(أبو ظبي، 9 أكتوبر/تشرين الأول 2011) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن أسر النشطاء الخمسة المحتجزين منذ ستة أشهر بتهمة "الإهانة العلنية" لمسؤولين إماراتيين قد تقدمت بنداء ومناشدة جماعية في 9 أكتوبر/تشرين الأول إلى حُكام الإمارات، من أجل وقف محاكمة النشطاء ولإطلاق سراحهم.
الرسالة المقدمة إلى رئيس ونائب رئيس الإمارات وولي عهد أبو ظبي تقول بأن القضاء والنيابة وسلطات السجن انتهكوا 20 معياراً من معايير حقوق الإنسان فيما يخص معاملة المتهمين. تشمل هذه الانتهاكات خرق الحق في المحاكمة العاجلة والعادلة، ومبدأ افتراض البراءة، والحق في الطعن، والحق في استجواب شهود الادعاء على النحو الكافي، والحق في تحضير وتقديم الدفاع. وقالت منظمات حقوقية، بينها هيومن رايتس ووتش إن المحاكمة مشوبة بثغرات إجرائية جسيمة تنتهك الحقوق الأساسية للمتهمين في الدفاع عن أنفسهم.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "كل لحظة يقضيها هؤلاء الرجال خلف القضبان لمجرد ممارستهم لحقهم في حرية التعبير هي بمثابة إهدار للعدالة. الإهانة الحقيقية للحكومة الإماراتية ليست أي مما قاله هؤلاء الرجال، بل تتمثل الإهانة في أن قيادات الدولة يقومون بسجنهم".
حرية التعبير مكفولة بموجب الدستور الإماراتي وبموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
ورد في مناشدة الأسر أن السلطات احتجزت المدعى عليهم في الحبس الانفرادي لفترات مطولة، وأنها منعتهم من الحصول على الرعاية الطبية الكافية والمعاملة اللائقة، واحتجزتهم في أوضاع أسوأ من أوضاع السجناء المُدانين بأحكام، وحرمتهم من الإضاءة الطبيعية ووقت الترويح عن النفس والتمرينات الرياضية.
وتقول الأسر إنه لدى اعتقال السلطات للرجال، تم احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي لمدة أيام دون مقابلة المحامين أو أسرهم لهم. وتقول إن السلطات لم تبذل أدنى جهد لوقف حملة المضايقات، وشملت تهديدات بالقتل، بحق المدعى عليهم وأحد المحامين.
وورد في المناشدة المقدمة من الأسر: "لقد عانت أسر المعتقلين على مدى أكثر من 180 يوماً من غياب أبنائهم وأزواجهم وآبائهم وإخوانهم خلف قضبان السجن، كما عانى المعتقلون من مرارة السجن وانتهاك حقهم الأساسي في محاكمة عادلة".
النشطاء الخمسة الذين تم القبض عليهم في أبريل/نيسان، وبدأت محاكمتهم في 14 يونيو/حزيران هم: أحمد منصور، مهندس ومدوّن، وناصر بن غيث، أستاذ اقتصاد ومُحاضر جامعي في جامعة السوربون فرع أبو ظبي ومدافع عن الإصلاحات السياسية، والنشطاء على الإنترنت فهد سالم دلك وأحمد عبد الخالق وحسن علي الخميس. الخمسة متهمون تحت طائلة المادة 176 من قانون العقوبات التي تُجرّم الإهانة العلنية لكبار المسؤولين في الدولة.
ولأن القضية تُنظر بموجب إجراءات أمن الدولة، تقوم المحكمة الاتحادية العليا بنظر القضية في مرحلة الابتداء، مما يعني عدم وجود إمكانية للطعن والاستئاف في حُكمها. ولم تسمح المحكمة للمدعى عليهم بمراجعة الأدلة والاتهامات المنسوبة إليهم، ومنها أدلة جمعتها نيابة أمن الدولة أثناء فترة التحقيق. ولم تسمح المحكمة لمحاميّ الدفاع باستجواب أحد شهود الادعاء، ولم توفر الوقت الكافي لسؤال الشهود الآخرين.
وقامت السلطات دون إبداء أسباب بعقد جلسات المحاكمة الأربع الأولى بشكل سري، ولم تتح حضورها للعموم أو الصحفيين أو المراقبين الدوليين أو أهالي المتهمين. وقامت المحكمة في مناسبات عدة برفض طلبات الإفراج عن المدعى عليهم بكفالة، ولم تفصل في بعض هذه الطلبات، حتى رغم أن جميع المدعى عليهم ليسوا متهمين بجرائم عنيفة الطابع، ولم يظهر من السلطات ما يوحي بأن المدعى عليهم قد يهربون. ولم تحقق السلطات في تهديدات لحقت بالأهالي وبالمدعى عليهم أو هي قامت بملاحقة المسؤولين عن هذه التهديدات.
