Skip to main content

مصر ـ اعتقالات لسوريين تثير مخاوف من الترحيل

القبض على طالبي لجوء وحاملي إقامات قانونية في أكمنة مرورية

(نيويورك) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على السلطات المصرية التوقف عن احتجاز السوريين تعسفياً والتهديد بترحيلهم بإجراءات موجزة لا تراعي التدابير القانونية الواجبة. وعلى السلطات الإفراج عن السوريين المحتجزين ما لم يتم اتهامهم فوراً بجرائم تستحق المحاسبة، وعدم ترحيل السوريين من حاملي تأشيرات الدخول أو طالبي اللجوء بدون مراجعة محايدة لطلبات اللجوء الخاصة بهم.

في يومي 19 و20 يوليو/تموز 2013، قامت عناصر الشرطة المدنية والشرطة العسكرية المصرية باعتقال ما لا يقل عن 72 رجلاً و9 صبية سوريين من أكمنة مرورية على الطرق الرئيسية في القاهرة. لم يتم على ما يبدو توجيه أي اتهام إلى الباقين منهم قيد الاحتجاز، بمن فيهم طالبي اللجوء المسجلين وتسعة سوريين على الأقل من حاملي تأشيرات الدخول أو تصاريح الإقامة السارية. هددت السلطات بترحيل 14 منهم على الأقل إلى بلاد مجاورة لسوريا، بحسب هيومن رايتس ووتش.

قال نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "هناك عداء متزايد في مصر للسوريين الذين فروا إليها طلباً للجوء من الحرب. لكن المناخ السياسي المتوتر ليس عذراً يسمح لضباط الشرطة والجيش باحتجاز عشرات من الرجال والصبية السوريين من المواصلات العامة والزج بهم في السجون دون مراعاة لحقوقهم".

تعرب هيومن رايتس ووتش عن القلق من احتمال ترحيل طالبي اللجوء السوريين دون فحص عادل لطلبات اللجوء الخاصة بهم، كما يشترط القانون الدولي. في 24 يونيو/حزيران قال واحد من أقارب أحد المحتجزين لـ هيومن رايتس ووتش إن إجراءات الترحيل قد بدأت بحق سبعة من المحتجزين السوريين البالغين، وإن ترحيلهم من مصر صار وشيكاً. وقال محامون راجعوا ملفات القضايا الخاصة بسبعة أطفال محتجزين إنهم معرضون بدورهم لخطر الترحيل الفوري.

قامت أو تقوم وكالة اللاجئين الأممية، وهي المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مصر، بتسجيل 90 ألف طالب لجوء سوري. قالت هيومن رايتس ووتش إنه يتعين على السلطات المصرية كحد أدنى أن تتيح للمحامين ولأفراد المفوضية السامية التواصل مع كافة السوريين المحتجزين لضمان عدم وجود طالبي لجوء مسجلين بين صفوفهم.

منذ قيام الجيش المصري بعزل محمد مرسي عن السلطة يوم 3 يوليو/تموز، تغيرت القواعد الحاكمة لدخول السوريين إلى مصر. فمنذ 8 يوليو/تموز فُرض على السوريين الحصول على تأشيرة دخول وتصريح أمني قبل الوصول إلى مصر، وهو الأمر المنطوي على مشقة بالنسبة للفارين من الحرب. كما تزايد اعتقال السوريين المقيمين في مصر إلى مستويات، وصفها لـ هيومن رايتس ووتش نشطاء يساعدون اللاجئين السوريين في القاهرة، بأنها غير مسبوقة.

وفي 10 يوليو/تموز بدأ مذيعو التلفزة المصرية، على قنوات محلية تشمل "الفراعين" و"أون تي في"، في اتهام الجالية السورية بالانحياز إلى مؤيدي مرسي، فغذوا مناخاً من التوجس والعداء للأجانب. قام مذيع واسع الشعبية، هو توفيق عكاشة، بإمهال السوريين المقيمين في مصر 48 ساعة، قائلاً إن الشعب المصري يعرف أماكن سكنهم، وإن السوريين إذا لم يكفوا عن "تأييد الإخوان المسلمين" بعد 48 ساعة فسوف يدمر المصريون منازلهم.

اعتقلت الشرطة والشرطة العسكرية معظم السوريين المحتجزين بإنزالهم من حافلات وميكروباصات في أكمنة مرورية على طرق القاهرة. على سبيل المثال، ظهرت أكمنة شرطية وعسكرية في مدينة العبور، وهي مدينة جديدة على أطراف القاهرة تضم جالية سورية كبيرة، في توقيت خلع مرسي، كما قال بعض أعضاء الجالية لـ هيومن رايتس ووتش. واعتباراً من 19 يوليو/تموز، بدأت عناصر أمنية في القبض على السوريين من سيارات الأجرة الميكروباص ووسائل المواصلات العامة واحتجازهم من الأكمنة. قال رجل تم احتجازه ثم الإفراج عنه، وكذلك أقارب ذهبوا إلى الأكمنة لجلب جوازات السفر الخاصة بأشخاص تعرضوا للقبض عليهم، قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن كانت توقف المركبات ثم تطلب من جميع السوريين النزول وتقديم الأوراق الثبوتية وجوازات السفر. ولم يتم إبداء أسباب للتفتيش أو الاحتجاز.

