(بيروت) – قالت هيومن رايتس اليوم إن على السلطات الأردنية أن تكف عن استخدام محاكم أمن الدولة في محاكمة المدنيين، بمن فيهم المشاركين في المظاهرات السلمية. تصاعدت المظاهرات في أعقاب إعلان الحكومة بتاريخ 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2012 عن نية رفع الدعم عن المحروقات
اعتقلت السلطات أكثر من 300 شخص منذ 14 نوفمبر/تشرين الثاني، ثم أفرجت لاحقاً عن العشرات منهم. تمت إحالة 107 على الأقل، وبينهم 9 أطفال، إلى محاكم أمن الدولة بتهم تشمل "العمل على تقويض نظام الحكم" و"التجمهر غير المشروع" و"تخريب الممتلكات". رغم جنوح بعض المتظاهرين إلى العنف إلا أن السلطات استهدفت المتظاهرين الذين شاركوا في تجمعات سلمية.
قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "بدلاً من احترام الحق في الاحتجاج السلمي، تلجأ السلطات الأردنية إلى استخدام محكمة عسكرية من حيث الجوهر لمعاقبة المدنيين، بمن فيهم المتظاهرين السلميين. على السلطات أن تكف عن استخدام المحاكم الأمنية الاستثنائية في محاكمة المدنيين، وأن تقر بأن التجمع السلمي ليس جريمة".
تعد محكمة أمن الدولة الأردنية محكمة استثنائية غير مستقلة عن السلطة التنفيذية، يعين رئيس الوزراء قضاتها، الذين تتكون هيئاتهم عادة من قاضيين عسكريين وقاض مدني واحد. تختص المحكمة بالجرائم الواردة في قانون العقوبات والتي تعتبر ضارة بأمن الأردن الداخلي والخارجي ـ أي الجرائم المتعلقة بالمخدرات، والمتفجرات، والأسلحة، والتجسس، والخيانة العظمى، ولكن أيضاً الجرائم المتعلقة بالتعبير السلمي.
قامت قوات الأمن بالاعتداء على المتظاهرين في أثناء المظاهرات وفي مراكز الاحتجاز على السواء. في 14 نوفمبر/تشرين الثاني أصيب مهدي السعافين القيادي باتحاد الشباب الديمقراطي، حين قامت قوات الأمن، حسب أقوال أفراد عائلته، بإطلاق الكلاب على مجموعة من المتظاهرين في مظاهرة بجبل الحسين، إحدى ضواحي عمان.
قالت عائلة مهدي السعافين لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن أخذته بعد ذلك إلى مركز شرطة العبدلي، حيث ضربه رجال الشرطة مراراً لمدة 3 أيام وأرغموه على الوقوف عارياً وسط مجموعة من المحتجزين الآخرين. يواجه مهدي المحاكمة في إحدى محاكم أمن الدولة بتهم "العمل على تقويض نظام الحكم" و"المشاركة في تجمهرات غير مشروعة" و"تخريب الممتلكات". قال أفراد العائلة إن السلطات لم تسمح بعرضه على طبيب، رغم أن العائلة لاحظت عليه في إحدى الزيارات إصابات تبدو ناتجة عن الضرب.
كما يواجه سهل مسالمة بدوره المحاكمة في إحدى محاكم أمن الدولة، وهو عامل بشركة أدوية يبلغ من العمر 23 عاماً من عمان. قال أحد أقارب سهل لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن قبضت عليه في مطعم بعد مشاركته في مظاهرة سلمية، وضربته بالعصي أثناء القبض عليه، كما ضربه أفراد الأمن عدة مرات في السجن، وأرغموه على الوقوف عارياً، حسب أقوال أفراد أسرته. يواجه سهل مسالمة تهم "المشاركة في تجمهرات غير مشروعة" و"تخريب الممتلكات"، رغم أنه أخبر أسرته بأنه لم يشارك في أي احتجاجات عنيفة. سهل هو العائل الوحيد لأسرته.
اعتقلت قوات الأمن علا صافي، المقيمة في عمان والتي تبلغ من العمر 52 عاماً، من مظاهرة بجبل الحسين في 14 نوفمبر/تشرين الثاني. قال أحد أفراد أسرتها لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن استخدمت مدافع المياه ضد المتظاهرين الذين رفضوا التفرق، وقبضت عليها بعد أن حاولت منع قوات الأمن من ضرب شيخ مسن. قالت علا لأحد المحامين الذين زاروها في السجن إنها تعرضت للضرب هناك أيضاً. قال المحامي لأسرتها إنه شاهد كدمات على يديها وجسمها تتفق مع أقوالها.
في 23 أبريل/نيسان، قام المدعي العسكري الأردني بتوجيه تهمة "العمل على تقويض نظام الحكم" إلى أحد الصحفيين وصاحب موقع إلكتروني إخباري، بسبب مقالة تتعلق بتدخل الملك المفترض في أحد تحقيقات الفساد.
في 1 أبريل/نيسان حاكمت محكمة أمن الدولة 13 شخصاً شاركوا في مظاهرة يوم 31 مارس/آذار في عمان بتهمة العمل على تقويض نظام الحكم، وإهانة الملك، والتجمهر غير المشروع. كما اتهم ممثل الادعاء في محكمة أمن الدولة 6 متظاهرين في بلدة الطفيلة الجنوبية في شهر مارس/آذار بالعمل على تقويض نظام الحكم، وإهانة الملك، والتجمهر غير المشروع. أصدر الملك عبد الله عفواً عن المجموعتين في 15 أبريل/نيسان، بعد أن بدأت المجموعة الأولى إضراباً عن الطعام.
قال جو ستورك: "لا يمكن للأردن أن يزعم السعي إلى إصلاحات ديمقراطية بينما تعاقب السلطات الاحتجاج السلمي. على السلطات أن تسقط فوراً التهم الموجهة إلى المتظاهرين السلميين وأن تحقق في كافة وقائع انتهاكات الشرطة".