(نيويورك، 15 يوليو/تموز 2012) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على إدارة الرئيس محمد مرسي أن تتخذ خطوات عاجلة للتصدي لمشكلة العنف الطائفي. على الرئاسة ضمان التعرف على المسؤولين عن أعمال العنف والتحقيق معهم ومحاكمتهم في محاكم تستوفي المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، وأن يصدر قراراَ بإعادة محاكمة من تمت إدانتهم أمام محاكم الطوارئ منزوعة المصداقية.
في عهد المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي تولى الحُكم بعد خلع الرئيس مبارك في فبراير/شباط 2011، شهدت مصر على الأقل 12 حادث عنف طائفي، خلّفت عدداً من البيوت والمتاجر المُدمرة 25 قتيلاً على الأقل. هناك قضيتان وصلتا إلى مرحلة المحاكمة، لكن النيابة أحالت القضايا إلى محاكم أمن الدولة طوارئ، المعروفة بإخفاقها في استيفاء المعايير الدنيا لإجراءات التقاضي السليمة، والتي لا يمكن الطعن على أحكامها. قالت هيومن رايتس ووتش إن هناك قضايا أخرى يتم التعامل معها بما يُدعى بجلسات الصُلح، وهو الإجراء الذي لا يكفل العدالة.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "تشهد التوترات الطائفية في مصر منذ فترة طويلة، بعض حالات العنف الإجرامي بين الحين والآخر، تخفق السلطات في محاكمة أو معاقبة المسؤولين عن أعمال العنف هذه. إنهاء العنف الطائفي لن يحدث إلا بمحاكمة المسؤولين عن هذه الأحداث، وضمان أن تكون نتيجة المحاكمات عادلة".
في أكتوبر/تشرين الأول 2011 وثقتهيومن رايتس ووتش ثلاث هجمات جدّية على مسيحيين رفضت النيابة التحقيق فيها مع المشتبهين بأعمال الحرق والنهب، وفي حوادث في أطفيح والمقطم والماريناب لم يتم التحقيق بعد.
قالت هيومن رايتس ووتش إن في الحالات القليلة التي لاحقت فيها الحكومة المشتبهين جنائياً، لجأت السلطات إلى محاكم الطوارئ، التي لا ينال فيها المدعى عليهم محاكمات عادلة، ولا يُتاح لهم فيها حق الطعن على الأحكام، حتى إن كانت أحكاماً مشكوك في صحتها. توصلت هيومن رايتس ووتش من خلال مراقبة المحاكمات أمام محاكم أمن الدولة طوارئ إلى أن القضاة يخفقون بشكل متكرر في التحقيق في مزاعم التعذيب على النحو الملائم، ويقبلون اعترافات منتزعة تحت تأثير التعذيب، ولا يسمحون للمتهمين بمقابلة المحامين على النحو الكافي خارج قاعة المحكمة. ومع انتهاء حالة الطوارئ رسمياَ فى 31 مايو /أيار، لم يعد يحق للنائب العام أن يحول أي متهمين إليها.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على الرئيس الجديد أن يضمن تطبيق نظام للمراجعة السريعة والإلغاء لجميع الأحكام الصادرة إثر محاكمات غير عادلة، ومنها الأحكام الصادرة عن محاكم الطوارئ.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن استخدام ما يُعرف بجلسات الصُلح بديلاً عن المحاكمات إثر الهجمات والاعتداءات العنيفة، يسمح للجناة بالهروب من العدالة، بل وأدى هذا الإجراء إلى التهجير القسري للضحايا من بيوتهم. لم يقتصر الأمر على إخفاق جلسات الصلح هذه في تهدئة التوترات الطائفية المتكررة، بل إنها وفرت أيضاً غطاءً لإفلات الجناة في أعمال العنف من العقاب.
يشكل الأقباط المسيحيون نحو 10 في المائة من تعداد مصر ذات الأغلبية السنية المسلمة. في دراسة صدرت في أبريل/نيسان 2010 وثقت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية – وهي منظمة حقوق إنسان مصرية – أكثر من 50 حالة عنف طائفي بين المسلمين والمسيحيين على مدار عامين، وأغلب الحالات شهدت اعتداء مسلمين على اقباط لممارستهم شعائرهم الدينية أو لمعاقبتهم عقاباً جماعياً على مخالفات حقيقية أو متصورة بحق سيدات مسلمات، أو جراء إهانات متصورة للإسلام. من بين الحوادث المتكررة، اعتراض المسلمين على بناء كنائس للأقباط، وهو الأمر الخاضع للوائح وأنظمة تمييزية، إذ يتطلب بناء الكنائس موافقة الرئاسة. يجب على السلطات المصرية أن تتحرك سريعاً لتطبيق أنظمة ولوائح غير تمييزية لبناء دور العبادة.
وينبغي على الحكومة أن تضمن التحقيق والمحاكمة دون تمييز مع المسؤولين عن العنف الديني، سواء كان الضحايا مسلمين أو مسيحيين، وأن توفر الحماية اللازمة للسكان الراغبين في البقاء في بيوتهم. نظراً لنمط الإفلات من العقاب السائد والإخفاق في التحقيق بفعالية، على حد قول هيومن رايتس ووتش، فإن على النائب العام أن يشرف بنفسه على مجريات التحقيقات لضمان مثول المسؤولين عن الجرائم أمام العدالة.
في قضية من القضيتين التي وجهت فيهما النيابة اتهامات، حكمت محكمة أمن دولة طوارئ في 21 مايو/أيار 2012 بمدينة المنيا جنوبي القاهرة، على 12 مسيحياً بالسجن المؤبد، وبرأت 8 متهمين مسلمين كانوا قد نسبت إليهم اتهامات على صلة بمصادمات بين مسلمين ومسيحيين قبل عام بمراكز أبو قرقاص والفكرية بالمنيا. خلّفت أحداث العنف تلك قتيلين من المسلمين، وانتهت بإحراق العديد من المتاجر والمنازل الخاصة بمسيحيين، مع إصابة بعض المسلمين والمسيحيين.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على الرئيس مرسي أن يرفض التصديق على حُكم قضية أبو قرقاص وجميع الأحكام الصادرة عن محاكم أمن الدولة طوارئ وأن يأمر بإعادة المحاكمة. وينبغي على النائب العام أن يأمر بفتح تحقيق جديد في القضية وأن يحيل التحقيقات إلى محكمة مدنية طبيعية تستوفي المعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
القضية الثانية التي لم يصدر الحكم فيها بعد، تخص مشتبهين في أعمال شغب في مايو/أيار 2011 بحي إمبابة بالقاهرة، حيث اعتدى سكان مسلمون على كنيستين مما أدى لمصادمات خلفت أكثر من 13 قتيلاً ومئات الجرحى. وفي أبريل/نيسان 2012 أمرت المحكمة بإطلاق سراح جميع المتهمين في انتطار فصل المحكمة الدستورية العليا فى مدى صحة المادة 19 من قانون الطوارئ والتي تنص على مسؤلية المحكمة عن الاستمرار في نطر جميع القضايا التي أحيلت إليها خلال فرض الطوارئ.
وفي 31 مايو/أيار انتهت حالة الطوارئ في مصر، مما وضع حداً لصلاحية إحالة النائب العام للقضايا إلى محاكم أمن الدولة طوارئ. أحال النائب العام ست قضايا على الأقل في عام 2011 وعام 2012 إلى تلك المحاكم، وهناك قضيتان قائمتان منذ قبل عام 2011. في 9 يونيو/حزيران أمر النائب العام بإحالة جميع القضايا المنظورة حالياً أمام محاكم الطوارئ بعد 25 يناير/كانون الثاني 2012، إلى القضاء المدني الطبيعي، لكن لم يحدث هذا بالنسبة للقضايا التي أحيلت لمحاكم الطوارئ قبل التاريخ المذكور.
بعض قضايا العنف الطائفي انتهت بما يُعرف بجلسات الصلح. وثقت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية استخدام هذه الاجتماعات على مدار أعوام في مناطق بمصر ما زالت تسود فيها العلاقات القبلية. يجري قادة وزعماء المناطق هذه الاجتماعات، ويحددون تسوية سياسية وينفذون هذه التسوية، وأحياناً ما يحدث ذلك بمساعدة الشرطة. هذه "التسويات" تشمل أحياناً توجيه الأمر لعائلات بهجر بيوتها.
في إحدى الحوادث التي انتهت بمثل هذه الاجتماعات، في شهر يناير/كانون الثاني، قام مئات المسلمين بإحراق ونهب بيوت وممتلكات لأهالي مسيحيين في قرية شربات بالقرب من الإسكندرية، إثر ظهور شائعات بلا مصادر بأن ثمة رجل مسيحي لديه صور على هاتفه المحمول لامرأة مسلمة. أضرت الاعتداءات بستة بيوت وستة متاجر تخص مسيحيين. أكد محامون وبعض السكان لـ هيومن رايتس ووتش أن الشرطة لم تطارد المتهمين الذين تم التعرف عليهم في 28 يناير/كانون الثاني في محضر شرطة اطلعت عليه هيومن رايتس ووتش.
أشرفت الشرطة وقيادات دينية مسلمة على جلسة الصلح العرفية التي تمت في 1 فبراير/شباط وانتهت بقرار بإخراج ثماني عائلات مسيحية من القرية وبيع ممتلكاتهم. التهجير والبيع القسري تمّا تحت رعاية القيادات الدينية المحلية والشرطة. بعد ذلك عادت خمس عائلات من العائلات المُهجرة إلى بيوتهم بعد تدخل قيادات دينية أخرى.
دعت هيومن رايتس ووتش السلطات إلى ضمان إعادة ممتلكات جميع من هُجروا قسراً من بيوتهم، وتعويضهم على التهجير غير القانوني، مع تأديب عناصر الشرطة ومسؤولي الدولة المتورطين في عمليات التهجير غير القانونية.
ينص الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ومصر طرف فيهما، على إلزام الدول بمنح التعويض والإنصاف القانونيين الفعالين على انتهاكات حقوق الإنسان، مع حماية حق الأفراد في الأمن بشكل غير تمييزي. كما يحمي الميثاق الأفريقي الحق في التملك. يستدعي هذا من السلطات فتح تحقيقات جنائية فورية ومحايدة في جرائم العنف الجسيمة ومحاسبة المسؤولين عنها بموجب القانون. نفس المطلب منصوص عليه في القانون المصري، الذي يحظر استخدام اتفاقات الصلح العرفية في حالة وجود مزاعم بارتكاب جرائم خطيرة.
للمزيد من التفاصيل عن أحداث أبو قرقاص وشربات يُرجى القراءة أدناه.
للمزيد من تغطية هيومن رايتس ووتش للأوضاع في مصر، يُرجى زيارة:
https://www.hrw.org/ar/middle-eastn-africa/egypt
لمزيد من المعلومات، يُرجى الاتصال:
في القاهرة، هبه مرايف (الإنجليزية والعربية والفرنسية): +20-122-381-0319 (خلوي) أو morayeh@hrw.org
في واشنطن، جو ستورك (الإنجليزية): +1-202-299-4925 (خلوي) أو storkj@hrw.org
في نيو يورك، دان ويليامز (الإنجليزية): +): +1-917-535-4093: أو williad@hrw.org
حُكم محكمة الطوارئ في قضية أبو قرقاص
مساء 18 أبريل/نيسان 2011 اندلعت مصادمات دامت عدة أيام بين السكان المسلمين والمسيحيين في أبو قرقاص والفكرية، وهما بلدتان بمحافظة المنيا جنوبي مصر، فيهما عدد كبير من السكان المسيحيين إلى جانب المسلمين. قال إسحق إبراهيم، باحث المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الذي حقق في الحادث، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن نزاعاً نشب إثر خلاف حول بناء مطب صناعى أمام منزل علاء رضا رشدي، وهو محامي مسيحي. بناء على التحقيق في الواقعة من قبل المبادرة المصرية، بذل بعض السكان المسلمين والمسيحيين جهوداً في البداية في ذلك المساء لتسوية الخلاف، ثم انهارت هذه الجهود، وتم التصعيد إلى مصادمات بين السكان المسلمين والسكان المسيحيين.
التقرير الذي أطلعت المبادرة المصرية هيومن رايتس ووتش عليه، ذكر أن التصعيد ربما كان بسبب مشكلة منفصلة بين عائلتين مسلمتين شهدت إطلاق للنار في اليوم نفسه. ظهرت شائعات بعد ذلك أن الرصاصات كانت موجهة لبيوت مسيحيين، ثم وبعد أن تجمع مسلمون أمام بيوت لمسيحيين وراحوا يرددون هتافات دينية وطائفية، أطلق بعض المسيحيين عدة أعيرة نارية من فوق أسطح المنازل، مما أدى لإصابة علي عبد القادر علي، 48 عاماً، ومعبد أبو زيد محمد، 28 عاماً، ومصطفى جمعة محمد، 25 عاماً، ومحمود جمال حليم، 25 عاماً. توفي معبد محمد وعلي تأثراً بالإصابات ثم تم إشعال بعض الحرائق التي أضرت بنحو 70 متجراً لمسيحيين و10 بيوت أو أكثر يملكها مسيحيون.
قامت عناصر من الشرطة والجيش بالذهاب إلى مسرح الأحداث، فقبضوا على 12 مسيحياً للاشتباه في إطلاق النار وكذلك على عدد من الأفراد الآخرين بتهمة "زعزعة النظام العام". فيما بعد في الليلة نفسها، تم إحراق مقهى يخص رشدي، وفي اليوم التالي قام مجهولون بإصابة خمسة مسيحيين بالسلاح الأبيض، وأحدهم إصابته خطيرة، من نفس الحي. قامت الشرطة بعد ذلك بالقبض على ثمانية مسلمين.
في 19 أبريل/نيسان، حسب تقرير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، قام بعض المشاركين في جنازة لأحد ضحايا إطلاق النار، باقتحام وإحراق بعض المتاجر وسيارة، وانضم إلى أعمال الشغب أشخاص آخرون استجابة لدعوات من أبناء المنطقة المسلمين، للثأر من مقتل اثنين من الرجال المسلمين. تلى ذلك اعتداءات من قبل جماعة ازداد حجمها من محدثي الشغب على ممتلكات مسيحية في مناطق ذات أغلبية مسلمة، ولم تتمكن قوات الأمن من السيطرة على تلك الأحداث أو لم تكن مستعدة لذلك.
اطلعت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على تسجيلات فيديو لرجال يقتحمون البيوت ويسرقون ويحرقون البيوت، وفي عدد من الحالات مع وجود عناصر من الشرطة والجيش على مقربة يتفرجون على ما يحدث. عندما حاول الحشد مهاجمة بيوت أو متاجر في مناطق يقيم فيها عدد كبير من المسيحيين، كان السكان يردون عليهم برشقهم بالحجارة والطوب، وتمكنوا من منع الهجمات عن عدد من الكنائس. وقامت الشرطة في إحدى الحالات بتحويل طريق جنازة أحد الضحايا بعيداً عن منطقة يسكنها مسيحيون.
في 20 أبريل/نيسان ساد الهدوء إثر حظر تجوال تم فرضه منذ الليلة السابقة. وفي 21 أبريل/نيسان قام العشرات من النشطاء والشخصيات السياسية والسكان المسلمين والمسيحيين بالفكرية بتنظيم مسيرة سلمية تدعو إلى الوحدة الوطنية. مع اقتراب المسيرة من كنيسة ظن بعض المسيحيين أن الحشد يهدد بمهاجمتهم فأطلقوا أعيرة نارية في الهواء. ارسلت الشرطة عدداً من الضباط لمرافقة المسيرة وحمايتها، ثم انتهت المسيرة بسلام.
