(أبو ظبي) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن النشطاء الخمسة المحتجزين منذ شهور لاتهامهم بـ "الإهانة العلانية" لمسؤولين إماراتيين، يعتزمون البدء في إضراب عن الطعام في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2011. قال النشطاء إن الإضراب سوف يستمر حتى تفرج عنهم السلطات بلا شروط وحتى توقف كل إجراءات التقاضي القائمة بحقهم.
ذكر النشطاء تفصيلاً في بيان مشترك صدر في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الانتهاكات لحقوقهم الأساسية على يد القضاء والادعاء ومسؤولي السجن، بما في ذلك احتجازهم المطول في اتهامات سياسية الدوافع والمحاكمة غير العادلة بكل وضوح. قال الخمسة إنهم "اضطروا" للإضراب عن الطعام بعد أن مكثوا في السجن سبعة أشهر وبعد أن "استنفذنا كل الوسائل المتاحة" للإنصاف. وقد وثقت منظمات حقوقية دولية منها هيومن رايتس ووتش عدة انتهاكات لقواعد المحاكمة العادلة، وقالت إن القضية ضد النشطاء الخمسة تشكل خرقاً جسيماً لحقهم في حرية التعبير.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "كل شهر يمر وهؤلاء الرجال وراء القضبان بناء على اتهامات عجيبة تشمل إهانة حُكام الإمارات، تقوض من زعم الحكومة بأن الإمارات دولة منفتحة ومتسامحة. هذه المحاكمة لا تدل إلا على انعدام أقل درجة من درجات التسامح مع المعارضة السياسية، ولا علاقة لها بالمرة بالعدل أو بالأمن".
تخرق محاكمة الرجال الخمسة ضمانات حرية التعبير التي يكفلها الدستور الإماراتي، وكذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان، على حد قول هيومن رايتس ووتش.
وقالت المحكمة الاتحادية العليا – التي تنظر القضية – إنها ستصدر حُكماً في القضية في 27 نوفمبر/تشرين الثاني.
في بيانهم، قال النشطاء إنهم تعرضوا إلى "حملة منظمة شرسة" عبر رسائل نصية والمواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية. قالوا إن محاميّهم تقدموا بشكاوى جنائية عديدة للمسؤولين، ومنهم النائب العام ومسؤولي النيابة والشرطة، لكن تم تجاهل شكاواهم. وأخفقت السلطات على طول الخط في التحقيق في التهديدات الموجهة إلى النشطاء، بما في ذلك التهديدات بالقتل، على حد قولهم.
وقال الخمسة أيضاً: "حملة التشهير ضدنا التي شابتها أكاذيب وتهديدات وتخوين واستخدمت فيها كل أساليب الضغط وتأليب الرأي العام لتحقيق هدف إدانتنا بجرم لم يثبت يقينا ارتكابنا له، جاءت كلها للحد من الحريات العامة بصفة عامة وحرية الرأي والتعبير بصفة خاصة في وطننا الغالي الذي ندين بالولاء له ولا لسواه".
دعى بيان النشطاء الحكومة إلى تشكيل لجنة مستقلة لتقصي الحقائق كي تحقق في ملابسات القبض عليهم واحتجازهم ومحاكمتهم.
النشطاء الخمسة الذين تم القبض عليهم في أبريل/نيسان وبدأت محاكمتهم في 14 يونيو/حزيران، هم: أحمد منصور – مهندس ومدون – وناصر بن غيث – أستاذ اقتصاد ومحاضر في جامعة السوربون أبو ظبي ويطالب بالإصلاحات السياسية، ونشطاء الإنترنت فهد سالم دلك وأحمد عبد الخالق وحسن علي الخميس.
نُسب الاتهام إلى النشطاء الخمسة بموجب المادة 176 من قانون العقوبات، التي تُجرم توجيه إهانة علانية إلى كبار المسؤولين. ولأن القضية تُنظر بموجب إجراءات تقاضي أمن الدولة، فإن المحكمة الاتحادية العليا هي أول محكمة تنظر القضية، من ثم لا يوجد في هذه القضية حق استئناف.
لم تسمح المحكمة للمدعى عليهم بمراجعة الأدلة والاتهامات المنسوبة إليهم. ولم تسمح المحكمة للمحامين بطرح الأسئلة على أحد شهود الادعاء ولم توفر الوقت الكافي لسؤال الشهود الآخرين. ودون إبداء تفسير، أمرت السلطات بجعل الجلسات الأربع الأولى جلسات غير علنية وغير متاحة للعامة أو الصحفيين أو المراقبين الدوليين أو أهالي المتهمين. وفي مناسبات عدة، رفضت المحكمة وتجاهلت طلبات بالإفراج عن المدعى عليهم مع دفع كفالة، حتى رغم أنه لم يُنسب لأي من المدعى عليهم اتهامات بجرائم عنيفة الطابع، ولم تطرح السلطات فكرة أنهم قد يهربون.
يسمح قانون العقوبات الإماراتي للحكومة بحبس الأفراد لمجرد تعبيرهم سلمياً عن الرأي، في خرق لضمانات القانون الدولي لحقوق الإنسان الخاصة بحرية التعبير. المادة 176 من قانون العقوبات تسمح بعقوبة أقصاها السجن خمس سنوات بحق كل من يهين علانية رئيس الدولة أو علمها أو رمزها الوطني. والمادة 8 توسع من نطاق تطبيق هذا الحكم القانوني ليشمل نائب الرئيس وأعضاء المجلس الأعلى للاتحاد وآخرين.
الخمسة متهمون تحت طائلة المادة 176 باستخدام منتدى سياسي على الإنترنت هو منتدى حوار الإمارات. راجعت هيومن رايتس ووتش الرسائل المزعوم أن المتهمين نشروها على المنتدى، ولم تر في أي منها أكثر من انتقاد لسياسات حكومية أو قيادات سياسية. ولا توجد أدلة على أن الرجال استخدموا العنف أو حرضوا عليه ضمن نشاطهم السياسي.
يواجه منصور اتهامات إضافية، بتحريض الآخرين على مخالفة القانون، والمطالبة بمقاطعة الانتخابات، والدعوة للتظاهر. في مارس/آذار قبل اعتقاله بقليل، أعلن عن دعمه لوثيقة وقع عليها أكثر من 130 شخصاً تطالب بانتخابات عامة ومباشرة للمجلس الوطني الاتحادي، وهو مجلس حكومي استشاري، مع المطالبة بسلطات تشريعية للمجلس. قبل القبض عليه أجرى مقابلات تلفزيونية وإعلامية كثيرة عن هذا الموضوع. أحمد منصور من أعضاء اللجنة الاستشاري لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش.
ورد في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أن "لكل إنسان حق في حرية التعبير... في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين". وبينما الإمارات ليست دولة طرف في العهد الدولي، فالعهد يعتبر مصدراً مُلزماً ودليلاً إرشادياً يعكس الممارسات الدولية الفضلى. المعايير الدولية المقبولة لا تسمح بقيود على المحتوى المنشور إلا في أضيق الحالات، مثل في حالة القدح والذم أو التشهير بحق أفراد أو إذا كان الكلام المُعبر عنه يهدد الأمن الوطني.
وتنص المادة 32 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان – الذي صدقت عليه الإمارات – على الحق في حرية الرأي والتعبير، والحق في نقل الأخبار إلى الآخرين بمختلف السبل. القيود الوحيدة المسموح بها على ممارسة هذا الحق هي التي يتم فرضها من أجل "احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم أو حماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة". والمادة 13 (2) من الميثاق تنص على أن تكون جلسات المحاكمة "علنية إلا في حالات استثنائية تقتضيها مصلحة العدالة في مجتمع يحترم الحريات وحقوق الإنسان".
وينص إعلان الأمم المتحدة الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان على أنه يتعين على الدول "اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لضمان حماية الجميع من العنف والتهديدات والانتقام والتمييز والضغوط أو أي عمل تعسفي آخر" نتيجة لمشاركته في النشاط الخاص بحقوق الإنسان.