Skip to main content

على الحكومة الليبية الجديدة إنهاء الاحتجاز غير المشروع

لا يزال الآلاف محتجزين دون تهم محددة

(نيويورك ) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على الحكومة الليبية الجديدة، التي أقسمت اليمين في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، أن تضع الاحتجاز غير المشروع لأكثر من 8000 شخص على رأس أولوياتها.

يوجد نحو 4000 محتجز في عهدة الحكومة، ومعظمهم محتجز دون اتهام رسمي أو القدرة على التواصل مع محامين، أما البقية فهم محتجزون بعيداً عن سيطرة الحكومة على يد مجموعات مسلحة عدّة لا تملك سلطة قانونية لاحتجاز أحد.

قال إريك غولدستين، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "يمكن للحكومة الجديدة أن تبدأ البداية الصحيحة بمعالجة أزمة المحتجزين، وهي تملك الفرصة، كما يقع عليها التزام بمراجعة الحالات التي تقدر بالآلاف من واقع احترام جديد للعدالة وسيادة القانون".

يترأس الحكومة الجديدة رئيس الوزراء علي زيدان، وهو ناشط حقوقي سابق تحدث من قبل علناً عن الحاجة إلى المصالحة وسيادة القانون، كما أن وزير العدل الجديد هو صلاح المرغني، محامي حقوق الإنسان البارز.

ستتطلب معالجة أزمة المحتجزين توفر الإرادة السياسية وتنسيق الجهود بين وزارات العدل والداخلية والدفاع، علاوة على مكتب النائب العام، كما قالت هيومن رايتس ووتش. ويتعين على رئيس الوزراء علي زيدان إعطاء هذه الجهود دعمه التام وغير المشروط.

قال رئيس الوزراء علي زيدان لـ هيومن رايتس ووتش إن حكومته توجهها مبادئ حقوق الإنسان وأنه سيتصدى للأنشطة غير القانونية التي تمارسها بعض الجماعات المسلحة، بما في ذلك الاحتجاز التعسفي والقتل خارج نطاق القضاء. وقال: "أتحمل المسؤولية الكاملة عن أمن وسلامة جميع الليبيين على السواء، بمن فيهم من ينحازون إلى النظام السابق وعائلاتهم". وأضاف: "لابد أن تكون سيادة القانون هي مصدر العدالة عندنا. إن حقوق الإنسان هي أولوية هذه الحكومة الجديدة".

قالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومة الجديدة أن تدعم هذه التصريحات بأن تأمر فوراً بمثول كافة المحتجزين في عهدتها أمام قضاة وأن تتيح لهم التواصل مع محامين. إذا كانت الأدلة كافية فيجب اتهام الشخص المعني بمخالفة جنائية، وإن لم تكن فينبغي الإفراج عنه.

وقالت هيومن رايتس ووتش أيضاً إنه ينبغي إلزام المجموعات المسلحة، التي لا تملك أية سلطة قانونية لاحتجاز أشخاص، بتسليم كافة المحتجزين لديها إلى سلطات الدولة أو إطلاق سراحهم. ويجب التحقيق مع المجموعات المسلحة التي ترفض القيام بهذا والتي تواصل احتجاز أشخاص بشكل غير مشروع، وملاحقتها جنائياً على حرمانها هؤلاء الأشخاص من حريتهم دون سند قانوني.

لم يتضح حتى الآن العدد الدقيق للمحتجزين في عهدة الحكومة والمليشيات. تحتجز وزارة العدل 3000 شخص على الأقل، كما يجري احتجاز ما يقدر بـ 3000 آخرين على يد الكثير من المجموعات المسلحة، وهناك 2000 آخرون تحتجزهم وزارة الدفاع أو اللجنة الأمنية العليا، وهي هيئة شبه رسمية مكونة من معارضي القذافي السابقين تتعاون مع وزارة الداخلية.

معظم المحتجزين لدى الحكومة أو المجموعات المسلحة هم أعضاء سابقون في القوات الأمنية لحكومة القذافي، أو مسؤولون حكوميون سابقون، أو من المشتبه في ولائهم للقذافي أو في كونهم من المقاتلين الأجانب، أو مهاجرون من أفريقيا جنوبي الصحراء، وأغلبيتهم العظمى من الرجال. قضى الكثيرون منهم أكثر من سنة رهن الاحتجاز.

منذ سقوط معمر القذافي في يوليو/تموز 2011 ظلت الحكومات الانتقالية المتتالية تجاهد لإحضار محتجزيها أمام قاض والتمكن من التحفظ على محتجزي المجموعات المسلحة. إلا أن مليشيات ليبيا كثيفة التسليح أوفر عدداً بكثير من القوات المسلحة النظامية. تمكنت بعض المليشيات من إقامة علاقات عمل مع القوات الرسمية.