قال شهود لـ هيومن رايتس ووتش إنهم شاهدوا يوم 19 يوليو/تموز عناصر الشرطة العسكرية وهي تحتجز 50 إلى 60 سورياً و3 رجال من بنغلاديش عند نقطة تفتيش عسكرية على طريق القاهرة-الإسماعيلية الصحراوي. وكان المحتجزون عند نقطة التفتيش في تلك الليلة من بينهم صبيين في سن 14 و16 سنة. أمرت الشرطة العسكرية الرجال والصبيين بركوب حافلات عند نقطة التفتيش، أخذتهم بعد ذلك إلى جهات غير معلومة.

زود الأقارب والمحامون هيومن رايتس ووتش بمعلومات عن احتجاز ما يقرب من 40 سورياً تم القبض عليهم من أكمنة مرورية واحتجازهم بسجن القناطر على مشارف القاهرة، وكذلك عن 7 صبية بسجن المرج للأحداث في القاهرة. كما قام نشطاء محليون تواصلوا هاتفياً مع المحتجزين بإعطاء هيومن رايتس ووتش قائمة بأسماء 34 رجلاً وصبياً آخرين احتجزوا يوم 20 يوليو/تموز بقسم شرطة الشروق، شمالي القاهرة. تم الإفراج عن خمسة من هؤلاء الرجال يوم 21 يوليو/حزيران، بحسب ناشط محلي، لكن الباقين ما زالوا قيد الاحتجاز.

قالت عائلات 16 محتجزاً لـ هيومن رايتس ووتش إنهم لم يتمكنوا، لا هم ولا المحامين، من زيارة المحتجزين أثناء الأيام الثلاثة أو الأربعة الأولي من الاحتجاز. تمكن اثنان من الصبية المحتجزين من الاتصال بعمهم في نحو الثانية والنصف مساء يوم 21 يوليو/تموز وقالوا له إنهما فُصلا عن بقية أفراد عائلتيهما الذين كانا يسافران معهم. وقالا إن الأمن الوطني المصري يحتجزهما، وإن المسؤولين قالوا لهما إنهما معرضين للإبعاد. وقالا إنهما تعرضا لعصب الأعين وتقييد اليدين، وحصلا على طعام غير كاف.

لم يجر احتجاز الصبيين وفق المعايير الدولية لمعاملة الأطفال، بما فيها اتفاقية حقوق الطفل. وقال أفراد عائلتيهما لـ هيومن رايتس ووتش إنهم لم يتمكنوا من إجراء أي اتصال مع نجليهم طيلة الساعات الأربعين الأولى من احتجازهما، ولم يجدوا سبيلاً للاتصال بهما أو مقابلتهما لعدة أيام. لم يتم توجيه أية اتهامات إلى الصبيين على حد علم هيومن رايتس ووتش.

قال نديم حوري: "سبق للأطفال السوريين بوجه خاص مواجهة صدمات هائلة في وطنهم، ومن ثم فإن فصلهم عن عائلاتهم والزج بهم في السجون هو تصرف لا يمكن تبريره. وعلى السلطات المصرية أن تعامل كافة السوريين وفق القانون وأن تبلغ ذويهم بمكانهم وحالتهم".

يحمل كافة الأفراد السبعة في المجموعة المهددة بالإبعاد وثائق سفر سارية المفعول، وبينهم أربعة مسجلون كطالبي لجوء لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وهذا بحسب ذويهم الذين أبلغوا هيومن رايتس ووتش بالوضع. قال المحامون ممثلو الأطفال السبعة المحتجزين إن ملفات القضايا الخاصة بالأطفال تشير إلى أوامر ترحيل، وإنهم معرضون بدورهم لخطر الترحيل الوشيك. قالت هيومن رايتس ووتش إن الأطفال، بصرف النظر عن وضعهم القانوني، يتطلبون حماية خاصة ولا ينبغي إبعادهم وفصلهم عن عائلاتهم.

بموجب القانون الدولي للاجئين وحقوق الإنسان، لا يجوز للحكومة المصرية إرسال أي شخص إلى مكان تتعرض فيه حياته أو حريته للتهديد، أو لخطر التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو المهينة. وقبل ترحيل أي شخص إلى سوريا، يتعين على السلطات المصرية أن تضمن حق جميع طالبي اللجوء القادمين من سوريا في التواصل مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، المسؤولة بموجب اتفاقية اللاجئين لسنة 1954 مع مصر عن إجراءات تحديد أوضاع اللاجئين في البلاد.

قال نديم حوري: "على السلطات المصرية دعم التزاماتها تجاه طالبي اللجوء السوريين بموجب القانون الدولي. ويبدأ هذا بضمان قيام الأجهزة الأمنية بوضع حد فوري لحملة التقاط السوريين من الشوارع وتهديدهم بالترحيل بإجراءات موجزة لا تراعي التدابير القانونية السليمة".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة