يذكرنا اقتراب مرور عام على أولمبياد لندن بأن التغيير ممكن، حتى في البلدان التي طالما قاومته. ففي لندن في يوليو/تموز الماضي، شاركت النساء السعوديات في الألعاب الأولمبية لأول مرة. سلّط إنجازهن الضوء على المعوقات التي تواجه النساء اللاتي يحاولن ممارسة الرياضة داخل المملكة، وأيضا على الآثار الاجتماعية والتعليمية والصحية الضارة الناتجة عن حرمان نصف سكان البلد من الرياضة.
كانت وجدان شهرخاني قد نافست في ألعاب عام 2012 في رياضة الجودو، بينما نافست سارة عطار فيقفز الحواجز للخيول.رحّبت اللجنة الأولمبية الدولية كثيرا بهذا التغيير الذي وصفه رئيس اللجنة جاك روغ بأنه "دَفعة هائلة للمساواة بين الجنسين".
ولكن اللاعبتين السعوديتينلميتسن لهما سوى بضعة أسابيع لتحضير أنفسهما كما لم يسبق لهما تقريبا المنافسة من قبل على ملعب مستوٍ. وكانت اللجنة الأولمبية الوطنية السعودية قد أمرتهما بارتداء "زي شرعي مناسب" والحصول على "موافقة ولي أمرهما" و"عدم الاختلاط بالرجال في اللعبة". وهكذا سرعان ما اسُتبعدت اللاعبتان من المنافسة ولكنهما دخلتا كتب التاريخ.
هذا الشهر، كان هناك اختراق آخر محتمل للحظر الفعلي الذي تفرضه المملكة على ممارسة السيدات والفتيات للرياضة. فقد أعلنت وكالة الأنباء السعودية الرسمية عن إمكانية ممارسة الطالبات في مدارس الفتيات الخاصة للرياضة طالما ارتدين "ثياباً ملتزمة" وكان ذلك تحت إشراف معلمات سعوديات في إطار ظوابط وزارة التعليم الصارمة.
تسمح بعض مدارس الفتيات الخاصة بالفعل بممارسة الرياضة، ومن المحتمل إن إعلان الوزارة كان يسعى فحسب إلى تنظيم ممارسة قائمة بالفعل، ولكن هذا الإعلان يعكس أيضا موقف المملكة المتذبذب إزاء الإصلاحات المتعلقة بحقوق المرأة. فمبكرا هذا العام، نشرت جريدة الوطن السعودية خبرا بأن الحكومة ستشرع لأول مرة في منح تراخيص للأندية الرياضية النسائية، ولكن سرعان ما نفي مسؤول حكومي هذا الخبر.
إن فتح باب الرياضة أمام النساء هام لأن سياسة الفصل الجنسي الصارم ونظام ولاية الأمر للرجال قد همشا المرأة لفترات طويلة. فكما وثقت هيومن رايتس ووتش في تقريرها "قاصرات إلى الأبد"، تحد هذه السياسة والفصل الجنسي الصارم من قدرة المرأة على المشاركة في الحياة العامة، حيث يتحكم "الأولياء" الذكور في سفرالنساء من كل الأعمار، وزواجهن، وقدرتهن على تسيير الأعمال التجارية الرسمية، ويتحكمون حتى في إمكانية التماسهن للرعاية الصحية في بعض الأحيان. يخاطر المحامون الساعون إلى الدفاع عن النساء اللاتي يعانين من جراء نظام الولاية بالتعرض للمضايقات ولاتهامهم بجرائم من أمثلة "إهانة القضاء."
دفع الملك عبد الله منذ عام 2005 ببعض الإصلاحات، بما في ذلك الخطوات الأخيرة التي اتُخذت للنهوض بالمرأة، مثل تدابير مناهضة العنف الأسري وإصدار ترخيص مزاولة المهنة لمحامية. إن أكثر من 60 % من طلبة الجامعات في المملكة اليوم من النساء، ولكن العديدات منهن لا يزلن غير قادرات على دخول سوق العمل.
إن الرياضة بالنسبة للفتيات السعوديات سيكون لها أثر دائم على تمكينهن وتعليمهن وزيادة فرصهن المهنية. والتخلص من الحظر المفروض على الرياضة سيسمح لجيل من الفتيات من التنافس والعمل داخل المملكة لهدم المزيد من الحواجز.
الآن وقد فتح الباب أمام طالبات المدارس الخاصة، ينبغي على وزارة التعليم السعودية أن تعلن عن الاستراتيجية الوطنية التي وعدت بها طويلا من أجل تشجيع الفتيات في المدارس العامة، وفي كل مستويات التعليم، سواء العام أو الخاص، على ممارسة الرياضة . كذلك ينبغي تعيين نساء في أجهزة الرياضة الوطنية.
اللجنة الأولمبية الدولية أيضا لها دور هام لتلعبه. فالمملكة العربية السعودية لا تزال تنتهك بشكل واضح الحظر الذي ينص عليه الميثاق الأولمبي في ما يتعلق بالتمييز على أساس الجنس (مُنعت أفغانستان من بعض دورات الأولمبياد السابقة تحديدا بسبب مثل هذه الممارسات). يُحّضر الرياضيون أنفسهم للأولمبياد لأعوام قبل الحدث، ولكي لا تُحظر مشاركة السعودية في ألعاب ريو دي جانيرو لعام 2016، يحتاج المسؤولون السعوديون إلى البدء في التحضير الآن.
بمشاركة أمير سعودي في اللجنة الأولمبية الدولية، فإن هذا الجهاز في وضع فريد يمكنه أن يدفع بقادة الرياضة السعوديين إلى الالتزام بمبادئ الحركة الأولمبية، وذلك عن طريق وضع جدول زمنى ومعايير لإدخال التعليم البدني للفتيات في المدارس الحكومية والخاصة على حد سواء.
حاول شيخ سعودي يوما وقف النقاش حول الموضوع بتشبيهه فتح باب ممارسة المرأة للرياضة "بـخطوات الشيطان" ولكن الأزمنة تغيرت، ربما حتى في المملكة العربية السعودية. فعلى الرغم من الحواجز الحكومية والدينية والاجتماعية، يتزايد عدد النساء والفتيات السعوديات اللاتي يقاومن بشجاعة القواعد المقيدة التي تفرضها الدولة على لعب الرياضة. لقد آن للحكومة السعودية ومجتمع الرياضة العالمي أن يدعمهن لكي يمنحن أخيرا فرصة اللعب.
مينكي وردن (Twitter @MinkysHighjinks) هي مديرة المبادرات العالمية في هيومن رايتس ووتش ومحررة تقرير "الثورة غير المكتملة" حول حقوق النساء والفتيات حول العالم. تعمل مينكي أيضا في المجلس الاستشاري في مؤتمر "TrustLaw’sTrustWomen"