سيادة الوزير:
تكتب إليكم هيومن رايتس ووتش للاحتجاج على ما يبدو أنه إغلاق تعسفي، تحركه دوافع سياسية لمنازل تعود لاثنين من أعضاء جماعة العدل والإحسان؛ بمن في ذلك الزعيم الجديد السيد محمد عبادي. ولم يسمح للمالكين بالوصول إلى منازلهم منذ عام 2006، عندما شمعتها الشرطة.
وبالنظر إلى أن السلطات المغربية لم تقدم أي تفسير يبرر حرمان المالكين من استعمال ممتلكاتهم لمدة سبع سنوات، فإننا نحثكم على رفع إغلاق هذه الملكيات والسماح للمالكين بالاستفادة الكاملة منها، والامتناع عن اتخاذ مثل هذه التدابير في المستقبل دون إعلام الأطراف المتضررة بالأساس في القانون المغربي لهذا العمل والإشارة إلى سبل الإنصاف القانونية المتاحة لهم. وعلاوة على ذلك، ندعوكم إلى إصدار أمر بإجراء تحقيق في هذه المصادرات وتعويض أصحابها إذا ما تبين أن السلطات حرمتهم من استخدام ممتلكاتهم تعسفا.
لا تفسر الرسالة التي أرسلتها السلطات المغربية إلى هيومن رايتس ووتش في 27 سبتمبر/أيلول 2012 عن هذه الحالات، الأساس القانوني للمصادرة، ولا تبدد في تقديرنا، الانطباع بأن السلطات قد حرمت المالكين من أي لجوء قانوني. في غضون ذلك، عانى المالكون من الضرر، من خلال حرمانهم من استخدام ممتلكاتهم والقدرة على صيانتها أو بيعها.
العدل والإحسان هي حركة دينية وطنية في المغرب تدعي العمل كجمعية مصرح بها قانونا. وتتعامل معها السلطات بغموض، تتسامح مع الكثير من أنشطتها في حين تقمع أخريات، وتقوم باعتقالات متفرقة لأعضائها بتهم مثل المشاركة في اجتماعات أو مظاهرات "غير مرخص لها".
من بين التدابير العقابية التي استخدمتها السلطات المغربية ضد أعضاء جماعة العدل والإحسان هي تشميع منازلهم على أساس أنهم استخدموها لاحتضان اجتماعات "غير مرخص لها".
لقد حدث هذا في العديد من الحالات في أنحاء البلاد على مدى العقد الماضي. تساءلت هيومن رايتس ووتش، في رسالتها عام 2012 إلى السلطات، عما إذا كانت العدل والإحسان جمعية مصرح بها قانونا ومعفية، وفقا للقانون المغربي بشأن التجمعات العامة، من شرط الإخبار بالاجتماع. ولم تجب السلطات في ردها عن هذا السؤال.
في حالات مماثلة، خلافا لحالتي تشميع المنزلين بوجدة وبوعرفة، ألغت السلطات الإغلاقات وسمحت للمالكين بالوصول إلى ممتلكاتهم مرة أخرى. ومع ذلك، فقد أبقت منزلين في شرق المغرب مشمعين لمدة سبع سنوات والعد مازال مستمرا.
درست هيومن رايتس ووتش عن كثب الحقائق في واحدة من هاتين الحالتين، الحالة التي تخص منزل في مدينة بوعرفة في ملكية لحسن عطواني. وستركز هذه الرسالة على الوقائع في هذه الحالة.
السيد عطواني هو مدير مدرسة من مواليد 1957. والمنزل المعني ليس مقر إقامته الرئيسي؛ يقع في 131 تجزئة المسيرة، شطر 2. وقبل إغلاقه، كان هذا المنزل الكبير مكانا لاجتماعات متكررة لأعضاء جماعة العدل والإحسان. ووفقا لـ عطواني، يمكن أن يستوعب تجمعات تصل إلى 100 شخص.
في 13يونيو/حزيران 2006، خلال أحد الاجتماعات المماثلة، وصلت الشرطة على الساعة 10:30 ليلا، واعتقلت أكثر من 40 شخصا حاضرين، وأمرت عطواني بأخذ كل ما يريده من ممتلكاته من المنزل لأنهم سيشمعونه. نقلت الشرطة أولئك الذين اعتقلتهم إلى مركز الشرطة، حيث أخذوا تصريحاتهم قبل الإفراج عنهم. وقال عطواني إن الشرطة أبلغوه أن "لديهم تعليمات" بإغلاق منزله، ولكنهم لم يقدموا له أي أمر مكتوب.
التمس عطواني من المحكمة الإدارية في وجدة عقد جلسة استعجالية. رفضت المحكمة الطلب بالحكم استعجاليا، على أساس أن عطواني يقيم في منزل ثان وبالتالي ليس بلا مأوى بسبب الإغلاق.