وفي يوم 22 أبريل/نيسان، وكان يوم جمعة، قام شخص مجهول بإطلاق النار على فوزي أنور جاد الله المزارع المسيحي الذي أصيب. زادت قوات الأمن من انتشارها أمام الكنائس، لا سيما وقت صلاة الجمعة. لكن في إحدى المظاهرات قام متظاهرون بإلقاء حجارة وتحطيم نوافذ عدد من الكنائس، وبعد ذلك قامت الشرطة بالقبض على رشدي، بتهمة التحريض على اطلاق لنار.
وفي تقرير عن تلك الوقائع، صدر بتاريخ 30 أبريل/نيسان، كتبت أسقفية المنيا أن الوضع هدأ إلى حد بعيد لكن "لم يتم القبض على أحد [جراء الهجمات على المسيحيين] رغم تقديم قائمة بأسماء الأشخاص المسؤولين عن المصادمات ومقطع فيديو للحادث. كما أن أهالي المعتقلين قلقين بما أنهم يشعرون أن من تم القبض عليهم لا علاقة لهم بأعمال القتل".
تمت إحالة 12 مسيحياً وثمانية مسلمين إلى محكمة أمن الدولة طوارئ في المنيا بتاريخ 16 يوليو/تموز 2011. المتهمون المسيحيون هم: رشدي، يعقوب فضل عكوش، عبد الله ميشيل عبد الله، عادل عبد الله ميشيل، فانوس نادي إبراهيم، مجدي نادي إبراهيم، جمال فؤاد مالك، سعيد وحيد ضيف. المتهمون المسلمون هم: أحمد مصطفى ربيع، طاهر عاطف طاهر، خالد إبراهيم محمد، أحمد بدر محمد، رضا سيد محمد، رمضان عبد المنعم محمد، إسماعيل ممدوح محمود، أكرم عبد النبي محمد.
اتهمت نيابة أمن الدولة جميع المتهمين المسيحيين بزعزعة النظام العام من خلال التحريض على العنف الطائفي والإضرار بالوحدة الوطنية، بقصد الإضرار بمسلمي أبو قرقاص. واجه بعضهم اتهامات إضافية بحيازة اسلحة وتم اتهام اثنين – عبد الله ميشيل عبد الله وعادل ميشيل عبد الله – بالقتل العمد.
المتهمون المسلمون الثمانية نُسب إليهم الاتهام بالمشاركة مع آخرين في زعزعة النظام العام بالتحريض على العنف الطائفي والإضرار بالوحدة الوطنية والاعتداء على ممتلكات لمسيحيين في أبو قرقاص بأسلحة غير مرخصة.
في 21 مايو/أيار أدانت محكمة أمن الدولة طوارئ المسيحيين الاثني عشر بالاتهامات المنسوبة إليهم وحكمت عليهم بالسجن المؤبد – وهو في مصر 25 عاماً – وبرأت جميع المتهمين المسلمين الثمانية. لا يمكن الطعن على أحكام محكمة أمن الدولة طوارئ، لكن بموجب القانون لابد أن يُصدق الرئيس على الأحكام قبل بدء نفاذها. في ذلك التوقيت – 21 مايو/أيار – كان المجلس العسكري برئاسة المشير حسين طنطاوي هو صاحب صفة الرئيس، لكنه لم يصدق على الحكم حتى يوم 30 يونيو/حزيران، موعد تسليم السلطة للرئيس مرسي، الذي لم يصدر قراراً بشأن هذه القضية بدوره حتى الآن.
تهجير سكان قرية شربات إثر "جلسة الصلح العرفية"
طبقاً لاتحاد شباب ماسبيرو – وهي مجموعة نشطاء مسيحيين ضد التمييز – فإن المسيحيين في القرية يشكلون أقلية – 54 عائلة، أو نحو 270 شخصاً – من بين تعداد يبلغ نحو 30 ألف نسمة في شربات، وهي قرية قريبة من الإسكندرية. في 27 يناير/كانون الثاني، حوالي الساعة 3 مساءً حسب أقوال الشهود، تجمع حشد من نحو 1000 من سكان القرية واتجهوا إلى بيت مراد جرجس، القبطي، وطالبوه بمغادرة القرية، بناء على مزاعم بأن لديه على هاتفه المحمول صوراً لسيدة مسلمة، وهو الأمر الذي اعتبروه إهانة. اقتحم مئات المسلمين متاجر ضمن مجمع متاجر يملكه جرجس، وهو ترزي، وشقيقه، الذي يملك متجر لإكسسوارات الكمبيوتر ومحل لقطع غيار السيارات. قام المهاجمون بنهب محتويات المتاجر حسب قول ثلاثة شهود لـ هيومن رايتس ووتش.
تحول الحشد إلى بيوت ومتاجر مسيحيين آخرين في الحي الذي تسود فيه أغلبية مسيحية في القرية، ونهبوا وأحرقوا ممتلكات. نهب الحشد بيت أبسخرون سليمان رجل الأعمال، وأحرقوا المتاجر الكائنة بالدور الأرضي.
لم تصل الشرطة – ولها نقطة في بلدة قريبة – إلى مشارف القرية حتى الساعة السادسة مساءً. قال شهود لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة لم تدخل القرية حتى التاسعة مساءً تقريباً، بعد أن هدأت أعمال الشغب. قال لـ هيومن رايتس ووتش محقق شرطة طلب عدم ذكر اسمه، إن الشرطة أحست بأن العنف سيزيد إذا تدخلت. قال: "ليس لدينا القوة الكافية للتدخل. نحن في ثورة، وقدرتنا على حفظ النظام ليست بالمستوى المنشود".
أضرت الهجمات بستة بيوت وستة متاجر يملكها مسيحيون، وتم إحراق بعضها. أكد محامون وسكان لـ هيومن رايتس ووتش أن الشرطة لم تطارد المشتبه بقيامهم بأعمال الشغب، الذين وردت أسمائهم في محضر الشرطة الذي اطلعت عليه هيومن رايتس ووتش.
قال سكان لـ هيومن رايتس ووتش إن الجيران المسلمين منعوا المعتدين من تحطيم بيت مراد جرجس وأبعدوا المسيحيين الآخرين عن منطقة الخطر، فاستضافوهم في بيوت لمسلمين خارج شربات. جرجس الذي سمع أن المسلمين على وشك إحراق بيته، سلم نفسه للشرطة قبل بدء أعمال الشغب، ليحمي نفسه ولإخلاء طرفه من اتهامات حيازته لصور على هاتفه المحمول.
في 30 يناير/كانون الثاني عقدت الشرطة جلسة صلح عرفية في نقطة الشرطة ببلدة العامرية. كان من المشاركين سليمان، المعروف باسم أبو سليمان، وأحد سكان شربات المسلمين، وأحمد شريف عضو مجلس الشعب عن حزب النور، الحزب السلفي، وبقطر ناشد القس القبطي. قرر المشاركون في الجلسة بالإجماع أن على عائلة مراد جرجس ومنهم شقيقه ووالده، الذين لم يحضر أي منهم الاجتماع، ألا يعودوا إلى القرية. اتفقوا على تأجيل القرار الخاص بإخراج سليمان ووالده وأبنائه من شربات أو السماح لهم بالعودة إلى بيتهم.
وفي 1 فبراير/شباط استدعت الشرطة سليمان إلى جلسة عرفية ثانية ترأسها عدد من القيادات السلفية. انتهى هذا الاجتماع بقرار بعدم السماح لسليمان وأبنائه وأسرهم – بالإضافة إلى عائلة جرجس – بالعودة إلى بيوتهم بسبب خطر عودة أعمال العنف، طبقاً لمحضر بالجلسة والقرار اطلعت عليه هيومن رايتس ووتش. شمل القرار – حسب المحضر – بيع ممتلكات عائلة سليمان "بسعر السوق". لم تحدث مناقشة لمسألة انتزاع ممتلكات عائلة جرجس.
وفي 7 فبراير/شباط قابل سليمان الشيخ أحمد هويري، الذي صدر قرار في الجلسة السابقة بأن يمثل شربات، في مركز الشرطة. قال هويري لسليمان إن عليه مغادرة شربات من أجل "حماية أرواح المسيحيين والمسلمين". ذكر ابن سليمان الأكبر، واسمه سليمان ويبلغ من العمر 41 عاماً، إن والده أخبره بذلك.
إثر هذا الاجتماع الثالث، ظهرت تقارير إعلامية، مصحوبة بحملة لاتحاد شباب ماسبيرو، أدت لتعريف البرلمان المنتخب حديثاً بالقضية. وفي 16 فبراير/شباط قامت لجنة تقصي حقائق بزيارة المنطقة، برئاسة أنور السادات، الذي كان يرأس لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب. في 19 فبراير/شباط أعلنت اللجنة أنه تم الرجوع عن نفي سليمان وعائلته في اتفاق مع سكان القرية، مع استمرار قرار عدم عودة جرجس وعائلته.
محضر الشرطة الذي اطلعت عليه هيومن رايتس ووتش ذكر خمسة من رجال شربات كمشتبهين في أعمال الحرق والنهب لبيوت مسيحيين. حتى يوليو/تموز لم يكن قد تم استدعاء أي من الرجال الخمسة المذكورين للتحقيق أمام النيابة. تم الإفراج عن جرجس بكفالة 1000 جنيه (166 دولاراً تقريباً) وفي 13 فبراير/شباط برأته محكمة من جميع الاتهامات، على حد قول شقيقه نبيل جرجس لـ هيومن رايتس ووتش.
لم تتمكن عائلة جرجس من العودة إلى بيوتها. غادر مراد جرجس منطقة الإسكندرية بالكامل بدافع من الخوف، على حد قول نبيل جرجس. قال إنه لا يعرف ما حدث لبيوتهم ومتاجرهم. وقال لـ هيومن رايتس ووتش: "لا يمكنني أنا أو أبي العودة بدورنا خوفاً من الخطر".
خلفية عن جلسات الصلح العرفية
تستخدم الشرطة جهود الوساطة العرفية غير الرسمية واجتماعات الصلح كبديل للتحقيقات الجنائية والملاحقات القضائية في حالات العنف الطائفي، وهو أمر لا يقتصر على شربات. في تقرير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية لعام 2010 أشارت إلى أن "عادة ما ينتهي العنف الطائفي بجلسات صلح عرفية برعاية وزارة الداخلية، ويتم تصفية الخلافات باستخدام جميع أشكال الضغوط لدى الوزارة، سواء قانونية أو غير قانونية. الغاية النهائية هي عودة الحال إلى ما هو عليه، وكأن شيئاً لم يحدث".
لجلسات الصلح العرفية تاريخ طويل في مصر، كأداة للتعويض والإنصاف لتسوية الخلافات التجارية والاجتماعية والعائلية، لكنه بديل متواضع وغير كافي للتحقيق والمقاضاة في المخالفات الجنائية الكبرى بحسب تعريف القانون المصري. بموجب القوانين المصرية، يمكن استخدام الوساطة والصلح في الجرائم الخفيفة فقط، وليس في الجرائم الجسيمة مثل القتل أو الاعتداءات.
تقرير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الصادر في أبريل/نيسان 2010 وثق ثلاث حالات طرد لمسيحيين من خلال جلسات الصلح العرفية وأحد أعضاء الطائفة البهائية من بيوتهم على مدار عامين إثر اجتماعات صلح. في عام 1997 كتبت لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أن التهجير القسري، ويشمل التهجير قسراً دون سند من القوانين المحلية أو فرصة للطعن على القرار "أمر لا يستقيم مع متطلبات" الاتفاقية.