يعتمد الجيش الوطني على تجمع من المليشيات الموالية للحكومة تسمى "درع ليبيا"، استعانت بها الحكومة في النزاعات القبلية والإقليمية. وتعتمد وزارة الداخلية وقوتها الشرطية على اللجنة الأمنية العليا.

فيما بين أبريل/نيسان 2011 ويوليو/تموز 2012، قامت هيومن رايتس ووتش بزيارة المحتجزين وأجرت معهم مقابلات على انفراد في مقرات تديرها جهات حكومية ومجموعات مسلحة. في المقرات التي تديرها الحكومة لم يمثل المحتجزون أمام قاض، ولا تم توجيه الاتهام إليهم أو قامت المحاكم بمراجعة قضاياهم، إلا في حالة عدد ضئيل منهم.

نص قانون صدر في مايو/أيار، "بشأن بعض الإجراءات الخاصة بالمرحلة الانتقالية"، على أن تتولى وزارتا الداخلية والدفاع مسؤولية إحالة "مؤيدي النظام السابق" الذين تحتجزهم المجموعات المسلحة إلى السلطات القضائية المختصة بحلول 1 يوليو/تموز إذا كانت هناك أدلة كافية بحقهم.

وبعد انقضاء أكثر من أربعة أشهر على ذلك الموعد النهائي، لم ينتقل إلى عهدة الدولة من المحتجزين لدى المليشيات إلا قلة محدودة في أقصى تقدير.

طيلة العام كانت حالات وفاة تحت الاحتجاز تقع في المقرات التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة. في أغسطس/آب، قام أفراد من اللجنة الأمنية العليا بمصراتة باقتياد طارق ميلاد يوسف الرفاعي من مدرسة الوحدة، وهي مقر احتجاز خاضع رسمياً لوزارة العدل، بغرض الاستجواب، ولم يعد طارق بعد ذلك. وحسب شهادة وفاة حصلت عليها هيومن رايتس ووتش، توفي طارق الرفاعي في مصراتة يوم 18 أغسطس/آب 2012، بسبب " الضرب بواسطة اجسام صلبة غير حادةعلى أجزاء مختلفة من الجسم والرأس والأطراف". فتحت نيابة مصراتة التحقيق لكن بدون أية اعتقالات حتى الآن.

في مايو/أيار قامت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بدعوة السلطات للتحقيق في وفاة ثلاثة محتجزين يوم 13 أبريل/نيسان أثناء احتجازهم على يد اللجنة الأمنية العليا في مقر احتجاز الزروق بمصراتة. ونشرت هيومن رايتس ووتش تقريراً عن حالة دبلوماسي مات تحت التعذيب في فبراير/شباط وهو في عهدة مجموعة مسلحة من طرابلس استقرت في الزنتان، هي جماعة شهداء عاشوراء.

ينص قانون الإجراءات الجنائية الليبي على أن سلطات الدولة وحدها تملك الحق في الأمر بالاعتقال أو الاحتجاز. ولا يجوز احتجاز المعتقلين إلا في مؤسسات تابعة للدولة ومصممة خصيصاً لذلك الغرض، وللمدة المحددة في تصريح الاعتقال فقط.

الاحتجاز التعسفي محظور تماماً بموجب القانون الدولي، بما فيه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي انضمت إليه ليبيا. ولا يُسمح بالاحتجاز "الإداري" لأسباب أمنية، خارج نطاق القانون الجنائي، إلا في ظروف ضيقة يقوم فيها خطر حقيقي وحالة طوارئ معلنة تهدد حياة الأمة، مع التزام الحكومة بالخطوات المختلفة التي يبينها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ولجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

وتشمل تلك الخطوات عدم تقييد الحقوق إلا بالقدر الذي تفرضه ضرورة مجابهة حالة طوارئ بعينها، وبدون اللجوء إلى العبارات الفضفاضة أو الغامضة، واشتراط أن تبرهن الحكومة على أن القوانين القائمة، بما فيها القانون الجنائي، لا تكفي لمواجهة حالة الطوارئ. ولا يجوز على الإطلاق إلغاء المراجعة القانونية للاحتجاز، حتى في حالة الطوارئ.

لم تتخذ ليبيا أية خطوة من الخطوات المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية للانتقاص من هذه الحقوق أو تبرير استخدام الاحتجاز لأسباب "أمنية" خالصة، كما قالت هيومن رايتس ووتش.

قال إريك غولدستين: "على الحكومة الجديدة أن تحدث قطيعة مع الماضي في شأن الاحتجاز غير القانوني. وهذا كفيل بأن يبين أن القادة الجدد يضعون التزامهم بحقوق الإنسان موضع التنفيذ".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع