(بيروت) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إنه ينبغي ألا يوافق حاكم قطر على مشروع قانون الأنشطة الإعلامية ما لم تُلغى منه الأحكام فضفاضة الصياغة الخاصة بانتقاد الحكومة القطرية أو حكومات دول الجوار. يعاني مشروع القانون من ازدواجية المعايير فيما يتعلق بحرية التعبير، وهو ما لا يتفق مع دعاوى قطر بأنها مركز لحرية الإعلام في المنطقة.
يعتبر مشروع القانون الجديد – الذي أجازه مجلس الشورى، الهيئة التشريعية القطرية، في يونيو/حزيران 2012 – هو أول تغيير يطرأ على قوانين الإعلام القطرية منذ أنشأ الشيخ حمد بن خلية آل ثاني حاكم قطر مركز الدوحة للحريات الإعلامية في عام 2008 لتعزيز حرية وجودة الصحافة في قطر والمنطقة. رغم أن مشروع القانون يدعو لإلغاء العقوبات الجنائية على مخالفات قانون الإعلام، إلا أن أحكام المادة 53 فضفاضة الصياغة تحظر نشر أو بث معلومات من شأنها إرباك العلاقات بين قطر والدول العربية والدول الصديقة، أو من شأنها الإساءة للنظام أو إهانة الأسرة الحاكمة أو التسبب في ضرر جسيم بالمصالح الوطنية والعليا للدولة. يتعرض المخالفون لعقوبات مالية مغلظة تصل إلى غرامة مليون ريال قطري (275000 دولار).
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "يعد التزام قطر بحرية التعبير جيّداً وصحيحاً بقطر جودة وصحة القوانين القطرية، وهي في حالتنا هذه لا تستوفي المعايير الدولية التي تُعلن قطر أنها تدعمها. يعتبر مشروع قانون الإعلام هذا التزاماً بالرقابة وليس بدعم حرية الصحافة".
قالت هيومن رايتس ووتش إن قضية الشاعر المسجون منذ عام تُظهر الخطر الذي يتهدد حرية التعبير في قطر. من المقرر عقد جلسة محاكمته التالية في 29 نوفمبر/تشرين الثاني.
تكمل المادة 53 وتعزز من المادة 134 من قانون العقوبات القطري، التي تنص على عقوبات بالسجن خمسة أعوام لكل من طعن في الأمير. يخرق كل من قانون العقوبات وقانون الإعلام المقترح معايير حرية التعبير الدولية، التي تحمي الحق في انتقاد الحُكام والسياسات الحكومية.
ولقد كان لقناة الجزيرة، الشبكة الإخبارية التي أسسها الشيخ حمد في عام 1996، دوراً بارزاً في تغطية الكثير من الاحتجاجات الشعبية التي عمت الشرق الأوسط منذ ديسمبر/كانون الأول 2010. إلا أن مشروع قانون الإعلام سوف يجبر الصحفيين الذين يعملون في قطر على ممارسة الرقابة الذاتية التي تتسم بها الصحافة في العديد من دول الخليج، على حد قول هيومن رايتس ووتش.
كما يوفر حبس الشاعر القطري محمد بن الذيب العجمي منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2011 دليلاً إضافياً على ازدواجية معايير قطر فيما يخص حرية التعبير. في 22 أكتوبر/تشرين الأول أرجأ قاضٍ محاكمة الذيب للمرة الخامسة. يواجه الذيب اتهامات بالتحريض على قلب نظام الحكم، وهي الاتهامات التي يعاقب عليها بالإعدام بموجب المادة 130 من قانون العقوبات.
لم يوضح المسؤولون القطريون الأساس وراء الاتهامات. كان الذيب قد امتدح الثورات الشعبية التي شهدتها المنطقة. وفي قصيدة له بعنوان "الياسمين التونسي" قام بتحميلها في مقطع فيديو على الإنترنت في يناير/كانون الثاني 2011، أعرب عن دعمه للانتفاضة وقال: "كلنا تونس في وجه النخبة القمعية" وانتقد "الحكومات العربية" بصفتها "كلهم بلا استثناء حرامية". سبق أن تلى الذيب قصيدة ظهرت على الإنترنت في أغسطس/آب 2010 وكانت فيها فقرات مهينة للأمير. قالت هيومن رايتس ووتش إنه لم يظهر في أي من الحالتين تجاوزه حدود ممارسة حقه المشروع في حرية التعبير.
القانون الدولي واضح في ضرورة أن يتحمل المسؤولون الرسميون قدراً أكبر من الانتقاد عن الذي يتحمله المواطن العادي. يخدم هذا التمييز بين الفئتين المصلحة العامة إذ يجعل من الأصعب قمع النقاش والجدل حول قضايا الحُكم. رغم أن قطر لم تصدق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فإن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان التي تُصدر تفسيرات مُلزمة لمعايير حرية الرأي والتعبير الواردة في المادة 19 من العهد، قد أوضحت أن إهانة الشخصيات العامة لا تبرر إنزال عقوبات وأكدت على أن الشخصيات العامة "ومنهم من يمارسون أعلى صلاحيات السلطة السياسية مثل رؤساء الدول والحكومات" أهداف مشروعة للانتقاد.
تكفل المادة 47 من الدستور القطري حرية الرأي والتعبير "وفقاً للشروط والأحوال التي يحددها القانون" وقد تعهدت قطر باحترام الحق في حرية التعبير بموجب المادة 32 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان وهي دولة طرف فيه.
فيما يخص قضية الذيب التي تنعقد جلستها التالية في 29 نوفمبر/تشرين الثاني، دعت هيومن رايتس ووتش النيابة القطرية إلى ضمان اتساق مجريات المحاكمة مع المعايير الدولية لإجراءات التقاضي السليمة والحق في المحاكمة العادلة، وألا يُقاضى الشاعر لمجرد ممارسته لحقه في حرية التعبير.
وقال جو ستورك: "لو كانت قطر جادّة في كونها صوت قيادي ورائد على المستوى الإقليمي فيما يخص حماية حرية التعبير، فلابد من إلغاء تلك الأحكام من مشروع قانون الإعلام المنطوية على إشكاليات، وأن تُسقِط جميع الاتهامات المنسوبة إلى محمد بن الذيب العجمي المتصلة حصراً بممارسته لحقه في حرية التعبير".