(بيروت) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على السلطات الليبية الشروع فوراً في تنفيذ تعهد حكومي بإجراء تحقيق سريع وشامل في اغتيال الناشط السياسي البارز عبد السلام المسماري في بنغازي يوم 26 يوليو/تموز 2013. لم تتبن أية جهة مسؤولية جريمة القتل.
يعد مقتل المسماري في حي البركة ببنغازي هو الأحدث ضمن سلسلة من الاغتيالات التي تبدو ذات دوافع سياسية في ليبيا على مدار العام الماضي. قتل ما لا يقل عن 20 شخصاً، معظمهم من أفراد قوات الأمن، في بنغازي ودرنة، شرقيّ ليبيا. ويبدو أن المسماري كان أول المستهدفين من النشطاء السياسيين.
قال نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "إذا مرت الاغتيالات السياسية دون عقاب فإن العملية الانتقالية الهشة في ليبيا معرضة للخطر، مما يضفي إلحاحاً إضافياً على التحقيق في مقتل المسماري".
قال محمد الحجازي، الناطق باسم غرفة العمليات الأمنية المشتركة للجيش والشرطة في بنغازي، لـ هيومن رايتس ووتش إن المسماري قتل بعد صلاة الجمعة، في نحو الساعة 1:30 إلى 1:45 مساءً، بينما كان عائدا إلى بيته سيراً من مسجد أبو غولة بمنطقة البركة. وقال إن المسماري أصيب بالرصاص من مدى قريب، بطلقة واحدة في القلب. أكد الحجازي لـ هيومن رايتس ووتش عدم وجود مشتبه بهم معروفين، وعدم اعتقال السلطات لأي شخص على ذمة الواقعة.
قال جمال بنور، القاضي البارز والناشط في بنغازي، الذي كان مع المسماري عند إطلاق النار عليه، قال لـ هيومن رايتس ووتش إنهما كانا يسيران في شارع شبه خال بالقرب من منزل المسماري حين اقترب منهما رجلان في سيارة مسرعة. وقال، "رأيت أحد الرجلين في مقعد الراكب يخرج مسدسه ويطلق رصاصة واحدة في قلب عبد السلام مباشرة. حدث الأمر بسرعة كبيرة ... وكنت مشوش البصر فلم أر الرجل بوضوح، وأسرعت السيارة مبتعدة".
قال بنور إن المسماري ظل حياً لدقائق بعد إصابته بالرصاص، لكنه توفي قبل بلوغ مستشفى الجلاء ببنغازي.
كان المسماري، المولود في 1968، محامياً وناشطاً، ومن أبرز منتقدي قانون العزل السياسي المثير للجدل، وهو المرسوم الهادف إلى منع مسؤولي عهد القذافي من تولي المناصب العامة، الذي مرره المؤتمر الوطني العام، وهو البرلمان الليبي في مايو/أيار.
في 24 يوليو/تموز ظهر المسماري على قناة تلفزيونية محلية وتحدث عن جرائم القتل خارج نطاق القانون، بما فيها مقتل اللواء عبد الفتاح يونس، قائد الجيش الليبي المعارض، الذي قتل في يوليو/تموز 2011 أثناء الانتفاضة ضد الزعيم الليبي آنذاك معمر القذافي. كما انتقد المسماري الإخوان المسلمين لنشر الفوضى في ليبيا. وكان قد سبق له توجيه النقد العلني إلى الإخوان وغيرهم من الفصائل الإسلامية على مواقع التواصل الاجتماعي وشبكات الإعلام المحلية.
كان المسماري من مؤسسي ائتلاف 17 فبراير، الذي تزعم التنسيق بين قوى المعارضة في بنغازي في فبراير/شباط 2011، في بداية الانتفاضة المناهضة للقذافي. في فبراير/شباط 2011، قام الائتلاف بإنشاء المجلس الوطني الانتقالي، الذي تولى حكم المناطق الليبية الخاضعة لسيطرة المعارضة لحين انتخاب المؤتمر الوطني العام في يوليو/تموز 2012. في 2011 أبلغ المسماري عن تلقي تهديدات بالقتل بعد أن انتقد دور الفصائل الإسلامية في المجلس الوطني الانتقالي. وفي مايو/أيار 2012 أبلغ المسماري عن تعرضه لاعتداء من معتدين مجهولين أمام فندق تيبستي في بنغازي.
تعرضت ليبيا لموجة من جرائم القتل غير المشروع، ذات طبيعة سياسية على ما يبدو، منذ أواخر عام 2011. وقد وثقت هيومن رايتس ووتش عدداً من جرائم القتل التي يبدو أن دوافعها كانت سياسية في بنغازي على مدار الشهور القليلة الأخيرة. وقد بدا أن معظم الضحايا من أفراد قوات القذافي الأمنية الذين انضموا للثورة لخلع القذافي في 2011.
على سبيل المثال، في 8 يوليو/تموز 2013 قُتل العقيد فوزي محمد علي البركي، أحد ضباط الأمن الداخلي، وهو جهاز مخابراتي من عهد القذافي تم حله بعد نزاع 2011، في بنغازي بعبوة ناسفة استهدفت سيارته. وفي 4 يوليو/تموز قام معتدون مجهولون بقتل رجلين في بنغازي بإطلاق الرصاص من سيارة، في ما بدا وكأنه محاولة لاغتيال العقيد حامد الحاسي، أحد ضباط القوات الجوية في عهد القذافي الذي تولى قيادة الجناح العسكري لمجلس برقة الانتقالي، وهي الحركة المطالبة بحكم ذاتي أكبر للجزء الشرقي من ليبيا. وفي 26 يونيو/حزيران توفي جمعة المصراتي، الذي كان يقود لواء مشاة في الجيش الليبي وخدم كضابط مخابرات عسكرية في حكومة القذافي، حين انفجرت عبوة ناسفة في سيارته على بعد نحو 150 متراً من منزله في بنغازي.