وقال محمد أغناج، وهو محام في الدار البيضاء وعضو لجنة حقوق الإنسان في جماعة العدل والإحسان، لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة قدمت تصريحا للمحكمة الإدارية موضحة أن أمر الإغلاق صدر عن الوكيل العام وليس عن الإدارة. والغرض من هذا التصريح، حسب وجهة نظر أغناج، هو إقناع المحكمة أن تعلن نفسها غير مختصة للحكم في القضية. (تنظر المحاكم الإدارية القرارات التي اتخذتها هيئآت إدارية وليس قضائية).
أيدت المحكمة الإدارية هذه الحجة، وأعلنت نفسها غير مختصة (محكمة وجدة الإدارية، قضية عدد: 32/2006).
لم يستأنف عطواني حكم المحكمة الإدارية. ولكنه قدم حين كانت المحكمة لا تزال تنظر القضية، شكاية إلى الوكيل العام. وقال عطواني لـ هيومن رايتس ووتش إن الوكيل العام أرسل الشرطة لتدوين تصريحه، ولكنهم أخبروه بأنه لكي يقدم شكوى، فهو في حاجة أيضا إلى تقديم وثيقة تثبت أن المنزل قد تم تشميعه. وبما أنه لم يتلقى أي وثيقة رسمية تبلغه بالإغلاق، استأجر عونا قضائيا، والذي أعد محضرا بتاريخ 23 يونيو/حزيران 2006، مؤكدا أنه ذهب إلى المنزل ووجد بابه مشمعا.
وفي الوقت نفسه، أدانت محكمة في بوعرفة في 5 ديسمبر/كانون الأول 2006، أربعة من أعضاء حركة العدل والإحسان الذين كانت الشرطة قد اعتقلتهم في منزل عطواني في 13 يونيو/حزيران 2006، للمشاركة في اجتماع غير مرخص له وتغريم كل واحد منهم 3000 درهم (360 دولار أمريكي)، (قضية عدد 209/2006، حكم رقم 2145، قضية استئناف عدد 56/2007، حكم رقم 2314)، رفعت إلى 4000 درهم (480 دولار أمريكي) من قبل محكمة الاستئناف في وجدة. المتهمون هم عبد الرحمن بن الطاهر، وزيانالحجاجي، ونور الدين بن حيدة، والجودي بوداودي، كلهم من بوعرفة. أدانتهم المحكمة بموجب المادة 9 من قانون 1958 بشأن التجمعات العمومية، الذي يعاقب على عقد اجتماع عمومي دون إخبار مسبق للسلطات.
يستثني القانون الجمعيات المكونة قانونيا من هذا الشرط. وقال الدفاع، دون جدوى، إن اللقاء كان خاصا وليس عموميا، وبما أن العدل والإحسان جمعية مصرح بها قانونا، فهي معفية من الشرط.
ظل بيت عطواني مشمعا منذ يونيو/حزيران 2006. وقال لـ هيومن رايتس ووتش إن ذلك كان مكلفا بالنسبة إليه، بما أنه مُنع من الوصول إليه، ولا يمكنه ضمان صيانة أو بيع العقار بسعر معقول، بما أن المشترين لا يمكنهم تفتيشه وليسوا متأكدين من وضعه القانوني. عندما اقترب ممثلو هيومن رايتس ووتش من المنزل في 2 فبراير/شباط 2012، ركض اثنان من الرجال يرتديان زيا رسميا نحو الشارع، واللذين كانا على ما يبدو أمامه، وكأنهما يحاولان إخفاء دورهما في حراسة المنزل. في الساحة المقابلة للباب المغلق كان هناك مقعد ووسائد يبدو أنه مركز حراسة مؤقت.
بعث نائب الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف في وجدة، محمد عو، إلى عطواني برسالة مؤرخة في 23 مارس/آذار 2012. ردا على شكوى تقدم بها عطواني بتاريخ 3 فبراير/شباط 2011، كتب نائب الوكيل العام أن تشميع المنزل كان "قرارا إداريا" اتخذ من قبل "جهة إدارية". ولذلك، خلص الوكيل العام، بأنه لا يمكنه البث في الشكوى بما أنها خارج اختصاصه.
أكدت السلطات المغربية، في رسالتها إلى هيومن رايتس ووتش، هذا التصنيف للقضية: أغلق المنزل "بأمر من السلطة المحلية"، وبالتالي على عطواني "سلوك مسطرة الطعن الإداري ضد قرار الإغلاق".
وبعبارة أخرى، تشير السلطات إلى أنه على عطواني الطعن في الإجراء أمام محكمة إدارية، متجاهلة أن المحكمة الإدارية قد أعلنت نفسها في عام 2006 غير مختصة للبت في الأمر لأنه، حسب زعم السلطات، إجراء قضائي أكثر منه إجراء إداري.
كما أغلقت السلطات في عام 2006 منزل محمد عبادي في وجدة، في ظروف مماثلة لحالة عطواني. ويقع منزل عبادي في 46 شارع محمد بن عبد الله.
في ديسمبر 2012، عينت العدل والإحسان عبادي لخلافة المرحوم الشيخ عبد السلام ياسين كزعيم للحركة.
وقال المحامي أغناج لـ هيومن رايتس ووتش إن منزلي كلا من عطواني وعبادي تعرضا لاقتحام وتخريب منذ إغلاقهما.
يسمح القانون الجنائي المغربي، في الجزء الثاني الخاص بـ "مختلف التدابير الوقائية الشخصية والعينية" بـ "إغلاق المحل أو المؤسسة التي استغلت في ارتكاب الجريمة". (الفصل 62). ولا نعرف إن كان هذا الفصل هو الأساس القانوني لإغلاق منزل عطواني لأنه، بقدر ما نعلم، لم يقدم أي أساس قانوني لهذا الإجراء. وطرحت هيومن رايتس ووتش هذا السؤال في رسالتها إلى السلطات بشأن هذه القضية، ولكنها لم تحصل على أي جواب (رد السلطات مرفق بهذه الرسالة). ولا يذكر القانون المغربي بشأن التجمعات العمومية تشمييع الملكية الخاصة كعقوبة لعقد تجمعات غير مصرح بها.
تتوفر الولايات القضائية في جميع أنحاء العالم على قوانين تسمح بمصادرة الملكية المستخدمة في ارتكاب الجرائم، مثل الاتجار في المخدرات. ومع ذلك، في الحالات المتناولة، يبدو الإغلاق الطويل للمنزلين مرتبطا بـ "جريمة" عقد اجتماعات سلمية "غير مرخص بها"، الأمر الذي يجعل منه عقابا ليس فقط غير متناسب ولكن أيضا مخالف للحق في حرية التجمع السلمي المعترف به دوليا والذي تكفله المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وبموجب المادة 29 من الدستور المغربي لعام 2011.
وبالإضافة إلى ذلك، نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 17 على أنه "لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفاً"، وهو حق يبدو أن السلطات المغربية قد انتهكته بإغلاق منزل عطواني دون إعطائه أية وسيلة للطعن في الإجراء. ولم تستطع هيومن رايتس ووتش تحديد ما إذا كان نفس الحرمان من العدالة يقع في حالة عبادي.
ينص الدستور المغربي، في الفصل 35، على أنه "يضمن القانون حق الملكية .... ولا يمكن نزع الملكية إلا في الحالات ووفق الإجراءات التي ينص عليها القانون". وينص الدستور في الفصل 118،حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون.
كل قرار اتخذ في المجال الإداري، سواء كان تنظيميا أو فرديا، يُمكن الطعن فيه أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة.
لتلخيص ذلك، يبدو أن السلطات قامت تعسفا طيلة سبع سنوات، بحرمان السيد عطواني من استعمال ملكيته، ثم حرمته من أية وسيلة للطعن، من خلال تصنيف الإغلاق كقرار قضائي عندما لجأ إلى المحكمة الإدارية، ثم تصنيفه على أنه قرار إداري عندما اشتكى إلى مكتب الوكيل العام.
إننا ندعوكم إلى جعل السيد عطواني يستعيد الاستفادة الكاملة من ممتلكاته، والحصول على تعويض عن أي خسارة عانى منها نتيجة إجراء تعسفي.
في حين أننا لم نتابع عن كثب المسار القانوني الذي نهجه السيد عبادي، يبدو الإغلاق الطويل لمنزله على أساس استضافة اجتماعات "غير مرخص بها"، مثل قضية السيد عطواني، انتهاكا لالتزام المغرب بدعم حرية تكوين الجمعيات، وعلاوة على ذلك، يبدو أنه عقاب غير متناسب مع ما هو في الأقصى جنحة صغيرة. لهذا ندعوكم إلى تمكين السيد عبادي من أن يستعيد الاستفادة الكاملة من ملكيته، وتعويضه إذا ظهر من تحقيق أن الإغلاق كان تعسفيا.
كما ذكر أعلاه، ندعوكم إلى الامتناع عن تشميع المنازل في المستقبل عندما تكون الجريمة المزعومة هي استضافة اجتماعات سلمية "غير مرخص بها". ونحثكم أيضا عند إغلاق المنازل على إبلاغ الأطراف المعنية كتابة بالأساس في القانون المغربي والإشارة إلى سبل الانتصاف القانونية المتاحة لهم.
نشكركم على اهتمامكم ونرحب بردكم.
تفضلوا بقبول فائق الاحترام،