(بيروت) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن حكم السجن المؤبد الذي أصدرته محكمة قطرية على الشاعر محمد بن الذيب العجمي بعد محاكمة تفتقر بشكل بيّن إلى مقومات المحاكمة العادلة، هو انتهاك للحق في حرية التعبير. إن محاكمة بن الذيب تقوّض بشدة جهود قطرلتقديم نفسها بصفتها ملاذاً لحرية التعبير.
لم يشر حكم المحكمة الذي صدر في سطرين، بتاريخ 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، إلى أي قانون يُزعم أن بن الذيب قد خالفه، رغم ادعاء النيابة أثناء الجلسة التي دامت 5 دقائق أنه دعا إلى ثورة في قطر. لم يكن بن الذيب موجودا بقاعة المحكمة، كما منعه القاضي، حسب محاميه، من تقديم أي دفاع أو رد على ادعاءات النيابة. في قصيدة ترجع إلى يناير/كانون الثاني 2011، بعنوان "الياسمين التونسي"، أبدي بن الذيب تأييده للانتفاضة هناك، كما كان قبل ذلك قد تلى قصائد تضم مقاطع بها تعريض بأعضاء بارزين في العائلة القطرية الحاكمة.
قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "بعد كل المواقف التي قدمت من خلالها قطر نفسها كداعم للحرية، اتضح أنها حريصة على إسكات أصوات مواطنيها. ومن الصعوبة بمكان مقارنة سخرية بن الذيب المزعومة من حكام قطر بالسخرية التي يجلبها هذا الحُكم على مكانة قطر كمركز إقليمي للحرية الإعلامية". يقبع بن الذيب رهن الاحتجاز منذ توقيفه في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2011. وتفيد تقارير بأن القضاء القطري اتهمه بعد يومين من توقيفه بـ "التحريض على قلب نظام الحكم"، إلا أن الأساس الذي استندت عليه المحكمة في الإدانة ليس واضحاً.
في يونيو/حزيران 2010 دخل بن الذيب في "مبارزة" شعرية مع شاعر قطري آخر، هو خليل الشبرمي، كانا يتخاطبان فيها شعراً ـ والمعتاد أن تجري هذه المبارزات أمام جمهور صغير وخاص، لكن الاثنين قاما بتسجيل القصائد ورفعها على الإنترنت. في بعض هذه القصائد، وعلى مدار عام تقريباً، سخر بن الذيب من بعض أعضاء عائلة آل ثاني الحاكمة، بمن فيهم الأمير، الشيخ حمد آل ثاني، وزوجته الشيخة موزة.
تنص المادة 134 من قانون العقوبات القطري على السجن لمدد تصل إلى 5 سنوات لـ"كل من طعن بإحدى طرق العلانية في ممارسة الأمير لحقوقه وسلطاته، أو عاب في ذاته".إلا أن حكم السجن المؤبد الذي حكمت به المحكمة على بن الذيب يدل على أنها أدانته بتهمة أخطر، مبينة في المادة 130 من قانون العقوبات، ألا وهي محاولة "قلب نظام الحكم في البلاد". تنص المادة 130 على عقوبة الإعدام في هذه الحالة. لم يتضح أساس توجيه هذه التهمة إلى بن الذيب. في قصيدته في يناير/كانون الثاني 2011، لم يزد بن الذيب عن إبداء التأييد للانتفاضة الشعبية في تونس ـ "كلنا تونس بوجه النخبة القمعية" ـ وانتقاد الحكومات العربية بصفة عامة لأن " كلهم بلا استثناء حرامية".
تضمن المادة 47 من الدستور القطري حرية الرأي والتعبير "وفقاً للشروط والأحوال التي يحددها القانون"، كما تعهدت قطر باحترام حرية التعبير بموجب المادة 32 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان، وقطر دولة طرف فيه. أنشأ الشيخ حمد قناة الجزيرة الإخبارية التي تبث من الدوحة عام 1996. قدمت القناة تغطية واسعة للانتفاضات الشعبية في بلدان مثل تونس وليبيا وسوريا. إلا أنها نادراً ما تبث مواداً انتقادية عن قطر نفسها، ولم تقدم قناتها الناطقة بالعربية سوى تغطية ضئيلة للمظاهرات المطالبة بالديمقراطية في جارتها البحرين.
وافق مجلس الوزراء في يونيو/حزيران 2012 على مشروع قانون للإعلام يحظر نشر أو بث المعلومات "التي من شأنها إرباك العلاقات مع الدول العربية والصديقة" أو "الإساءة إلى النظام أو إهانة الأسرة الحاكمة أو التسبب في ضرر جسيم بالمصالح الوطنية والعليا للدولة". يواجه المخالفون عقوبات مالية قاسية قد تبلغ مليون ريال قطري (275 ألف دولار أمريكي). لم يصدق الأمير على مشروع القانون حتى الآن.
قال جو ستورك: "إن إدانة بن الذيب دليل على أن حكام قطر يعتبرون الدستور والالتزامات التعاهدية الدولية مجرد كلمات جوفاء".