(نيويورك) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن مع بلوغ القتال العاصمة الليبية طرابلس، فإن على جميع أطراف النزاع – القوات الموالية لمعمر القذافي، وقوات المجلس الانتقالي الوطني والناتو – ضمان اتخاذ جميع الخطوات المستطاعة لعدم إلحاق الضرر بالمدنيين. وقالت هيومن رايتس ووتش إن على المجلس الانتقالي الوطني أن يأمر جميع قواته بعدم التورط في أعمال انتقام.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "على القوات الموالية للقذافي ومقاتلي المجلس الانتقالي الوطني والناتو أن يبذلوا كل المستطاع من أجل حماية المدنيين العالقين في مناطق القتال. على قوات المجلس الانتقالي ألا تلجأ لأعمال انتقامية ضد من قاتلوا لصالح حكومة القذافي أو أبدوا الدعم لها".
وقالت هيومن رايتس ووتش إن النازحين في المناطق التي أصبحت تسيطر عليها قوات المجلس الانتقالي يحتاجون فوراً للحماية. وقالت هيومن رايتس ووتش إن الليبيين داكني البشرة أصبحوا عرضة للخطر أكثر من غيرهم، لأن كثيراً ما يُتهمون بأنهم من المرتزقة الموالين للقذافي القادمين من دول أفريقية أخرى.
كما دعت هيومن رايتس ووتش قوات المجلس الانتقالي إلى حماية مؤسسات الدولة، مثل مراكز الشرطة ومقرات الأمن والمحاكم والسجون وغيرها من المنشآت التي قد تتعرض لهجمات من مقاتلي المجلس الانتقالي أو من سكان طرابلس الغاضبين. ويتعين أيضاً تأمين مخازن الأسلحة والمنشآت العسكرية التي قد تتعرض لأعمال نهب.
كما ينبغي بالنسبة للمحتجزين طرف قوات المعارضة، ومنهم المقاتلين الموالين للقذافي والأفراد الذين أبدوا الدعم للقذافي وكذلك أفراد أسرة القذافي، أن يتلقوا معاملة إنسانية تتفق مع القانون الدولي لحقوق الإنسان ومعايير القانون الدولي الإنساني، على حد قول هيومن رايتس ووتش.
طبقاً للمجلس الانتقالي، ففي 21 أغسطس/آب 2011 اعتقلت قوات المجلس سيف الإسلام القذافي، ابن الزعيم الليبي، وكان من بين من أصدرت بحقهم المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف على خلفية الاتهام بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وقال مكتب المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية إن سيف الإسلام القذافي وحسب التقارير، قد أصبح محتجزاً طرف "قوات خاصة تابعة للمعارضة".
وقالت هيومن رايتس ووتش إنه يجب تسليم سيف الإسلام وغيره من المطلوبين من قبل المحكمة الجنائية الدولية، كي ينالوا محاكمة عادلة. وكان المجلس الانتقالي قد أرسل في أبريل/نيسان رسالة إلى ادعاء المحكمة الجنائية الدولية يعد فيها بالتعاون مع المحكمة.
وأصدر قضاة المحكمة الجنائية الدولية في 27 يونيو/حزيران أوامر توقيف بحق معمر القذافي، وابنه سيف الإسلام، ورئيس المخابرات الليبية عبد الله السنوسي. وهم مطلوبون على خلفية الاتهام بجرائم ضد الإنسانية على أدوارهم في الهجمات على المدنيين، بما في ذلك على المتظاهرين السلميين، في كل من طرابلس وبنغازي ومصراتة وغيرها من المدن والبلدات الليبية، بعد بدء التظاهرات المعارضة للحكومة شرقي ليبيا في 15 فبراير/شباط.
وقد أرسلت هيومن رايتس ووتش بين 4 و11 أغسطس/آب فريق من أربعة أشخاص إلى طرابلس ومناطق أخرى تسيطر عليها الحكومة غربي ليبيا. تحدث الفريق مع بعض كبار المسؤولين الليبيين بشأن انتهاكات حقوق الإنسان المزعوم وقوعها أثناء النزاع، وزار الفريق مواقع لضربات جوية للناتو، حيث كانت هناك مزاعم بسقوط قتلى من المدنيين. وأجرى الفريق زيارتين قصيرتين لسجنين في طرابلس.
منذ اندلاع التظاهرات المعارضة للحكومة أواسط فبراير/شباط 2011، وتلتها مصادمات مسلحة، قامت القوات الحكومية بارتكاب انتهاكات عديدة لقوانين الحرب، منها الهجمات العشوائية على مناطق يسكنها المدنيون، مثل مصراتة، وبلدات في منطقة الجبل الغربي.
وقامت قوات المعارضة بتنفيذ بعض أعمال الانتقام في مناطق سيطروا عليها وكانت موالية للحكومة، وشمل ذلك أعمال نهب وإحراق والضرب لبعض المدنيين. وأدان زعماء المعارضة هذه الهجمات، وقاموا في خطب وعن طريق برامج متلفزة على مدار 24 ساعة بدعوة المقاتلين لعدم التورط في أعمال عنف انتقامية.
وقال جو ستورك: "لقد أدلى المجلس الانتقالي بتصريحات نرحب بها، ضد أعمال الانتقام لكن ما زال خطر هذه الهجمات قائماً". وتابع: "على قيادات المعارضة والحكومات المؤيدة لهم أن يستمروا في الضغط من أجل تفادي وقوع مذابح بدوافع انتقامية".
كما يتعين على قوات الناتو اتخاذ جميع الإجراءات المستطاعة لتفادي إلحاق الخسائر بالمدنيين في إطار الهجمات الجوية، حسب المنصوص عليه في القانون الدولي الإنساني، على حد قول هيومن رايتس ووتش. وقد حققت هيومن رايتس ووتش مؤخراً في بعض الهجمات الجوية على مناطق غرب ليبيا، ويبدو أنها أدت لوقوع بعض القتلى من المدنيين.
وقال جو ستورك: "إن ليبيا بصدد بناء دولة جديدة تحترم الحقوق الأساسية. لكن ما سيحدث خلال الأيام القليلة القادمة سيوضح الكثير عن كيفية بناء المستقبل".