قدمت الخارجية الأمريكية بالأمس خدمة كبيرة للأسرة الحاكمة في البحرين في جهودها لقمع حزب الوفاق المعارض.
فقد قامت السلطات البحرينية باعتقال نائب زعيم الوفاق، خليل المرزوق، بتهم يبدو أنها ملفقة. لكن بدلاً من استنكار الاعتقال، قامت متحدثة أمريكية بانتقاد الجماعات المعارضة في البحرين لانسحابها من "حوار" مع الحكومة احتجاجاً على الاعتقال.
يعد المرزوق من أبرز الشخصيات العامة ومن أهم محاوري الحكومات الغربية. وبحسب بيان لمكتب النائب العام، يحتجز المسؤولون المرزوق لمدة 30 يوماً بينما يحققون في اتهامات موجهة إليه بـ"التحريض على ارتكاب جرائم إرهابية والترويج لها". ألقى المرزوق "خطباً في العديد من المحافل، تضمنت التحريض على ارتكاب جرائم إرهابية والترويج لها، وما ينبئ عن تبنيه المبادئ التي تقود إلى ذلك، ومناصرة الائتلاف الإرهابي فيما يرتكبه من أعمال عنف، وتبرير تلك الأعمال المجرمة قانوناً"، وهذا بحسب نص البيان.
لم تقدم السلطات البحرينية أمثلة على ملاحظات أدلى بها المرزوق وتؤيد تلك المزاعم.
كان المرزوق يشغل منصب نائب رئيس البرلمان البحريني المكون من 40 عضواً قبل انسحاب الحزب في 2011 احتجاجاً على الحملة القمعية العنيفة على المتظاهرين المناهضين للحكومة، وجاء اعتقاله في أعقاب خطبة ألقاها وسط تجمع في توقيت أسبق من شهر سبتمبر/أيلول. راجعت هيومن رايتس ووتش مقطع فيديو للتجمع، الذي قال المرزوق فيه، "نحن نؤيد التحركات السلمية، ونقرر بشفافية [...] أننا لا ننتمي إلى جماعات العنف أو أفعالها". إلا أنه من المحتمل أن يكون تصريحه التالي هو ما أدى إلى اعتقاله: فقد قال المرزوق إن ائتلاف شباب 14 فبراير المناهض للحكومة ليس جماعة إرهابية، على عكس تأكيدات الحكومة.
بعد الاعتقال، انسحب الوفاق وغيره من جماعات المعارضة من "حوار وطني" مع الحكومة كان يبدو أنه عديم الجدوى وسط جهود معالجة الأزمة السياسية في البحرين.
يوم الأربعاء، في المؤتمر الصحفي اليومي لوزارة الخارجية في واشنطن، حين طلب صحفي من نائبة المتحدث باسم الوزارة ماري هارف أن تعلق على اعتقال المرزوق، قالت السيدة هارف إنها "تشعر بخيبة أمل من قيام جماعات المعارضة بتعليق مشاركتها في الحوار الوطني... وسوف نواصل تشجيع الجميع على المشاركة فيه"، ولم يهتز التزامها بهذا الخط، حتى عندما طُرحت عليها أسئلة لمتابعة الموضوع. في مساء الخميس أبدى مسؤولون أمريكيون القلق من احتجاز المرزوق ـ لكنهم مع ذلك لم يستنكروه.
بالنظر إلى الإخفاق في تقديم أية أدلة على تأييد المرزوق أو حزب الوفاق للعنف فإن تهرب هارف الأخرق يوم الأربعاء من فرص متكررة لانتقاد اعتقال المرزوق كان حتماً بمثابة موسيقى عذبة في آذان متشددي الأسرة الحاكمة في البحرين، العازمين على سحق أي نوع من أنواع المعارضة. أما انقلاب موقفها في اليوم التالي فيمثل تذبذباً مثيراً للانزعاج في الرسائل التي ترسلها الإدارة الأمريكية إلى حكومة مشهورة بالقمع.
يتعين على واشنطن الآن أن تشجب اعتقال المرزوق علناً، وأن تدين تصاعد القمع بشكل أوسع نطاقاً في البحرين.