Skip to main content

رسالة إلى وزارة الداخلية الكويتية عن التحقيق في مزاعم الاعتداء على الناشط الحقوقي سليمان بن جاس

معالي الشيخ أحمد الحمود الصباح

النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية

وزارة الداخلية

الكويت

 

سيادة الوزير،

أكتب إليكم سعياً إلى استيضاح عاجل يتعلق بالخطوات التي اتخذتها أو تتخذها السلطات الكويتية للتحقيق مع أي ضابط من ضباط القوات الخاصة الذين يزعم قيامهم باعتداء بدني جسيم على الناشط الحقوقي سليمان بن جاسم بعد إلقائهم القبض عليه بالقرب من مظاهرة في منطقة الأندلس يوم 17 أبريل/نيسان 2013، وتقديمهم إلى العدالة. حسبما فهمنا، قام أحد وكلاء النيابة بإيداع شكوى رسمية وأمر بتوقيع الكشف الطبي حينما شاهد إصابات بن جاسم ولاحظها في 18 أبريل/نيسان، اليوم التالي للاعتداء.

لقد طلبنا منكم إفادتنا بنتيجة هذه الشكوى وأية تحقيقات تتصل بها، وإفادتنا بالتحديد عما إذا كانت السلطات الكويتية قد توصلت حتى الآن إلى الضباط المعنيين ووجهت إليهم الاتهام، أو تتوقع هذا في المستقبل القريب.

قام ضباط يرتدون الأقنعة والقفازات ولكن بدون بطاقات تعريف، بحسب تصريح بن جاسم لـ هيومن رايتس ووتش، بمطاردته على الأقدام وبالسيارة بينما كان يغادر منطقة سوق التعاونية في الأندلس، بعد تصويره حشدا كبيرا من المتظاهرين المؤيدين لمسلم البراك، ونحو 50 من ضباط القوات الخاصة بزيهم الأزرق والأقنعة السوداء كانوا يحاولون تفريقهم. كانت الساعة حوالي الحادية عشرة مساءً، وكان بن جاسم الذي شارك في تأسيس اللجنة الوطنية لرصد انتهاكات الحكومة قد حضر بصفته كمراقب حقوقي لتسجيل ما يقع من أحداث.

قال بن جاسم لـ هيومن رايتس ووتش إنه بدأ يجري بعد سقوط عبوة غاز مسيل للدموع قرب قدميه بينما كان يسير مبتعداً عن مسرح الأحداث، ثم رأى عدة متظاهرين يجرون نحوه ويلاحقهم أربعة من ضباط القوات الخاصة. أطلق بعض الضباط طلقات الخرطوش، وشارك آخرون في المطاردة في عربتين من طراز "جي إم سي يوكون". هرع بن جاسم إلى حديقة، حيث حاصره ضابط يرتدي قناعاً أسود ونظارات واقية وقفازاً وزياً عسكريا مموهاً بالأزرق، ثم شرع بمعاونة ضابط آخر وصل بعد لحظات في الاعتداء عليه بعنف ودون استفزاز منه:

وقفت ورفعت يدي قائلاً، ’كفى، لقد توقفت‘. جذبني أحد الرجلين من قميصي مشدداً الخناق بالقماش حول عنقي وهو يجرني. قلت له إنني لا أستطيع التنفس، فقال، ’لا بأس، سأساعدك‘، وبدأ يخنقني بذراعه. فشددت ذراعه لأبعده قائلا، ’أكاد أسلم الروح‘. فكان رده، ’لا بأس، سأجعل روحك تفارق جسدك‘. ثم أخذ عصاه ووضعها على حلقي مستعرضة في وضع الخنق، وركلني في مؤخر ركبتي حتى سقطت راكعاً ويداي على الأرض. اقترب مني زميله الذي كان قد غادر السيارة وبدأ يلكمني في الأنف والجبهة والرأس.

قام أحد الضابطين بضرب بن جاسم، حسب تقديره، بين 8 مرات و12 مرة، قبل أن يطلب من الضابط الآخر إرغام بن جاسم على النهوض باستخدام عصاه، ثم شرع يلكمه في البطن والصدر. ترك الضابطان بن جاسم فسقط على الأرض ثم ركلاه في بطنه عدة مرات قبل أن يجراه إلى سيارتهما ويرغماه على الجلوس في وضع ملتو ومؤلم بحيث يكون قدماه ورأسه معاً على أرضية السيارة. ضغط أحد الضابطين بساقه على عنق بن جاسم مما دفعه إلى الشكوى من عجزه عن التنفس، وهدده بوضع حذائه في فم بن جاسم. ثم قيدا معصمي بن جاسم بشريط بلاستيكي سميك، وزادا في إحكام وثاقه بعد أن أقر بأنه محكم بالفعل، وهدده أحدهما بكسر أصابعه إذا أسقط خوذة ثقيلة وضعها بين يدي بن جاسم الموثقتين.

قال بن جاسم إنه اقتيد في السيارة، التي كان بها أربعة من ضباط القوات الخاصة، لمدة نحو 10 دقائق قاموا خلالها باستجوابه وصفعه مراراً. لم يستطع بن جاسم التعرف على الضباط لأنهم احتفظوا بأقنعتهم، ولم يشر أي منهم إلى الآخرين بالاسم، إلا أن السائق كان يصدر الأوامر عبر اللاسلكي مما دفع بن جاسم للاستنتاج بأنه أحد قادة القوات الخاصة في المنطقة. قال بن جاسم إنه في لحظة من اللحظات سمع السائق يصدر التعليمات اللاسلكية لشخص آخر قائلاً، ’أسلمه إلى اللواء إبراهيم الطراح".

قام الضباط بنقل بن جاسم من السيارة إلى شاحنة مدنية بيضاء بدون أرقام من نوعية "البيك أب"، ثم أخذوه إلى قسم الشرطة الواقع خلف سوق التعاونية، حيث شاهد عدة أشخاص احتجزهم الضباط من المظاهرة. سأله الضابط المناوب عن اسمه وسجل بعض التفاصيل الشخصية الأخرى، لكنه أخفق في إبلاغه بسبب إلقاء القبض عليه. بعد ذلك أخذه الضباط إلى مكتب المباحث وحبسوه في زنزانة ضيقة مرتفعة السقف ذات باب معدني لمدة نحو 12 ساعة في انتظار الاستجواب. كان الحراس يقرعون الباب وسمع بن جاسم صياحاً وصراخاً وأصوات تدل على الضرب وتوحي بأن المحققين يعذبون المحتجزين الآخرين، "لكنني لست متأكداً إن كانت حقيقية أم تمثيلية"، كما قال لـ هيومن رايتس ووتش. استجوبه الضباط مرتين، ثم نقلوه إلى زنزانة أكبر، احتوت في النهاية على 32 شخصاً آخر، بعد الجلسة الأولى. سألوه في البداية عن اسمه وعنوانه واسم والديه وعنوانه على موقع "تويتر" الاجتماعي. في الجلسة الثانية طلبوا منه تفسير وجوده في المظاهرة وما إذا كان قد ألقى بالحجارة أو التقط الصور.

قامت سلطات الاحتجاز بأخذ بن جاسم لاستجوابه على يد وكيل نيابة، في حضور محاميه، في نحو الثالثة من مساء 8 أبريل/نيسان. وعلم حينئذ أنه يواجه تهماً صغرى تتعلق بمزاعم مشاركته في تجمع بدون ترخيص. لاحظ وكيل النيابة الكدمات والعلامات الأخرى على وجهه ورأسه الناجمة عن الاعتداء الذي قام به ضباط القوات الخاصة، وحرر محضراً رسمياً نيابة عنه، وأمر بتوقيع الكشف الطبي الشرعي عليه. تم الكشف على بن جاسم بعد عدة ساعات لكنه لم يبلغ بنتائجه حتى الآن. أفرجت السلطات عنه في الثالثة من مساء 9 أبريل/نيسان.

تدل شهادات الشهود علاوة على مقاطع الفيديو والأدلة الفوتوغرافية التي راجعتها هيومن رايتس ووتش على استخدام القوات الخاصة الكويتية للخرطوش والغاز المسيل للدموع وغيرهما من أشكال القوة لتفريق المتظاهرين الذين تجمعوا في الأندلس مساء 17 أبريل/نيسان، وعلى أن بعض المتظاهرين ألقوا الحجارة على القوات الخاصة وأشعلوا النيران على طريق رئيسي لمنعها من الاقتراب. إلا أن بن جاسم يقول إنه لم يشارك في أي أعمال عنف، ومع ذلك عرّضه ضباط القوات الخاصة لاعتداء متواصل ووحشي. بالنظر إلى هذه الأدلة يتعين على السلطات الكويتية الانتهاء سريعاً من تحقيق جنائي، وملاحقة جميع المسؤولين عن مثل هذا الاعتداء وغيره من الانتهاكات، بمن فيهم هؤلاء الذين أصدروا الأوامر، ونحن نتطلع إلى تلقي تأكيدكم العاجل بهذا. كما ندعو أيضاً إلى محاسبة الضباط الآخرين الذين كانوا موجودين وشهدوا أي اعتداء على بن جاسم لكنهم أخفقوا في التدخل، عن طريق الملاحقة القانونية أو التأديب المهني والإنذار بعدم تكرار هذا في المستقبل.

 

إنني أتطلع إلى تلقي ردكم.

مع الاحترام والتحية من،

 

سارة ليا ويتسن

المديرة التنفيذية، قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

هيومن رايتس ووتش

 

نسخة إلى:

معالي الشيخ صباح خالد الأحمد الصباح

نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع