(نيويورك) ـ إن الائتلاف الوطني السوري أرسل إشارة واضحة مفادها أن استهداف المدنيين ينتهك قوانين الحرب. أدان الائتلاف، في بيانه بتاريخ 19 ديسمبر/كانون الأول 2012، الهجوم على المدنيين بغض النظر عن جنسيتهم.
على الائتلاف أن يستغل نفوذه للمساعدة في إطلاق سراح المدنيين الذين اختطفتهم الجماعات في أرجاء سوريا، وإدانة الاعتداءات على المدنيين عند وقوعها، كما قالت هيومن رايتس ووتش. وعلى الجيش السوري الحر المعارض، الذي لا يأتمر بأمر الائتلاف، أن يتخذ خطوات فورية لمنع انتهاكات قوانين الحرب، بما فيها اتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة.
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "تحرك الائتلاف الوطني السوري بسرعة وحسم لرفض الفكرة القاضية بإمكان استهداف المدنيين بناءً على جنسيتهم. إن الائتلاف الوطني السوري، حين قال بوضوح إنه لا يوجد عذر مشروع لاستهداف المدنيين، إنما أرسل رسالة قوية لمقاتلي المعارضة تفيد بأن مثل تلك الاعتداءات تنتهك قوانين الحرب، وينبغي محاسبة المسؤولين عنها".
رفض بيان الائتلاف بشكل علني تلك التصريحات التي "تؤيد استهداف المدنيين الروس". في مقابلات إعلامية بتاريخ 18 ديسمبر/كانون الأول، قال هيثم المالح، رئيس اللجنة القانونية للائتلاف، إن كل مواطن ينتمي إلى دولة تؤيد الحكومة السورية هو هدف مشروع، كما أشار إلى أن "روسيا تحارب الشعب السوري". إلا أن بيان الائتلاف أخفق في الإشارة إلى ضرورة تحصين المواطنين الإيرانيين بدورهم من الهجوم، رغم تصريحات هيثم المالح الأسبق التي توحي بأنهم هم أيضاً أهداف مشروعة.
ينطبق القانون الإنساني الدولي، أو قوانين الحرب، على كافة أطراف الصراع المسلح في سوريا. وثمة قاعدة أساسية تقضي بأن الهجوم يجب أن يقتصر فقط على الأهداف العسكرية وحدها. أما الاعتداء على المدنيين أو إطلاق التهديدات التي يكون الغرض الأساسي منها هو نشر الرعب في صفوف المدنيين فهو أمر محظور. يمكن أن يكون المدنيون عرضة للهجوم العمدي فقط حال مشاركتهم المباشرة في الأعمال العدائية، كالمساهمة في القتال أو تخطيط العمليات العسكرية.
وأولئك الذين يرتكبون أو يأمرون بارتكاب انتهاكات جسيمة لقوانين الحرب بنية إجرامية ـ أي عن عمد أو استهانة ـ هم مسؤولون عن جرائم حرب. وتصريحات المسؤولين التي تعكس تبني أساس غير قانوني لهجمات تقوم بها قوات عسكرية تمثل دليلاً على جريمة حرب لأنها تدل على القصدية. والجيش السوري الحر المعارض ملزم بالتحرك لمنع انتهاك قوانين الحرب وعليه اتخاذ الإجراء المناسب بحق المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة.
واجه مدنيون من روسيا وبلدان أخرى يعتقد بأنها تؤيد حكومة الأسد، واجهوا تهديدات مباشرة من قوات المعارضة السورية. يعيش في سوريا ما يقدر بـ30 ألف روسي، وقد تزوج كثير منهم من سوريين، نتيجة لما يزيد على 50 عاماً من العلاقات الوثيقة والتبادلات الثقافية والتعليمية بين البلدين.
قالت سارة ليا ويتسن: "على الائتلاف الوطني السوري أن يتبع بيانه باتخاذ تحرك ملموس سعياً إلى إطلاق سراح المدنيين المختطفين. كما ينبغي للإدانة العلنية للهجوم على المدنيين أن تواكبها جهود لمحاسبة المسؤولين عن تلك الجرائم".
في أكتوبر/تشرين الأول قامت جماعات مسلحة باختطاف صحفية أوكرانية هي أنهار كوتشنيفا، واتهمتها بحمل الأسلحة وتأييد الجيش السوري النظامي. نشر خاطفوها مقطع فيديو في 11 ديسمبر/كانون الأول يهددون فيه بإعدام كوتشنيفا ويقولون إنه "لن يخرج أي مواطن روسي أو أوكراني أو إيراني حيا من الأراضي السورية". ما زال مصير أنهار كوتشنيفا مجهولاً حتى الآن.
يجب أن يكون الصحفيون، بوصفهم مدنيين، في منعة من الاعتداء طالما لم يشاركوا في الأعمال العدائية. كما يجب معاملة المقاتلين المأسورين معاملة إنسانية، ولا يجوز إعدامهم. سواء كانت أنهار كوتشنيفا مشاركة في أعمال عدائية أم لا فلا ينبغي للجماعات المسلحة أن تهددها بالإعدام أو تهدد غيرها من المدنيين بسبب جنسيتهم.
في 17 ديسمبر/كانون الأول قام معتدون مجهولون باختطاف عاملين روسيين في اللاذقية، بالإضافة إلى مواطن إيطالي. أفادت وكالة "إنترفاكس" بأن الرجال الثلاثة كانوا يعملون في مصنع سوري خاص في طرطوس.
في 22 مايو/أيار قامت جماعة معارضة مسلحة تعمل في أعزاز بحلب باختطاف 11 شيعيا لبنانياً من حافلة للحج في محافظة حلب. ما زال تسعة من الرجال المخطوفين قيد الاحتجاز.
أبدت هيومن رايتس ووتش القلق سابقاً من قيام الجيش السوري الحر باختطاف مواطنين إيرانيين، أكدت الجماعة أن بعضهم من المدنيين. في 26 يناير/كانون الثاني، ادعت كتائب الفاروق المسؤولية عن اختطاف سبعة مواطنين إيرانيين، ظهر خمسة منهم في مقطع فيديو يعترفون فيه بأنهم أعضاء في القوات المسلحة الإيرانية.
في مقابلة بتاريخ 22 فبراير/شباط مع هيومن رايتس ووتش، قال المنسق الإعلامي لكتائب الفاروق إنهم احتجزوا اثنين آخرين من المدنيين الإيرانيين ولكن فقط بسبب عدم توافر متحدث بالفارسية يؤكد أنهما مدنيين. وعند سؤاله عن سبب عدم إطلاق سراح المدنيين، بعد التأكد من كونهما مدنيين، رفض المنسق التعليق.
استفاضت هيومن رايتس ووتش في توثيق وإدانة الانتهاكات واسعة الانتشار التي تمارسها قوات أمن الحكومة السورية ومسؤوليها، بما فيها الإعدام خارج نطاق القانون وغير ذلك من عمليات لقتل المدنيين دون سند قانوني، والاختفاء القسري، واستخدام التعذيب، واستخدام الأسلحة الحارقة، واستخدام الذخائر العنقودية، والاحتجاز التعسفي. وخلُصت هيومن رايتس ووتش إلى أن القوات الحكومية قد ارتكبت جرائم ضد الإنسانية.
وثقت هيومن رايتس ووتش أيضاً عمليات إعدام خارج نطاق القانون وبإجراءات موجزةعلى أيدي قوات المعارضة، وتعذيب وإساءة معاملة في مقرات احتجاز تديرها المعارضة، وتجنيد الأطفال من قِبل قوات المعارضة. قال قادة المعارضة لـ هيومن رايتس ووتش إنهم سيحترمون حقوق الإنسان وأنهم اتخذوا إجراءات لمنع الانتهاكات، إلا أنه لا توجد أدلة على اتخاذهم خطوات ملموسة لإنهاء الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على مجلس الأمن أن يحيل الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، صاحبة الاختصاص بالتحقيق في الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الحكومية والمعارضة على السواء، وعلى روسيا والصين أن تؤيدا هذه الإحالة.