وفي الأول من أكتوبر/تشرين الأول تم تسريب بيان من بن غيث من سجن الوثبة، يصف فيه بواعث قلق مماثلة. أوضح بن غيث في البيان أنه والمدعى عليهم الآخرون قرروا مقاطعة جلسة محاكمة 2 أكتوبر/تشرين الأول:
إنني قد وصلت إلى قناعة لا تتزعزع بأن هذه المحاكمة وفق المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، ما هي إلا مسرحية وواجهة لإسباغ الشرعية والمصداقية على أحكام وعقوبات قد تكون مُعدة سلفاً، وما هي إلا محاولة لمعاقبتي ومن معي بسبب آرائنا السياسية ومواقفنا من بعض شؤون الوطن. لذلك فإنني أرفض أن ألعب الدور الذي أريد لي أن ألعبه أو أن أشارك في هذه المحاكمة التي لا تتوافر فيها معايير المحاكمة النزيهة.
يسمح قانون العقوبات الإماراتي للحكومة بحبس الأفراد لمجرد تعبيرهم عن آرائهم السلمية، في تعارض واضح مع الضمانات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والمتعلقة بحرية التعبير. المادة 176 من قانون العقوبات تسمح بعقوبات بالسجن لمدد تصل إلى خمس سنوات بحق "من أهان بإحدى الطرق العلانية رئيس الدولة أو علمها أو شعارها الوطني". وتوسع المادة 8 من نطاق تطبيق هذا الحُكم القانوني، إذ تشمل نائب الرئيس وأعضاء المجلس الاتحادي الأعلى وآخرين.
الخمسة متهمون تحت طائلة المادة 176 باستخدام منتدى سياسي على الإنترنت، هو "حوار الإمارات". ولا تزيد أي من رسائل المتهمين الواردة على هذا الموقع المحظور عن انتقاد السياسات الحكومية أو القيادات السياسية، على حد قول أربع منظمات حقوقية بينها هيومن رايتس ووتش، وكانت قد قامت بمراجعة هذه التعليقات على الموقع. ولا توجد أدلة على أن الرجال استخدموا العنف أو حرضوا عليه في إطار نشاطهم السياسي.
يواجه أحمد منصور اتهامات إضافية، بتحريض الآخرين على مخالفة القانون، والدعوة لمقاطعة الانتخابات، والدعوة لمظاهرات. وفي مارس/آذار، قبل اعتقاله بقليل، كان قد تضامن علناً مع عريضة من توقيع أكثر من 130 شخصاً يطالبون بانتخابات عامة مباشرة للمجلس الوطني الاتحادي، وهو هيئة استشارية حكومية، وطالبت العريضة بسلطات تشريعية للمجلس.
وورد في رسالة تم تهريبها من السجن أواخر أغسطس/آب ووقع عليها أربعة من النشطاء، أن الثغرات الإجرائية أدت بهم إلى "اليقين من أنه لم ولن يتم عقد محاكمة عادلة، وهو ما يستحقه أي مدعى عليه". وفي الرسالة، طالب النشطاء بأن تكف المحكمة عن محاكمتهم سراً وأن تسمح للمراقبين والمواطنين بحضور الجلسات. كما دعوا المحكمة إلى الإفراج عنهم بكفالة، وأن تسمح لهم بمراجعة لائحة الاتهامات المنسوبة إليهم، وأن تسمح لمحاميّهم بسؤال شهود الادعاء.
بعد خروج الرسالة، اشتكى بن غيث، أحد الموقعين، من أن سلطات السجن شجعت النزلاء الآخرين على مضايقته. وبعد أن خاض شجار مع سجين آخر، قيدته سلطات السجن في الحبس الانفرادي في زنزانة بلا مكيف للهواء رغم أن درجة الحرارة تصل إلى 40 درجة مئوية.
ورد في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أن "لكل إنسان حق في حرية التعبير... وفي التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين". وبينما الإمارات ليست دولة طرف في العهد الدولي، فالعهد يعتبر مصدراً مُلزماً ودليلاً إرشادياً يعكس الممارسات الدولية الفضلى. المعايير الدولية المقبولة لا تسمح بقيود على المحتوى المنشور إلا في أضيق الحالات، مثل في حالة القدح والذم أو التشهير بحق أفراد أو إذا كان الكلام المُعبر عنه يهدد الأمن الوطني.
وتنص المادة 32 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان – الذي صدقت عليه الإمارات – على الحق في حرية الرأي والتعبير، والحق في نقل الأخبار إلى الآخرين بمختلف السبل. القيود الوحيدة المسموح بها على ممارسة هذا الحق هي التي يتم فرضها من أجل "احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم أو حماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة". والمادة 13 (2) من الميثاق تنص على أن تكون جلسات المحاكمة "علنية إلا في حالات استثنائية تقتضيها مصلحة العدالة في مجتمع يحترم الحريات وحقوق الإنسان".
وينص إعلان الأمم المتحدة الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان على أنه يتعين على الدول "اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لضمان حماية الجميع من العنف والتهديدات والانتقام والتمييز والضغوط أو أي عمل تعسفي آخر" نتيجة لمشاركته في النشاط الخاص بحقوق الإنسان.