بتقليص المُساعدات المُخصصة لـ 30% من من اللجئين السوريين في لبنان بسبب عدم كفاية التمويل، وهو ما يزيد الوضع تدهوراً. 

لقد تحمل لبنان، وهو آخر الدول المجاورة لسوريا التي حافظت على سياسة الحدود المفتوحة، تحمل عبئاً هائلاً لأنه لا يزال يستقبل اللاجئين. ولكن إغلاق الحدود في وجه الذين يفرون من الموت والاضطهاد - كما فعلت الحكومة من قبل في أغسطس/آب عندما بدأت في إبعاد الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية السورية - ليس هو الحل.

إن الفقراء من اللبنانيين ربما كانوا هم من يتحملون العبء الأكبر لأزمة اللاجئين في لبنان. في تقرير شهر أكتوبر/تشرين الأول توصل البنك الدولي إلى أنه نتيجة الصراع في سوريا، قد يهوى قرابة 170 ألف لبناني إلى مستوى الفقر، وأن البطالة قد ترتفع بنسبة 10% بنهاية 2014.

وقد عاني لبنان، وسط العنف والاقتصاد المُتعثر، من غياب القيادة المعتاد. حيث استقال رئيس الوزراء نجيب ميقاتي في أوائل عام 2013، ولم ينته السياسيون من تشكيل حكومة جديدة بعد. كما أن مشاريع قوانين لوقف التعذيب، وتحسين معاملة عاملات المنازل الوافدات، وحماية النساء من العنف الأسري، ووضع حد للتمييز ضد المرأة بموجب قوانين الأحوال الشخصية - وكلها قضايا تعد مثار قلق دائم في لبنان - لا تزال تتعثر في البرلمان.

في عام 2014، يحتاج اللبنانيون إلى حكومة قادرة على أن تُسارع لملء الفراغ الأمني، واعتقال ومُحاكمة المسؤولين عن العنف، ومُصادرة أسلحة الحرب. ولكي تتوقف هذه الانتهاكات، فيجب ألا يكون هناك مجال للإفلات من العقاب.

يجب على الحكومة أيضاً أن تبذل المزيد من الجهد لتلبية احتياجات المجتمعات المحرومة تاريخياً مثل جبل محسن وباب التبانة وتلك الموجودة في المناطق الحدودية، بما في ذلك وادي خالد وعرسال. إن سكان هذه المجتمعات يفتقرون إلى فرص العمل والبنية التحتية والخدمات الكافية، فضلا عن المعاناة من عواقب تدفق المزيد من اللاجئين.

وأخيراً، ينبغي على الدول المانحة أن تُعطي بسخاء أكبر حتى يتمكن لبنان من الوفاء بالتزاماته تجاه أعداد اللاجئين المُتزايدة، ويدعم البنية التحتية والخدمات الصحية والاقتصاد المحلي المُتعثر. عندها فقط يمكن أن نتوقع استمرار لبنان في تحمل عبء هذه الأزمة.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة